لجريدة عمان:
2025-08-01@13:16:23 GMT

عن الوثيقة في كتب التراث العماني

تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT

كان للتأليف عند العمانيين في العصر الإسلامي وما تلاه مناهج وطرائق، ولهم في استمداد المعارف مسالك ومشارب، ومع أن التراث العماني لم يخرج جلُّه عن قالب علوم الشريعة الإسلامية التي يتصدّرها الفقه، لكنْ لم يَحُل ذلك دون تعدد مصادر التأليف التي اتكأ عليها المصنِّفون وأخذوا منها. والحق أن المكتوب من المصادر كان موازيًا للمروِيّ، لكن المصادر المكتوبة كانت الغالب مما اعتمده أرباب التأليف لا سيما أولئك الذين صنّفوا الكتب المطوّلة في الفقه وعلم الكلام.

ومن تلك المصادر المكتوبة ما يمكن أن نطلق عليه اليوم مصطلح "الوثائق"، وهي بمفهومها البسيط أوعية عليها كتابة لإثبات حق، أو نقل خبر، أو بيان حال، أو ما شابه ذلك مما يقتضي التوثيق لمن يقع المكتوب في يده في الحال أو المستقبل، وهذا بطبيعة الحال ليس تعريفًا اصطلاحيًا بقدر ما هو تفسير بلغة خاصة. وقد عُرِف اصطلاح الوثيقة في التراث العُماني منذ زمن بعيد، ومما دلَّ على ذلك نقل أبي المنذر سلمة بن مسلم العوتبي (ق5هـ) في كتاب الضياء أن أهل الجاهلية كانوا يكتبون الوثائق.

على أنه قد يكون المراد بالوثائق فيما ذكره العوتبي ليس مطابقًا للتعريفات المعاصرة، لكن الاصطلاح اليوم ينطبق إلى حد بعيد على المكاتبات أو المراسلات، والحجج الشرعية نحو الأحكام والصكوك والوصايا وما في حكمها. وهذه الأصناف من الوثائق رغم أن الحال يقتضي أن تبقى في أيدي أصحاب العلاقة ثم من يأتي بعدهم، نُقِل بعض منها في كتب الفقه في سياقات متعددة أبرزها النوازل والجوابات الفقهية، أو سياق الاستدلال الفقهي، أو مما زاده المطالِعون والنُّسّاخ والمعلقون. وبالمثل انتشر نقل الوثائق التي يدخل بعضها في مفهوم (السِّيَر) مثل عهود الحكّام إلى ولاتهم وعمّالهم، أو رسائل العلماء إلى بعضهم، وكل ذلك داخل أيضًا في باب ما يُعرَف بالسياسة الشرعية.

على أن الكثير من الوثائق بكل أشكالها نُقِلَتْ في المخطوطات ضمن ما يُعرَف بـ "خوارج النص"، سواء بخطوط النسّاخ أو بأيدي من جاء بعدهم، فأصبح بعضها في حكم النصوص المستقلة ضمن مجموع، ولها أمثلة كثيرة فيما وصلنا من مخطوطات، وقد تعرَّضت لهذا المبحث في كتاب (المخطوط العماني – التاريخ والتقاليد).

أما عن قيمة المنقول من الوثائق في كتب التراث العماني فحسبنا إن علمنا أن تلك الكتب غدت مصادر وحيدة لتلك الوثائق التي يرجع بعضها إلى أزمنة لم تصلنا منها أصول وثائقية قَطّ، أو بقي قليل نادر يرجع إلى عصور لاحقة.

وليس بعجيب أن يشتغل الدارسون برصد واستقراء الوثائق المنقولة في كتب التراث الإسلامي عامة، فهناك عشرات الدراسات التي عُنِيت بالوثائق التفتت إلى ما نُقِل في الكتب المصنَّفَة من وثائق، ولعل من أبرز أمثلتها دراسة محمد حميد الله (مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة) التي يقول في مقدمتها: "وإذا كانت أصول الوثائق قد ضاعت فقد حفظ لنا رواة الحديث والمؤرخون جملة صالحة منها كما يظهر ذلك في تذكرة المصادر التي ألحقناها بهذا الكتاب".

وفي هذه السلسلة نود أن نتعرّض لأمثلة من الوثائق التي تحفل بها الكتب العمانية، مع محاولة اكتناه ما تتضمنه من دلالات تاريخية حضارية، واستقراء ما تدور حوله من قضايا، وما وردت فيه من سياقات. ونكاد نزعم أنه لو جُمِع شتات تلك الوثائق لتشكّلت موسوعة وثائقية كبيرة، ولغدت مرتعًا لدراسات التاريخ والحضارة وفروع أخرى من العلوم الإنسانية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من الوثائق فی کتب

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد العماني وسياسات التنويع والابتكار

يمر الاقتصاد العُماني بمرحلة مهمة من التحولات النوعية، تشهد خلالها سلطنة عمان تطورا ملحوظا في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، ضمن رؤية طموحة ترتكز على التنويع والابتكار.

ويمكن أن نلمس أثر هذا التحول بجلاء في أداء القطاعات غير النفطية، التي تضطلع بدور متنامٍ في قيادة النمو، وتأكيد قدرة الاقتصاد الوطني على الاستمرار في التوسع، متجاوزا إلى حد كبير تداعيات تقلبات أسعار النفط.

وقد أسهم في تعزيز هذا النجاح السياسات الاقتصادية التي اعتمدت على تخطيط استراتيجي طويل المدى، وتفعيل البرامج التنفيذية للخطة الخمسية الحالية، بما يضمن استدامة النمو ويعزز صلابة الاقتصاد في مواجهة التحديات.وفي دلالة بارزة على الفاعلية المتزايدة للأنشطة الاقتصادية خارج إطار النفط، سجل معدل نمو الاقتصاد غير النفطي خلال العام الماضي 3.9%.. هذا النمو المتسارع هو نتاج لكثير من المحفزات، من بينها توسيع الشراكات الاقتصادية، والاتفاقيات الاستثمارية، إضافة إلى الحراك النشط لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث بلغ حجم هذه الاستثمارات ـ وفق مؤشر الربع الأول من هذا العام 30.6 مليار ريال عُماني، مما يعكس الثقة المتزايدة التي تحظى بها سلطنة عمان كوجهة عالمية جاذبة لرؤوس الأموال.ولا شك أن الاتفاقيات الاستراتيجية، التي أبرمتها سلطنة عمان مع عدد من الاقتصادات الكبرى، فتحت آفاقا جديدة للتعاون والشراكات في مجالات واعدة مثل الهيدروجين الأخضر، كمحور مهم في مسار التحول الصناعي، إلى جانب تأسيس صناديق استثمارية مشتركة تعزز من تمويل مشروعات التنمية المستدامة، وفتح أسواق جديدة لتمكين القطاع الخاص.

ومما يستوجب الإشارة هنا، الدور الكبير لجهاز الاستثمار العُماني في استقطاب استثمارات مباشرة تجاوزت 3.3 مليار ريال عُماني، كما نجحت منصة «استثمر في عُمان» في توطين أكثر من أربعين مشروعا بقيمة تفوق ملياري ريال، في قطاعات حيوية تشمل السياحة، والصناعة، والتعدين، والطاقة المتجددة، والصحة، والأمن الغذائي، وجميعها تشكل روافد حقيقية للنمو، وتوفر فرصا واسعة للتوظيف وتنمية المهارات، إلى جانب إسهامها في إثراء المحتوى المحلي وتنشيط قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتمكين الشباب العماني في مجالات الابتكار والتقنيات الحديثة، خصوصا في الصناعات المستقبلية.

وعلى هذا المسار تواصل الحكومة دورها المحوري، من خلال تحديث السياسات التنظيمية، وتوفير بيئة محفزة للاستثمار، بما يضمن تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وتنمية الجوانب الاجتماعية وفق منهجية تراعي الاستدامة، وتزيد من قدرة مشاركة الأفراد في النشاط الاقتصادي، انطلاقا من قناعة راسخة بأن الإنسان العماني هو محور التنمية وغايتها.

وعلى هذا يمكننا القول إن ما تحقق حتى الآن من خطوات في الإصلاح الاقتصادي، وما يتم الإعداد له من خطط وبرامج، يؤكد أن سلطنة عمان تمضي نحو بناء اقتصاد تنافسي ومبتكر، يقوم على التنويع والمعرفة، ويستند إلى بنية قوية من الثقة والتكامل بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، ما يمهد لمرحلة جديدة من النمو المتوازن والمستدام.

مقالات مشابهة

  • «السياحة والآثار» تطلق مسابقة لتصوير القطع الأثرية التي تم انتشالها من مياه البحر المتوسط
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرضًا لبيع الكتب بأسعار رمزية
  • مراكز خدمة المواطن في دمشق.. إصدار الوثائق الرسمية بنظام الأتمتة وتنظيم الدور الإلكتروني
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • المارديني لـ سانا: هدفنا هو تقديم تجربة إعلانية تُبرز الوجه العصري لدمشق منذ لحظة الوصول إلى أرض المطار، إيماناً منا بأن المطار هو النافذة الأولى التي يطل منها الزائر على البلاد
  • «قرى أطفيح تقرأ».. استكمال توزيع الكتب على مكتبات مراكز شباب حياة كريمة
  • ساكاليان لـ سانا: اللجنة على استعداد تام لمواصلة العمل للتخفيف من تبعات الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء على المجتمعات المتأثرة، حيث انضم فريق منها الإثنين الفائت إلى القوافل الإنسانية التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت محافظة السويداء، ضمن ا
  • المقصورات... إلياذات الشعر العماني
  • الاقتصاد العماني وسياسات التنويع والابتكار
  • ميدل إيست مونيتور يعلن قائمة الكتب المرشحة لجوائز فلسطين للكتاب 2025