خبراء يناقشون الأزمة السودانية وتداعياتها على القرن الأفريقي ومحورية مصر في استقرار الدولة
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
شهد منتدى القاهرة الثاني CAIRO FORUM2 فى دورته الثانية، والذى نظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، عددا من الجلسات المتخصصة والمغلقة، حيث تضمنت فعالياتها جلسة نقاشية بعنوان: "الأزمة المتصاعدة في السودان والقرن الأفريقي"، تناولت الأوضاع المتدهورة في السودان وتداعياتها الواسعة على منطقة القرن الأفريقي.
سلطت الجلسة الضوء على الأبعاد الإنسانية والسياسية والاقتصادية للأزمة السودانية وتداعياتها الإقليمية، التي تمتد لتشمل القرن الأفريقي وشمال إفريقيا. أجمع المتحدثون على أن النزاعات والحروب الأهلية، لا سيما في السودان ودارفور، تغذيها عوامل متعددة تشمل التدخلات الخارجية غير المدروسة وصراع القوى الإقليمية والدولية على الموارد والثروات، بالإضافة إلى الهشاشة الداخلية في دول المنطقة. كما تم التأكيد على أن مصر تلعب دورًا محوريًا في محاولات التهدئة ودعم استقرار المنطقة، مع التحذير من خطورة تداعيات الأزمة السودانية، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية واللجوء، على دول الجوار والمنطقة ككل.
أدارت الجلسة ميريت مبروك، زميل أول بمعهد الشرق الأوسط، الولايات المتحدة الأمريكية، والتي افتتحت بالحديث عن كثرة النزاعات والحروب الأهلية في القارة الأفريقية. وأكدت أن الأزمة في السودان تستحوذ على التركيز الأكبر، مشددة على أن هناك مجازر تحدث الآن وهو أمر مؤرق لنا من منظور إنساني. وأوضحت مبروك أن المشكلة لا تقتصر على السودان فقط، بل تمتد إلى منطقة القرن الأفريقي بأكملها التي تعاني من أوضاع سيئة للغاية بسبب الصراعات الداخلية، وتغير المناخ، والفقر. وأشارت إلى أن المذابح المستمرة في السودان حالياً هي أكبر المخاوف، سواء من وجهة نظر إنسانية، أو من الخوف من امتداد العنف عبر الحدود، مما يثير قلق مصر بشكل خاص كونها دولة جوار.
وحذرت الدكتورة أماني الطويل، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من أن ما يحدث يتجاوز كونه أزمة، وله تداعيات مرعبة على دول شمال أفريقيا، تتمثل في الهجرة غير الشرعية واللجوء، مما يلقي بعبء كبير على دول مثل مصر. وتوقعت حربًا محتملة بين إثيوبيا وإريتريا، عطفًا على مشروعات إثيوبيا التوسعية في البحر الأحمر وإعادة هيكلة إقليم القرن الأفريقي، مؤكدة أن الدبلوماسية الغربية هي التي تحجم هذه الحرب حاليا.
وأرجعت جزءًا من هشاشة وسيولة القرن الأفريقي إلى الفهم الغربي المبتور لأزمات المنطقة، سواء بالتجاهل أو الدعم عن غير معرفة. وضربت مثالًا بأزمة سد النهضة التي تهدد مصر، وبنموذج الفيدرالية الصومالية الذي فرضه الفاعل الدولي، والذي ساهم في زيادة هشاشة الدولة الصومالية وأضعف سلطتها، مما يجعل أقاليمها مهددة للمركز. وحذرت من أن هذا الوضع يجعل دولًا مثل مالي والصومال مرشحة لاعتلاء جماعات الإسلام السياسي للحكم، مشيرة إلى سيطرة حركة الشباب على جزء كبير من الأراضي الصومالية.
ولم تغفل الدكتورة الطويل التحديات البيئية، مؤكدة أن التغير المناخي يزيد من مخاطر الجوع والفقر والهجرة في المنطقة، مما يشكل تهديدات غير محتملة للمصالح الدولية والإقليمية. ودعت إلى أن تكون التدخلات الدولية مبصرة، قائمة على فهم تعقيدات الصراعات متعددة المستويات، ومرتبطة بمحاربة الفقر والجوع والاستثمار في محاربة الاضطرابات الاجتماعية. وأكدت أن ذلك يتطلب الاتجاه نحو استثمارات الطاقة المتجددة والنظيفة، ودعم المشروعات الزراعية الصغيرة، والاهتمام بالتنمية البشرية. وأشارت إلى أن مصر تقود جهودًا إقليمية لتهدئة الأوضاع والقيام بوساطات وتعديل موازين القوى، مؤكدة ضرورة دعم المجتمع الدولي لهذه الجهود في ظل حجم التهديدات والضغوط الهائلة.
فيما تحدث الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ متفرغ العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، عن النزاعات في أفريقيا. وأشار إلى أن القرن الأفريقي لطالما كان مسرحًا للصراعات التاريخية بين كياناته السياسية، وشهد في العقود الأخيرة توترات بين إثيوبيا وإريتريا، وإثيوبيا والصومال، بالإضافة إلى التوتر الحالي بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة.
وأكد الدكتور مصطفى أن التركيز على الصراع الحالي في السودان مبرر تمامًا نظرًا لتكلفته الإنسانية والبشرية الباهظة، التي أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتشريدهم، واغتصاب النساء، وتدمير القرى. وأشار إلى أن إدارة بايدن وصفت هذه الأحداث بجرائم حرب، ومصادر أخرى وصفتها بالإبادة الجماعية. ولفت الانتباه إلى أن صراع دارفور، الذي جذب اهتمام العالم قبل 20 عامًا، لا يلقى الآن نفس الاهتمام، معتقدًا أن ذلك يعود إلى اختلاف في تصنيف الصراع عرقيًا. وحذر من أن الصراع قد يؤدي إلى إعادة رسم الخريطة السياسية للسودان، بعد انقسامه السابق بين الشمال والجنوب، ليمتد ليشمل انقسامات محتملة في الغرب والشرق والشمال، مما يثير مخاوف مصر بشأن أمنها القومي وتدفق اللاجئين.
وتساءل الدكتور مصطفى عن المسؤول عن هذه الصراعات، مؤكدًا أن المسؤولية تقع على عاتق النظام السوداني نفسه. وأوضح أن الحكومة السودانية، عبر عمر البشير، هي التي أنشأت قوات الدعم السريع واستخدمتها لقتال المتمردين في دارفور. وذكر أن هذه ليست حالة سودانية فريدة، فالحكومات الأخرى تستخدم مجموعات إجرامية لتعزيز أمنها، ثم ينقلب عليها، مستشهدًا بأمثلة مثل مجموعة فاغنر في روسيا واستخدام الولايات المتحدة لمجموعات إجرامية في قضايا الكونترا وبلاك ووتر.
ووصف الدكتور مصطفى النزاع في السودان بأنه متعدد الأبعاد، مما يجعله صعب الحل للغاية. فله بعد عرقي، حيث تعتمد قوات الدعم السريع على قبائل معينة في دارفور، مما يخلق دعمًا وراثيًا وعائليًا لها ويجعل النزاع أشبه بلعبة صفرية. وله بعد اقتصادي، مدفوع بالجشع والسيطرة على الموارد الطبيعية مثل الذهب والصمغ العربي. وأخيرًا، بعد أيديولوجي، حيث تُقدم قوات الدعم السريع حججًا ضد الحكومة بأنها استمرار لنظام إسلاموي.
وفي ختام مداخلته، نبه الدكتور مصطفى كامل السيد إلى البعد الدولي المعقد للنزاع، حيث تتدخل عدة قوى أجنبية ولا تتفق على كيفية حله. فبينما تدعم مجموعة من الدول الحكومة السودانية، تدعم مجموعة أخرى قوات الدعم السريع. وأشار إلى أن مصر، الدولة الأكثر قلقًا والمباشرة تأثرًا بالصراع، لديها أقل الموارد لحله، بينما الدول ذات النفوذ الأكبر ليست مهددة بشكل مباشر، مما يسمح باستمرار الصراع. وكشف عن إنفاق الإمارات والسعودية مليارات الدولارات في نزاعات المنطقة، داعيًا إلى وقفة جادة من الدول ذات التأثير القوي.
وخلال كلمتها أكدت أنيا بيريتا، رئيس البرنامج الإقليمي للاقتصاد الأفريقي، مؤسسة كونراد أديناور (KAS)، أن النزاع الأساسي في السودان يحدث بفضل الهشاشة الموجودة في المنطقة. وأفادت بأن الناتج المحلي الإجمالي للسودان انخفض بنسبة 42%، وقطاع الزراعة والغذاء بنسبة 30-34%، وفُقد حوالي 10% من الوظائف الرسمية، وخسر القطاع الصناعي أكثر من 50% من قيمته، وانهارت أنظمة الصحة والتعليم. وذكرت أن هذه الأزمات أثرت بشكل كارثي على إنتاج الغذاء وسبل العيش الريفية، وعلى أنظمة الصحة والتعليم.
وأوضحت أن الصراع يحدث في سياق هش للغاية، مع آثار جانبية تمتد إلى البلدان الأخرى في منطقة القرن الأفريقي حيث يوجد عدم استقرار سياسي كبير، وتفاقم لتغير المناخ وتدهور البيئة وانعدام الأمن الغذائي. وأشارت إلى أن تدفق المهاجرين يزيد من شح الموارد مثل الماء والأرض، مما يؤدي إلى صراعات بين السكان المحليين والمهاجرين.
وبدأت باريتا حديثها عن التفتت الذي تهتم به بعض القوى، مؤكدة أن تقسيم الدولة لا يؤدي إلى ثراء اقتصادي، بل يجعل التجارة بين الأجزاء أكثر صعوبة ويعيق التكامل الإقليمي الضروري لتنمية القارة الأفريقية. ودعت إلى اتباع نهج من الأسفل إلى الأعلى في السودان، بالعمل مع المجتمعات المحلية لتطوير حلول صغيرة النطاق ومقاومة للمناخ، مثل خطط الري الصغيرة، التي قد لا تبدو جذابة ولكنها تحقق دخلاً. وأكدت أهمية المبادرات التي تبني المرونة وتراعي تغير المناخ والاستدامة الاقتصادية، وضرورة إشراك القطاعين العام والخاص منذ البداية لضمان استدامة البرامج والمبادرات.
وبدأ نبيل نجم الدين، صحفي متخصص في العلاقات الدولية، مداخلته بالحديث عن تحدٍ كبير في السودان، مؤكدًا أنها واحدة من أغنى الدول في العالم بأسره بالموارد في دارفور وكردفان مثل الذهب واليورانيوم، لكن هذا البلد الغني يتم إساءة استغلاله منذ عام 1956. وأشار إلى أن الأزمة بدأت بمؤامرة لفصل أو تقسيم السودان عن مصر، تلتها مؤامرة أخرى عام 2011 لانفصال الجنوب، والآن نشاهد المحاولة الثالثة لتمزيقه.
وتطرق إلى الجانب السياسي والتاريخي، موضحًا أن السودان حكم دائمًا من خلال نظام قبلي يفتقر إلى السمات الأساسية للدولة مثل البرلمان المنتخب والنظام القضائي. واستعرض أحداث انقلاب عام 1989 الذي دبرته شخصيات إسلامية، حيث تم تهميش منظومة القيم السودانية لصالح المنتمين للجبهة الإسلامية في الوظائف العامة والعسكرية. وكشف عن أن الرئيس البشير، الذي كان يخشى الإطاحة به، أحضر حميدتي من الغرب ليكون حمايته الشخصية، وأجبر البرلمان عام 2017 على إصدار تشريع لتشكيل قوات الدعم السريع، التي كانت ترفع تقاريرها مباشرة للبشير. وعندما أُطيح بالبشير عام 2019، حدثت فوضى، وتدخلت بعض المدن الغربية في ذلك.
وتحدث عن التداعيات الإنسانية، مؤكدًا أن ما يقرب من 12 مليون سوداني أُجبروا على مغادرة منازلهم، و34 مليون شخص فى كارثة إنسانية. وأشار إلى تورط ست دول على الأقل في تأجيج الصراع. وأشاد بدور مصر، مؤكدًا أنها تحاول خفض التصعيد وتهدئة الأوضاع، وأنها الدولة الوحيدة التي تريد من قلبها حل هذا النزاع، داعيًا دول أوروبا لمساعدة مصر في ذلك.
وختم نجم الدين مداخلته بالإشارة إلى الضغط الذي تتحمله مصر، حيث تستضيف 6 ملايين سوداني، وهو عدد لم تستقبله أي دولة أخرى. وأكد أن هذه قضية سودانية، وعلى المجتمع الدولي دعم الجهود المصرية في السودان. وانتقد دور السودانيين أنفسهم في فتح الباب للتدخلات الخارجية، قائلاً إنهم "أعطوا تلك الدول الضوء الأخضر للتدخل في شؤونهم". ووجه رسالة إلى العواصم الديمقراطية، مفادها أن السودان في ورطة عميقة ويجب الوقوف بجانبه، وإلا ستتأثر ثماني دول حول السودان سلبًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التدخل منتدي القاهرة الضغط قوات الدعم السریع القرن الأفریقی الدکتور مصطفى وأشار إلى أن فی السودان مؤکد ا أن على أن
إقرأ أيضاً:
خلال فعاليات اليوم الثاني لمنتدي القاهرة الثانى Cairo forum2: خبراء دوليون يناقشون مستقبل دول الجنوب العالمي بين مجموعة البريكس وغرب مضطرب
الدكتور جيجو دوان: تجمع البريكس أحد البدائل للدول التي تشعر بعدم اليقين من التغيرات الدوليةمامادو بيتيه: الجنوب العالمي أصبح يمثل 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.. و46% من الصادرات العالميةالدكتور توماس جومارت: دول الجنوب يمكنها الاستفادة من ميزتها الديموغرافية في عدد الشباب عكس أوروبا والصينسانجوي جوشي: دونالد ترامب هبة من الله للبشرية دفع دول العالم للحديث عن الاستقلال الذاتي وخاصة أوروبا
ماريا جابرييل: الجنوب العالمي حقيقة جيوسياسية وعلى أوروبا معالجة نقاط الضعف
شهدت فعاليات اليوم الثاني من الدورة الثانية لمنتدى القاهرة الثاني (CAIRO FORUM 2)، الذي ينظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، جلسة هامة بعنوان: "بين مجموعة البريكس وغرب مضطرب. كيف يبدو مستقبل دول الجنوب العالمي؟"، وأدار الندوة الدكتورة دينا شريف، المديرة التنفيذية لمركز كوا شاربر التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للرخاء وريادة الأعمال.
ناقشت الجلسة تأثير توسع تجمع دول البريكس على المشهد الاقتصادي والسياسي للأسواق النامية، وكيف سيبدأ في تغيير العلاقة مع الدول الغربية.
وقالت ماريا جابرييل، نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية السابقة لجمهورية بلغاريا، إن مفهوم "الجنوب العالمي" أصبح اليوم حقيقة جيوسياسية، وساحة ديناميكية للغاية، وفى هذا الإطار فهناك حاجه إلى أن يقدم الاتحاد الأوروبي وجميع التكتلات الأخرى عرضا للتعاون مع هذه المنطقة وهو ما يمثل تحدياً كبيراً للاتحاد الأوروبي، لافتة إلى مشاركة الأجندات مع ما يسمى بالجنوب العالمي، فهناك فرص أكبر بكثير لترسيخ موقع أوروبا كفاعل محدد في هذه الساحة الجيوسياسية.
من جانبه تساءل سانجوي جوشي، رئيس مركز الفكر الهندي "أوبزيرفر"، حول المقصود من مفهوم الجنوب العالمي، معتبرا أن الجنوب العالمي ليس كتلة ولكنه مجرد شعور، نشأ من نموذج الاقتصاد الاستغلالي، والذي اختبروه جميعًا خلال سنوات الاستعمار، ثم انبثقوا منه إلى أعقاب الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى التسلسل التاريخي للدول التي تمثل هذا المفهوم منذ حركة عدم الانحياز، وتطورها حتى تم الاستخفاف بها من جانب ما يسمى بالشمال العالمي، وتحفظ سانجوي جوشي على هذا المفهوم، لأنه يعطي تصورا بأن هناك تجمع للجنوب العالمي مقابل الشمال العالمي، وأن هناك جزءًا من العالم يقع تحت هيمنة الشمال ويحتاج إلى مواجهته، والبريكس الآن تمثل زخما ضخما واقتصادات أسرع نموًا وتركيبة سكانية في صالح البريكس، وإذا كان البريكس يحدث فرقًا، فذلك لأنها أصبحت تقود الخطاب.
ويرى الدكتور توماس جومارت، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن مفهوم دول الجنوب يبعث على عدم الارتياح، لأننا نواجه وضعًا خاصًا جدًا حيث أن المنطقتين اللتين تمثلان فائضًا تجاريًا، الصين وأوروبا، لديهما شيخوخة سكانية وبسرعة كبيرة، أسرع مما كان متوقعًا، وفى المقابل هناك دول أخرى يمكنها الاستفادة من ميزتها الديموغرافية، مثل الهند ومصر، مشيرا إلى أنه على الرغم من الفجوة الآن بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والحرب التجارية التي قررتها إدارة ترامب، ولكن هذا النموذج هو الأكثر فعالية من الناحية الأيديولوجية.
ويرى مامادو بيتي، السكرتير التنفيذي لمؤسسة بناء القدرات الأفريقية، أن السؤال الأهم فيما يتعلق بالتحول الجاري في النظام العالمي ليس كيفية التعامل مع تجمع البريكس أو القوى الناشئة الأخرى، ولكن كيف تبني الدول عناصر قوتها من الداخل حتى تكون مؤهلة لأن تكون لاعبا في هذه الأوضاع، مشيرا إلى أن تصور الشمال والجنوب العالمي كان مبنيا على حقائق اقتصادية، يعكس شمال قوي وجنوب نامي، ولكن الواقع يقول إن الجنوب العالمي أصبح يمثل 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و46% من الصادرات العالمية، ويمثل 57% من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية.
واعتبر الدكتور جيجو دوان، الأستاذ المساعد في جامعة تسينغهوا، أن دول البريكس هي مجموعة من الدول غير الغربية، تشعر بعدم اليقين والخوف من التطورات التي قد تحدث لاحقاً، لافتا إلى أنه في ظل الوقت الانتقالي الحالي فهناك العديد من البلدان في العالم النامي ترغب في الحصول على نوع من البديل وتبحث عن تنويع الخيارات المتاحة لديها، مشيرا إلى أنه من حق كل دولة أن تدافع عن مصالحها الوطنية الخاصة، ومن بينها الصين، علما بأن الصين استفادت كثيراً من النظام المالي كما استفادت دول أخرى منه، وتحاول التعامل مع حالة التفتت القائمة.
وأكدت ماريا جابرييل ، أن الجانب الأوروبي في حاجة إلى معالجة مجموعة من نقاط الضعف، والتي ترتبط بالمشاكل الداخلية والشركاء الخارجيين، وعلى سبيل المثال "البوابة العالمية"، خاصة أن هناك نوعاً من الانفصال يحدث الآن بين أوروبا والولايات المتحدة، وبالتالي فإن الكتلة الغربية الموحدة تبدو وكأنها تمر بمرحلة صغيرة من التشتت وربما تحولات في الأولويات، لذا تأتي أهمية أن يتخذ الاتحاد الأوروبي نهجاً يعتمد بشكل أكبر على الإبداع المشترك مع الجنوب العالمي أو الأسواق الناشئة.
واقترحت ماريا أربعة عناصر للتعامل مع الوضع القائم، تعتمد على تنويع الشراكات، ومنح دورًا أكثر أهمية للدول القادمة من وسط وشرق أوروبا، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات ولكن مع معالجة الانتقادات الموجودة بالفعل، ووضع أجندة مشتركة مع الشركاء الأوروبيين.
من جانبه اعتبر سانجوي جوشي، أن هناك مجموعة من الفرص المتاحة للتعاون، ولكن هناك فرصة كبيرة واحدة وهذه الفرصة الكبيرة هي الرئيس دونالد ترامب، وهو ربما يكون هبة من الله للبشرية بطريقة معينة، حيث جعل الدول في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا، تدرك أن أوروبا اليوم تتحدث عن الاستقلال الذاتي الاستراتيجي، والتعددية في التحالفات.