لجريدة عمان:
2025-05-15@10:00:57 GMT

فن للامبالاة.. دعوة لنبذ الحياة الزائفة

تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT

يُعد كتاب "فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف" أحد أكثر الكتب مبيعًا في مجال التنمية الذاتية، وقد ألفه الكاتب والمدون الأمريكي مارك مانسون يختلف هذا الكتاب عن الكتب التقليدية في تطوير الذات، حيث لا يقدم نصائح تحفيزية معتادة، بل يعتمد أسلوبًا صادمًا وصريحًا يدعو القارئ إلى مواجهة الحقائق القاسية للحياة بدلاً من محاولة تجنبها أو تحسينها بأساليب زائفة.

في هذا المقال، سأستعرض الأفكار الرئيسية التي طرحها مانسون في كتابه، وأحلل مدى تأثيرها على حياة القارئ، مع ذكر إيجابيات وسلبيات الكتاب.

بداية سأتحدث عن الفكرة الأساسية للكتاب، إذ هو يتمحور حول مفهوم اختيار القيم المهمة في الحياة، وعدم إهدار الوقت والطاقة في القلق بشأن أمور لا تستحق ذلك. يرفض مانسون فكرة الإيجابية المطلقة التي تروج لها كتب التنمية الذاتية التقليدية، ويؤكد على أن الحياة ليست عادلة، والمعاناة جزء أساسي منها، ويجب أن نتقبل ذلك لنعيش بواقعية وسعادة حقيقية.

أما أهم الأفكار التي يناقشها الكتاب فتتمثل في عدة نقاط، أولا "لا تحاول"، وهنا يبدأ مانسون كتابه بقصة الكاتب الأمريكي تشارلز بوكوفسكي، الذي كان يعتبر نفسه فاشلًا في الحياة، لكنه نجح أخيرًا عندما تقبل فشله بدلاً من محاولة تغييره، الفكرة هنا هي أن السعي المستمر ليكون الشخص إيجابيًا وسعيدًا قد يؤدي إلى نتائج عكسية، لأن التركيز على ما ينقصنا يجعلنا أكثر بؤسًا.

وثانيا "السعادة تأتي من حل المشكلات"، وهنا ينتقد مانسون الاعتقاد الشائع بأن السعادة تأتي من تجنب المشاكل، ويؤكد أن المعاناة والمشاكل أمر لا مفر منه، ولكن الفرق يكمن في كيفية التعامل معها. بدلاً من الهروب من المشاكل، يجب على الإنسان أن يبحث عن مشكلات جيدة تستحق المعاناة من أجل حلها، مثل السعي لتحقيق هدف مهم أو بناء علاقة قوية.

ثالث النقاط " تحمل المسؤولية عن حياتك"، ويرى الكاتب أن تحمل المسؤولية الشخصية حتى في الأمور التي لا نتحكم بها هو المفتاح لحياة أفضل. فبدلاً من إلقاء اللوم على الظروف أو الآخرين، يجب على الإنسان أن يقرر كيف يتفاعل مع الأحداث التي يمر بها، حتى لو لم يكن مسؤولًا عنها في البداية.

ورابعا "لا أحد مميز"، وبهذه النقطة ينتقد مانسون فكرة أن كل شخص فريد ومميز بطريقة استثنائية، ويرى أن هذا النوع من التفكير يولّد توقعات غير واقعية تدفع الناس للشعور بالفشل إذا لم يصبحوا ناجحين بطريقة استثنائية. يؤكد الكاتب على أن الاعتراف بأنك شخص عادي قد يكون مصدرًا للراحة، لأنه يحررك من الضغوط الزائفة للمقارنة مع الآخرين.

والنقطة الخامسة "أهمية قول (لا)"، حيث يشير مانسون إلى أن التركيز على القيم الصحيحة يتطلب رفض الأشياء غير المهمة. فلا يمكن للإنسان أن يكون مهتمًا بكل شيء، لذا يجب عليه اختيار القيم التي تستحق الاهتمام والطاقة، والتخلي عن الأمور التي لا تضيف قيمة حقيقية لحياته.

وسادس النقاط "تقبل الموت لتعيش حياة ذات معنى" وحول هذه النقطة يتحدث الكتاب عن فكرة الموت وأهميته في إعطاء معنى للحياة، ويرى مانسون أن تذكّر الموت يجعل الإنسان أكثر وعيًا بقيمه واختياراته، ويحفزه على استغلال وقته فيما هو مهم بدلًا من إضاعته في أمور تافهة.

وللكتاب من وجهة نظري العديد من الإيجابيات والسلبيات، أما الايجابيات فتتلخص في الأسلوب الصريح وغير التقليدي، فالكتاب يتميز بأسلوبه المباشر والصادم، مما يجعله مختلفًا عن كتب التنمية الذاتية التقليدية التي تكرر النصائح ذاتها.

كما يعتمد على أمثلة واقعية، فالكاتب يستخدم قصصًا من شخصيات تاريخية وأحداث حقيقية لدعم أفكاره، مما يجعله أكثر إقناعًا.

إضافة إلى أنه كتاب يشجع على التفكير العميق، بدلاً من تقديم حلول سريعة، يدفع مانسون القارئ إلى التفكير في قيمه الحقيقية وكيفية اتخاذ قراراته.

ويركّز على المسؤولية الشخصية، بدلاً من إلقاء اللوم على الظروف أو البحث عن السعادة المزيفة، يدعو الكاتب القارئ إلى تحمل مسؤولية حياته.

وفي المقابل لا بد من ذكر سلبيات الكتاب، والتي تتمثل في استخدام لغة حادة، فبعض القراء قد يجدون أسلوب الكاتب مبالغًا فيه أو مهينًا، خاصة مع كثرة استخدامه للألفاظ القوية.

وتكرار بعض الأفكار، رغم أن الكتاب مليء بأفكار قوية، إلا أنه في بعض الأجزاء يبدو وكأنه يعيد نفس الفكرة بأساليب مختلفة.

كما أن الكتاب قد لا يناسب الجميع، بعض الأشخاص قد لا يتقبلون فلسفة الكاتب، خاصة إذا كانوا يبحثون عن حلول مباشرة وسريعة لمشاكلهم.

وفعلا، أرى أن كتاب "فن اللامبالاة" بمثابة دعوة للتفكير في القيم الحقيقية للحياة، قد يساعد القارئ على التخلص من الضغوط الاجتماعية الزائفة، والتركيز على ما هو مهم فعلًا، ومع ذلك يحتاج القارئ إلى فهم أن الفكرة ليست في أن يصبح بلا مبالاة تمامًا، بل أن يختار بعناية ما يهتم به وما لا يهتم به، هو كتاب جريء يقدم منظورًا مختلفًا للحياة، ويحث القارئ على التخلي عن السعي المستمر وراء السعادة الزائفة، والبدء في تقبل المعاناة كجزء طبيعي من الحياة. رغم أن الكتاب قد لا يكون مناسبًا للجميع -حسب وجهة نظري- إلا أنه بلا شك يثير تساؤلات عميقة حول القيم التي نعيش من أجلها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القارئ إلى

إقرأ أيضاً:

جائزة الكتاب العربي تعلن إغلاق باب الترشح لدورتها الثالثة في 23 مايو الجاري

أعلنت جائزة الكتاب العربي، التي تتخذ من الدوحة مقرا لها، عن إغلاق باب الترشح لدورتها الثالثة يوم 23 مايو الجاري، داعية الكتاب والباحثين والمؤسسات إلى تقديم أعمالهم ضمن الفئات المعتمدة.

وتهدف الجائزة، التي تبلغ قيمتها الإجمالية مليون دولار أمريكي، إلى تكريم الباحثين ودور النشر والمؤسسات الفاعلة في صناعة الكتاب العربي، والمساهمة في إغناء المكتبة العربية من خلال تشجيع الأفراد والمؤسسات على تقديم إنتاجات معرفية متميزة في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، إلى جانب إبراز الدراسات الجادة والتعريف بها.

وتشمل الجائزة فئتي "الكتاب المفرد" و"الإنجاز"، حيث يمكن الترشح في أي من الفئتين، بشرط أن ينتمي العمل إلى أحد التخصصات العلمية التي حددتها الجائزة هذا العام.

وتغطي الجائزة خمسة مجالات معرفية، وهي الدراسات الأدبية والنقدية للتراث العربي حتى نهاية القرن العاشر الهجري، والدراسات الاجتماعية والفلسفية التي خصصت هذا العام للدراسات الفكرية والاقتصادية، إلى جانب الدراسات التاريخية التي تركز في هذه الدورة على التاريخ العربي والإسلامي بين نهاية القرن السادس الهجري ونهاية القرن الثاني عشر.

كما تضم الجائزة مجال العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، ويخصص هذا العام للسيرة النبوية والدراسات الحديثية، بعد أن تناولت الدورة السابقة أصول الفقه، إضافة إلى مجال المعاجم والموسوعات وتحقيق النصوص، الذي يركز في هذه الدورة على تحقيق النصوص اللغوية.

وأكدت الدكتورة حنان الفياض، المتحدث الرسمي باسم جائزة الكتاب العربي، في تصريح بمناسبة اقتراب موعد إغلاق باب الترشح للدورة الثالثة، أن الجائزة تمثل فرصة حقيقية لتكريم الفكر العربي، داعية الكتاب والباحثين والمبدعين في مختلف أنحاء الوطن العربي إلى المشاركة والمساهمة في تطوير المشهد الثقافي والمعرفي.

وأشارت إلى أن الجائزة، رغم حداثتها، رسخت مكانتها كمنصة ثقافية تهتم بالإنتاج المعرفي الجاد، وتسعى لتكريم الأعمال التي تثري المكتبة العربية في مجالات متعددة.

وبينت أن أهمية الجائزة، التي تبلغ قيمتها الإجمالية مليون دولار، تتجاوز الجانب المادي، لتجسد رسالة حضارية تهدف إلى إعادة الاعتبار للكتاب كأداة للتفكير النقدي والإبداع والتغيير.

ودعت الفياض إلى متابعة تفاصيل الجائزة ومستجداتها من خلال موقعها الإلكتروني : https://arabicbookaward.qa .

وتمنح جائزة الكتاب العربي ضمن فئتين رئيسيتين: "الكتاب المفرد"، وتشمل الكتب المؤلفة باللغة العربية والمنتمية إلى المجالات المعرفية المحددة ضمن الجائزة، شريطة أن تكون منشورة ورقيا ومزودة برقم إيداع دولي خلال السنوات الأربع الأخيرة، وألا يقل حجمها عن 30 ألف كلمة، مع الالتزام بالضوابط العلمية من حيث المنهج والتوثيق. كما يشترط أن يشكل العمل إضافة نوعية إلى الثقافة العربية، وألا يكون مؤلفه متوفى عند تقديم الترشح.

ويشترط أن يتم الترشح لفئة "الكتاب المفرد" من قبل المؤلف نفسه، إذ لا يقبل ترشيح أطراف أخرى نيابة عنه، كما لا يسمح بتقديم أكثر من عمل واحد أو الترشح في الفئتين معا. وتقبل الكتب المشتركة في حال لم تكن حصيلة ندوات أو مؤتمرات جماعية، مع ضرورة موافقة جميع المشاركين في العمل.

أما فئة "الإنجاز"، فتخصص لتكريم الأفراد أو المؤسسات التي قدمت مشاريع معرفية طويلة الأمد، شرط أن تكون أعمالهم متميزة بالأصالة والجدة، وأن تشكل إسهاما ملموسا في المعرفة الإنسانية. ويتوجب على المترشحين الالتزام بحقوق الملكية الفكرية، وتقديم الوثائق الداعمة عبر الموقع الإلكتروني للجائزة.

مقالات مشابهة

  • أوعى تجرب..حبوب السعادة قد تجرك للحبس أو فقدان الذاكرة
  • مجلة الدوحة.. من الورق إلى الرقمنة في جلسة نقاشية بمعرض الكتاب
  • فتحي عبد الوهاب: سعيد بكل ما قدّمته ولم أندم على أي مشهد أو دور |فيديو
  • كنوز القيم
  • شرطة الشارقة: الوظائف الوهمية والإعلانات الزائفة تتصدر قائمة الجرائم الإلكترونية
  • جائزة الكتاب العربي تعلن إغلاق باب الترشح لدورتها الثالثة في 23 مايو الجاري
  • بعد جراحة دقيقة.. وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم
  • هيئة الكتاب تُعيد إصدار مسرحية «الناس اللي فوق» لـ نعمان عاشور
  • غواي… حين تكون الخطيئة مرآة الروح
  • تقى حسام تكشف لـ صاحبة السعادة كواليس قلبي ومفتاحه ورحلتها من الإذاعة للتمثيل