يثور جدلٌ كثيف حول منصب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في حكومة كامل إدريس المرتقبة، يعود منبع الجدل إلى أن المنصب مخصص وفقًا لاتفاقية سلام جوبا الموقعة في عام 2020، التي تنص على منح 25 % من المناصب الدستورية للحركات الموقعة على الاتفاق والابقاء على ذلك حتى نهاية الفترة الانتقالية.

وفي 3 أكتوبر 2020 بمدينة جوبا، وقعت الحكومة السودانية برئاسة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك وحضور رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إتفاقية سلام جوبا، مع الجبهة الثورية السودانية، التي تضم الجماعات السودانية المتمردة الخمس الرئيسية، وعلى رأسها حركة العدل والمساواة برئاسة الدكتور جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان برئاسة مني أركومناوي.

ويهدف الاتفاق إلى تحقيق الاستقرار والسلام في السودان بعد عقود من الصراعات الأهلية المتعددة.

و يشمل الاتفاق على ثماني بروتوكولات، من أهمها إعادة تنظيم وتشكيل القوات الأمنية والجيش، حيث بموجب الاتفاق سيُدمج أفراد الحركات المسلحة ضمن القوات الحكومية عند حل ميليشيات الجبهة، وإعادة توزيع الثروات والحقوق الاقتصادية.

ويأتي بروتوكول تقاسم السلطة على رأس هذه البروتوكات، حيث جرى الاتفاق على أن يكون للأطراف المتمردة تمثيلّ سياسيٌّ ضمن مجلس السيادة السوداني ضمن المرحلة الانتقالية في السودان.

ومنذ العام 2021 احتفظ الدكتور جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة بكرسي وزارة المالية وفقا لاتفاقية جوبا حتى تاريخ حل الحكومة قبل أسابيع.

إثارة الجدل

ومع إرهاصات تكوين حكومة كامل إدريس الجديدة، يثير منصب وزير المالية جدلًا على وسائل التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان إبراهيم سيحتفظ بمنصبه وفقًا للاتفاقية المبرمة أم يغادره إلى منصب آخر.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت حركة العدل والمساواة السودانية برئاسة جبريل إبراهيم، تمسكها الكامل باتفاق جوبا للسلام، بما في ذلك الحقائب الوزارية.

تفجر الخلافات

وتفجرت خلافات بين الأطراف الموقعة على اتفاق جوبا للسلام ورئيس الوزراء المعيّن حديثًا كامل إدريس، حول آلية المشاركة والنِسب الوزارية في الحكومة التي يعتزم إدريس تشكيلها خلال الأسابيع المقبلة. وقال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة، محمد زكريا فرج الله، في بيان ردًا على ما تداولته بعض وسائل الإعلام بشأن موقف أطراف السلام: “نؤكد أن تمسكنا باتفاق جوبا لسلام السودان هو تمسك كامل بمبادئه واستحقاقاته، بما في ذلك المواقع التنفيذية التي أُقِرّت بموجبه”.

فترة الانتقال

ومنحت الحركات المسلحة، بموجب الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في أكتوبر 2020، نسبة 25% من مقاعد السلطة، منها 6 مقاعد وزارية، و3 مقاعد في مجلس السيادة، ومنصب الحاكم في إقليم دارفور والنيل الأزرق، وعدد من ولاة الولايات.

وأوضح زكريا في تصريح نقله موقع “المحقق” الإخباري في وقت سابق، أن اتفاقية جوبا للسلام تنص في أحد بنودها على أن المواقع التي تحصل عليها الحركات تظل لهذه الأطراف حتى نهاية فترة الانتقال.

وأضاف: “اتفقنا مع الحكومة على هذه المواقع قبيل التوقيع على الاتفاقية، بأن المواقع التي تحصل عليها أطراف السلام نحافظ عليها حتى نهاية الفترة الانتقالية”.

بقاء جبريل

ويفتح هذا الجدل الباب واسعاً حول أداء وزير المالية، د. جبريل إبراهيم، لفترة السنوات الأربع التي تولى فيها المنصب. وأكدت مصادر مطلعة بوزارة المالية بقاء وزير المالية الحالي في منصبه في الحكومة الجديدة وعدم تحويله إلى منصب آخر.

وقالت المصادر لـ”المحقق” إن بقاء إبراهيم في منصب وزير المالية في الوقت الراهن له أهمية بالغة نظرًا للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد.

وأشارت إلى نجاحه في العبور بالبلاد في ظل ظروف الحرب وعدم انهيارها اقتصاديًا رغم توفر جميع عوامل الانهيار.

سلبيات وايجابيات

وحول أداء د. جبريل إبراهيم في منصب وزير المالية أكد رجل الاعمال ياسر الباقر صاحب شركة أدوات كهربائية إن أداء الرجل تتخلله السلبيات والايجابيات.

وقال الباقر في حديثه مع “المحقق” إن من أهم الإيجابيات في أداء إبراهيم هو محاولاته المتواصلة في ضبط ولاية المالية على المال العام عبر التحصيل الإلكتروني وخدمة إيصالي.

وأوضح أن مجهود الرجل في الحصول على الإيرادات من المكون المحلي كبيرة، لاسيما في ظل عدم وجود أي دعومات ومنح خارجية.

غير أن الرجل قام بالضغط على النشاط التجاري مما ساهم في رفع أسعار السلع الاستهلاكية، وفقًا لحديث الباقر عن سلبيات أداء وزير المالية.

معدلات التضخم

وأشار إلى أن الضرائب والجمارك المفروضة على النشاط التجاري تؤثر سلبًا على الأسعار، والتي تنعكس على معدلات التضخم التي وصلت إلى 142.82% في شهر مايو الماضي.

وأضاف أن عدم قدرته على التحكم في الأسعار يعد أكبر سلبيات الرجل، خاصة مع التدهور المعيشي الكبير للمواطنين في فترة الحرب.

قضايا الصادر

من جهته، أكد مصدر بالغرفة القومية للمصدرين – فضل حجب اسمه – أن وزير المالية في فترة قبل الحرب كان في تواصل مع المصدرين ومهتم بقضايا الصادر.

وانتقد المصدر في حديثه مع “المحقق” انقطاع هذا التواصل في فترة الحرب، مع حوجة الدولة الماسة للصادر وضرورة تذليل عقباته مع الجهات المختصة.

وشدد على أهمية عودة هذا الاهتمام، باعتبار أن الصادر أحد أهم موارد الدولة في ظل ما تعانيه الدولة من قلة في الإيرادات وارتفاع المنصرفات.

انعدام الشفافية

وبدوره، يرى الخبير الاقتصادي د. عمر محجوب أنه من الصعوبة بمكان الحكم على أداء وزير المالية في فترة الحرب. وأكد على نجاح د. جبريل إبراهيم في ظل وضع الحرب في وضع وتنفيذ السياسات المالية وإدارة الإيرادات والنفقات العامة وإعداد الموازنة، التي كانت غير تقليدية بحسب وصفها، باعتبارها حوت إجراءات تقشفية وإجراءات طارئة تتناسب مع الوضع العسكري في السودان.

وقال محجوب في حديثه مع “المحقق” إنه “ليس هناك مصادر أو بيانات يمكن رصدها تبين فشل د. جبريل من الناحية المهنية في إدارة دولاب الوزارة”.

وأضاف أنه إن كانت هناك ملاحظات، فهي في إطار انعدام الشفافية وضعف الحوكمة وعدم وجود برنامج غير تقليدي للرقابة على الأموال العامة ومحاربة الفساد، بالإضافة إلى قضايا تنظيمية خاصة بدفع مستحقات العاملين، مما أدى إلى المساهمة في تعطيل دولاب العمل بصورة عامة.

المحقق – نازك شمام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: حرکة العدل والمساواة منصب وزیر المالیة جبریل إبراهیم فی فترة فی منصب

إقرأ أيضاً:

«حقوق المُتضررين» تطالب بإلغاء قانون الإيجار القديم وتقليص فترة الانتقال لـ 3 سنوات

أكد المهندس أشرف السكري، المتحدث باسم جمعية حقوق المتضررين من قانون الإيجار القديم، أن الحكومة نفسها تُعد من أكبر المتضررين من استمرار العمل بهذا القانون.

إلغاء قانون الإيجار القديم

وأضاف السكري، خلال لقائه مع الإعلامية ياسمين عز في برنامج "كلام الناس" على قناة "MBC مصر"، أن الجمعية تطالب بإلغاء قانون الإيجار القديم في أقرب وقت ممكن، انطلاقًا من المصلحة العامة.

قانون الإيجار القديم

وأعرب المتحدث باسم جمعية حقوق المتضررين من قانون الإيجار القديم عن أمل الجمعية في أن يتجاوب نواب مجلس النواب مع هذه المطالب، من خلال تخفيض فترة الانتقال إلى ثلاث سنوات فقط، سواء في العقارات السكنية أو التجارية، بدلاً من المدة المقترحة سابقًا (سبع سنوات).

زيادة القيمة الإيجارية

وأوضح أنه حتى إذا استلزم الأمر زيادة القيمة الإيجارية تدريجيًا لتتناسب مع واقع السوق، فإن ذلك يُعد حلاً عادلاً يراعي حقوق الطرفين.

طباعة شارك قانون الإيجار القديم الإيجار القديم جمعية المتضررين المهندس أشرف السكري ياسمين عز إلغاء قانون الإيجار القديم

مقالات مشابهة

  • اتفاق جوبا واستمرار الصراع على السلطة
  • ترامب ينفي تقديم عروض لإيران أو إجراء محادثات معها
  • العدل والمساواة: “اتفاق جوبا” ليس تسوية سياسية بل خطوة لمعالجة الاختلالات التاريخية في السودان
  • ملف المدرب يؤجل معسكر الزمالك والإعداد للموسم الجديد
  • خالد الغندور: ملف المدرب يؤجل المعسكر والإعداد في الزمالك
  • «حقوق المُتضررين» تطالب بإلغاء قانون الإيجار القديم وتقليص فترة الانتقال لـ 3 سنوات
  • كم المبالغ المالية التي حصل عليها العرب بعد المشاركة في كأس العالم للأندية؟
  • الكلية الفنية العسكرية توقع اتفاقين في مجال تكنولوجيا المعلومات وتشغيل المنشآت المالية
  • أيمن أشرف: أحمد عبد القاد مفيد للزمالك.. وغياب ياسر إبراهيم أثر على الأهلي في مباراة بورتو