هل ينعش خفض ضريبة المركبات قطاع السيارات في الأردن؟
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
عمّان– أثارت قرارات الحكومة الأردنية الأخيرة بتخفيض الضرائب المفروضة على المركبات بمختلف أنواعها ردود فعل متباينة بين تجار السيارات ومواطنين ومستثمري المنطقة الحرة، فبينما يرى مؤيدو القرار أنه يسهم في إنعاش السوق وزيادة المبيعات، حذر آخرون من الانعكاسات المحتملة على الميزانية العامة، وتداعيات القرار السلبية التي تطال قطاع التخليص واستيراد السيارات.
في المقابل، أكدت الحكومة أن الخطوة تأتي بهدف تخفيف الأعباء المالية على المواطنين وتحفيز النمو الاقتصادي، إلا أن اللافت في القرارات الحكومية بتخفيض الضرائب على المركبات أنها تأتي بعد أشهر قليلة من تطبيق زيادات تدريجية على الضرائب بمختلف أنواع المركبات، في إطار سياسة حكومية هدفت حينها إلى تحقيق إيرادات إضافية وتعزيز كفاءة السوق.
بيد أن تلك القرارات الحكومية السابقة المتعلقة بسوق السيارات انعكست سلبا على حجم المبيعات، وفق مراقبين، وتسببت في ركود واضح في سوق السيارات، وسط شكاوى المستوردين من تراجع الطلب وزيادة كلف الاستيراد والبيع، وأمام هذه التطورات، لجأت الحكومة إلى إعادة تقييم الموقف، وأعلنت خفض الضرائب بنسب ملموسة على سيارات البنزين والهجينة وتوحيد الضريبة على السيارات الكهربائية عند 27%، وذلك بهدف إنعاش القطاع وإعادة التوازن إلى السوق، إلى جانب تحسين القدرة الشرائية للمواطن الأردني وتشجيعه على اقتناء سيارات آمنة وحديثة.
وبموجب التعديل الحكومي، تمّ تخفيض إجمالي الضرائب (الضريبة العامة والخاصة) على مختلف أنواع المركبات بحيث:
تنخفض على مركبات البنزين من 71% إلى 51%. تخفيض إجمالي الضرائب على المركبات الهجينة (الهايبرد) من 60% إلى 39%. في حين تمّ تثبيت الضريبة الخاصة على سيارات الكهرباء وتوحيدها لتصبح 27% للفئات كافة، بغض النظر عن قيمة السيارة أو فئتها. إلغاء نظام الضريبة الخاصة السابق المتضمن رفع الضريبة إلى نسب تصل إلى 55%. تخفيض الرسوم الجمركية على "السكوتر" والدراجات من 45% إلى 33%. إعلانوذلك بهدف تشجيع استخدامها، وتقليل الاعتماد على الوقود، والمساهمة في الحد من الازدحامات المرورية والانبعاثات البيئية.
وبشأن البند المتعلق بتثبيت الضريبة الخاصة على السيارات الكهربائية دون غيرها، رأى عضو هيئة مستثمري المناطق الحرة جهاد أبو ناصر أن الآثار السلبية للقرار تطغى على إيجابياته.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الحكومة كانت قد أكدت سابقا أنها لن ترفع الضريبة على السيارات الكهربائية الأقل من 10 آلاف دينار (14 ألفا و104 دولارات)، وهي الفئة الأكثر طلبا، ليتفاجأ السوق اليوم بارتفاع كبير في أسعار هذه الفئة تحديدا.
وأكد أبو ناصر أن القرار الحكومي أدى إلى إغلاق عدد من الأسواق، مشيرا إلى أن السيارات الكورية، التي شكلت لسنوات العمود الفقري لأسطول السيارات في الأردن، تأثرت بشدة، كما أن السوق فقد ميزة المركبات الصينية الرخيصة نسبيا، التي بلغت نسبتها نحو 70% من حجم التخليص مؤخرا.
ولفت أبو ناصر إلى أن الهيئة لم تُستشر فيما يخص النسب الضريبية، وأن المشاورات السابقة اقتصرت على جانب المواصفات والمقاييس، والتي عبرت الهيئة حينها عن رفضها القاطع لها، حيث إنها ستؤثر على نحو 90% من السيارات التي تدخل السوق المحلي عبر المنطقة الحرة، مشيرا إلى أن القرار يعني فعليا إيقاف استيراد السيارات الصينية والكورية والكندية وسيارات "السالفج" (غير سليمة)، وهو ما يشكل إعداما للمنطقة الحرة، على حد وصفه.
قرار قطعيبدورها، أكدت الحكومة عبر تصريح لوزير الدولة للشؤون الاقتصادية مهند شحادة أن "قرار تخفيض ضريبة السيارات قطعي ونهائي ويصب في مصلحة المواطن".
وأضاف أن القرار له شقان، الأول مالي متمثل في تبسيط القدرة والمبالغ المالية على المواطنين، حيث بات بإمكان المواطن اقتناء سيارة ذات جودة عالية متقدمة بسعر جيد، والثاني قرار تنظيمي يتمثل في منع استيراد السيارات السالفج (غير سليمة) التي تدخل المملكة بعد تعرضها لحادث سير أو غرق أو حريق.
وبالنظر إلى الموقف الحكومي من قراراتها الجديدة بتخفيض الضرائب على المركبات، فيمكن إجمالها على النحو الآتي:
الاستجابة لحالة الركود التي أصابت سوق السيارات خلال الأشهر الأخيرة بعد الرفع التدريجي للضرائب. الضغط الشعبي والاقتصادي من المستهلكين والمستوردين بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المركبات. الرغبة في إصلاح التشوهات في النظام الضريبي ودعم القطاعات المرتبطة بقطاع السيارات. التوجه نحو تحقيق توازن بين تشجيع استخدام المركبات الحديثة والآمنة، والحفاظ على إيرادات الخزينة العامة.من جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن قرار الحكومة بتخفيض الضرائب على المركبات، وتثبيت الضريبة على السيارات الكهربائية، لا يمكن فصله عن الإجراءات الأميركية الأخيرة التي فرضت رسوما جمركية مرتفعة على المستوردات من الأردن بنسبة 20%.
إعلانوأضاف في تعليق للجزيرة نت أن هذا التطور دفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات لتقليل الكلفة داخليا وتحسين تنافسية الصادرات الأردنية، خصوصا أن السوق الأميركية تُعد من أبرز أسواق التصدير، بقيمة صادرات تقارب 900 مليون دينار سنويا (1.27 مليار دولار).
وأعرب عايش عن تحفّظه من الأثر الاجتماعي غير العادل على القرار الحكومي، مشيرا إلى أن الأشخاص ذوي الدخل المتوسط والمحدود، الذين يبحثون عن سيارة كهربائية ضمن فئة 10 آلاف دينار (14 ألفا و104 دولارات) أو أقل، سيتأثرون سلبيا، إذ ارتفعت كلفة الجمرك عليهم من 10% إلى 27% بدلا من انخفاضها.
وحذّر من أن التذبذب في السياسة الضريبية يؤثر على قرار الشراء، ويخلق حالة من القلق لدى المواطنين الذين يشترون سياراتهم عبر البنوك، ثم يتفاجؤون بتراجع قيمة مركباتهم بعد أشهر بسبب قرارات حكومية غير مستقرة.
ووفقا لمؤشرات أداء الشركة الأردنية للمناطق الحرة والتنموية، فقد شهد الربع الأول من العام الحالي ارتفاعا بنسبة 28% لعدد السيارات التي تم استيرادها في الأردن، لتبلغ نحو 36 ألفا و851، قياسا بـ28 ألفا و871 للفترة ذاتها من العام الماضي.
حسب هذه المؤشرات، بلغت القيمة الإجمالية للسيارات المستوردة قرابة 428 مليون دينار (603 ملايين و67 ألف دولار)، مسجلة بذلك ارتفاعا نسبته 25% عن الربع الأول للعام الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات على السیارات الکهربائیة الضرائب على المرکبات أبو ناصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
ضريبة الدخل في عُمان خطوة نحو الاستدامة المالية أم تحد جديد؟
مسقط– في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، أقرّ السلطان هيثم بن طارق قانون ضريبة الدخل على الأفراد، بموجب المرسوم السلطاني رقم 56/2025، لتصبح سلطنة عُمان أول دولة خليجية تقدم على هذا التحول الضريبي المباشر.
ويتضمن القانون الجديد 76 مادة موزعة على 16 فصلا، ومن المقرر أن يدخل حيّز التنفيذ مطلع عام 2028. ويستهدف الأفراد الذين يتجاوز دخلهم الإجمالي السنوي 42 ألف ريال عُماني (109 آلاف دولار)، من خلال فرض ضريبة بنسبة 5% على الدخل الخاضع للضريبة.
نحو تنويع الإيراداتيمثل فرض ضريبة الدخل جزءا من خطة شاملة لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040″، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على العوائد النفطية، والتي لا تزال تُشكّل ما بين 68% و85% من إجمالي الإيرادات العامة، تبعا لتقلبات أسعار النفط العالمية.
ويهدف القانون، بحسب جهاز الضرائب العُماني، إلى:
دعم الاستقرار المالي. إعادة توزيع الثروات بما يعزز العدالة الاجتماعية. تخصيص جزء من عائداته لتمويل منظومة الحماية الاجتماعية.وأكد وزير الاقتصاد العماني الدكتور سعيد بن محمد الصقري أن القانون يمثل خطوة إستراتيجية لتعزيز وتنويع الإيرادات العامة. وقال إن "الضريبة تعد رافدا جديدا لتنويع مصادر الإيرادات العامة وتجنب المخاطر المرتبطة بالاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، مع الحفاظ على استمرارية مستويات الإنفاق الاجتماعي والخدمي، وضمان الاستقرار المالي والاقتصادي الذي تحقق خلال السنوات الماضية".
وأضاف الصقري أن أكثر من 190 دولة حول العالم تطبق هذا النوع من الضرائب، وغالبا ما تُشكّل ضرائب الدخل الجزء الأكبر من إيرادات تلك الدول، مما يجعل هذه الخطوة منسجمة مع التوجهات الاقتصادية العالمية.
إعلانوأشار إلى أن تطبيق هذه الضريبة في عُمان يحمل في طياته فوائد اقتصادية عديدة، من أبرزها دعم الإستراتيجية الوطنية لتنويع مصادر الدخل، وتحقيق الاستقرار المالي طويل المدى كإحدى ركائز النمو الاقتصادي، فضلا عن استمرار ثقة المستثمرين في الاقتصاد العُماني.
كما تُعد الضريبة مصدرا مستداما للإيرادات الحكومية، يُسهم في الحفاظ على متانة المركز المالي للدولة وجودة تصنيفها الائتماني، إلى جانب دعم الإنفاق الاقتصادي، وزيادة القدرة الشرائية للفئات المستفيدة من إيراداتها، مما ينعكس بشكل مباشر وإيجابي على حجم الطلب الكلي ونمو الاقتصاد.
وحسب الوزير، سيساعد تطبيق القانون في تعزيز قدرة الدولة على الاستمرار في تمويل القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية. وقد خُصص في ميزانية العام المالي 2025 أكثر من 5 مليارات ريال عُماني (13 مليار دولار) للقطاعات الاجتماعية، منها 39% للتعليم، و24% للصحة، و28% لمنظومة الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها قرابة مليوني شخص شهريا.
بحسب جهاز الضرائب، فقد استند القانون إلى دراسة موسعة لقياس الأثرين الاقتصادي والاجتماعي، وتم اعتماد حد إعفاء سنوي قدره 42 ألف ريال عُماني، وهو ما يعني أن 99% من المواطنين لن تشملهم الضريبة. كما تضمّن القانون إعفاءات اجتماعية، من بينها الزكاة، والتبرعات، والنفقات الصحية والتعليمية، والمساكن الأساسية.
وأكدت مديرة مشروع الضريبة على دخل الأفراد كريمة بنت مبارك السعدية أن جهاز الضرائب أكمل جميع التجهيزات المطلوبة لتطبيق القانون، بما في ذلك النظام الإلكتروني المخصص، ودليل إرشادي شامل، بالإضافة إلى تدريب الكوادر البشرية المعنية. وأوضحت أن اللائحة التنفيذية للقانون ستصدر خلال عام من تاريخ نشره.
دعم وتحفظاتأثارت الخطوة الجديدة نقاشا واسعا وتباينا في الآراء داخل المجتمع العُماني. ففي حين يرى البعض أنها ضرورة لتعزيز العدالة المالية، يعبّر آخرون عن مخاوف تتعلق بتوقيت التطبيق وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية.
وقال الشاب غالب بن علي الزيادي للجزيرة نت إن "ضريبة الدخل ليست عبئا، بل انعكاس لنضج الاقتصاد والمشاركة المجتمعية في بناء الدولة. من المهم أن ننظر إلى ضريبة الدخل بوعي يتجاوز الفكرة التقليدية بأنها مجرد اقتطاع مالي".
في المقابل، عبّر المحلل الاقتصادي خلفان الطوقي عن بعض التحفظات، مشددا على ضرورة أن توازن الحكومة بين العائد المالي والآثار المحتملة على المجتمع والاقتصاد. وقال إن "تطبيق الضريبة يتطلب دراسة دقيقة للخصوصية العُمانية وتوقّع ردود الفعل المجتمعية".
وأشار الطوقي إلى أن الاستعانة باستشاريين دوليين قد لا يراعي بالضرورة الخصوصيات المحلية، داعيا إلى الاستفادة من الكفاءات الوطنية في إعداد دراسات أكثر واقعية. وتساءل: "هل نحن مستعدون لتحمّل تبعات هذه الضريبة دون وجود ضمانات كافية لعدالتها وشفافيتها؟"، كما طرح تساؤلات مهمة، منها: "هل سيدفع المواطن ضريبة مقابل تمثيل سياسي أوسع؟ وهل ستُترجم هذه الضريبة إلى خدمات ملموسة؟"، وشدد على أهمية ضمان العدالة والشفافية في التطبيق، دون استثناءات.
إعلانوحذّر من احتمالات التهرب الضريبي، خاصة من الفئات ذات الدخل المرتفع، مؤكدا أهمية الرقابة الفعالة على تطبيق القانون لضمان نجاحه.
من جهته، قال الكاتب الاقتصادي يحيى العوفي إن القانون يمس فقط 1% من المواطنين، وقد راعى الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحلية. لكنه أضاف أن على الحكومة التوسع في خلق فرص استثمارية، لتجنب الاعتماد المفرط على الضرائب كمصدر للدخل.
أما المواطن أحمد الشبلي، فقد أعرب عن دعمه للقانون، قائلا: "فرض ضريبة على أصحاب الدخل المرتفع يعزز مبدأ العدالة المالية. هذا القانون لا يؤثر على الطبقة المتوسطة، بل يسهم في تقوية الاقتصاد الوطني".
نقطة تحول ماليمع اقتراب نهاية الخطة الخمسية العاشرة، تُعد ضريبة الدخل على الأفراد نقطة تحوّل في مسار السياسات الاقتصادية العُمانية، إذ تنسجم مع تطلعات رؤية "عُمان 2040" التي تضع في صميم أهدافها تحقيق الاستدامة المالية، والتوزيع العادل للثروات، وتعزيز ثقة المجتمع والمستثمرين في الدولة.
ورغم استمرار الأسئلة المطروحة بشأن توقيت التنفيذ ومجالات إنفاق العائدات، فإن الجهود المبكرة للتحضير للقانون، إلى جانب وضوح المعايير وآليات التطبيق، يُعدان عاملين أساسيين لكسب ثقة المجتمع وضمان نجاح الانتقال إلى نظام ضريبي أكثر عدالة واستدامة.