أفادت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية في تقرير لها بأن العلاقات بين فرنسا والجزائر تشهد توترًا حادًا وصل إلى مرحلة الجمود، وسط توقعات باستمراره حتى انتهاء ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأرجعت الصحيفة هذا التصعيد إلى نهج النظام الجزائري، الذي يشبه في سياساته أنظمة مثل روسيا بقيادة بوتين وأمريكا خلال عهد ترامب، حيث لا يتم التعامل إلا بلغة القوة في عالم يتجه نحو المزيد من التوترات والتحديات، بحسب تعبيرها.



ويعتبر الإنذار الذي منحته فرنسا للجزائر (لمدة 4 إلى 6 أسابيع) لقبول "قائمة طوارئ" لأشخاص مُرحّلين من الأراضي الفرنسية وإلا سيُعاد النظر في اتفاقية 1968 التي تُسهل إقامة الجزائريين في فرنسا، ردًا مباشرًا على التوترات الأخيرة بين البلدين. ومن أبرز هذه التوترات هجوم مولهاوز، الذي نفذه جزائري مُلزم بمغادرة فرنسا، لكن الجزائر رفضت استعادته 14 مرة، ومحاولة ترحيل المدون المؤثر "دوالمن" بعد تهديداته لمعارضي النظام الجزائري، والتي فشلت بسبب رفض السلطات الجزائرية استقباله.

ترفض الجزائر استعادة 90% من مواطنيها المُرحلين من فرنسا، حيث لا يتجاوز معدل التنفيذ 10% إلى 12%. وتتردد باريس في استخدام ورقة التأشيرات، بحجة "عدم معاقبة الجزائريين بسبب سياسة رئيسهم"، وذلك وفقًا لدبلوماسي. كما أن فضاء شنغن يجعل إغلاق باب واحد عديم الجدوى إذا بقيت الأبواب الأخرى مفتوحة في أوروبا. ورغم الأزمات، زاد عدد التأشيرات الممنوحة بين عامي 2022 و2023، لكن هذه السياسة قد تتغير. فبدون إثبات نوايا حسنة من الجزائر، قد تُلغى إعفاءات التأشيرات للزيارات القصيرة.  

طغى الخط المتشدد لوزير الداخلية الفرنسي ورئيس الوزراء على سياسة التهدئة التي تتبناها وزارة الخارجية برئاسة كاي دورسي. ففي الوزارة الأخيرة، يُفضلون تجنب التصعيد عبر حوافز مثل خفض الرسوم الجمركية للدول المتعاونة. لكن مصدرًا مقربًا من الملف انتقد الدبلوماسيين قائلا "إنهم يتمسكون بأساليب قديمة لا تُجدي. قسم شمال إفريقيا والشرق الأوسط مُشتت بسبب حرب غزة وعودة ترامب. الرئيس تبون ملزم باحترام التزاماته القنصلية".



وصف دبلوماسي الأزمة بأنها "عميقة وطويلة الأمد، مع مستوى سُميّة غير مسبوقة"، مشيرًا إلى أن العلاقة وصلت إلى شبه "قطيعة دبلوماسية". وأضاف: "جميع محركات التعاون متوقفة. العلاقة الفرنسية-الجزائرية معلقة فعليًا. عام 2025 سيكون عامًا فارغًا".

بدايةً، بدت العلاقة بين تبون وماكرون واعدة. فزيارة ماكرون إلى الجزائر في آب/ أغسطس 2022 أطلقت آمالًا بإصلاح العلاقات. وقال الرئيس الجزائري وفق مصدر دبلوماسي: "إذا لم يحدث شيء معه، فلن يحدث شيء أبدًا". أما ماكرون، فكان يحلم بـ"مصالحة الذكريات".

لكن قضية الذاكرة الاستعمارية تحولت إلى سلاح في يد الجزائر. فلم تُجدِ اعتذارات فرنسا عام 2017، ولا اعترافها بأن الاستعمار "جريمة ضد الإنسانية"، ولا الإجراءات الرمزية، أي تحسن في العلاقات. وقال مصدر مقرب: "ثورة 1962 تظل محور العلاقة. الجزائر مهووسة بماضي لا يُمحى. النظام يشوه الذاكرة ويجعل من القضية الاستعمارية قضية مقدسة".

بعد اعتراف فرنسا بـ"مغربية الصحراء الغربية" في تموز/ يوليو 2024 (الذي اعتبرته الجزائر خيانة)، قطعت الجزائر جميع قنوات الاتصال مع باريس، باستثناء أجهزة الاستخبارات. كما انتقمت باحتجاز الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال منذ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ومُنع من اختيار محامٍ يهودي (فرانسوا زيمراي) للدفاع عنه. وأصبحت قضية الصحراء عائقًا أمام أي تطبيع، بينما تبدو الثقة بين الرئيسين مقطوعة. في الوقت نفسه، يدرس ماكرون تشديد اتفاقية 1968، بينما تفضل وزارة الخارجية سياسة "الوقت ذاته". لكن الأزمات الأخيرة دفنت هذه الاستراتيجية.




رغم التوتر، لا تستطيع فرنسا تجاهل أكبر دولة في المغرب العربي، بسبب الجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا، والمصالح الأمنية المشتركة في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. وقال دبلوماسي: "لدينا مصلحة في استقرارها. شئنا أم أبينا، الجزائر ستفرض نفسها".

تملك فرنسا وسائل للضغط على الجزائر، مثل فرض ضرائب على التحويلات المالية (20% من الناتج المحلي الجزائري يعتمد على أموال المغتربين)، أو تجميد برامج التعاون (بقيمة مئات الملايين من اليوروهات)، أو إعادة النظر في اتفاقية 1968. لكن الجزائر، المعزولة دوليًا والضعيفة اقتصاديًا بعد تراجع عائدات النفط، قد تضطر إلى أن تكون أكثر مرونة. وفي انتظار ذلك، منحت فرنسا تأشيرات لأئمة جزائريين خلال رمضان، رغم استمرار رفض الجزائر استعادة مرحّليها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية فرنسا الجزائري فرنسا الجزائر سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

قلق في معسكر العراق قبل مواجهة الجزائر في كأس العرب

قطر – يترقب الجهاز الفني للمنتخب العراقي لكرة القدم موقف الثنائي المصاب أيمن حسين، وشيركو كريم لتحديد إمكانية مشاركتهما في مواجهة المنتخب الجزائري غدا في كأس العرب.

وسيلتقي المنتخبان ضمن منافسات الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات لبطولة كأس العرب 2025 المقامة في قطر.

وأعلن رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال، أن أيمن حسين سيغيب عن المباريات المتبقية من البطولة بسبب الإصابة، وهو ما يمثل ضربة قوية لخط هجوم “أسود الرافدين”.

بينما تعرض الظهير شيركو كريم لإصابة قوية خلال مواجهة السودان، ما يجعل مشاركته في المباراة ضد الجزائر غير مؤكدة حتى صدور نتائج الفحوصات الطبية النهائية.

ويواجه المنتخب العراقي تحديات كبيرة تتمثل في غياب عدد من العناصر الأساسية إضافة إلى الإرهاق الذي نال من اللاعبين بعد خوض جولتين فقط من دور المجموعات. وسيخوض الفريق المباراة بقائمة منقوصة، مما يضع الجهاز الفني أمام اختبار صعب في إدارة الموارد المتبقية.

ورغم هذه الغيابات، ضمن المنتخب العراقي تأهله لدور الثمانية بالفعل بعد فوزه في الجولتين الماضيتين على البحرين (2-1) والسودان (2-0)، ويتصدر المجموعة الرابعة برصيد 6 نقاط.

فيما يحتل المنتخب الجزائري المركز الثاني برصيد 4 نقاط، ويأمل في الفوز لضمان صدارة المجموعة.

وتقام مباراة العراق والجزائر يوم الثلاثاء على استاد “خليفة الدولي” في الدوحة، في مواجهة حاسمة لتحديد ترتيب المتصدرين قبل بداية الأدوار الإقصائية.

المصدر: “وكالات”

مقالات مشابهة

  • منتخب مصر أمام اختبار حاسم أمام الأردن بكأس العرب.. صراع التأهل يشتعل بالمجموعة الثالثة
  • وأج: وسائل إعلام وطنية تندد بحملة فرنسية ضد الجزائر
  • قلق في معسكر العراق قبل مواجهة الجزائر في كأس العرب
  • بوقرة: “مطالبتنا بالتتويج؟ اعتدنا على الضغط والجمهور الجزائري جد متطلب”
  • غراهام أمام اختبار صعب.. المنتخب العراقي يواجه الجزائر غداً بصفوف منقوصة
  • ماكرون: سنعزز دعم نيجيريا في مواجهة التحديات الأمنية
  • فرنسا تدعم نيجيريا في مواجهة الإرهاب
  • مدرب السعودية: مواجهة المغرب اختبار حقيقي
  • مدرب السعودية: مواجهة المغرب "اختبار حقيقي".. ورينار سيقود اللقاء
  • سيناريوهات حاسمة للعراق قبل مواجهة الجزائر وغيابات تربك حسابات المدرب غراهام