المساءلة والعدالة خط دفاع أخير: صراع الهوية يتجدد قبيل انتخابات نوفمبر
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
15 غشت، 2025
بغداد/المسلة: تتصاعد في بغداد نبرة التحذيرات السياسية من بوابة تاريخية ما زالت مثقلة بظلال الماضي، حيث يرفع حزب «الدعوة» مجدداً راية الإنذار من عودة حزب «البعث» عبر استحقاق نوفمبر الانتخابي، في مشهد يعكس تداخل الذاكرة الوطنية مع حسابات الحاضر.
وتأتي تصريحات نوري المالكي وأنصاره مترافقة مع موجة استبعاد غير مسبوقة لمرشحين، بحجة الانتماء السابق للحزب المحظور، في ما يشبه إعادة تفعيل حاد لأدوات «المساءلة والعدالة» بعد سنوات من الفتور السياسي والقانوني.
وتنعكس المخاوف الحزبية في مواقف إعلامية مكثفة، توظف حضور اسماء بعثية، كورقة تحذير رمزية وسياسية، وارتباطها بملفات النزاع على هوية الدولة العراقية بعد 2003. ويبدو أن إدراج أكثر من 150 مرشحاً على قوائم المنع، وتوسّع الحملة لتشمل المئات في محافظات مركزية، قد فتح الباب أمام نقاش أوسع حول حدود القانون وسقف الذاكرة، وأعاد إلى السطح سؤالاً مؤجلاً: هل العراق بصدد حماية الديمقراطية من الماضي، أم إعادة تدوير الصراع مع الماضي داخل الديمقراطية؟
ويكشف تفعيل نصوص قانون الانتخابات لعام 2018، جنباً إلى جنب مع الصرامة الجديدة لهيئة «المساءلة والعدالة»، عن تحالف واضح بين إرادة سياسية وأداة قانونية، بهدف ضبط مسار المنافسة البرلمانية وإقصاء ما يُعتبر خطراً بنيوياً على النظام الحالي. غير أن هذا المسار يصطدم بدعوات لحل الهيئة، وهي الدعوات التي يقرأها المالكي ورفاقه كإشارة تمهيدية لعودة بعثيين إلى الواجهة .
وتتداخل في هذا الجدل لغة القانون مع معجم الذاكرة الوطنية، إذ يُعاد استحضار مشهد لجنة «اجتثاث البعث» التي صممها بول بريمر عام 2003، كأداة لتفكيك إرث الحزب في مؤسسات الدولة، قبل أن تتحول عام 2008 إلى هيئة دستورية أكثر رسوخاً.
وبينما يرى خصومها أنها أداة إقصاء تجاوزت عمرها الافتراضي، يعتبرها أنصارها سداً سياسياً لا بديل عنه، لحماية المسار الديمقراطي من “الاختراق البنيوي” الذي قد يحوّل البرلمان إلى ساحة نفوذ بعثية متجددة.
وفي ظل هذا الاستقطاب، يتضح أن الصراع ليس فقط على بطاقات الاقتراع، بل على تعريف هوية الدولة وحدود إعادة إدماج الماضي في حاضرها، في معركة يختلط فيها القانون بالسياسة، والذاكرة بالسلطة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الإعلام يتساءل: هل صار تأخير الرواتب إنجازاً يستحق الإعلان؟
14 غشت، 2025
بغداد/المسلة: كالمعتاد يتحول الراتب في العراق إلى حدثٍ يستحق تغطية رسمية، إذ يستمر إعلان وزارة المالية عن “تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين” شهرياً، رغم أن الأمر يفترض أن يكون إجراء روتينياً لا يستحق التغريد أو التصريح. وفي الوقت نفسه، لم يتسلم آلاف المتقاعدين رواتبهم في اشهر كثيرة الا بعد تأخير، مما يغذي حالة القلق والانتظار في المحافظات العراقية، وسط غياب رسالة “الصرف” المعتادة التي تسبق إطلاق الدفعة الرسمية.
وأشار مصدر مطلع في هيئة التقاعد الوطنية، الى أن التأخير ليس نتيجة فشل الهيئة، بل يعود إلى “إجراءات مركزية داخل وزارة المالية”، ربما ترتبط بصعوبات التمويل أو الجدولة الإلكترونية؛ وتابع بأن “فريقاً فنياً يعمل حالياً على تدقيق بعض البيانات المتعلقة بالدفعة، وأن الإطلاق سيتم فور اكتمال الإجراء”.
لكن مثل هذا التصريح لا يبشر الا بسيادة الروتين على الادارة المالية في العراق، وغياب الشفافية، وطرق الادارة الحديثة.
وأعرب المتقاعد العسكري كاظم جبار (72 عاماً) خلال جولة ميدانية في بغداد عن غضبه، قائلاً: “كل شهر ننتظر هذا اليوم حتى نسد التزاماتنا، وتأخير يوم واحد يخلينا نضطر نداين، أو نعتذر من الصيدلي أو البقال”. وعبّر عن استيائه من تكرار هذا المشهد قائلاً: “ما يصير كل مرة نقعد ننتظر رسالة ما تجي”.
وأوضحت الحاجة أم تحسين، زوجة متقاعد مدني، أن راتب زوجها يُعتمد عليه في تغطية مصاريف الأدوية والإيجار، مؤكدة أن الأموال المتوفرة فقط هي تلك المتأخرة من وزارة المالية: “إحنا ما عدنا بديل غير هاي المبالغ، لا تجارة ولا شغل ولا دعم”.
ويتساءل المتقاعد هادي العجيلي، عن سبب عدم توضيح الجهات الرسمية للتأخير، داعيًا هيئة التقاعد ووزارة المالية إلى تفعيل قناة تواصل شفافة بدل ترك المتقاعدين في دوامة الانتظار أمام أجهزة الصراف والهاتف المحمول.
وأكد خبراء أن راتب التقاعد يشكل دعامة أساسية للأمن الاجتماعي في العراق، إذ يعتمد عليه أكثر من ٣ ملايين مواطن—متقاعدين وذوي الشهداء والمصابين—مما يجعل أي تأخير يحمل آثاراً حقيقية على الاستقرار المعيشي لهذه الفئات.
وأشارت التقارير الصادرة خلال الأشهر الماضية إلى أن أزمة الرواتب لا تقتصر على المتقاعدين فحسب، بل تشمل أيضاً الموظفين المدنيين في إقليم كردستان، حيث دخل بعضهم شهرين دون راتب بسبب خلافات مالية بين بغداد وأربيل .
ويمكن القول إن الأزمة المتكررة في الرواتب، وتحول إعلان الصرف إلى “إنجاز”، يعكس خللاً مؤسسياً في بنية الإدارة المالية والتواصل الحكومي. فإذا كان صرف رواتب المتقاعدين والمدنيين لن يكون موضع إعلان يُتداول على مواقع التواصل، فكيف يمكن بناء الثقة بين الدولة والمجتمع؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts