سلاح التجويع .. العودة للابتزاز الرخيص لخنق غزة بمباركة أمريكية
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
الثورة /
في خطوة لا يمكن وصفها سوى أنّها “ابتزازٌ رخيصٌ”، يمثل جريمة حربٍ وحشيةٍ وإمعانًا في سياسات استخدام سلاح التجويع ضد مليوني إنسان فلسطيني، بمباركةٍ أمريكيةٍ وغربيةٍ، انقلب نتنياهو على اتفاقية الهدنة بغزة، ورفض المضيّ قدمًا بالمرحلة الثانية والثالثة، عبر إعلانه منع دخول المساعدات إلى غزة، بمزاعم رفض المقاومة مقترحًا أمريكيًا جديدًا.
“واقعٌ سياسيٌ جديدٌ” يسعى نتنياهو لفرضه، عبر ليّ ذراع المقاومة في غزة، لا سيما مع دخول أيام شهر رمضان المبارك، واشتداد حاجة أهل القطاع المنكوب للمواد الأساسية التي تبقي على الحياة، الأمر الذي لا يمكن القبول به في غزة مهما كانت الذرائع والأكاذيب التي ينسجها نتنياهو وداعموه، وفقًا لمراقبين.
كذبة خطيرة لبدء حرب التجويع مجددا
الإعلامي محمد حمدان، علق على الخطوة الإسرائيلية بوصفها “حرب تجويع بدأت الآن بكذبة خطيرة، الاحتلال يروج أن ما دخل القطاع خلال الأيام الماضية يكفي لشهور قادمة، وهو بذلك يضغط ويعاقب المدنيين ويمرر هذه الكذبة لتخدير المخدرين “.
وتابع حديثه في منشور له على منصة “إكس” رصده المركز الفلسطيني للإعلام بالقول: هذه بعض الحقائق التي تستطيع كل المنظمات الدولية والأممية إثباتها ، أنّ الاحتلال لم يلتزم بالبروتوكول الإنساني أصلا في الاتفاق ،ولم تدخل البيوت المؤقتة والمعدات الثقيلة.
وأكد حمدان أنّ “أعداد الشاحنات لم تصل لما هو متفق عليه”، فضلاً عن أنّ “نوعية البضائع التي كانت تدخل تصنف في أغلبها (كماليات) وليست كلها معدات طبية أو إغاثية ولا وقود”.
كما أشار إلى أنّ الواقع المهترئ ونتيجة الحرب جعلت القطاع بلا مصانع ولا أراضي زراعية ولا أي إنتاج وعليه فكل السكان يعتمدون يوميا على ما يدخل من شاحنات.
وقال حمدان “إنّ القطاع يعيش منذ بداية الحرب بلا كهرباء ولا محطات مياه أو صرف صحي ولا مكبات نفايات ، إلخ”.
الأسرى الأحياء أقوى سلاح بيد المقاومة
الناشط ياسين عز الدين علق بالقول: إنّ نتنياهو يخرق الاتفاقية بشكل واضح ويقرر وقف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وذلك للضغط على المقاومة من أجل تعديل الاتفاقية بشكل يساعد الاحتلال على خنق غزة.
ولفت إلى أنّ نتنياهو يريد الإفراج عن أسراه مقابل أسرى فلسطينيين، دون إعادة إعمار غزة ودون السماح بدخول المعدات الثقيلة وكافة أشكال المساعدات التي كان يعيق دخولها، ودون الانسحاب من محور فيلادلفي والشريط الحدودي.
وشدد على أنّ أقوى سلاح بيد المقاومة هو الأسرى الإسرائيليون (الأحياء تحديدًا)، لذا من الحمق القبول بمقترح تعديل الاتفاق كما يريده نتنياهو.
ولفت إلى أنّ لدى المقاومة أوراق قوة أخرى لإجبار الاحتلال على وقف التلاعب من بينها استعدادها لأي تصعيد عسكري قد يحصل (رغم أن احتمال حصوله ضعيف).
ونوه عز الدين إلى أنّ خطة نتنياهو هي إنهاء تبادل الأسرى الأحياء ثم خنق غزة بحصار قاتل أو حتى استئناف الحرب، ومن الجنون السماح له بتنفيذ ما يريد.
جريمة حربٍ وحشية
من جانبه، أكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، الأحد الماضي، أن قرار إسرائيل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يشكل “جريمة حرب وحشية”.
وقال البرغوثي، في بيان: “قرار حكومة (إسرائيل برئاسة بنيامين) نتنياهو الفاشية منع دخول المواد والمساعدات الإنسانية لقطاع غزة (بداية من الأحد) يمثل جريمة حرب وحشية ضد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي”.
وأضاف أن القرار يمثل “فرضا لعقوبات جماعية وحصارا وتجويعا على مليوني إنسان فلسطيني أكثر من نصفهم من الأطفال، وحكما بالإعدام على المرضى والجرحى والأطفال الخدج”.
وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.
البرغوثي، طالب “القمة العربية (الطارئة الثلاثاء المقبل) باتخاذ قرار واضح بكسر هذا الحصار الذي لا سابق له على مقومات الحياة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.
كما طالب المجتمع الدولي “بفرض عقوبات على إسرائيل حتى توقف حصارها الإجرامي واللاإنساني، والذي يهدد حياة ملايين المدنيين الأبرياء الفلسطينيين، وكذلك حياة الأسرى الإسرائيليين الذين لا يعبأ نتنياهو وحكومته المتطرفة بمصيرهم”.
سلاح التجويع وإحراج الوسطاء
الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة قال في منشور له على منصة “إكس” رصده المركز الفلسطيني للإعلام: نتنياهو إذ يُسكت المدافع (خلال رمضان) ويستخدم سلاح التجويع! هذه هي خلاصة قراراته بالأمس.
وتابع الزعاترة: منذ فوز ترامب، وقوى اليمين تطالب باستخدام سلاح المساعدات للضغط على “حماس” والمقاومة، مستندين إلى أن ترامب لن يعارض ذلك.
واستدرك: لأن نتنياهو يريد الانقلاب على الاتفاق الذي وقفت الحرب بناء عليه، والاكتفاء باستعادة الأسرى عبر تمديد المرحلة الأولى منه، فقد ذهب في هذا الاتجاه من “الابتزاز الرخيص”، وفق تعليق “حماس”، وهو فعلا كذلك.
وشدد على أنّ قرار نتنياهو يضع الوسيطين المصري والقطري أمام حرج كبير، ومن نافلة القول أن يطالبهما كل صاحب ضمير باتخاذ موقف قوي ردّا على هذا الاستخفاف السافر بهما، وبالاتفاق الذي تمّ توقيعه.
وأكد الزعاترة قائلاً: ليس هما وحسب، ذلك أن القمة العربية القادمة ستكون مسؤولة أمام هذا التطوّر في الموقف، إذ ما قيمة الاتفاقات ورعايتها والتوقيع عليها، إذا كان بوسع العدو الانقلاب عليها وقتما يشاء (لن نذكر هنا سلطة “فتح”، فهي مشغولة بمطاردة المقاومة في الضفة وهجاء “حماس”!).
وشدد بالقول: نحن نعلم طبيعة هذا العدو في نقض المعاهدات، لكننا نعلم أيضا أنه جبان ويتراجع حين يُواجَه بمواقف قويّة، فكيف ونحن الآن إزاء جريمة حرب سافرة بحق مناطق خاضعة لاحتلاله وفق القانون الدولي؟!
ابتزاز رخيص
من جانبها وصفت حركة حماس، قرار حكومة الاحتلال بإغلاق المعابر ووقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بأنه “ابتزازًا رخيصًا وجريمة حرب مكتملة الأركان”، وعدّت القرار انقلاباً سافراً على اتفاق وقف إطلاق النار.
ودعت حماس في بيان الأحد الماضي، الوسطاء والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري للضغط على الاحتلال لوقف إجراءاته العقابية وغير الأخلاقية التي تستهدف أكثر من مليوني إنسان في غزة.
بدوره، طالب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وسطاء وقف إطلاق النار في غزة بالضغط على الاحتلال لتنفيذ التزاماته بموجب الاتفاق، بجميع مراحله، وتنفيذ البروتوكول الإنساني، وإدخال مستلزمات الإيواء والإغاثة ومعدات وآليات الإنقاذ إلى قطاع غزة.
خرق صارخ للاتفاق
مدير المكتب الإعلامي الحكومي بغزة الدكتور إسماعيل الثوابتة، قال: من الواضح أن مجرم الحرب “نتنياهو”، بعد فشل جيشه الفاشي في تحقيق أهدافه على الأرض على مدار 15 شهراً، يسعى الآن لفرض وقائع سياسية جديدة على الأرض من خلال انتهاك الاتفاقات وفرض سياسات قسرية تهدف إلى تعزيز قبضته العسكرية والسياسية، هذا التصرف يعكس عجزه عن تحقيق أي تقدم حقيقي في الميدان.
واستدرك الثوابتة بالقول: على الرغم من أن حكومة الاحتلال قد تجاوزت العديد من الخطوط الحمراء في انتهاك حقوق شعبنا الفلسطيني، إلا أن هناك ضرورة ملحة لتذكيرهم بالبند 14 من الاتفاق، الذي ينص على استمرارية إجراءات المرحلة الأولى خلال المرحلة الثانية. لذا، فإن تعطيل هذه الإجراءات يُعد خرقًا صارخًا للاتفاق.
ودعا الإدارة الأمريكية بالتوقف عن انحيازها المطلق لسياسات الاحتلال “الإسرائيلي” ورئيس حكومته “نتنياهو” الفاشية، والتي تعزز الممارسات التي تديم الصّراع. الوقوف إلى جانب مجرم حرب مثل “نتنياهو” يعني استمرار المعاناة والظلم لشعبنا الفلسطيني الكريم.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل أسرى بين حركة “حماس” وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
يذكر أنّ مكتب نتنياهو، قال في بيان، الأحد، إن “رئيس الوزراء قرر أنه ابتداء من صباح اليوم (الأحد) سيتوقف دخول كل البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة”.
وقوبل قرار نتنياهو بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بانتقاد شديد وهجوم من سياسيين وأهالي الأسرى الإسرائيليين.
وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف فلسطيني، ويعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
المركز الفلسطيني للإعلام
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يهاجم الأمم المتحدة.. وأوتشا والأونروا تكشفان عراقيل الاحتلال في غزة
هاجم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منظمة الأمم المتحدة، واتهمها بـ"اختلاق الأكاذيب"، زاعماً في الوقت ذاته أن حكومته "تسمح بإدخال الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة"، في وقت تتصاعد فيه تحذيرات منظمات الإغاثة من مجاعة كارثية تهدد أكثر من مئة ألف طفل فلسطيني وسط حرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 9 أشهر.
وجاءت تصريحات نتنياهو الأحد خلال زيارة لقاعدة "رامون" الجوية، برفقة وزير الحرب يسرائيل كاتس، وشدد على استمرار العدوان العسكري قائلاً: "سنقضي على حماس، ولتحقيق هذا الهدف، وكذلك من أجل تحرير المختطفين، نواصل القتال وندير مفاوضات".
وادّعى نتنياهو أن إدخال المساعدات مستمر عبر "ممرات آمنة": كما زعم أنها "كانت قائمة طوال الوقت"، مضيفاً: "الأمم المتحدة تختلق الذرائع وتكذب عندما تقول إن إسرائيل تمنع دخول المساعدات، وهذا غير صحيح". واختتم قائلاً: "سنواصل القتال حتى تحقيق النصر الكامل".
الأمم المتحدة ترد
في المقابل، كشفت وثيقة صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن جملة من العقبات المنهجية التي تعيق عمل منظمات الإغاثة في غزة، مؤكدة أن وصول المساعدات بات محفوفًا بالمخاطر حتى خلال "فترات التوقف التكتيكي" التي أعلن عنها الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا.
ووفق الوثيقة، يعاني القطاع من انهيار شبه كامل في النظام الأمني نتيجة تفكك جهاز الشرطة المدنية، وهو ما أدى إلى تفاقم الفوضى عند المعابر، كما أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كثيرًا ما يرفض أو يؤخر تحركات القوافل رغم تنسيقها المسبق، ما يتسبب في "هدر الموارد وتعطيل جهود الاستجابة الإنسانية".
وأشار المكتب الأممي إلى أن 68% من الطرق داخل غزة باتت غير صالحة للسير، كما أن غالبية الطرق المتبقية تمر عبر مناطق مزدحمة أو تسيطر عليها جماعات مسلحة، مما يزيد من خطر النهب وغياب الأمان.
وأكدت "أوتشا" أن خيار الممرات البديلة محدود للغاية، وأن أي قرار باعتبار أحد الطرق غير آمن، يواجه بنقص في البدائل المقبولة من السلطات الإسرائيلية، داعية إلى السماح بإدخال كميات أكبر من السلع الأساسية عبر القطاع الخاص، بالنظر إلى عجز المساعدات الإنسانية وحدها عن تلبية احتياجات أكثر من مليوني إنسان.
الإنزال الجوي لا يُنهي المجاعة
وفي السياق ذاته، انتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أسلوب الإنزال الجوي الإسرائيلي للمساعدات، معتبرة أنه لا يمثل حلًا للأزمة المتفاقمة في القطاع.
وقالت جولييت توما، مديرة الإعلام في الوكالة، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن "هذا الأسلوب لا يمكن أن ينهي المجاعة التي تعصف بآلاف العائلات، لا سيما الأطفال".
ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على حكومة الاحتلال، بعد تفشي المجاعة في معظم مناطق القطاع، وسط إغلاق كامل للمعابر منذ مطلع آذار/مارس الماضي، ورفض الاحتلال الاستجابة لأوامر محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف الحرب.
نتنياهو يواصل التنصل من الاتفاقات
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد تراجعت في آذار/مارس الماضي عن اتفاق تم التوصل إليه بشأن وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حركة "حماس"، رغم بدء تنفيذه في كانون الثاني/يناير الماضي، لتستأنف بعد ذلك حملة إبادة شاملة شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير، بحسب تقارير أممية ومنظمات حقوقية.
وحذرت وكالات الأمم المتحدة من خطر موت جماعي في غزة، مشيرة إلى أن القطاع يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث يغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر ويمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 133 شهيدًا، بينهم 87 طفلاً، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن العدد مرشح للارتفاع في ظل انهيار القطاع الصحي واستمرار الحصار الخانق.
ومنذ بداية الحرب، ارتكب الاحتلال بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة سلسلة من المجازر والانتهاكات التي خلّفت أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد على تسعة آلاف مفقود ومئات الآلاف من النازحين، وسط دمار شامل في البنية التحتية وغياب شبه كامل للخدمات.
وتتزايد الدعوات الدولية لفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي، وفتح تحقيقات في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق المدنيين. كما يطالب ناشطون ومنظمات حقوقية الأمم المتحدة والدول الكبرى بالتحرك الفوري لوقف المجازر وإنهاء الحصار الذي وصفته "أوتشا" بأنه "مجزرة بطيئة ضد الإنسانية".