الجزيرة:
2025-06-26@16:43:15 GMT

3 عقبات رئيسية تهدد فرص نجاح ترامب

تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT

3 عقبات رئيسية تهدد فرص نجاح ترامب

لم يكن الخلاف الذي نشب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي مجرد مصادفة، بل كان مُدبّرًا بعناية ليُظهر للجميع- وخاصة نُخبة الحزب الجمهوري- ماهية السياسة الخارجية التي يعتزم انتهاجها خلال السنوات الأربع المقبلة.

العزلة أم العولمة؟

يعود التوتر بين النزعة الانعزالية والنزعة العولمية في السياسة الخارجية الأميركية إلى أكثر من قرن من الزمن.

فقد كانت المبادئ الأربعة عشر التي أعلنها الرئيس وودرو ويلسون عام 1918 بشأن النظام العالمي الجديد بعد الحرب العالمية الأولى من أبرز تجليات النزعة العولمية. حينها، اقترح ويلسون إنشاء عصبة الأمم، لكن عندما تأسست هذه المنظمة، رفض مجلس الشيوخ الأميركي حتى مجرد الانضمام إليها، مما يعكس ميلًا أميركيًا واضحًا نحو الانعزال.

للأميركيين أسبابهم في الانسحاب من الشؤون الدولية. وأهم هذه الأسباب هو موقعهم الجغرافي؛ إذ تحيط بهم محيطاتٌ شاسعة، ولا تحدّهم سوى كندا والمكسيك، مما يوفر لهم مستوى عاليًا من الأمن الذاتي. كما أن هذا الموقع يجعلهم بعيدين عن كلٍّ من أوروبا وآسيا.

أما السبب الآخر فهو حجم الولايات المتحدة نفسها، فهي كيانٌ اتحادي ضخم تبلغ مساحته نحو أربعين ضعف مساحة إنجلترا، ويتألف من خمسين ولاية. بالنسبة للأميركيين، فإن مجرد التعرف على خريطة بلادهم وتاريخها يكفي ليكون شاغلًا رئيسيًا لهم، فلا تبدو لهم معرفة بقية العالم أو السفر إليه حاجة مُلحّة.

ورغم هذه العوامل، انتهجت الولايات المتحدة سياسة خارجية عولمية منذ الحرب العالمية الثانية. فقد هزمت أولًا اليابان وألمانيا، ثم تبنّت سياسة تطويق عالمية ضد الاتحاد السوفياتي.

إعلان

وخلال هذه الفترة، فرضت المصالح الاقتصادية الأميركية نفسها؛ إذ أصبح اعتماد الاقتصاد الأميركي على النفط، وحاجة الشركات الأميركية- التي كانت تستحوذ على 40% من الإنتاج العالمي- إلى التوسع في أسواق جديدة، دافعًا لا غنى عنه لانتهاج سياسات عولمية.

وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، حلّت "مكافحة الإرهاب" محل "مكافحة الشيوعية" في السياسة العالمية للولايات المتحدة. فبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، أقدمت إدارة جورج بوش الابن على غزو كلٍّ من العراق وأفغانستان.

وعلى الرغم من أن إدارة باراك أوباما رأت في هذين الغزوين خطأً إستراتيجيًا، فإنها واصلت السياسات العولمية. أما ترامب، فقد رفع شعار "أميركا أولًا" خلال فترته الرئاسية الأولى، لكنه لم يُحدث تغييرات جوهرية في السياسات. ثم جاءت إدارة جو بايدن لإعادة تنشيط التحالف الغربي تحت قيادته، وخاصة في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا.

فوضى في الداخل.. فوضى في العالم

يسعى ترامب اليوم إلى وقف الدعم الأميركي لأوكرانيا، ويستخدم خطابًا مؤيدًا لروسيا بهدف فك ارتباط الولايات المتحدة بالتحالف الغربي، وإنهاء رؤيتها لدورها كحاميةٍ للنظام العالمي.

وتتسق مواقف ترامب تجاه ساحتي الحرب (أوكرانيا وغزة) مع نهجه القائم على تمكين القوي من سحق الضعيف. ففي غزة، يقترح تهجير الفلسطينيين قسرًا، وهو طرحٌ لم تجرؤ حتى إسرائيل على التصريح به علنًا. أما في أوكرانيا، فهو يتهم زيلينسكي بأنه "دكتاتور بلا شعبية" وأنه هو من بدأ الحرب، وهي رواية لا يجرؤ حتى الروس أنفسهم على تبنيها.

الجميع يدرك أن مواقف ترامب هذه تتناقض مع القانون الدولي. فالولايات المتحدة نفسها كانت قد وقّعت اتفاقًا مع روسيا يضمن وحدة أراضي أوكرانيا بعد استقلالها، وذلك مقابل تخليها عن ترسانتها النووية. لكن مثل هذه الاتفاقيات لا تعني شيئًا بالنسبة لترامب، فهو لا يعترف سوى بمنطق القوة.

إعلان

على المدى القصير، يملك ترامب القدرة على تنفيذ ما يشاء؛ إذ إن الجمهوريين في الكونغرس، والقضاة المحافظين الذين يهيمنون على المحكمة العليا، لن يقفوا في وجه رئيس جمهوري جديد. ولكن، هل ينجح ترامب على المدى الطويل؟ هناك ثلاثة عوامل تُضعف فرصه:

أولًا، جاء ترامب إلى السلطة بدعم نصف الناخبين فقط، وتشير الاستطلاعات إلى أن شعبيته تراجعت إلى ما دون 50%. أما سياساته الاقتصادية، فتقوم على ركيزتين: الأولى هي زيادة الرسوم الجمركية في التجارة الدولية، والثانية ترحيل جزء كبير من المهاجرين. كلتا السياستين ستؤديان إلى ارتفاع الأسعار والتضخم، بينما جاء ترامب أصلًا إلى السلطة بوعدٍ بتخفيضهما. وعلى عكس بعض المجتمعات الأخرى، لا يتسامح الأميركيون مع التدهور الاقتصادي. ثانيًا، ليس لدى ترامب حلفاء دوليون سوى روسيا وإسرائيل. فقد نجح خلال فترة وجيزة في تنفير أقرب جيرانه، كندا، وأساء إلى حلفائه الأوروبيين. وسيترتب على هذا العزوف عن العلاقات الخارجية تكلفة اقتصادية باهظة على الشركات الأميركية. إذ لا يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في جني فوائد الاقتصاد العالمي، بينما تعمل على هدم النظام الذي يستند إليه. ومن الأمثلة على ذلك تراجع مبيعات شركة "تسلا" في أوروبا وانخفاض قيمة أسهمها خلال الشهر الماضي، وهي مؤشرات على بداية دوامةٍ اقتصاديةٍ هابطة. ثالثًا، يخوض ترامب هذه المغامرات في السياسة الخارجية بينما يعيش المشهد الداخلي حالة من الاضطراب. فإيلون ماسك، الذي عيّنه ترامب لإدارة وكالة جديدة بحجة خفض التكاليف، يُسرّح الموظفين الحكوميين بأعداد كبيرة ويُهين البيروقراطيين يوميًا تقريبًا، مما يخلق انطباعًا بأن إدارة ترامب تتبنى نهجًا صداميًا في الداخل والخارج على حد سواء.

ليس واضحًا مدى نجاح ترامب في إعادة تشكيل السياسة الأميركية، ولكن المؤكد أن النظام العالمي، الذي كانت الولايات المتحدة تقوده، قد تم هدمه على يد رئيسها ذاته. مرحبًا بكم في الفوضى الجديدة للعالم!

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

مأزق دبلوماسي أمام الفيفا قبل كأس العالم.. هل تلعب إيران على الأراضي الأميركية؟

يواجه الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضغوطًا متزايدة بشأن الترتيبات الخاصة بكأس العالم 2026، في ظل تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، إحدى الدول الثلاث المستضيفة للبطولة إلى جانب كندا والمكسيك. اعلان

ورغم العقوبات العسكرية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرًا على طهران، وحظر السفر المفروض على المواطنين الإيرانيين، لا تتضمن لوائح الفيفا أي بند يمنع مشاركة إيران أو يحول دون خوضها لمبارياتها على الأراضي الأميركية. ويُستثنى من الحظر، قانونًا، بعض المشاركين في الفعاليات الرياضية، ما قد يتيح دخول اللاعبين وأعضاء الطاقم الفني وأُسرهم.

 وكان المنتخب الإيراني قد ضمن تأهله إلى كأس العالم للمرة الرابعة على التوالي في مارس الماضي، بعد مشاركته في مونديال قطر 2022، حيث واجه حينها نظيره الأميركي في مباراة أثارت اهتمامًا سياسيًا وإعلاميًا واسعًا. أما في نسخة 2026، فلا يمكن لإيران تجنّب اللعب في الولايات المتحدة إلا إذا تم توزيعها ضمن المجموعة A، التي تُقام مبارياتها حصريًا في المكسيك.

Relatedقبيل الافتتاح.. رئيس الفيفا يدعو إلى اغتنام فرصة شراء تذاكر كأس العالم للسيداتمنافسات الفيفا: قرار بوقف أي مباراة في حال وقوع حوادث عنصريةالاتحاد الكوري الجنوبي يشتكي فريقا إيطاليا لدى الفيفا وصف لاعبه بـ"جاكي شان"

وبحسب نظام البطولة، في حال تصدرت إيران مجموعتها، فستخوض مباراتي دور الـ32 والـ16 في المكسيك. لكن في حال تأهلها إلى الأدوار المتقدمة، فإنها ستكون مضطرة للانتقال إلى الولايات المتحدة، ما يفتح الباب أمام إشكالات دبلوماسية وأمنية غير مسبوقة.

 ورفضت الفيفا الرد على استفسارات صحيفة الغارديان بشأن المسألة، فيما يُتوقع أن تُعقد مشاورات داخلية قبيل إجراء قرعة البطولة في ديسمبر المقبل، وسط ترقّب لكيفية تعامل رئيس الاتحاد جياني إنفانتينو مع الموقف، خصوصًا أنه يرتبط بعلاقات وثيقة بالرئيس ترامب، الذي وافق مؤخرًا على ضرب مواقع نووية إيرانية.

 القرار النهائي بشأن توزيع المنتخبات على المجموعات سيصدر عن مجلس الفيفا برئاسة إنفانتينو، لكن اللجنة المنظمة لمنافسات الاتحاد الدولي – والتي تضم ممثلين عن كندا والمكسيك وإيران، ويرأسها رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) ألكسندر تشيفرين – سيكون لها دور استشاري. وقد يشكّل الموقف الأوروبي سابقة يُحتذى بها، إذ قرر اليويفا في 2022 فصل أوكرانيا وبيلاروسيا في قرعة المنافسات الأوروبية، بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

 وتنص قواعد القرعة المعتمدة في مونديال قطر على منع وجود أكثر من منتخب من نفس الاتحاد القاري (باستثناء أوروبا) في مجموعة واحدة، لكنها لا تتضمن معايير جغرافية أو سياسية تمنع استضافة منتخب في بلد معين، ما يجعل ملف إيران في 2026 اختبارًا سياسيًا وتنظيميًا حقيقيًا للفيفا.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • العواصف الرعدية تهدد مباراة ريال مدريد وسالزبورج في كأس العالم للأندية
  • البيضاء..تدشين حملة توعوية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
  • استقرار العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية مع اقتراب إس آند بي 500 من أعلى مستوياته
  • فعالية توعوية في حجة باليوم العالمي لمكافحة المخدرات
  • إدارة ترامب تخطط لرفض طلبات لجوء مئات آلاف المهاجرين
  • نيويورك تايمز: هل تثني الضربة الأميركية لإيران دولا أخرى عن امتلاك القنبلة؟
  • مأزق دبلوماسي أمام الفيفا قبل كأس العالم.. هل تلعب إيران على الأراضي الأميركية؟
  • أمريكا بين الغضب والانقسام| احتجاجات واسعة ضد إدارة ترامب ومخاوف من الانفصال
  • نيويورك تايمز: هل الضربة النووية الأميركية لإيران رادعة للآخرين أم محفزة لهم؟
  • إدارة ترامب تحصل على صلاحية ترحيل المهاجرين لغير بلدانهم