مساع أوروبية لتقليل الاعتماد الاستخباراتي العسكري على أميركا
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
دفعت شكوك دول الاتحاد الأوروبي في التزام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالدفاع عنها هذا التكتل الأوروبي إلى السعي لبناء شبكة أقمار اصطناعية جديدة لتوفير المعلومات الاستخباراتية العسكرية.
وعزز هذه الشكوك انسحاب إدارة ترامب المؤقت من تبادل المعلومات مع أوكرانيا الأمر الذي جعل الاتحاد الأوروبي يحفز جهوده لبناء هذه الشبكة الجديدة لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.
ويهدف هذا النظام إلى استبدال القدرات الأميركية جزئيا، بعد أن سلط تعليق ترامب تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا في شهر مارس/آذار الجاري، الضوء على اعتماد أوروبا على أميركا.
ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن "مفوض الدفاع والفضاء" في الاتحاد الأوروبي أندريوس كوبيليوس قوله "نظرا للتغيرات في الوضع الجيوسياسي، تدرس المفوضية الأوروبية توسيع قدراتها في مجال الأقمار الاصطناعية لتحسين الدعم الاستخباراتي الجغرافي المكاني للأمن".
وأوضح أن شبكة الأقمار الاصطناعية الجديدة ستستخدم للكشف عن التهديدات، مثل حركة القوات، وتنسيق العمل العسكري مضيفا أن الاتحاد بحاجة إلى شبكة تكمل برامج أخرى تستخدم في الملاحة ومراقبة الأرض.
وستحتاج هذه الشبكة إلى إنتاج معلومات محدثة بوتيرة أعلى من "نظام كوبرنيكوس" منخفض المدار، الذي يرصد تغير المناخ والكوارث الطبيعية، ولكنه ينتج صورا كل 24 ساعة تقريبا.
إعلانوأقر كوبيليوس بأن المشروع سيكون مكلفا ويستغرق وقتا طويلا في الإنشاء، وقال إنه سيسأل الدول الأعضاء عما إذا كانت ترغب في "نهج تجاري مؤقت". مشيرا إلى أنه يسعى إلى إنشاء نظام مُحدد كخدمة حكومية لمراقبة الأرض.
ويرى أن هذا النظام المأمول "سيتمتع بتكنولوجيا عالية وتوافر بيانات عال و سيعمل في مدار أرضي منخفض" واستدرك قائلا إن هذه الشبكات تتطلب عشرات الأقمار الاصطناعية.
و حول توقيت الكشف عن هذا المسعى ذكرت الصحيفة أن تصريحات كوبيليوس لها تأتي قبل إطلاق خطة دفاعية أوروبية الأسبوع المقبل.
وأضافت أن المفوضية وفرت 150 مليار يورو (اليورو يساوي 1.09 دولار) كقروض للدول الأعضاء، وستسمح لها باستثناء بعض الإنفاق الدفاعي من قواعدها المالية، مما سيُتيح لها الالتزام بما يصل إلى 650 مليار يورو إضافية.
كما ستسمح الخطة، التي اطلعت عليها صحيفة "فايننشال تايمز"، للدول الأعضاء بطلب شراء الأسلحة من المفوضية، وتجميع الطلب لضمان أسعار أفضل.
ولم تحدد المفوضية بعد كيفية تقييد الإنفاق، لكن الرئيسة أورسولا فون دير لاين قالت إنه ينبغي إنفاق الأموال على المنتجات الأوروبية.
وقال كوبيليوس إن الدول المشمولة بهذا النطاق "ستشمل النرويج، وآمل أن تشمل المملكة المتحدة" مضيفا أن تركيا "لا تزال قيد المناقشة".
و أشار كوبيليوس إلى أن رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، التقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 13 مارس/آذار، وهو ما كان "رمزًا واضحًا".
وقال إن الأموال يمكن استخدامها أيضا لشراء أسلحة من أوكرانيا لقواتها المسلحة وأضاف أن أسعارها نصف أسعار الأسلحة الغربية، و"بالطبع، تدعم الاقتصاد الأوكراني".
وأشار كوبيليوس إلى أن الخطة ستسلط الضوء على المجالات الإستراتيجية التي تعتمد فيها دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الولايات المتحدة. وتشمل هذه المجالات قدرات النقل الجوي، والتزود بالوقود جوًا، والإنذار والسيطرة الجوية. كما ستُعطى الأولوية لنظام دفاع صاروخي، قد تبلغ تكلفته 500 مليار يورو.
إعلانوحول طرق التنفيذ تساءل: "هل سنطور هذا الدفاع الجوي لكل دولة على حدة أم بشكل جماعي؟" وأجاب قائلا " أعتقد أنه من الأفضل وجود نظام مشترك للتنسيق يغطي كامل أراضي الاتحاد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
لهجة أوروبية حادة ضد الاحتلال.. هل يذهب قادة الاتحاد أبعد من ذلك؟
شددت صحيفة "واشنطن بوست" على أن التوبيخ النادر من ألمانيا لدولة الاحتلال الإسرائيلي هذا الأسبوع أبرز استعداد أوروبا المتزايد للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو بسبب حصارها وقصفها لقطاع غزة، الأمر الذي يختبر مدى تسامح بعض أقوى حلفاء "إسرائيل".
وأشارت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد غارة إسرائيلية قاتلة على مدرسة في غزة حُوّلت إلى ملجأ هذا الأسبوع، قال المستشار الألماني فريدريش ميرز إن إلحاق الضرر بالمدنيين "لم يعد يمكن تبريره بمحاربة إرهاب حماس" - في انحراف حاد عن دفاع ألمانيا الشامل عن إسرائيل خلال الحرب.
وحذر ميرز دولة الاحتلال الإسرائيلي من القيام "بأي شيء لم يعد أصدقاؤها على استعداد لقبوله في مرحلة ما".
أدلى ميرز بتعليقاته في الوقت الذي بدأ فيه الاتحاد الأوروبي مراجعة علاقاته التجارية مع إسرائيل بعد أكثر من عام ونصف من الحرب. وقادت هولندا، الحليف القوي لإسرائيل، الجهود الرامية إلى قيام الاتحاد المكون من 27 دولة بمراجعة العلاقات التجارية.
والثلاثاء، وصفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، وهي أيضا مدافعة شرسة عن إسرائيل، توسع الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة بأنه "مُشين".
تدعو بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى تعليق كامل للعلاقات التجارية، بينما تحاول دول أخرى النأي بنفسها عن الصور المروعة القادمة من غزة. إلا أن تحركهم الجماعي لم يتجاوز بعد مجرد التلويح بالإصبع، ويقول المسؤولون إن إصدار إجراءات عقابية سيكون أكثر صعوبة وقد يكشف عن انقسامات الاتحاد.
في حين تزايد الإحباط من الحرب على جانبي الأطلسي، إلا أن التصريحات الأوروبية الأخيرة تناقضت مع دفاع إدارة ترامب الصريح المستمر عن إسرائيل - وهو جزء من خلاف أوسع مع واشنطن، بشأن الأمن والتجارة، دفع كلا من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى توحيد الصفوف ورسم مسارهما الخاص في بعض الأحيان.
صرح مسؤول أوروبي بأنهم يُطلعون نظراءهم الأمريكيين بانتظام على القرارات المتعلقة بإسرائيل، وأن الجانبين لم يتفقا على النهج المُتبع.
وصف متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إدانة الحلفاء الغربيين بأنها "استعراضية"، ووصف القرار البريطاني الأسبوع الماضي بتعليق محادثات اتفاقية تجارية جديدة مع إسرائيل بأنه "مخيب للآمال للغاية". وتحدث هذا الشخص للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة الخلافات بين الحلفاء.
وتعليقا على الجهود التي تقودها فرنسا للاعتراف بدولة فلسطينية، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، إن "فرنسا وبريطانيا وكندا ودولا أخرى" تهدف إلى "مكافأة هؤلاء القتلة بالجائزة الكبرى"، حسب تعبيره.
وفشل اقتراح أوروبي لمراجعة العلاقات التجارية في وقت سابق من الحرب، لكن هذا الجهد الأخير يحظى بدعم أغلبية الدول الأعضاء. وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، الذي كانت بلاده من أشد منتقدي حرب إسرائيل في غزة وشاركت في قيادة اقتراح العام الماضي، إن ما تغير بالنسبة لبعض نظرائه الأوروبيين هو "مستوى العنف" والرأي القائل بأن إسرائيل تشن "حربا من أجل الحرب".
وأضاف لصحيفة "واشنطن بوست": "كان على بعض الدول أن ترى... أمورا تتنافى حتى مع أبسط معاني الإنسانية: منع الطعام عن المدنيين، ورؤية هذه الصور المروعة للأطفال. والعنصر الثاني هو أننا نرى أن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها إرادة لاستخدام الدبلوماسية".
ونقل التقرير عن ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية في روما ومستشارة السياسة الخارجية السابقة للاتحاد الأوروبي، قولها إن الهجوم العسكري الإسرائيلي، وارتفاع عدد القتلى، والجوع الجماعي، أصبحت "مبالغا فيها" لدرجة لا يمكن للقادة الأوروبيين الارتباط بها أو تجاهلها.
وأضافت: "ثم هناك بالطبع خطة صريحة لإعادة احتلال قطاع غزة، والطرد الجماعي [لسكانه] هناك تأثير تراكمي".
ولفتت الصحيفة إلى أن دعوات المسؤولين الإسرائيليين لإجبار سكان غزة على الخروج، وخطة حكومة نتنياهو "للسيطرة" إلى أجل غير مسمى على جزء كبير من الجيب الفلسطيني، جعلت تأييد أوروبا المستمر للحرب غير مقبول - وحلفاء إسرائيل يشعرون بالاشمئزاز. قالت توتشي: "إن ازدياد الصراحة يجعلهم لا يختبئون وراء أي شيء".
وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، تحدث مع الصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات الداخلية، إن "السخط ازداد" مع فقدان المسؤولين صبرهم على نتنياهو، وحسابهم للرأي العام، ومشاهدتهم منعطفا مظلما آخر في الحرب - حصار إسرائيلي دام قرابة ثلاثة أشهر على الغذاء والدواء".
وأضاف: "نستمر في رؤية هذه الصور المروعة من غزة. لقد وصلنا إلى نهاية ما يمكننا تحملها. وهذا، في رأيي، مؤشر على شعور أوسع نطاقا في جميع أنحاء أوروبا".
كما أنفق الاتحاد الأوروبي، أكبر مانح دولي للمساعدات للفلسطينيين، مئات الملايين على المساعدات الإنسانية لغزة. لكن إسرائيل احتجزت شاحنات محملة بالمساعدات منذ آذار/ مارس، حيث حذرت الهيئة الرائدة عالميا في أزمات الجوع من أن غزة بأكملها معرضة لخطر المجاعة. ولم يُخفف توزيع بعض الإمدادات في الأيام الأخيرة من حدة الشعور بالقلق.
انتقد مسؤولو الاتحاد الأوروبي الترتيبات التي اتخذتها إسرائيل لتوزيع المساعدات من خلال منظمة خاصة مرتبطة بالحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، متجاوزة الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة - وهو نظام شبّهه مسؤولو المساعدات بنوع من التحكم في السكان.
وقال دبلوماسيون أوروبيون، وفق التقرير، إنه لا توجد خطط لدى الاتحاد الأوروبي لتمرير مساعداته عبر هذه الآلية، التي تحولت في أيامها الأولى إلى فوضى وإطلاق نار إسرائيلي، مع عشرات الإصابات ومشاهد لفلسطينيين يائسين عالقين في خلف الأسلاك الشائكة ينتظرون الطعام.
وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، للصحفيين يوم الأربعاء: "لا يمكن استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح. معظم المساعدات التي أرسلتها أوروبا موجودة بالفعل خلف الحدود ولا تصل إلى الناس. لقد كنا واضحين تماما بشأن عدم دعم أي نوع من خصخصة التوزيع".
في حين أن الولايات المتحدة هي الداعم العسكري الأكبر لإسرائيل، إلا أن الأوروبيين يتمتعون بنفوذ كبير كانوا مترددين في استخدامه. الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وألمانيا هي ثاني أكبر مورد للأسلحة لها.
أقرّ ميرز بأن بلاده كانت أكثر تحفظا في انتقادها لإسرائيل من بعض جيرانها الأوروبيين "لأسباب تاريخية"، فقد أكد القادة الألمان بعد السابع من أكتوبر أن حق إسرائيل في الوجود هو "Staatsräson"، أو مبدأ أساسي من مبادئ الدولة، وربطوه بمسؤولية ألمانيا التاريخية عن الهولوكوست.
الثلاثاء، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول دعمه لإسرائيل، لكنه حذر من أنه لا ينبغي "استغلاله" وأن ألمانيا لن "تُجبر" على التضامن. وألمح إلى التهديد بقطع إمدادات الأسلحة عن إسرائيل بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وبحسب التقرير، فإن فرنسا تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو ما عارضه نتنياهو منذ فترة طويلة. ودعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى تعليق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وفرض حظر على الأسلحة. وفرضت بريطانيا الأسبوع الماضي عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، وانضمت إلى فرنسا وكندا في تحذير إسرائيل بوقف هجومها على غزة.
قال دبلوماسي أوروبي ثان للصحيفة، إنه من الواضح أن إسرائيل تشعر بالضغط، بالنظر إلى "ضغطها النشط للغاية ضد" مراجعة الاتحاد الأوروبي لاتفاقها، الذي يشمل التجارة والحوار السياسي. وقد انتقدت وزارة الخارجية الإسرائيلية قرار الاتحاد الأوروبي هذا الشهر، وقالت إنه "يعكس سوء فهم تام للواقع المعقد".
ستدقق المراجعة فيما إذا كانت مزاعم انتهاكات إسرائيل لقانون حقوق الإنسان تُشكل خرقا لاتفاقها مع الاتحاد الأوروبي. وقد تُجبر النتائج، المتوقعة الشهر المقبل، القادة الأوروبيين على اتخاذ تدابير أكثر صرامة.
وأضاف الدبلوماسي الأوروبي أن بعض الحكومات تعتبر المراجعة بمثابة "إشارة سياسية" لإسرائيل، لكنه أقر بأنه إذا لم تُغير حكومة نتنياهو مسارها "سيستمر الضغط المتزايد من ناخبينا، ومن مواطنينا، للتحرك".
في الوقت الحالي، لا يزال الاتحاد الأوروبي بعيدا عن تحقيق الإجماع اللازم لتعليق العلاقات بالكامل. ومع ذلك، قد تُمرر بعض التدابير الاقتصادية، إذا حظيت بدعم كاف من الدول الأعضاء.
قد تصطدم أي إجراءات عقابية بانقسامات داخل الاتحاد، الذي تختلف دوله الأعضاء الـ 27 اختلافا كبيرا في حساسياتها تجاه الحرب، بدءا من المجر المؤيدة لإسرائيل ووصولا إلى أيرلندا المؤيدة للفلسطينيين.
صرح وزير خارجية بلجيكا، ماكسيم بريفو، في مقابلة مع إحدى المجلات هذا الأسبوع: "رأيي الشخصي هو أنها تشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية. لا أعرف ما هي الأهوال الأخرى التي يجب أن تتكشف قبل أن تُستخدم هذه الكلمة". ودعا إلى فرض عقوبات، لكنه أقر بأن ذلك سيتطلب دعم آخرين لا يشاركونه هذا الرأي.
وعلى الرغم من استعدادهم الآن للتوبيخ واستخدام التهديدات، فإن حلفاء إسرائيل الغربيين يواصلون دعمها عسكريا واقتصاديا، في تحالف يرون أنه يحافظ على مصالحهم في الشرق الأوسط. في الأسبوع الماضي، لم يقدم القادة الأوروبيون سوى دعوات لإجراء تحقيق بعد أن اضطر وفد من الدبلوماسيين الزائرين في الضفة الغربية إلى الفرار من طلقات التحذير الإسرائيلية.
حثت مجموعة من موظفي الاتحاد الأوروبي المجهولين الذين حثوا على زيادة الضغط من أجل وقف إطلاق النار، تحت راية الاتحاد الأوروبي. ورحبت منظمة "موظفو السلام" بقرار التدقيق في اتفاقية التجارة الإسرائيلية، لكنها قالت إن تصريحات الاتحاد الأوروبي بشأن القلق غالبا ما تسفر عن "إجراءات ذات معنى قليلة أو معدومة".
وأضافت في رسالة إلى قيادة الاتحاد: "يأتي هذا القرار الذي طال انتظاره متأخرا بشكل مدمر بالنسبة لآلاف القتلى في غزة".