منير أديب يكتب: دستور مؤقت أم أسلمة دائمة؟ إعلان دستوري يكرس الصلاحيات في يد الرئيس ويستثني المكونات السورية من معادلة الحكم
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أثار توقيع الرئيس السورى المؤقت أحمد الشرع الكثير من المخاوف بعد توقيعه على الإعلان الدستوري، والذى رفضته أغلب المكونات السورية، خاصة وأنّ الإعلان ينص على أسلمة المجتمع السوري، ولا يعترف بباقى المكونات سواء غير العربية أو حتى تلك المختلفة فى العقيدة الدينية والمذهب.
توقيع الرئيس السورى على مسودة الإعلان الدستورى جاء بعد توقيع سابق مع القائد العسكري، مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، على بنود اتفاق يذهب لدمج قواته والتى قد تصل إلى مائة ألف مقاتل مع باقى القوات الأمنية السورية فى دمشق، كما أنه يتيح للسلطة فى دمشق حكم المناطق التى كانت خاضعة للقوات الكردية فى شمال شرق سوريا.
توقيع الإعلان الدستورى قد يكون بداية انقلاب على اتفاق المبادئ مع المكون الكردي، الذى كان يأمل أنّ يكون جزءً من المجتمع السورى العربى دون التخلى عن هويته، كما أنّ الإعلان أثئار المخاوف لدى باقى المكونات السورية، مثئل الدروز والإزيديين والزرادشت وباقى المكونات المختلفة عقائديًا ومذهبيًا وعرقيًا.
الإعلان الدستورى يُلمح إلى توجه القيادة العامة فى سوريا إلى السيطرة الكاملة، وتغيير ملامح المجتمع المتنوع وفق تصورات هذه القيادة، ليست فقط التصورات الإسلامية وإنما الفقهية أيضًا التى يُراد فرضها على المجتمع.
هذه القراءة تخص بنود مسودة الإتفاق وما ترمى إليه ودلالاتها وانعكاسها على المصالحة السورية بعد أحداث الساحل التى راح ضحيتها عدد ضخم من المدنيين على يد قوات الأمن العام والميلشيات المسلحة المتحالفة مع قيادة السلطة الحالية.
دستور إسلامى ورئيس لا يُعزل
مسودة الإعلان الدستورى نصت على أنّ الإسلام هو الدين الرسمى للدولة، ليس هذا فحسب، ولكنها نصت أيضًا على أنّ الفقة الإسلامى هو المصدر الأساسى للتشريع، كما أنها ضمنت بقاء رئيس الجمهورية دون عزل من أى من السلطات الأخرى، وهنا نص الإعلان الدستورى على فترة انتقالية مدتها ٥ سنوات.
حاولت السلطة الحالية تبرير إعلانها بخصوص عدم وجود سلطة أخرى تكون قادرة على عزل الرئيس، بأنّ الشعب هو المخول بهذا العزل! من المفترض أنّ المؤسسات التى يتم إنشاؤها وفق الإعلان الدستورى تكون معبرة عن الشعب، وبالتالى تكون مخولة بعزل الرئيس إذا رأت ذلك، على أنّ تكون هذه المؤسسات معبرة بحق عن الشعب بكل أطيافه.
صحيح البرلمان الذى يتم تدشينه سوف يكون ثلثه معين من قبل إدارة الرئيس أحمد الشرع، إلا أنّ الإعلان لم يخول له قرار العزل، بل لم يكن مطروحًا من أساسه العزل، مع العلم أنّ البرلمان سوف يتم تشكيله من لون واحد بدعوى التوافق، خاصة وأنّ القيادة الحالية بررت تعين الحكومة الحالية من طيف واحد واستثنت كل المكونات السورية، بأنّ الفترة الانتقالية لا بد أنّ يكون فيها التعيين من طيف واحد، حتى يمكن للعالمين التوافق والاتفاق نحو أهداف واحدة، مبرر غير منطقى وسوف يُعاد تكراره مع بقية المؤسسات الأخرى.
وهنا تهدف القيادة العامة فى سوريا إلى تأصيل وجودها وجذورها بحيث يصعب معه أى محاولات لتلاشيها أو استثنائها من المشهد السياسى ربما مستقبلًا، وفى نفس الوقت تهميش باقى الطوائف والمذاهب والمختلفين عقائديًا مع السلطة الحالية، هذا التهميش على المستوى السياسى والاجتماعى أيضًا.
وهنا افترض الإعلان الدستورى أنّ يكون رئيس الجمهورية مسلم، فلم يُراع المواطنة ولم يتم اعتمادها كمرجعية فى التعامل مع الوطنيين وفق الحقوق والواجبات، ولكنه وضع شرط الديانة والعرق حتى يتولى رئاسة البلاد.
لا يمكن للمكونات السورية الأخرى أنّ تقبل بهكذا دستور لا يمثلها، وإنما يُعبر عن المكون العربى ويضع الإسلام شرطًا لتولى رئاسة الدولة، وهنا يحرمها وفق الدستور من حق الترشح أو الفوز بدخول قصر الشعب.
صحيح الموجود مجرد إعلان وليس دستورًا كاملًا متوافقًا عليه، لكنه يُكرس لدستور آخر سوف تكون نصوصه بعيدة عن تمثيل المكونات السورية الأخرى؛ فإذا كان هذا هو الإعلان، فكيف يكون الدستور؟ حتمًا سوف يسير على نفس خطى الإعلان، بل لن يكون معبرًا عن باقى الطوائف السورية الأخرى.
الأزمة الأخرى فى الإعلان الدستورى أنه يعتمد على الفقة الإسلامى كمصدر أساسى للتشريع، وكما هو معروف الفقة هو إنتاج بشرى متغير، مبنى على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، وبالتالى المسلم ليس مُلزمًا بما فهمه الفقهاء، لأن هذا الفهم قد لا يُناسب العصر وقد يكون مناقضًا للنص الديني، الأول متغير والثانى ثابت.
وهنا لا يمكن الاعتماد فى الدستور بشكل أساسى على متغير، خاصة وأننا فى دولة بها مكونات مختلفة مذهبيًا وعرقيًا، كما أنّ هناك نت يدين بديانات أخرى خلاف الإسلام.
يعتمد أغلب الجماعات الدينية على تصور فقهى واحد، تؤول من خلاله النص؛ بمعنى أنّ الذين يرفعون السلاح ويقتلون باسم الدين يستندون إلى فتوى ابن تيمية التى يتحدث فيها عن قتال الطائفة الممتنعة عن تطبيق شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة والمتواترة، والقتال هنا ليس للمنع وإنما لجحد الوجود، مع أنّ الذين أخذو بهذه الفتوى استبعدوا سياقها، والذى كان يُقاتل المسلمين فيها التتار.
وهنا معلوم أنه يتم استنساخ الفتوى وتغيرها زمانًا ومكانًا، وهذا ما يؤكد أنّ الفقه متغير، ولا يمكن أنّ تأخذ ببعض ما فيه فى مجتمع متنوع قد لا يُطيقة، وهنا تم استثناء الشريعة الإسلامية كمصدر أساسى ورئيسى للتشريع أو أحد مصادر التشريع إلى اعتماد الفقة الإسلامي.
وهنا تبدو أغلب البنود الأخرى فى مسودة الإعلان، والتى تنص على حرية التعبير والإعلام والنشر والصحافة لا قيمة لها، كما تبدو ضمان حرية المرأة أمرٌ مشكوك فيه، وهناك رؤى فقهية لا تُسلم بحق المرأة بل تحط من قدرها، وهنا يبدو التناقض فى مواد الإعلان، أو تبدو الدعائية فى طرح عدد من البنود والتى تتعلق بالحرية عمومًا وبحرية المرأة على وجه الخصوص.
خطورة القول، أنّ الرئيس لا يُعزل، وسوف يحكم باسم الفقه المتغير، وهو ما يضع الدولة بكل مكوناتها فى حالة الفوضى، وقد يمهد الطريق أمام نزاع طائفي، خاصة وأنّ السوريين يأملون فى دولة مدنية تحوى كل الطوائف والمذاهب والأديان والعرائق، والإعلان قد خيب آمال وطموحات الشعب السورى أولًا وطموحات كل المكونات السورية ثانيًا.
عروبة سوريا وتمثيل المكونات السورية
لا أحد يختلف على عروبة الدولة السورية، ولكن الاتفاق الذى تم مع المكون الكردى فهم على أنّ الدولة السورية لا تمثل العرب فقط، ولن تكون عربية، لكنها سورية تحوى كل الطوائف الأخرى، مثل الدروز والكرد كمثال، وهو ما أعاد نبرة الرفض من قبل المكونات السورية غير العربية، والتى تُريد أنّ تكون جزءًا من المجتمع العربي، ولكن تحتفظ بهويتها وشخصيتها غير العربية فى نفس الوقت.
لا يوجد تمثل حقيقى للمكونات السورية، خاصة وأنّ الدين والشريعة الإسلامية أو الفقة الإسلامى باتت هى عصب بناء الدولة وفق الإعلان؛ وكان يأمل السوريون أنّ يكون الدستور ومسودته معبرًا عنهم، فلا دين للدولة، ولكنها ترى كل المكونات وتحترم كل الأديان والطوائف المختلفة فيها.
هناك مكونات سورية لا تؤمن بالأديان السماوية، وفق تصورات الفقهاء، وهؤلاء قد تُقام ضدهم الأحكام أو قد يُحاكموا على خلفية معتقدهم، الذى يُخالف الإعلان الدستوري، وقد تكون هناك مواد فى الدستور بعد وضعه تُعبر عن رؤية هذا الفقة لهؤلاء المختلفين.
وهنا تبدو أزمة المشرع ونية السلطة الحالية، التى تُريد أنّ تعصف بكل المختلفين معها وإنّ صرحت بخلاف ذلك، وقد يُعطيها الفقه تصورًا لهذا، فالكثير من الجماعات الدينية تعتمد على رؤية فقهية أكثر من اعتمادها على نص ديني، صحيح الرؤية الفقهية مستنبطة من النص الديني، ولكنها قد تُخالفه أو عفا عنها الزمن ولا أنّ نتحرر منها، وهذا موجود فى أبواب كثيرة فى الفقة.
وهنا يمكن القول، إنّ الإعلان الدستورى قد يمهد الطريق أمام صدام طائفى وقد تكون حرب أهليّه، وفى أحسن الأحوال قد يتكرر المشهد اللبنانى فى سوريا بتنوعاته ويبنى نظام الحكم على المحاصمة، ولذلك أحداث الساحل المأسوية مهدت الطريق للحرب الأهليّة ولعل الإعلان الدستورى مهد باقى الطريق للمصير المجهول.
سيناريوهات غائبة
ما زال الباب مفتوحًا أمام سوريا نحو بناء الدولة، هذا لن يحدث إلا لو تم احترام كل المكونات السورية بلا استثناء، فضلًا عن تمثل هذه المكونات فى الدولة، مسودة الإعلان الدستورى لا تبنئ بذلك والدستور الذى يتم وضعه بعد٥ سنوات لن يختلف كثيرًا عن الإعلان، بل سوف يستثنى كل المكونات بلا استثناء.
الحل الوحيد هو استيعاب كل الطوائف والمذاهب، كما يتم إعلان دولة مدنية يتم احترام قيم المواطنة فيها، فلا تميز لعرق أو دين أو مذهب على الآخر، بل لابد من عدم رفع هذه الشعارات حتى لا يتم جر سوريا إلى حافة الهوية، ما دون ذلك سوف يواجه الحكام الجدد طواحين الهواء ولن يستطيع بناء دولة قوية.
ولذلك نضع السيناريو الأهم والمنطقى والذى تستطيع سوريا من خلال القفز إلى المستقبل وقطع الطريق أمام أى قتنة مذهبية أو طائفية أو عرقية، كما سوف يتم إزالة أى حالة احتقان من القاموس السوري، وهنا تبدو أهمية الدفع بدستور يُعبر عن كل السوريين فى كل مكان من أرضة.
لا بد ألا تُعطى السلطات جميعًا فى يد رئيس الدولة، هناك عبارات فضفاضة، ولكن فى النهاية هناك أزمة من وراء اختطاف الدولة بدعوى الثورة، فالتغيير بهذه الصورة لن يدوم طويلًا، كما أنه يفقد السلطة لحاكمة فى دمشق قدرتها على التغيير، كما أنه يفقدها شرعيتها مع الوقت، وإنّ لم ينزعها أحد على السلطة.
إدراك الخطأ قد يُساعد فى حل المشكلة والقفز بالدولة الوليدة قفزات للأمام، وهو مازال غائبًا عن مدركات القيادة الحالية، وإنّ كنت أرى صعوية تحقيق ذلك، فهو يصل إلى مرحلة الاستحالة، وفق فهمنا للقناعات الأيديولوجية التى يؤمن بها النظام السياسى فى دمشق.
صحيح المستقبل غائم وغامض ولكن يمكن تجاوزه بمستقبل أكثر اشراكًا لو تم اشراك كل الطوائف والمذاهب، ولو عبرت الدولة عن كل مواطنيها وليس على طائفة أخرى، مازالت الفرصة سانحه وما زال الباب مفتوحًا، الوقت ليس فى صالح الاستقرار فى سوريا ولا يجب الاعتماد على سيناريو واحد يتم فرضة بالقوة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الرئيس السوري أحمد الشرع الإعلان الدستوري دستور مؤقت منير أديب المکونات السوریة السلطة الحالیة مسودة الإعلان کل المکونات کل الطوائف خاصة وأن فى سوریا فى دمشق کما أنه على أن التى ی کما أن التى ت
إقرأ أيضاً:
بعد إعلان حكومة "تأسيس"...ما أسباب حالة الانقسام في السودان؟
ألقى إعلان حكومة تحالف السودان الجديد "تأسيس" يوم السبت في مدينة "نيالا" باقليم دارفور، الضوء على حول حالة الانقسام الكبير الذي يعيشه السودان منذ اندلاع الحرب في منتصف ابريل 2023، فما أسباب ذلك الانقسام وما المآلات المحتملة من وجود حكومتين في البلاد في ظل وجود حكومة أخرى في بورتسودان بقيادة الجيش؟.
وعزا مراقبون حالة الانقسام الحالية إلى خمس ممارسات أفرزتها الحرب المستمرة بين الجيش والدعم السريع.
وقال المراقبون إن انتشار خطاب الكراهية، وهجمات طيران الجيش التي أدّت إلى مقتل آلاف المدنيين في دارفور، والمزاعم باستخدام أسلحة محرّمة دوليًا هناك، إضافة إلى قانون "الوجوه الغريبة" الذي استهدف إثنيات دارفورية في مناطق سيطرة الجيش، وحرمان الكثيرين من حق استخراج الأوراق الثبوتية، وخطوتي إقامة الامتحانات القومية وتغيير العملة في مناطق الشمال والوسط والشرق قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار يضمن استفادة سكان غرب السودان من الخطوتين – جميعها عوامل أجّجت "غبنًا شعبيًا" كبيرًا في أجزاء واسعة من إقليمي دارفور وكردفان.
ويأتي هذا في ظل محاولة كل طرف الدفاع عن موقفه؛ ففي حين قال علاء الدين نقد، المتحدث باسم تحالف "السودان الجديد – تأسيس"، إن التحالف يسعى لضمان حقوق "جميع السودانيين"، ملقيًا باللوم على تنظيم الإخوان في محاولة فصل إقليمي دارفور وكردفان، اتهمت وزارة الخارجية في بورتسودان، في بيان يوم الأحد، الأطراف المكوّنة لحكومة "تأسيس" بالانخراط في "مؤامرة للاستيلاء على السلطة".
شرخ إثني
ووفقًا لخالد كودي، الأستاذ في الجامعات الأميركية، فإن ما يتعرض له المدنيون في دارفور وكردفان من حرمان من الحصول على الأوراق الثبوتية، وملاحقتهم بقانون "الوجوه الغريبة"، يُعد انتهاكًا "ينسف مبدأ المواطنة المتساوية ويُعمّق الشرخ الإثني–الجهوي، وبالتالي يُغذّي شعورًا واسعًا بالغبن".
لكن كودي يشير في حديثه إلى موقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن هذه الأفعال ليست السبب الجذري الوحيد، بل هي "تفجيرات جديدة لمرض قديم، هو بنية الدولة المركزية الإثنوقراطية التي راكمت تمييزًا تاريخيًا"، بحسب تعبيره.
ويحذر كودي من أن تؤدي هذه الأفعال التمييزية إلى "تآكل شرعية الوحدة القسرية، ودفع قطاعات متزايدة نحو مطالب الحكم الذاتي أو تقرير المصير".
ويرى أن الحل يكمن في التوافق على رؤية جديدة تستعيد الثقة، عبر تبني نظام ديمقراطي علماني لامركزي، يقوم على العدالة والمساواة الاجتماعية، وتفكيك الطابع العسكري–الأمني للدولة، وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة على أسس مهنية مدنية.
مسار معقد
يلقي مهدي داود الخليفة، وزير الدولة الأسبق بوزارة الخارجية السودانية، باللوم على الحرب الحالية التي أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتعميق الانقسامات السياسية والاجتماعية.
ويشير الوزير السابق إلى أن إعلان حكومة "تأسيس" سيؤدي إلى دخول البلاد في مسار معقّد، ينتهي إما بتسوية تاريخية شاملة، أو بتفكك الدولة السودانية. ويشدد على أن المخرج الوحيد يتمثل في وقفٍ عاجلٍ لإطلاق النار لأغراض إنسانية، "يفتح الطريق أمام حوار وطني شامل لإقامة دولة مدنية تقوم على احترام المواطنة والعدالة، والوصول إلى جيش مهني قومي، بعيدًا عن عسكرة السياسة ومنطق الميليشيات".
ويضيف: "فيما يتعلّق بالسياق السياسي والإقليمي، فإن إعلان حكومة (تأسيس) يعكس حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد، وفشل المبادرات الإقليمية والدولية في إيقاف الحرب، ووضع خارطة طريق سياسية".
ويتوقع الخليفة أن يتعامل المجتمع الدولي مع حكومتي بورتسودان ونيالا كأمر واقع، دون منح أي منهما اعترافًا رسميًا، مع الاكتفاء بالتركيز على الملف الإنساني.
ويشرح رؤيته للموقف الداخلي واكتساب الشعبية بالقول: "رغم فشل الدولة المركزية لعقود، ما زالت الوحدة تمثل قيمة رمزية كبرى في الوعي الجمعي السوداني، مما يجعل أي خطوة نحو حكم موازٍ مثار رفض شعبي. لكن، مع ذلك، فإن استمرار الحرب، وانهيار الخدمات، وفقدان الأمل في حكومة بورتسودان، قد يدفع بعض القوى المحلية لدعم حكومة (تأسيس) كخيار واقعي، لا مبدئي".
شبح الجنوب
تتزايد المخاوف من أن تؤدي الأوضاع الحالية إلى انقسام جديد يعيد إلى الأذهان عملية انفصال الجنوب في عام 2011، والتي جاءت بعد حرب أهلية تُعد الأطول في إفريقيا، إذ استمرت لأكثر من نصف قرن، وفقد السودان بسببها نحو ثلث مساحته.
وتتعزز تلك المخاوف في ظل الأوضاع الميدانية الراهنة؛ ففي حين يسيطر الجيش على العاصمة الخرطوم ومناطق شرق وشمال ووسط البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع على كامل إقليم دارفور (باستثناء مدينة الفاشر)، وأجزاء كبيرة من إقليم كردفان، وهما يشكلان أكثر من 45% من مساحة السودان الحالية، البالغة نحو 1.8 مليون كيلومتر مربع، إذ تبلغ مساحتهما مجتمعتين نحو 870 ألف كيلومتر مربع.
وفي هذا السياق، يرى الصحفي فايز السليك أن تشكيل حكومة ثانية هو تأكيد على ماراثون "البحث عن الشرعية"، مبدياً، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، تخوفه من أن يكون ذلك "بداية لمشروع انقسام إضافي".