معركة بدر.. مدرسة محمد في صناعة التاريخ المكمل للكون
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
معركة بدر
مدرسة محمد في صناعة التاريخ المكمل للكون
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
1
التاريخ لا يصنع الرجال ، وإنما الرجال من يصنعون التاريخ .
وليس في الكون من رجل صنع التاريخ الإنساني بحذق واقتدار مثل سيدنا محمد صل الله عليه وسلم .
فأول ما صنع ، صنع الرجال الذين يصنعون التاريخ للكون قاطبة .
ومن كان في ريب من قولنا هذا ، فالينهض واقفا أمام سيدنا عمر بن الخطاب ، مثالا من أمثلة الرجال الذين صنعهم الرسول بنفسه ليصنعوا معه التاريخ .
جاء في الأثر ، أن راعيين في شعاب الجبال فوق مكة ، قال أحدهما لصاحبه :
” أما علمت أن ذلك الأعسر الأيسر ، قد صار خليفة للمسلمين ؟ ”
” الذي كان يصارع الناس في سوق عكاظ ؟ ”
” نعم ، هو ذاك ”
فقال الراعي :
” أما والله ليوسعنهم خيرا أو ليوسعنهم شرا ”
قال الروائي الطيب صالح في تعليقه على ذلك الحوار :
( وقد أوسعهم خيرا ، حتى أصبح يضرب به المثل في تاريخ الإنسانية ، لأنه منذ أيامه تلك في سوق عكاظ ، حدثت له ثورة روحية زلزلت كيانه ، وثاب إلى المعلم الرباني الذي أدبه فأحسن تأديبه )
وأضاف قائلا :
صار كما وصف أبو عثمان النهدي ( والذي لو شاء أن تنطق قناني هذه نطقت ، لو كان عمر بن الخطاب ميزانا ، ما كان فيه ميط شعرة )
2
رووا أن ابنته حفصة أم المؤمنين قالت له :
” يا أمير المؤمنين . إنه قد أوسع الله في الرزق وفتح عليك الأرض وأكثر من الخير . فلو طعمت طعاما ألين من طعامك ، ولبست لباسا ألين من لباسك ”
فقال لها ” سأخاصمك إلى نفسك . أما تذكرين ما كان رسول الله صل الله عليه وسلم يلقى من شدة العيش ؟ ”
فما زال يذكرها حتى أبكاها ، ثم قال :
” إني والله لئن أستطعت لأشاركنهما عيشهما الشديد ، لعلي ألقى معهما العيش الرخي ” .. عنى بذلك الرسول وأبا بكر .
كان جل همه أن يلحق بصاحبيه ، ويخرج من الدنيا ، كفافا لا له لا عليه وقد اختط لنفسه خطة ، لم يستطعها إلا القليلون ، حتى في ذلك الزمان ، والناس قريبو عهد بمنبع الضوء ، فكيف بنا في هذا الزمان .
وهيهات لنا أن نقترب من تلك الأعالي ! وفقا لتعبير الطيب صالح .
تعجب لذلك الإنسان ، وكل أحواله عجب ، ألا يستقر أبدا ؟
ألا يريح جسده ؟
ألا تغمض عينه ؟
يقفز من بين السطور في كتب التاريخ ، يركض على الصفحات ركضا .
بينما تراه واقفا يعظ في مسجد رسول الله ، إذ هو في بيت المال باركا على ركبتيه ، حاسرا عن رأسه ، مشمرا ساعديه ، يعد ويقسم . ثم إذا هو يجيش الجيوش الجرارة ، ويتابع سير المعارك على بعد آلاف الأميال ، لا تخفى عنه صغيرة ولا كبيرة ، والرسل يغدون ويروحون ، بينه وبين ساحات القتال ، وكأنه وحده ” غرفة عمليات ” .
يتجول في الأسواق يحمل درته ، ويطوف في البوادي ، يعطي بنفسه كل ذي حق حقه في يده .
ثم تجده يسعى في طرقات المدينة في جوف الليل ، مثل طيف رحيم يتصنت على بكاء الأطفال ، وآهات الأيامى ، وشكوى النساء اللائي غاب أزواجهن عنهن في ميادين القتال .
سيدنا عمر بن الخطاب مثال من أمثلة الرجال الذين درسوا في مدرسة باب الفاتح ، المعلم الرباني محمد صل الله عليه وسلم .
فإضاءوا الكون بأنوار التاريخ بإشراقة مظاهر الرقي البشري الجديدة في الكون .
فشرف الوجود لأول مرة بإنسان جديد متوهج بدين الإسلام ، قادر على التضحية النبيلة والجليلة من أجل إعلاء رايته في كل مكان .
3
في السابع عشر من رمضان ، العام الثاني من هجرة الرسول صل اللهعليهوسلم . اليوم الموافق 13 من مارس عام 624 م .
يضع كتاب التاريخ البشري في صفحته أول قاعدة من قواعد الحرب بين فئتين وذلك في موقعة بدر التي وقعت بين المسلمين بقيادة الرسول محمد صل الله عليه وسلم وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي .
وتعد بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة ، وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها ، وبدر بئر مشهورة تقع بين مكة والمدينة المنورة .
وتستمد غزوة بدر أهميتها من أن عدد المسلمين في هذه المعركة قليلا جدا مقارنة بأعداد المشركين ، حيث كان عدد المسلمين 313 رجلا ، وعدد المشركين 950 رجلا ، وقيل أن عدد جيش قريش كان ألفاً ، وكان معهم مئتا فرس يقودونها إلى جانب جمالهم ، ومعهم القيان يضربون بالدفوف ، ويغنين بهجاء المسلمين كما ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية .
وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام ، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون ، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلاً ، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار ، وكان من نتائج غزوة بدر أن قويت شوكة المسلمين .
4
التمعت في معركة بدر معجزة من ألمع معجزات التأييد والنصر للمسلمين ، فقد أمدهم الله فيها بملائكة يقاتلون معهم ، وقاموا بكل ما يمكن أن يكون سببا لنصر المسلمين ، من بشارتهم بالنصر ، ومن تثبيتهم بما ألقوه في قلوبهم من بواعث الأمل والاطمئنان والثبات ، وبما أظهروه للمسلمين من أنهم معانون من الله تعالى ، بل وبما قام بعض الملائكة من الاشتراك الفعلي في القتال ..
وفي ذلك قال الله تعالى : ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ )
– الأنفال : 12 –
وقال تعالى : ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ )
– آل عمران 126 : 123-
وعن سماك الحنفي ( أبو زميل ) ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يقول : حدثني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: ( لما كان يوم بدر نظر رسول الله – صل الله عليه وسلم – إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل نبي الله – صل الله عليه وسلم – القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة ( الجماعة من الناس ) من أهل الإسلام لا تُعْبد في الأرض ، فمازال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ، وقال :
يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله عز وجل :
( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) – الأنفال : 9 – فأمده الله بالملائكة .
وقد أسر رجل قصير من الأنصار العباس بن عبد المطلب ، فقال العباس : ( يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني ، لقد أسرني رجل أجلح (انحسر الشعر عن جانبي رأسه ) من أحسن الناس وجها ، على فرس أبلق – به سواد وبياض – ما أراه في القوم ، فقال الأنصاري :
أنا أسرته يا رسول الله ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسكت فقد أيدك الله تعالى بملك كريم ) رواه البخاري .
وعن أبي داود المازني ـ رضي الله عنه ـ وكان شهد بدرا قال : ( إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه ، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أنه قد قتله غيري )
رواه أحمد .
وعن معاذ بن رفاعة عن أبيه ، وكان أبوه من أهل بدر ، قال :
( جاء جبريل إلى النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ ، قال : من أفضل المسلمين ـ أو كلمة نحوها ـ قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة )
رواه البخاري .
5
يرى المفسرون أن الآيات والأحاديث الواردة والمؤكدة لنزول الملائكة يوم بدر كثيرة ، ومن ثم فإن تحاشي وحرج بعض المسلمين ـ من كُتاب وغيرهم ـ من الإشارة أن الملائكة شاركت المسلمين في بدر في قتال المشركين ، ما هو إلا صورة من مظاهر الهزيمة أمام الفكر المادي الذي لا يؤمن إلا بالمحسوسات .
فالإيمان بالملائكة ركن من أركان إيماننا بالله ، والله ـ عز وجل ـ أعلم بكيفية قتال الملائكة وأدوات حربهم وأفراسهم ، وليس علينا إلا الإيمان والتسليم بما أتانا به الخبر الصادق من كتاب أو سنة .
فإن قيل : ما الحكمة في نزول الملائكة مع أن جبريل وحده قادر على إهلاك المشركين جميعا بأمر الله عز وجل ؟!
أجاب السبكي بقوله :
” وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي ـ صل الله عليه وسلم ـ وأصحابه ، وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش ، رعاية لصور الأسباب وسننها التي أجراها الله تعالى في عباده ، والله تعالى هو فاعل الجميع ” ..
فالإسلام يحفز المسلمين إلى أن يباشروا بأنفسهم إزهاق الباطل والجهاد في سبيل الله ، وأن يهيئوا الأسباب المادية والإيمانية لتحقيق النصر : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ )
– التوبة : 14 –
إن نزول الملائكة من السموات العُلَى إلى الأرض لنصر المؤمنين حدث عظيم ، وثبات راسخ للمؤمنين حينما يوقنون بأنهم ليسوا وحدهم في الميدان ، وأنهم إذا حققوا أسباب النصر واجتنبوا موانعه فإنهم أهل لمدد السماء ، وهذا الشعور يعطيهم جرأة في مقابلة الأعداء ، لبُعد التكافؤ المادي بين جيش الكفار الكبير عدداً القوي إعداداً ، وجيش المؤمنين القليل عدداً الضعيف إعداداً .
وتلك مدرسة سيدنا محمد صل الله عليه وسلم المعلم الرباني الذي أوضح لنا أول شرط من شروط الإنتصار على العدو هو الإنتصار لله في نفسك . إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ـ رضی الله عنه عمر بن الخطاب الله تعالى رسول الله غزوة بدر
إقرأ أيضاً:
دعاء الزلزال كما ورد عن النبي .. ردده وطمئن قلبك
دعاء الزلزال كما ورد عن النبي، شعر سكان القاهرة الكبرى وعدة مناطق ومحافظات من مصر، بهزة أرضية نتيجة زلزال بلغت قوته 6.3 درجة على مقياس ريختر ضرب جزيرة كريت اليونانية اليوم الأربعاء، وفقًا لمركز جي إف زد الألماني لأبحاث علوم الأرض.
دعاء الزلزال كما ورد عن النبي
كان يقول: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك. عندما تحدث بعض المظاهر الطبيعية ، فقد روى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك.
ماذا نقول عند حدوث الزلزالقال الله تعالى "وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا"، لذلك أعلنت دار الإفتاء المصرية عن الأعمال التي يجب فعلها عند الشعور بالفزع والخوف، وهي:
1-الإكثار من الاستغفار.
2-ذكر الله عز وجل.
3-التضرع إلى الله تعالى بالدعاء.
4-دعاء النبي في الشدائد
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي
ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين وأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد الحبيب وعلى آله وصحبه وسلم. اللهم إنا نسألك باسمك الذي فزعت الجن من مخافته، وتزلزلت الأقدام من سطوته، و خرست الافواة من عزته و اقشعرت الجلود من هيبته.
دعاء الزلازل والهزات الأرضية"اللهم أبدل قلقي سكينة وهمي انشراح وسخطي رضا وخوفي طمأنينة وعجزي قدرة وحزني فرح وضيقي سعة وعسري يُسر وضعفي قوة".
"اللهم آمن خوفي واشرح صدري وفرج همي وبدل حزني فرحًا".
" يا رب إني أناجيك من همي وحزني وخوفي وقلقي وألمي وكربي وجرحي وكسرتي فأغثني".
"أعوذ بكلمات الله التامّات من غضبه وعقابه، وشرّ عباده، ومن همزات الشّياطين” اللهم بدل خوفي بأمان وحُزني بفرح وهمي بفرج".
"ربي لجأتُ إليك بحزني، همي ضيقتي وخوفي اللهم فاستبدل كل حزني بسعادة تنسيني بؤسي وقلة حيلتي".
"اللهم ادفع عنا البلاء والبراكين والزلازل، والمحن وجميع الفتن ما ظهر منها وما بطن".
"يا رب آمن خوفي واشرح صدري وفرج همي وبدل حزني فرحًا، وعسري يسرًا يا الله".
"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم".
"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".
"اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك".
وقالت دار الإفتاء المصرية ، إنه لا يوجد في السنة النبوية دعاء يسمي بـ" دعاء الزلازل "، مؤكدة أنه أجمع علماء الدين أنه لم يرد فى السنة النبوية دعاء محدد مستحب قوله عند الزلازل فقط.
وأوضحت “ الإفتاء” في تحديدها ما أفضل دعاء وقت الزلزال؟، أنه ورد في السنة النبوية الشريفة أدعية كثيرة يستحب قولها عند حدوث البلاء ومنها الزلازل، واتفق علماء الفقه والسنة على أن الزلازل والبراكين والكوارث الطبيعية هي من آيات الله عز وجل، العظام في هذا الكون.
وأضافت أن تلك الكوارث التي يبتلي بها الله عز وجل، عباده تذكيرا أو تخويفا أو عقوبة، وعلى الإنسان حين وقوعها أن يتذكر ضعفه وعجزه وافتقاره بين يدي الله تعالي، فيلجأ إليه بالدعاء والتضرع لعل الله عز وجل، يكشف هذا البلاء عنه وعن عموم الناس، وينصح علماء الدين في هذه الحالة بالإكثار من الاستغفار والدعاء والتصدق، وأن يصلي متضرعا إلى الله عز وجل برفع البلاء.
وتابعت: كما ينصح العلماء بترديد قول النبي صلي الله عليه وسلم، والذي كان يردده إذا عصفت العواصف "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " رواه مسلم.
وأشارت إلى أن ما يجب علينا فعله عند الشعور بالفزع هو التضرع بالدعاء والإكثار من الصلاة والاستغفار عند حدوث الزلازل ونحوها، إذ قال الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: " وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا"،
وذكر الفقهاء عن دعاء الفزع من الزلزال، أنه يفضل الإكثار من الاستغفار وذكر الله سبحانه وتعالى مثلما يحدث في الكسوف والخسوف، ويردد الشخص: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به".
ونبهت إلى أن من الأدعية المشهورة والمستحبة فى وقت حدوث البلاء، ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك العفو والعافية، فى الدنيا والآخرة، اللهم إنى أسألك العفو والعافية، فى دينى ودنياى، وأهلى ومالى، اللهم استر عوراتى، وآمن روعاتى، اللهم أحفظني من بين يدى، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقى، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي".
وقال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 282، ط. دار الكتب العلمية): [تُستحبُّ الصَّلاة في كلِّ فزعٍ: كالرِّيح الشَّديدة، والزلزلة، والظلمة، والمطر الدائم؛ لكونها من الأفزاع والأهوال، وقد رُوِي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه صلَّى لزلزلة بالبصرة] اهـ.
وأكد الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 602، ط. دار الكتب العلمية): [يُسنُّ لكلِّ أحد أن يتضرَّع بالدعاء ونحوه عند الزلازل ونحوها؛ كالصَّواعق والرِّيح الشديدة والخسف، وأن يُصلِّي في بيته منفردًا، كما قاله ابن المقري لئلَّا يكون غافلًا؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا عصفت الريح قال: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»] اهـ.
وشددت دار الإفتاء أنه بناءً على ما سبق: فإنَّه يُستحبُّ الدعاء عند وجود ما يُرَوّع الإنسان بالدعاء المذكور؛ فيقول الداعي: هو الله، الله ربي لا شريك له، وأن يفزع لصلاة ركعتين عندها؛ لئلَّا يكون غافلًا عن الله الذي يُفرّج الكروب. أنه لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة النبوية الشريفة دليل على استحباب ذكر أو دعاء معين عند حدوث الزلازل ، ولكن يستحب للمسلم أن يدعو بما شاء ولاسيما الدعاء بأن يصرف الله عنه وعن الناس هذا البلاء.
كما أنه مما يستحب ترديده وقت الزلازل هو:" اللَّهمَّ إنِّى أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، فى الدُّنيا والآخرةِ، اللَّهمَّ إنِّى أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، فى دِينى ودُنياى، وأهلى ومالى، اللَّهمَّ استُرْ عَوراتى، وآمِنْ رَوعاتِى، اللَّهمَّ احفَظْنى من بينِ يدى، ومن خلفى، وعن يمينى، وعن شمالى، ومن فَوقِى، وأعوذُ بعظمتِكَ أن أُغْتَالَ مِن تحتي"، وورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عصفت الريح قال : "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به".