ارتبط رمضان في ذاكرة الكاتب المغربي محمد خلفوف الطفولية بحادث لا يُنسى، عندما كُسِرَتْ رجله أثناء لعب كرة القدم أول أيام رمضان. قضى فترة ما بعد العصر إلى الإفطار برفقة والدته في قسم الطوارئ، بين انتظار الأطباء والجري وراءهم في الممرات والاستماع إلى حكايات المرضى ونصائحهم حول التعامل مع العظام المكسورة.

يقول: "أفطرنا حليباً وتفاحاً وسط مشاهد الحالات الطارئة الصعبة. أمضيت ذلك العام شهر رمضان كله في البيت، لا أغادر السرير، قدمي مُسندة على وسادة، أجلس طوال اليوم أمام التلفزيون. كان تسليتي الوحيدة. غبت عن المدرسة، التي لم أتغيَّب عنها يوماً واحداً أبداً. كان ذلك إحدى ذكريات رمضان التي لا تُنسى".

يؤكد خلفوف أن لرمضان في الزمن الماضي طعماً خاصاً، يشبه مدخل رواية رائعة لنجيب محفوظ، حين كان مجرد الجلوس أمام التلفزيون وتناول الإفطار مع العائلة في حد ذاته احتفالاً بالشهر الكريم. الطقوس الخاصة، كانت تبدأ قبل مجيئه بفترة طويلة، من خلال تبضع مستلزماته. يؤكد أنه لحسن الحظ قضى رمضان في أكثر من مدينة مغربية، من الجنوب إلى الشمال: كلميم، خريبكة، تاونات، فاس، مارتيل، ليشهد طقوس رمضان، وعاداته، وأجواءه.. بدءاً من المعاملات بين الناس وحركة المرور، إلى طعام الإفطار وجلسات المقاهي الليلية.

يفتقد خلفوف في رمضان بساطته، التي كانت تتجلى في أجمل الأشياء: ابتهال ديني بصوت النقشبدي أو محمد منير على التلفزيون، تتر مسلسل مصري بصوت محمد الحلو أو علي الحجار، وقفة الأم في المطبخ، ملل الفصل في آخر حصة دراسية، لعبُ الكرة في الزقاق، إخفاء إفطاره المُرخص هو ورفاقه الصغار عن الصائمين، شنُ غارات على المطبخ لاكتشاف طعام الإفطار، قراءة كتاب أو مجلة قديمة في انتظار آذان المغرب، مقاومة نوم ما بعد الإفطار، تفاخر الصبية في المدرسة بصيام ليلة القدر لأول مرة، الفرحة باقتراب عيد الفطر ونهاية رمضان. يعلق: "كنا نُجل شهر رمضان مثل جدٍّ عزيز. لكن رمضان الآن صار سريعاً، غريباً، مختلفاً، يمر دون أن تشعر به، إيقاع الحياة غيَّرَ طعمه اللذيذ المُقدس في داخلنا، إذ صار مجرد استهلاك صارخ للأكل، والمسلسلات، وتريندات السوشيال ميديا، تشوَّه داخلنا، وتلوَّث بروح الحياة المعاصرة المتسارعة التي ألغت قدسية شهر ليلة القدر ونزول القرآن".

حياة خلفوف لا تكاد تتغيَّر في رمضان، إلا في تفاصيل صغيرة وقليلة. يحب كثيراً الذهاب في مشاوير للتبضع، خصوصاً قبل الإفطار، إلى المكتبة أو سوق الكتب، مشاهدة التلفاز، القراءة، الطبخ، تناول القهوة والحلويات بعد الإفطار، لكنه نادراً ما يكتب في رمضان. يحاول ما أمكن أن يعيش جوَّ رمضان، وإن بشكل شخصي، مُستغلاً كل يوم فيه لخلق روتين، أو اكتشاف نشاط جديد. يتعامل مع كل رمضان على أنه آخر رمضان سيصومه، جامعاً بين الديني والدنيوي، فرمضان بالنسبة له الشهر الذي ليس كمثله شهر.

يتابع خلفوف الدراما بقدر المستطاع خلال الشهر الكريم، ويشاهد الأفلام السينمائية أيضاً. يتابع حالياً أربعة مسلسلات مصرية هي "النُّص"، "أشغال شقة جداً"، "أولاد الشمس"، و"أثينا". يقول إنها مسلسلات تتوفر فيها الشروط المنطقية والفنية للدراما، والكوميديا، والفانتازيا التاريخية، والغموض. ويضيف: "أحب أيضاً إعادة مشاهدة الأعمال التلفزيونية القديمة: مصرية، مغربية، سورية، خليجية، تونسية، مثل "زيزينا"، "الفصول الأربعة"، "جميل وهناء"، "الناس في كفر عسكر"، "طاش ما طاش"، حتى وإن شاهدت حلقة واحدة أعثر عليها صدفة أثناء تقليب قنوات التلفزيون، أو أشاهدها على اليوتيوب. أنا من جيل ارتبط فيه رمضان بالدراما والتلفزيون.

في رمضان يقرأ خلفوف بشكل عشوائي، ليس لديه روتين قراءة معين، لكنه يحب قراءة الروايات أكثر في ذلك الشهر، لسبب يجهله، ويضرب مثلاً بروايات صنع الله إبراهيم، غابرييل غارسيا ماركيز، فرجينيا وولف، جمال الغيطاني، محمد زفزاف، فرجينيا وولف، هاروكي موراكامي، أورهان باموق، ويقول: "إيقاع رمضان يساعد على قراءة الروايات، خصوصاً الضخمة، ذات الحبكات المعقدة، والأزمنة المتداخلة، والشخصيات الكثيرة المتعددة".

ويضيف: "قليلة هي النصوص التي كتبتُها في رمضان، في الغالب أكتب أجزاءً من نصوص طويلة، تحتاج إلى إعادة صياغة أو تنقيح. ليس بسبب طقوس الكتابة التي قد لا تتناسب مع طابع الشهر، فأنا كاتب ضد طقوس الكتابة. فقط أتذكر قصة قصيرة واحدة كتبتها في رمضان، بعنوان "أناهيد"، كتبتها في جلسة واحدة وأنا أشاهد فيلم رعب أمريكي، كانت واحدة من قصصي المميزة. لكن الرغبة في الكتابة لا يمكن مقاومتها سواء في رمضان، أو خارجه".

ويختم تصريحاته قائلاً: "ليس لديًّ دعاء محدد في رمضان، كل الأدعية بالنسبة لي مستجابة في ذلك الشهر، طالما هي خارجة من قلب خاشع صادق متضرع".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی رمضان

إقرأ أيضاً:

بلاغ رسمي ضد محمد رمضان بسبب أغنيته الجديدة: “أنا مافيا.. أنت هلهل”

خاص

أثار المقطع الغنائي الأخير للفنان المصري محمد رمضان، الذي ورد فيه “أنا مافيا.. أنت هلهل”، حالة من الغضب داخل عائلة هلهل، معتبرين أن العبارة تحمل إساءة وانتقاصًا من اسم العائلة.

ومن جانبه، تقدم المحامي أحمد هلهل ببلاغ رسمي إلى النائب العام، موضحًا في تصريحات صحفية: “فوجئنا بأغنية الفنان محمد رمضان وذكره لاسم العائلة، وتقدمنا ببلاغ للنائب العام لتضررنا، الأغنية فيها سخرية وانحطاط وانتقاص من اسم العائلة وإساءة علنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضاف: “الفنان ذكر فيها اسم العائلة بطريقة مهينة، وجاءت في سياق غير معنى هلهل، والتي تعني الترحيب”.

وختم حديثه بالتأكيد على أن العائلة لها امتداد واسع في مختلف المحافظات، وقال: “عيلتنا كبيرة وموجودة في معظم المحافظات، وكتير من الفروع انضموا لينا”.

وكان محمد رمضان طرح أحدث أعماله الغنائية “أنا مافيا أنت هلهل” في 11 يونيو الجاري، عبر مختلف المنصات الغنائية، وتفاعل معها الجمهور بشكل كبير.

مقالات مشابهة

  • بلاغ للنائب العام واعتذار للعائلة.. كلمة في غير محلها تورط محمد رمضان
  • بلاغ رسمي ضد محمد رمضان بسبب أغنيته الجديدة: “أنا مافيا.. أنت هلهل”
  • «لا حرية بلا كرامة».. محمد رمضان يروج لأجدد أعماله السينمائية
  • موعد حفل محمد رمضان وهيفاء وهبي.. بيروت تجمع الثنائي لأول مرة
  • نجوم سودانيون يشاركون في فيلم “أسد” لمحمد رمضان
  • في ذكرى وفاته.. لماذا رفض الشيخ محمد صديق المنشاوي الانضمام للإذاعة؟
  • قرار قضائي بقضية نجل الفنان محمد رمضان.. «التفاصيل»
  • الحكم فى استئناف نجل محمد رمضان المطالب بإلغاء حكم إيداعه دار رعاية 10 يوليو
  • 10 يوليو الحكم في معارضة نجل محمد رمضان على إيداعه دار رعاية
  • عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من الروايات