ما دور العلماء وكيف ينبغي أن تكون علاقتهم بالحكام؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
وحول هذا الموضوع، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة السجدة: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ ۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ" (الآية 24).
وعن دور علماء المسلمين عبر العصور المختلفة في أداء هذه المهمة الجليلة، يقول الدكتور عبد العظيم إن الله سبحانه وتعالى جعل مهمة بلاغ الدين وتعليم الناس وتقديم النموذج والأسوة والقدوة رسالة ووظيفة الأنبياء، وكان العلماء في الأمم وفي المراحل السابقة تحت إمرة الأنبياء، الذين كانوا هم القادة الحقيقيين.
ولما بعث الله سبحانه وتعالى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وقدر أن تنتهي النبوة وترتفع، جعل علماء الأمة هم ورثة الأنبياء. وقد قال صلى الله عليه وسلم إن" العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر" أخذ سهما من سهام النبوة.
وبعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، أصبحت وظيفة العلماء أن يملؤوا شيئا من الفراغ الذي تركه في الأمة وأن يقوموا ببعض وظائف النبوة.
ويعدد وظيفة العلماء في قيادة الناس إلى إنكار المنكر وإلى منع الفساد في الأرض، وإلى إقامة الدين ونظامه العام، ويقول إن العلماء إذا غرقوا في المسائل الفرعية وضيّعوا القضايا الأصلية، تركوا واقع الأمة الحضاري ونهضتها ووحدتها ومنع سرقة ثرواتها لخصومها.
إعلانوتتجاوز عبودية العلماء لله سبحانه وتعالى -كما يقول الدكتور عبد العظيم- إقامة الصلوات وأداء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت إلى تحمل الأمانة الكبرى التي ورثوها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبينما يتسلط الأمراء والحكام على الناس، جعل الله سبحانه وتعالى للعلماء ولاية على قلوب الناس وعقولهم، مشيرا إلى أن العلماء في الأمة الإسلامية ليسوا مجرد أفراد متناثرين، بل مؤسسة اعتبارية اسمها مؤسسة العلماء، وتتجلى في الأمة بأشكال مختلفة، صورة المذهب أو العالم الكبير أو الشيخ والمريد.
ويبيّن أستاذ الفقه الإسلامي -في حديثه لبرنامج "الشريعة والحياة في رمضان"- أنه خلال مراحل التاريخ الإسلامي، كان منوطا بالعالم أن يكون رقيبا للأمة على الحكام، وعينها الباصرة ولسانها ويدها الطائلة في الإنكار على الحكام إذا انحرفوا أو أفسدوا، ولم يخذلوا الأمة فيما انتدبته لهم.
فتنة كبرىولما جاءت هيمنة الدولة والحكام على مؤسسات العلماء وسلبت منهم استقلاليتهم وحولتهم إلى موظفين عموميين دخلت الأمة -يتابع الدكتور عبد العظيم- في فتنة كبرى وصار من العلماء من يباهي بأنه موظف عند الدولة يتقاضى راتبه منها.
وكان العلماء في السابق فطنا لمسألة أن العالم لا يجب أن يكون من أدوات الحاكم، ويضرب الدكتور عبد العظيم مثالا على ذلك بالإمام مالك الذي دعاه أبو جعفر المنصور إلى قصره ليسمع منه العلم، فرد عليه بالقول: "العلم يؤتى إليه ولا يأتي.. من يريد يتفضل إلى مجالسنا ويسمع من العلم..".
ويتأسف أستاذ الفقه الإسلامي لكون العلماء في هذا الزمن صاروا تابعين أحيانا للحكام وأحيانا للأحزاب أو المدارس أو التيارات الفكرية التي نشؤوا فيها أو تربوا عليها، و"أحيانا تكون تبعية العالم للرأي العام الضاغط".
والعالم المسلم هو الذي قال الله سبحانه وتعالى في حقه في سورة الأحزاب: "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا (الآية 39).
إعلانويذكّر الدكتور عبد العظيم بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قد أنذر كل عالِم وحذره حين أخبر أن أول من تُسعّر بهم النار يوم القيامة 3 أشخاص، وأن من هؤلاء الثلاثة عالِما تعلم العلم وقرأ القرآن فيوقفه الله يوم القيامة للحساب.
19/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الدکتور عبد العظیم الله سبحانه وتعالى صلى الله علیه وسلم العلماء فی
إقرأ أيضاً:
هل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: زعم بعض الناس أن قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أصحابه فوجدهم يقرؤون القرآن جماعة، فقال: «هَلَّا كل منكم يناجي رَبَّه في نفسه». فهل هذا حديث صحيح؟ وهل يصحّ الاستدلال به؟
أجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن قراءة القرآن بصورةٍ جماعيةٍ مُنَظَّمَةٍ لا اعتداءَ فيها ولا تشويشَ عند التلاوةِ أو التعليمِ أمرٌ جائز شرعًا،.
ونوهت أن استدلال بعض الناس ببعض ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم استدلالٌ فاسدٌ مقطوع عن الفهم الصحيح، وتحريفٌ لنصوص السنة النبوية الشريفة، وإنما الوارد عنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الإرشاد إلى تنظيم قراءة القرآن؛ بحيث لا يقع تشويش من القُرَّاء بَعضُهُم على بعضٍ أثناء القراءة.
قراءة القرآن بصورة جماعية
وأِوضحت أن الاستدلال بما ذُكر في السؤال على مَنْعِ ما استَقَرَّ عليه عملُ المسلمين مِن قراءة القرآن بصورةٍ جماعيةٍ مُنَظَّمَةٍ لا اعتداءَ فيها ولا تشويشَ عند التلاوةِ أو التعليمِ استدلالٌ فاسدٌ، وتحريفٌ لنصوص السنة النبوية الشريفة.
وإنما الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الإرشاد إلى تنظيم قراءة القرآن فُرَادى؛ كما في حديث أبي حازمٍ التَّمَّارِّ عن الْبَيَاضِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج على الناس وهم يُصَلُّون وقد عَلَتْ أصواتُهُم بالقراءة، فقال: «إن المُصَلِّي يناجي رَبَّه عَزَّ وَجَلَّ، فليَنظر ما يناجيه، ولا يَجهر بَعضُكُم على بعضٍ بالقرآن» رواه مالك في "الموطأ" والإمام أحمد في "مسنده".
ولا يَدُلُّ هذا الحديث على النهي عن القراءة الجماعية المُنَظَّمَة أو الذِّكر الجماعي كما هو حاصلٌ في مساجد المسلمين وبيوتهم عبر القرون، وإنما فيه النهي عن تشويش القُرَّاء بَعضُهُم على بعضٍ بالقراءة؛ فالاعتداء منهي عنه على كل حال.
قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/ 435، ط. دار الكتب العلمية): [لا يُحَبُّ لكلِّ مُصلٍّ يقضي فرضه وإلى جنبه من يعمل مثل عمله أن يُفرطَ في الجهر؛ لئلا يخلط عليه، كما لا يُحَبُّ ذلك لمتنفل إلى جنب متنفل مثله، وإذا كان هذا هكذا فحرام على الناس أن يتحدثوا في المسجد بما يشغل المصلِّي عن صلاته ويخلط عليه قراءته] اهـ.