تخلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نهج "العصا والجزرة"، متجهاً نحو سياسة أكثر تشددًا، كما يظهر في اعتقال أكرم إمام أوغلو وقمع المعارضة، بالتزامن مع تصعيد أمني ضد الأكراد. وعلى الصعيد الإقليمي، عزز نفوذه في سوريا بعد سقوط الأسد، بينما يواجه على الجبهة الداخلية تحدّيات سياسية واقتصادية متزايدة.

اعلان

تشهد تركيا تحولًا ملحوظًا في نهج الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي تخلى عن استراتيجيته السابقة التي كانت تجمع بين الضغوط والتنازلات، متجهاً نحو سياسة صارمة ترتكز على القمع السياسي والتشدد الأمني.

يظهر هذا التوجه بشكل واضح في حملة القمع الأخيرة ضد المعارضة، حيث تم اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز الشخصيات المعارضة، بتهم تتعلق بالفساد والتعاون مع من تصفهم الحكومة بالإرهابيين.

تعتبر هذه الخطوة تصعيدًا كبيرًا ضد المعارضة، التي وصفتها بـ"الانقلاب السياسي" الهادف إلى إقصاء إمام أوغلو عن السباق الانتخابي المقبل، كمرشحٍ قويٍ محتمل، وخصم لا يُستهان بعد أن كادت الساحة تخلو من كل ما من شأنه أن يهدد حكم الرئيس أردوغان بعد وفاة ألدّ أعدائه في السنوات الماضية وهو فتح الله غولن الذي توفى الخريف الماضي في منفاه بالولايات المتحدة.

وقد أثار هذا الاعتقال موجة من الاحتجاجات الداخلية والتنديدات الدولية، حيث يرى أنصاره أن القضية ذات دوافع سياسية تهدف إلى تحييده عن المشهد السياسي، خاصة بعد أن ازدادت شعبيته عقب نجاحه في إدارة بلدية إسطنبول وتقديمه نفسه كبديل قوي لأردوغان. ومن المرجح أن يؤدي هذا التصعيد إلى تعزيز مكانة إمام أوغلو كرمز للمعارضة، مما قد يزيد من التحديات أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم.

Relatedنحو مئة نائب فرنسي ينددون "بسياسة حرب اردوغان" على الأكراداردوغان يهدد مجددًا بعرقلة انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو ماكرون واردوغان يتبادلان الرسائل لتبديد حدة التوتر الأكراد وسياسة اليد الممدودة

بالتزامن مع ذلك، تواصل الحكومة التركية التعامل مع الملف الكردي بقبضة من حديد . إذ رغم إعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) عن استعداده لنزع السلاح كخطوة نحو تحقيق السلام، فإن أردوغان لم يُبدِ اهتمامًا بهذه المبادرة، مما يعكس غياب أي نية رسمية لحل الصراع سياسيًا.

وأكد حزب الشعوب الديمقراطي (DEM) المؤيد للأكراد أن الحكومة لم تقدم أي خطوات ملموسة نحو المصالحة، ما يعكس استمرار السياسة الأمنية المتشددة.

تركيا وسقوط الأسد

وبموازاة هذه الأحداث، كسب أردوغان في الأحداث الإقليمية الأخيرة وصول حلفاء له إلى السلطة في سوريا الجارة، بعد سنوات طويلة من الدعم الذي قدمه للمعارضة المسلحة في هذا البلد، وبعد أن بدا الخيار التركي هناك على وشك الأفول العام الماضي، وتحوّل الضغوط من دمشق نحو أنقرة، مع انفتاح الحكومات العربية في الخليج على إعادة فتح سفاراتها لدى نظام بشار الأسد.

لكن سرعان ما انقلبت الصورة تماما في لحظةٍ إقليمية استثنائية، إذ دعم أردوغان زخماً جديداً تمخّض عن إسقاط نظام الأسد ودخول الجماعات المسلحة إلى دمشق بقيادة أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام. بعدها أصبح أحمد الشرع (أو الجولاني سابقا) الرئيس الانتقالي للسلطة الجديدة في سوريا والتي تبدو في اتجاه سياستها الخارجية متناغمةً بوضوح مع سياسات أردوغان.

وعلى الرغم من ذلك، بقي الوضع الداخلي التركي متوتراً على خلفية حالة الاستقطاب السياسي المتزايد، وعدم استقرار المؤشرات الاقتصادية، والتراجع المستمر لليرة التركية في الأسواق. لتأتي حملة أردوغان على المعارضة فتفجر استقرارا هشاً شهدته البلاد في الأسابيع الأخيرة.

Relatedتطور تاريخي: ماذا تعني دعوة أوجلان حزبه لإلقاء السلاح بالنسبة لتركيا وسوريا؟تركيا: اعتقال 282 شخصًا بينهم صحفيون وسياسيون للاشتباه بارتباطهم بحزب العمال الكردستانيتركيا تصرّ: حل حزب العمال وتسليم سلاحه فورًا!

وعلى الصعيد الدولي، يبدو أن أردوغان يستمد مزيدًا من الجرأة من دعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ومن التحولات الأخيرة في الملف السوري، حيث عزز النفوذَ التركي هناك على حساب الأكراد بعد انسحاب القوات الأميركية من بعض المناطق. هذه العوامل مجتمعة جعلت أردوغان أكثر ثقة في فرض أجندته داخليًا وخارجيًا دون الحاجة إلى تقديم تنازلات.

وتشير هذه التطورات إلى أن أردوغان قد تخلّى نهائيًا عن نهج "العصا والجزرة" الذي كان يستخدمه سابقًا لموازنة سياسته، ليعتمد الآن على "العصا فقط" في مواجهة معارضيه، سواء داخل تركيا أو خارجها، مما ينذر بمزيد من التوترات السياسية والاجتماعية في المرحلة المقبلة.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تركيا: اعتقال 282 شخصًا بينهم صحفيون وسياسيون للاشتباه بارتباطهم بحزب العمال الكردستاني تركيا: التضخم يتراجع للشهر الثامن على التوالي ويسجل أدنى مستوى له منذ منتصف 2023 بعد أكثر من عقد من القطيعة.. تركيا تُعيد فتح قنصليتها في حلب رجب طيب إردوغانتركياحزب العمال الكردستانياعلاناخترنا لكيعرض الآنNext خطة كايا كالاس لدعم أوكرانيا تتعثر في قمة الاتحاد الأوروبي وسط تحفظات سياسية واسعة يعرض الآنNext الجيش السوداني يعلن سيطرته على القصر الرئاسي بعد معارك طاحنة مع قوات الدعم السريع امتدت لأسابيع يعرض الآنNext رفض أوروبي طلب بوتين وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا وأوربان يغرد خارج السرب يعرض الآنNext ثالث حكومة في أقل من عاميْن في تونس.. قيس سعيّد يقيل رئيس الوزراء كمال مدوري يعرض الآنNext ليلة ثانية من الاحتجاجات في إسطنبول تنديدا باعتقال رئيس بلدية المدينة أكرم إمام أوغلو اعلانالاكثر قراءة غزة تنزف من جديد: 85 قتيلا على الأقل في غارات إسرائيلية مكثفة على القطاع والقسام تستهدف تل أبيب وزارة دفاع كوريا الجنوبية: طائرة حربية روسية دخلت منطقة دفاعنا الجوي دون إشعار مسبق بـ5.3 مليون يورو.. بيع "كادابومب أوكامي" أغلى كلب في العالم مظاهرات عارمة احتجاجا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الخصمِ اللدود لأردوغان صاروخ باليستي حوثي في سماء تل أبيب وحالات هلع وتدافع في صفوف السكان اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومروسياقطاع غزةحركة حماسإسرائيلتركياالاتحاد الأوروبيمعارضةعلم النفسرجب طيب إردوغانفولوديمير زيلينسكيسوريابشار الأسدالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: روسيا قطاع غزة حركة حماس إسرائيل تركيا الاتحاد الأوروبي روسيا قطاع غزة حركة حماس إسرائيل تركيا الاتحاد الأوروبي رجب طيب إردوغان تركيا حزب العمال الكردستاني روسيا قطاع غزة حركة حماس إسرائيل تركيا الاتحاد الأوروبي معارضة علم النفس رجب طيب إردوغان فولوديمير زيلينسكي سوريا بشار الأسد یعرض الآنNext إمام أوغلو حزب العمال

إقرأ أيضاً:

سياسة بن بريك تقود ضابط جنوبّي إلى الانتحار

يمانيون |
أقدم أحد الضباط على الانتحار في منطقة يافع بمحافظة لحج، نتيجة استمرار حكومة المرتزقة في قطع المرتبات للشهر الرابع على التوالي، ما تسبب له بضيق معيشة شديد وإحباط عميق.

وقالت المصادر إن العميد حسن قاسم العمري أقدم أمس السبت على الانتحار عن طريق تناول السم، مشيرة إلى أنه تخرج قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية من الأكاديمية العسكرية في روسيا، متخصص في سلاح الصواريخ، وشارك منذ العام 2007 في الحراك الجنوبي.

ويأتي الحادث في ظل استمرار حكومة بن بريك بعدم صرف المرتبات للعسكريين، وسط اتهامات لمسؤوليها بالاستيلاء على خزينة الدولة وتحويل عائداتها لمصالحهم الشخصية، ما يزيد من الأزمة المعيشية في مناطق سيطرتهم.

مقالات مشابهة

  • تركيا.. اعتقال برلماني عن الحزب الحاكم بتهمة “إهانة أردوغان”
  • تحت ضغط الاحتجاجات.. فريق دراجات إسرائيلي يتخلى عن هويته ويُغيّر اسمه
  • أردوغان: تركيا ستبدأ قريبا جدا توليد الكهرباء من محطة “أكويو” النووية
  • الرياضة للجميع يحتفي بيوم «العصا البيضاء»
  • قريباً.. الإفراج عن دميرتاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الكوردي في تركيا
  • أردوغان: تركيا في مقدمة الدول المستثمرة بالطاقة الخضراء
  • ناشونال إنترست: الخوف يدب في أوروبا جراء مسيرات يعتقد أنها روسية
  • سياسة بن بريك تقود ضابط جنوبّي إلى الانتحار
  • إمام أوغلو: “جريمتي هي انتصاراتي”!
  • هل تحقق صورة أردوغان مع أحزاب المعارضة التطبيع السياسي في تركيا؟