غزة- "هي عيشة وموتة واحدة" هكذا تقول الفلسطينية هنادي عبد ربه، التي عادت وأسرتها إلى شمال قطاع غزة قبل نحو شهرين، بعد رحلة نزوح وصفتا بـ"القاسية" امتدت منذ الأسبوع الأول لاندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وعادت هذه المواطنة وأسرتها (7 أفراد) لمنزلهم في اليوم الأول من انسحاب جيش الاحتلال من شارع الرشيد الساحلي، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي.

وتقول عن نزوحها أول مرة من منزلها في بلدة جباليا شمال القطاع إلى جنوبه "كانت غلطة ولن أكررها، أرواحنا عادت لنا عندما عدنا للشمال، ولن ننزح ثانية".

العودة للنزوح وحياة الخيم أمر يرفضه أهل غزة (الجزيرة) تحت القصف

ويشاركها في رفض ترك الديار غزيون كثر، ويتمسكون بالبقاء في منازلهم، ويرفضون الاستجابة لإنذارات النزوح الجديدة التي أصدرها جيش الاحتلال عقب استئنافه الحرب على غزة، فجر الثلاثاء الماضي، وشملت بلدات ومناطق متاخمة للسياج الأمني الإسرائيلي شمال القطاع وجنوبه.

وتشمل الإنذارات بلدات بيت حانون وبيت لاهيا شمال القطاع، وعبسان الكبيرة وعبسان الجديدة وخزاعة وبني سهيلا شرق مدينة خان يونس في جنوبه، ومناطق أخرى قريبة من السياج الأمني المحيط بالقطاع من الناحيتين الشمالية والشرقية.

ولا يقع منزل عبد ربه ضمن نطاق خرائط إنذارات الاحتلال بالإخلاء، لكن هنادي تستشعر الخطر، لوجوده في منطقة متاخمة لبلدة بيت حانون التي كانت مسرحا لعمليات عسكرية للجيش الإسرائيلي.

إعلان

وتقول "سنبقى هنا لآخر لحظة، وإن اضطرتنا الظروف الخطرة للنزوح، فلن نذهب لجنوب القطاع، وسنصمد كما فعل غيرنا بالمرة الأولى".

ومنذ استئناف إسرائيل حربها على القطاع، تخيم أجواء "مرعبة" كما تقول هنادي، خاصة خلال الليل، حيث يُكثف جيش الاحتلال غاراته الجوية والمدفعية، وتضيف "لا مكان آمنا بغزة، وحالنا لم يكن أفضل في الجنوب، حيث القتل بكل مكان، حتى في الخيام ومراكز الإيواء".

علاء حسين عانى في نزوحه تجربة قاسية داخل الخيم ومراكز الإيواء (الجزيرة)

ويشاطرها الرأي الخمسيني علاء حسين، الذي يقيم مع أسرته في مدرسة الرمال غرب مدينة غزة، بعد عودتهم من رحلة نزوح امتدت لشهور طويلة بمدينة خان يونس جنوبي القطاع.

ويقول للجزيرة نت "عدنا للشمال ونعلم أن منزلنا ببلدة بيت حانون مدمر، ولن نعيد النزوح رغم الخطر الشديد، وقبل أيام تساقطت القذائف حول المدرسة".

ويعاني علاء من أمراض مزمنة، ونزح مع أسرته مرات عديدة من مكان لآخر جنوبي القطاع، منذ أن غادر منزله في بيت حانون الأسبوع الأول للحرب الإسرائيلية، ويتابع "كانت تجربة قاسية وصعبة، وتنقلنا في الخيام والمدارس ومراكز الإيواء، وعشنا الموت والجوع، فلماذا نعود ثانية؟".

ماجدة قديح لم تهنأ بوقف الحرب لتعود ثانية وتنهي فرحتها بالاستقرار (الجزيرة) "وجع كبير"

"وين أنزح ووين أروح؟" يتساءل خالد قديح (37 عاما) الذي يقيم و15 فردا من عائلته بمنزل في بلدة عبسان الكبيرة التي تعرضت لقصف إسرائيلي عنيف خلال الأيام الماضية.

ورغم أن منزله يقع ضمن مناطق إنذارات جيش الاحتلال بالإخلاء، إلا أنه يرفض النزوح، ويقول للجزيرة نت "لدي بنات، وليس لي بديل عن منزلي، ولا أريد لهن العودة للحياة في الشوارع والخيام".

وبينما يفضل خالد الصمود مع عائلته في بيته، اضطرت قريبته ماجدة قديح (60 عاما) للنزوح للمرة السابعة من منزلها الذي لا يبعد سوى بضع مئات من الأمتار عن السياج الأمني الإسرائيلي شرق عبسان الكبيرة.

إعلان

وتمتلك هذه المواطنة منزلين متجاورين، دمر الاحتلال أحدهما بدايات الحرب، ولحقت أضرار جزئية بالآخر الذي عادت إليه ماجدة قبل نحو شهرين وأصلحت الأضرار، وتقول للجزيرة نت "فرحنا بوقف إطلاق النار، لكن لم نهدأ أو نستقر، فأنا وحدي بالمنزل، وأبنائي يعيشون خارج غزة".

وبحزن شديد روت ماجدة نزوحها المتكرر، وتضيف "النزوح وجع كبير، والمؤلم أن تخرج من بيتك وأنت لا تعرف أين تذهب".

وفي ظل أزمة المواصلات الحادة نتيجة عدم توفر الوقود جراء إغلاق إسرائيل معابر غزة منذ 2 مارس/آذار الجاري، نزحت ماجدة بقليل من احتياجاتها الأساسية، وسارت بضعة كيلومترات على الأقدام من عبسان الكبيرة حتى مجمع ناصر الطبي غرب خان يونس.

أهالي غزة بمناطق شرق خان يونس يرفضون الاستجابة لإنذارات جيش الاحتلال بالإخلاء (الجزيرة) اتفاق الصمود

ويرجح مصطفى إبراهيم، الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، أن غالبية الغزيين، خاصة سكان مدينة غزة وشمال القطاع، لن يستجيبوا لإنذارات الإخلاء الإسرائيلية، ولن يكرروا النزوح "المرير" نحو الجنوب.

وقد خاض إبراهيم نفسه تجربة النزوح من مدينة غزة نحو مدينة رفح جنوبا بأول أسبوع من الحرب، يقول للجزيرة نت إن من نزحوا كابدوا مشاق كبيرة، واستنزفت الحرب أرواحهم وأموالهم، وأدركوا -بعد 15 شهرا من النزوح المتكرر- أن لا مكان آمنا، وأن الأفضل هو البقاء بمنازلهم ومناطقهم.

ويعتقد أن "هناك ما يشبه العقد الاجتماعي بين الغزيين حاليا، خاصة شمال القطاع، بأنهم لن يكرروا التجربة القاسية وغير الآمنة. وإن أجبرتهم المخاطر على ترك منازلهم، فسيظلون يتحركون داخل نطاقهم الجغرافي، ولن ينزحوا للجنوب".

ويُعزز هذا الموقف لدى الغزيين شمال القطاع أن عودتهم من النزوح الأول طالت، ويخشون ألا تكتب لهم العودة إن نزحوا ثانية وأخلوا مناطق الشمال، خاصة مع تعاظم الحديث عن مخططات التهجير بالأوساط الرسمية الإسرائيلية والأميركية.

إعلان

ويتفق صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، مع الكاتب إبراهيم، ويقول للجزيرة نت إن "إنذارات النزوح لا تجد استجابة واسعة في ضوء ما حدث مرارا خلال شهور الحرب الطويلة من تجارب مشابهة مر بها الغزيون".

ويضيف "الفلسطيني بغزة إنسان، ويميل فطريا نحو الأمان له ولأسرته، ولذلك تجد استجابة لهذه الإنذارات ببعض المناطق الخطرة جدا، مثل بيت حانون، والمناطق المتاخمة للسياج الأمني شرق خان يونس، بفعل كثافة نيران الاحتلال".

بيد أن الملاحظ، وفق عبد العاطي، أن غالبية الغزيين هذه المرة يصرون على البقاء بمنازلهم وخيامهم، ويرفضون النزوح مجددا، ويعلمون أنه لا مكان آمنا تماما في القطاع، وأن كل إنسان على هذه المساحة الجغرافية الصغيرة مُعرض للاستهداف والقتل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جیش الاحتلال شمال القطاع للجزیرة نت بیت حانون خان یونس

إقرأ أيضاً:

اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026

شارك وفد دولة الإمارات العربية المتحدة، في اجتماعات الدورة الثامنة والعشرين للمجلس الوزاري العربي للسياحة، التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد، أمس، حيث شهد الاجتماع اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026، ما يعكس المكانة المتنامية للوجهات السياحية الإماراتية على المستويين العربي والإقليمي. ترأّس الوفد عبدالله أحمد آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد والسياحة، نيابةً عن معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة. وجاء اختيار مدينة العين عاصمة للسياحة العربية لعام 2026، بناءً على توصية المكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للسياحة. ويأتي هذا الاختيار امتداداً للإنجاز الذي حققته المدينة بفوزها بلقب عاصمة السياحة الخليجية لعام 2025، مما عزّز مكانتها وجهة سياحية مميزة، وأكد ما تتمتع به من مقومات طبيعية وتراثية وثقافية، إلى جانب بنية تحتية سياحية متطورة تُرسّخ جاذبيتها وتنافسيتها. وقال معالي عبدالله بن طوق المري، بهذه المناسبة، إن اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026، يُمثل إنجازاً جديداً لدولة الإمارات، ويعكس ما حققته من تطور نوعي، بفضل الرؤية الاستشرافية لقيادتها الرشيدة، التي أدركت مبكراً أن تنمية وتعزيز قطاع السياحة هو استثمار في المستقبل، الأمر الذي أسهم في ترسيخ حضورها المتنامي على الخريطة السياحية الدولية والإقليمية. وأضاف أن هذا الاختيار يتماشى مع التقدم المستمر والإنجازات الإيجابية، التي يشهدها قطاع السياحة الوطني في مختلف إمارات الدولة، ويصبُّ في دعم مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، التي تهدف إلى تعزيز الهوية السياحية الوطنية، وجذب 40 مليون نزيل فندقي سنوياً، ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم بحلول عام 2031، وتطوير منظومة سياحية أكثر تنوعاً واستدامة تقوم على الابتكار، ورفع جودة الخدمات، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص، واستقطاب المزيد من الاستثمارات السياحية. من جهته قال صالح محمد الجزيري، مدير عام السياحة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، إن اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026، يعكس ما تتميز به من تراث عريق، ومواقع ثقافية مُلهمة، ومعالم طبيعية استثنائية، والتي ترسّخ مكانتها وجهةً إقليميةً وعالميةً فريدةً. وأضاف أن هذا الإنجاز يمنح الدائرة دفعة إضافية للمضي قدماً في تحقيق رسالتها الرامية إلى بناء منظومة سياحية متكاملة في منطقة العين، من خلال تعميق أطر الشراكات المحلية والدولية، وتعزيز الاستثمارات في تطوير تجارب متنوعة تجمع بين الأصالة والابتكار، وتُثري حياة أفراد مجتمعها وزوّارها على حد سواء، وتفتح آفاقاً جديدة لتمكين الشباب، وتدعم التنمية المستدامة، بما يتماشى مع «استراتيجية أبوظبي السياحية 2030». وحقق القطاع السياحي في الدولة خلال الفترة الأخيرة مؤشرات ونتائج إيجابية، تعكس الجهود الوطنية والرؤى الاستشرافية لتطويره ودعم استدامته، من أبرزها فوز سعادة شيخة ناصر النويس بمنصب الأمين العام المنتخب لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة للفترة 2026-2029، وفوز قرية مصفوت التابعة لإمارة عجمان بجائزة «أفضل قرية سياحية في العالم» لعام 2025، إلى جانب النمو المستمر في الاستثمارات السياحية، وارتفاع عدد النزلاء الفندقيين والإيرادات الفندقية، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت 257.3 مليار درهم في عام 2024، بنسبة 13% من الاقتصاد الوطني. وخلال اجتماع المجلس الوزاري العربي للسياحة، أكد معالي عبدالله بن طوق المري، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه سعادة عبدالله آل صالح، أن دولة الإمارات، بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، حريصة على دعم الجهود العربية لتطوير قطاع السياحة، باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية، التي تسهم في بناء اقتصاد عربي متنوع ومستدام، وتوفير فرص تنموية واسعة، وإبراز الهوية الثقافية والحضارية للمنطقة. وأشار إلى أن قطاع السياحة العالمي يشهد تحولات متسارعة، تتطلب من الدول العربية تعزيز العمل المشترك، ووضع مبادرات عملية تسهم في الارتقاء بجودة التجربة السياحية العربية، وبناء منظومة متكاملة قادرة على مواكبة الاتجاهات العالمية في هذا القطاع الحيوي. وخلال الاجتماع، قدّم أعضاء المجلس التهنئة إلى دولة الإمارات بمناسبة فوز سعادة شيخة ناصر النويس بمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة للفترة من 2026 إلى 2029، مؤكدين أن هذا الإنجاز يعكس المكانة المتقدمة، التي باتت تحتلها دولة الإمارات على خريطة السياحة العالمية، ودورها الفاعل في دعم جهود تطوير القطاع على المستويين الإقليمي والدولي. وتفصيلاً، شهد اجتماع المجلس مناقشة عدد من الموضوعات، التي تصبُّ في تطوير السياحة العربية المستدامة، وتعزيز السياحة البينية بين الدول العربية، إلى جانب دعم الابتكار السياحي والتحول الرقمي في القطاع، ومناقشة المبادرات المرتبطة بالسياحة الذكية ودورها في تحسين جودة الخدمات وتجارب الزوّار. وتطرق الاجتماع إلى ملفات السياحة الميسّرة لذوي الإعاقة، وحماية التراث الثقافي وتعزيز الجهود الرامية إلى صون المواقع التاريخية والمعالم الحضارية في المنطقة، وتطوير الإحصاءات السياحية العربية، بما يسهم في توفير بيانات دقيقة تدعم صناعة القرار وتطوير السياسات السياحية. وبحث المجلس سُبل تعزيز التعاون العربي المشترك في مجال السياحة العلاجية، وتطوير المنتجات السياحية العربية المشتركة، وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء للارتقاء بمعايير العمل السياحي وتوحيد الجهود في مجالات التدريب وبناء القدرات. وشهد الاجتماع مناقشة عدد من المبادرات الهادفة إلى الترويج للوجهات السياحية العربية وتسليط الضوء على المقومات الثقافية والتراثية التي تزخر بها المنطقة، وإبرازها كوجهات رائدة على خريطة السياحة العالمية.

أخبار ذات صلة إقبال كبير على المشاركة في بطولة الإمارات الوطنية للفنون القتالية المختلطة فتح باب التسجيل لبطولة العين الدولية للجودو المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الصحة الفلسطينية: شهيد برصاص الاحتلال شمال مدينة الخليل بالضفة الغربية واحتجاز جثمانه
  • الإعلام الحكومي: المنخفض كشف عمق الكارثة في غزة وربع مليون نازح تضرروا منه
  • الإعلام الحكومي بغزة: 4 ملايين دولار خسائر المنخفض القطبي "بيرون"
  • الإعلام الحكومي: المنخفض كشّف عمق الكارثة الإنسانية بغزة وخسائره قُدرت بـ4 ملايين $
  • الإعلام الحكومي: المنخفض الجوي كشّف عمق الكارثة الإنسانية بغزة وخسائره قدرت بـ4 ملايين $
  • الإعلام الحكومي: المنخفض الجوي كشّف عمق الكارثة الإنسانية بغزة
  • أوكرانيا تعلن استعادة بلدتين من الجيش الروسي قرب مدينة استراتيجية
  • برد وجوع وانهيارات.. صرخة استغاثة من مخيمات النزوح في غزة
  • اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026
  • بلا خيام وبلا مقومات.. الغزيون يواجهون منخفضا جويا فاقم معاناتهم