يتزايد دور القطاع الخاص في تطوير الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام في الصين، مشيرة إلى أن هذا التحرك يعزز هدف بكين في الاستقلال التكنولوجي عن الغرب ويسهم في تقليص الفجوة مع شركة "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك.

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها إن الصين تدفع صناعتها الفضائية التجارية للنمو في محاولة لتحفيز المزيد من الابتكار، ومن المقرر أن تشهد هذا العام إطلاق رحلات تجريبية لستة صواريخ صينية على الأقل مصممة مع مراعاة القابلية لإعادة الاستخدام.

 

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأ أول موقع إطلاق تجاري في البلاد العمل، فيما تقدم بكين والحكومات المحلية لشركات القطاع الخاص دعماً مالياً بمليارات الدولارات.

وذكرت الصحيفة أن صعود هذه الشركات يُعتبر المرحلة الأحدث في جهود بكين المستمرة لبناء صناعة فضاء محلية مستقلة عن التكنولوجيا الغربية. ولعدة سنوات، اعتبرت الحكومة صناعة الفضاء نموذجًا للنجاح، حيث تطورت شركات التكنولوجيا العالية بشكل كبير دون الاعتماد على المساعدة الخارجية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، من أشباه الموصلات إلى الذكاء الاصطناعي، أصبح أمراً أكثر إلحاحاً مع سعي بكين لبناء "حصن الصين" لتقوية نفسها في تنافسها المتزايد مع الولايات المتحدة.


وأفادت الصحيفة بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ قال خلال اجتماع نادر مع رؤساء تنفيذيين في نوفمبر/ تشرين الثاني إنه يرغب في قطاع خاص تنافسي يدفع النمو والابتكار، وهو النموذج الذي يتم تطبيقه الآن في صناعة الفضاء. وكان مدير شركة "جالاكسي سبيس"، وهي شركة مصنعة للأقمار الصناعية، من بين الرؤساء التنفيذيين الذين التقوا مع شي.

وأضافت الصحيفة أن الصين فتحت صناعة الفضاء أمام الشركات الخاصة في عام 2014، وذكرت لأول مرة في تقرير الحكومة السنوي عن أولوياتها في العام الماضي عن قطاع الفضاء التجاري.

وذكرت أن لينكولن هاينس، أستاذ مساعد في جامعة جورجيا للتكنولوجيا، قال إن بكين كانت قلقة من أنها لن تتمكن من اللحاق بالولايات المتحدة إذا اعتمدت فقط على الشركات المملوكة للدولة.

وبيّنت أنه إذا استمرت الصين في امتلاك هذه الصناعة المدفوعة من قبل الدولة، يمكنها تحقيق إنجازات هائلة مثل الوصول إلى الجانب البعيد من القمر أو إرسال البشر إلى الفضاء، ولكن هل ستكون قادرة على الابتكار والمنافسة مع الولايات المتحدة؟

وأفادت الصحيفة أن الزعيم غير المتنازع عليه في مجال الصواريخ هو "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك، التي مثلت بمفردها أكثر من نصف عمليات الإطلاق المدارية في العالم العام الماضي. 

وتتميز صواريخها "فالكون 9" بوجود مراحل أولية قابلة لإعادة الاستخدام، مما يقلل التكاليف ويسمح لـ "سبيس إكس" بتقديم أسعار أقل لعملائها، وقد حلّقت صواريخها المعززة الأكثر استخداما 26 مرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الشركة تمتلك أكثر من 7,000 قمر صناعي من "ستارلينك" في الخدمة، وفي تشرين الأول/ أكتوبر نجحت في التقاط المعزز الضخم الذي تستخدمه لمركبتها الفضائية "ستارشيب" من المحاولة الأولى، رغم أنها فقدت مركبة "ستارشيب" في أحدث اختبار لها في آذار/ مارس.

وذكرت الصحيفة أن نجاحات "سبيس إكس" ساعدت في إقناع المستثمرين المحتملين بأن الصناعة تتمتع بمستقبل قابل للتطبيق، حسبما قال لان تياني، مؤسس شركة الاستشارات "ألتيميت بلو نيبولا" في بكين. وقال لان: "هذا أمر مهم جداً لأن بيئة التمويل في الصين أكثر تحفظاً مما هي عليه في الولايات المتحدة. كما ساعد ذلك في جذب أشخاص من صناعات أخرى للعمل في الأعمال التجارية المرتبطة بالفضاء".

وأفادت الصحيفة أن الفضاء، الذي كان في البداية مجالاً عسكرياً وعلمياً بالدرجة الأولى، يلعب الآن دوراً متزايداً في الأعمال التجارية. فقد بدأ صانعو الهواتف الذكية بتقديم خدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، مثل وظيفة الاستغاثة في هاتف "آيفون" من "آبل" للطوارئ عندما يكون الشخص خارج نطاق إشارة الهاتف المحمول العادية.


وأضافت الصحيفة أن "لاند سبيس تكنولوجي"، التي أسسها مصرفي سابق، تعتبر شركة رائدة في الصين في مجال الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام. وحققت الشركة أول إنجاز عالمي في 2023 عندما أطلقت صاروخاً يعمل بالوقود السائل من الأوكسجين والميثان، وهو نفس الوقود الذي استخدم لاحقاً في "ستارشيب" التابعة لـ "سبيس إكس". 

كما توجد شركة أخرى هي "أريان سبيس"، التي أسسها ياو سونغ، الذي باع شركته الأولى - وهي شركة ناشئة في مجال الرقائق - مقابل حوالي 250 مليون دولار عندما كان في منتصف العشرينات من عمره.

وذكرت الصحيفة أن هو ليانغ، مؤسس شركة "ديب بلو إيروسبيس"، كان يعمل في "الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية" عندما نجحت "سبيس إكس" في هبوط أحد معززاتها لأول مرة في 2015، مما دفعه للاستقالة وتأسيس شركته الخاصة.

وأضافت الصحيفة أنه بعد عقد من الزمن، تخطط شركته لاختبار استعادة معزز صاروخ "نيبولا-1" بعد رحلة مدارية في وقت لاحق من هذا العام، كما تهدف إلى تشغيل رحلة دون مدار لرواد الفضاء في 2027 وقد باعت تذاكر بأكثر من 100,000 دولار.

وأشارت الصحيفة إلى أن هو يعتقد أن الشركات الصينية قد تواكب "سبيس إكس" بحلول 2030، بينما قال بلين كورسيو، مؤسس "أوربيتال غيتواي كونسالتينغ"، إن هذا سيستغرق وقتاً أطول نظرًا لأن "سبيس إكس" تواصل الابتكار.

وأفادت الصحيفة أن الشركات الصينية، بقيادة الشركات المملوكة للدولة، قد بدأت بالفعل في التنافس على الإطلاقات الدولية. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني، أطلق صاروخ تجاري طورته شركة "سبيس كاس" قمرًا صناعيًّا للاستشعار عن بعد لصالح عمان، وهو أول حمولة دولية لها. وأشار كورسيو إلى أنه يتوقع أن تتنافس شركات القطاع الخاص الصينية مع "سبيس إكس" على عمليات الإطلاق بحلول نهاية هذا العقد.

وبيّنت الصحيفة أنه بعد "سبيس إكس"، كانت الشركة التي أجرت أكبر عدد من الإطلاقات العام الماضي هي "الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية" المملوكة للدولة، حيث نفذت 51 عملية إطلاق مقارنة بـ 134 عملية إطلاق لـ "سبيس إكس"، رغم أن الصواريخ الصينية لم تكن قابلة لإعادة الاستخدام. كما شهدت الصين بعض إخفاقات الإطلاق، بما في ذلك صاروخ طورته شركة "سبيس بايونير" الخاصة الذي أُطلق عن طريق الخطأ وانفجر على تلة، مما ألحق ضرراً ببعض المنازل المجاورة دون وقوع إصابات.


وأضافت الصحيفة أن لدى الصين على الأقل منافسين لـ "ستارلينك" التابعة لـ "سبيس إكس" يُدعى "قوانغ" و"ثاوزند سيلز"، حيث تُدعم الثانية من حكومة شنغهاي وقد وقعت صفقات لتقديم خدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في ماليزيا وكازاخستان والبرازيل.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن هو، الرئيس التنفيذي لشركة "ديب بلو إيروسبيس"، وصف "سبيس إكس" بأنها معلم للصناعة، وأضاف: "لا يزال أمامنا الكثير من العمل للقيام به لمواكبة الطليعة العالمية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الصين الفضاء الولايات المتحدة الولايات المتحدة الصين الفضاء الحكومة الصينية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لإعادة الاستخدام سبیس إکس إلى أن

إقرأ أيضاً:

الصين تطلق مركبة فضائية تقول إنها ستجمع عينات من كويكب بالقرب من المريخ

أعادت الصين في وقت سابق عينات صخرية من الجانب البعيد من القمر إلى الأرض في مهمة تاريخية ورحبت بالتعاون الدولي. اعلان

أطلقت الصين بنجاح مركبة فضائية جديدة في مهمة تهدف إلى جمع عينات من كويكب قريب من المريخ، في خطوة وصفتها إدارة الفضاء الوطنية الصينية بأنها ستسفر عن "اكتشافات رائدة" وتوسيع نطاق معرفة البشرية بالكون.

وأُطلق المسبار "تيانوين-2" صباح يوم الخميس من موقع إطلاق الأقمار الصناعية شيتشانغ بجنوب الصين، على متن صاروخ "لونغ مارش 3-B".

تتضمن مهمة المسبار جمع عينات من الكويكب 2016 HO3، الذي يدور حول الشمس في مدار مستقر قريب من الأرض، واستكشاف المذنب 311P الواقع خلف مدار المريخ. ومن المتوقع أن تعود العينات إلى الأرض خلال عامين تقريباً.

وقال شان تشونغدي، مدير إدارة الفضاء الوطنية الصينية، إن هذه المهمة تمثل "خطوة مهمة في رحلة الصين الجديدة لاستكشاف الكواكب"، مشيراً إلى أن المهمة التي تمتد على مدى عشر سنوات ستكشف عن اكتشافات علمية هامة.

مزيج المسبار الصاعد من مسبار تشانغ اه -6 الذي التقطته مركبة فضائية صغيرة بعد هبوطها على القمر ، 4 يونيو ، 2024AP/CNSA via Xinhua

ومن المقرر أن تعود العينات المستخلصة من الكويكب 2016 HO3 إلى الأرض خلال عامين تقريباً. ويُتوقع أن توفر هذه الكويكبات، التي تم اختيارها لمدارها المستقر نسبياً، أدلة مهمة حول تكوين الأرض، بما في ذلك أصول المياه على سطحها.

وأعادت الصين في وقت سابق عينات صخرية من الجانب البعيد من القمر إلى الأرض، في مهمة وصفت بأنها تاريخية، وأبدت استعدادها للتعاون الدولي في مجال الاستكشاف الفضائي.

ومع ذلك، يظل أي تعاون محتمل مع الولايات المتحدة مرهوناً بإلغاء القانون الأمريكي الذي يحظر التعاون الثنائي المباشر مع وكالة ناسا.

Relatedشاهد | الصين تطلق أربعة أقمار صناعية.. من البحرشاهد: عودة ثلاثة رواد فضاء صينيين بسلام إلى الأرضبعد أن قضوا نصف عام في مدار الكوكب... رواد فضاء صينيون يعودون إلى الأرض

يُذكر أن الجانب القريب من القمر هو ما يمكن رؤيته من الأرض، بينما يواجه الجانب البعيد الفضاء الخارجي، وهو يتميز بوجود جبال وفوهات ارتطام، ويُعد أكثر صعوبة في الوصول مقارنة بالجانب المألوف.

تدير الصين أيضاً محطة الفضاء "تيانغونغ"، والمعروفة باسم "القصر السماوي"، والتي تستضيف ثلاث أفراد، ما يجعل البلاد لاعباً رئيسياً في عصر جديد من استكشاف الفضاء واستخدام المحطات الدائمة لأغراض البحثية والتجريبية. وتأتي هذه الإنجازات في ظل تصميم المحطة بالكامل داخلياً، بعد أن تم استبعاد الصين من المشاركة في محطة الفضاء الدولية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي الأمريكي.

رائد الفضاء الصيني فاي جونلونج يقوم بأنشطة خارج المركبة في محطة تيانغونغ الفضائية التي تدور حولها ، 9 فبراير 2023AP Photo

ويسيطر جيش التحرير الشعبي الصيني، الجناح العسكري للحزب الشيوعي الحاكم، على برنامج الفضاء الوطني. وشهد البرنامج نمواً سريعاً خلال العقدين الماضيين، منذ أن أرسلت الصين أول رائد فضاء إلى الفضاء عام 2003، لتكون ثالث دولة تحقق هذا الإنجاز.

كما نجحت وكالة الفضاء الصينية في إنزال مركبة استكشافية غير مأهونة على سطح المريخ، وإرسال مركبة أخرى إلى الجانب البعيد من القمر.

وتسعى الصين إلى إنزال أول رائد فضاء على سطح القمر قبل حلول عام 2030.

اعلان

إلى جانب ذلك، من المنتظر أن تستهدف بعثة "تيانوين-4" المستقبلية كوكب المشتري، دون أن يتم الإعلان حتى الآن عن تفاصيل دقيقة حول هذه المهمة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الأمريكي : واشنطن لا تسعى إلى حرب أو هيمنة على الصين
  • "فوربس": شركة أمريكية تطور مركبة فضائية للكشف الأسلحة النووية في الأقمار الصناعية
  • الصين تطلق مركبة فضائية تقول إنها ستجمع عينات من كويكب بالقرب من المريخ
  • سباق إلى الفضاء.. الصين تطارد كويكباً لجمع أسرار «النظام الشمسي»
  • طفرة "بيتكوين" تشعل سباق الشركات نحو اقتناء العملات المشفرة
  • الصين تطلق مهمة فضائية لكويكب قريب من الأرض
  • الصين تطلق مهمة فضائية لجمع عينات من كويكب قريب من الأرض
  • هل يرجح ترامب كفة سباق الذكاء الاصطناعي لصالح الصين؟
  • الشركات الأوروبية تُقلص خططها الإستثمارية في الصين على وقع تباطؤ اقتصاد بكين
  • رئيس الوزراء يوجه الجهات المعنية بدراسة سبل تسهيل عمل شركة سبيس اكس (ستارلينك)