لجريدة عمان:
2025-12-14@18:36:41 GMT

ملاحظات أساسية حول الحرب على غزة

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

أوضاع الحرب على غزة تثير لدى المرء أفكارًا عديدة متداخلة ومتضاربة قد تصيبه بحالة من التشويش العقلي، نظرًا لتداخل وتضارب أبعاد هذه الحرب وتأثيراتها على الأوضاع الإقليمية والعالمية أيضًا، سواء من النواحي السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. فمن أين نبد؟ ما الزاوية التي يمكن أن ننظر من خلالها إلى هذه الحرب؟ الحقيقة أنني لا أود هنا الخوض في أي بعد من هذه الأبعاد على حدة، وإنما أريد أن أسوق بعض الملاحظات العامة على ماهية هذه الحرب وتداعياتها.

*لعل القارئ يلاحظ أولًا أنني لا استخدم هنا تعبير «حرب غزة»، وإنما أستخدم عن قصد تعبير «الحرب على غزة»: ذلك أن التعبير الأول -وهو التعبير الشائع والمتداول في وسائط الإعلام- هو تعبير قد يوحي بإقرار السردية القائمة بالفعل، وهي أن هناك حربًا دائرة بين غزة (والمقاومة الفلسطينية عمومًا) وبين إسرائيل منذ قرابة سنة ونصف، وأن هذه الحرب قد اندلعت بسبب هجوم حماس على مواقع إسرائيلية وأسر كثير من الإسرائيليين العسكريين والمدنيين.

وقد تبدو هذه السردية معقولة ومطابقة لواقع الحال وما جرى بالفعل؛ ولكنها مع ذلك ليست صادقة؛ لأنها لا تمثل السبب الحقيقي للحرب الذي يكمن على عمق أبعد من ذلك بكثير: ذلك أن هجوم حماس على غزة في السابع من أكتوبر سنة 2023، ما هو إلا مرحلة جديدة من المقاومة لاحتلال متواصل يشن حربًا لا تهدأ على شعب فلسطين منذ أكثر من سبعين سنة، ليس فقط من خلال اقتطاعه المتواصل لأراض فلسطينية، وإنما أيضًا من خلال تهجير سكانها وتجويعهم وتدمير مساكنهم، والقتل المتعمد للكثير منهم على مر الزمان. ومعنى هذا أن هناك حربًا متواصلة على غزة، وليست مجرد حرب دائرة في غزة في الوقت الراهن.

*لا بد من الإقرار بأن تاريخ 7 أكتوبر هو تاريخ فارق، لا بمعنى أنه مقطوع الصلة بما قبله، وإنما بمعنى أنه يشكل مرحلة جديدة في القضية الفلسطينية، وهذا أمر يمكن الكشف عنه من نواحٍ عديدة. فمن ناحية يمكن القول إن المقاومة على مدى عام ونصف -منذ ذلك التاريخ- قد أظهرت صمودًا قويًّا في مواجهة آلة عسكرية جبارة مدعومة بأحدث الأسلحة الأمريكية؛ وبذلك استطاعت تبديد الأكذوبة الرائجة في وصف الجيش الإسرائيلي بأنه «الجيش الذي لا يُقهَر». وهذا يكشف عن أمر آخر، وهو أن مسألة الانتصار والهزيمة في الحروب لا تحسمها القوة العسكرية وحدها: فمن المسلم به أن المقاومة الفلسطينية تمتلك أسلحة بالغة الضعف والضآلة بالقياس مع أسلحة الجيش الإسرائيلي، ولكن صمود المقاومة قد صنعته أشياء أخرى غير السلاح، وهو ذلك الصمود المدهش للشعب الفلسطيني نفسه وتمسكه بأرضه، رغم كل ما يواجه من موت ودمار وخراب.

*ومن الحقائق الواضحة التي نتجت عن هذه الحرب هي أنها جلبت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي سواء على المستوى السياسي الرسمي أو الإعلامي أو الشعبي، بعد أن كانت القضية الفلسطينية مطمورة في اجتماعات الغرف السياسية أو في دهاليز المؤامرات الدولية. فلأول مرة نجد اهتمامًا شعبيًّا واسعًا عبر العالم بالقضية وبمناصرة حقوق الشعب الفلسطيني، بل نجد اهتمامًا بذلك أيضًا لدى أجيال الشباب والطلبة في العالم الغربي، خاصةً في الولايات المتحدة الأمريكية.

*وقد كشفت لنا هذه الحرب عن المواقف العنصرية في كثير من سياسات الدول الغربية بشأن القضية، وخاصة في سياسة الولايات المتحدة الداعمة بقوة لإسرائيل في نوع من الانحياز العلني الذي يتجاهل كل الحقائق التاريخية والوقائع التي تجري على الأرض.

وإذا تغاضينا عن الحقائق التاريخية، فكيف يمكن لموجود بشري حقيقي أن يتجاهل ما يجري على الأرض في هذه الأيام: هناك مشاهد مروِّعة لأم شهيدة يعلو صدرها جسد طفلتها الشهيدة، ومشاهد لأب يحمل طفله الرضيع في حالة احتضار، وقد بدا الرضيع رافعًا أصابع يديه إلى السماء، وكأنه يستنجد بالله. تلك مشاهد تفوق تصوير بيكاسو لقسوة الهجوم الوحشي على قرية مسالمة من قرى إسبانيا في لوحته الشهيرة «الجيرنيكا»، وتفوق تصوير حالات القسوة والكآبة والموت في لوحات جويا، بل تفوق حتى تصوير شوبنهاور في كتاباته لهول بؤس البشر وعذابهم. وعلى هذا، فإن من ينحازون ضد مثل هؤلاء البشر ليسوا متحيزين فحسب من الناحية السياسية، وإنما هم أيضًا متحيزون بطريقة لا أخلاقية، بل بطريقة لا إنسانية.

*ومن الحقائق التي نتجت عن هذه الحرب وباتت واضحة على الأرض أن مآلات الحرب قد تُفضي إلى مزيد من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والهيمنة بقوة السلاح، ولكن ذلك لن ينهي القضية الفلسطينية وروح المقاومة المتأصلة في طبيعة الشعب الفلسطيني؛ وربما يكون هذا في حد ذاته دافعًا قويًّا لرضوخ إسرائيل والقوى الداعمة لها إلى الأمر والواقع، ومن ثم إلى البحث عن مسار سياسي حقيقي لحل القضية أو حل الدولتين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة هذه الحرب على غزة

إقرأ أيضاً:

برلماني: دعم البحث العلمي والابتكار ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر

قال النائب علي الدسوقي، عضو مجلس النواب، إن دعم البحث العلمي وتعزيز الابتكار يمثلان حجر الزاوية في مسيرة التنمية المستدامة لمصر، مؤكدًا أن الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا هو الطريق الأمثل لتحويل المعرفة إلى حلول عملية تُسهم في تطوير الاقتصاد ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين.

وأضاف الدسوقي في تصريح خاص لـ صدي البلد “إن بناء منظومة قوية للبحث العلمي والابتكار يتطلب تكاتف كافة الجهات المعنية من الحكومة والجامعات والمراكز البحثية والقطاع الخاص، لتوفير بيئة مناسبة تتيح للعلماء والمبتكرين تقديم أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع قابلة للتطبيق والاستثمار.”

ميرفت ألكسان : دعم البحث العلمي والابتكار ركيزة لتحقيق تنمية مستدامةبرلمانية: تعزيز البحث العلمي والابتكار مفتاح مصر لتحقيق التنمية الشاملة وجذب الاستثمارات العالمية

وأشار عضو البرلمان إلى أن مصر تمتلك قدرات كبيرة في مجال البحث العلمي والابتكار، ويجب استغلال هذه الإمكانات لتطوير الصناعات الوطنية، وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري على المستوى الإقليمي والدولي، لافتًا إلى أن دعم الدولة المستمر للباحثين والمبتكرين سيكون له أثر مباشر في تعزيز مكانة مصر كدولة رائدة في العلوم والتكنولوجيا.

شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الجمعية العامة للشراكة بين الأكاديميات (IAP) والمعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث (IRC EXPO2025) بالعاصمة الإدارية الجديدة.

ويُعد هذا الحدث الأول من نوعه في العالم العربي، ويجمع نخبة من الأكاديميين والخبراء وصناع القرار من أكثر من 140 أكاديمية حول العالم، بهدف تعزيز التعاون العلمي والابتكار وتحويل نتائج البحث العلمي إلى منتجات وخدمات قابلة للتطبيق والاستثمار.

وتأتي الفعاليات في إطار استراتيجية مصر 2030 للتعليم العالي والبحث العلمي، وتأكيدًا على دور البحث العلمي والابتكار في تحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد المعرفة. ويضم المعرض الدولي للبحوث منصة للتواصل المباشر بين الباحثين والمستثمرين والصناعة، فيما تركز الجمعية العامة للأكاديميات على تطوير السياسات العلمية وتعزيز التواصل بين المؤسسات الأكاديمية وصناع القرار.

كما تتيح مبادرة "تحالف وتنمية" التي أطلقتها الدولة تأسيس شراكات بين الجامعات والمراكز البحثية والشركات الصناعية لتحويل الأفكار البحثية إلى حلول عملية ومشروعات قابلة للنمو، بما يعزز الاقتصاد الوطني ويرسخ مكانة مصر كمركز عالمي للتعاون العلمي والابتكار.

طباعة شارك دعم البحث العلمي تحقيق التنمية المستدامة الاقتصاد الوطني وتعزيز الابتكار مجلس النواب حجر الزاوية المستدامة لمصر

مقالات مشابهة

  • العليمي يرفض إجراءات الانتقالي ويؤكد عدالة القضية الجنوبية
  • اقتصاديات المحافظات.. وإدارة المخاطر المستقبلية
  • الأحرار الفلسطينية”: انطلاقة حركة “حماس” شكلت علامة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية
  • خليل الحية: طوفان الأقصى كسر الردع الإسرائيلي وأعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة
  • الشيخ حسن عبد النبي لمتسابق: مفيش أي أخطاء عليه ولا ملاحظات
  • ثورة ديسمبر بوصفها مشروعًا لبناء وطن جديد بين الجهاد المدني وإعادة تأسيس الدولة
  • نجحت الصين وفشلت أمريكا
  • «الهيئة الدولية لدعم فلسطين»: حماية «الأونروا» في غزة واجب للحفاظ على القضية الفلسطينية
  • أربعة تغييرات أساسية تحمي القلب من النوبات
  • برلماني: دعم البحث العلمي والابتكار ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر