من : د. سمير عبيد ..

حين جلست إلى الحمار. .. فجلست الحقيقة أمامي !.
١-كان يوماً عادياً حين قررت أن أهرب من ضجيج المدينة . لا أريد صراخ الساسة، ولا مواعظ المتكلفين، ولا خطب رجال الدين المنافقين، ولا مقالات المحللين، ولا زيف من يدّعون الحكمة، ولا دجل المتاجرين بالوطن والدين . كنت أبحث عن شيء صادق… ولو للحظة واحدة !
٢-وصلتُ إلى حقلٍ هادئ، وجدتُ فيه حمارًا مربوطًا إلى شجرة.

اقتربتُ منه، لا أعلم لماذا… شيءٌ ما في عينيه جذبني، كأن فيهما دعوة صامتة للحوار.فجلستُ على حجرٍ قريب منه، *وقلتُ:
“يا صديقي… يضحكون عليك، ويقولون إنك غبي. هل أنت كذلك فعلاً؟”
نظر إليّ طويلاً… ثم حرّك رأسه بهدوء، كأنما يبتسم، وقال:
“لم أطلب يومًا من أحد أن أكون ذكياً… لكني لم أكذب قط ، ولم أخن قط ، ولم أؤذِ أحدًا. فهل الغباء أن أكون كما أنا؟ أم أن أعيش بوجهين وأتظاهر بما لستُ عليه؟”
*قلت له:
“لكنهم يرونك بلا قيمة، مجرد وسيلة لحمل الأثقال!”
فأجابني بنبرة الصمت الحكيم:
“أنا لا أتكلم كثيرًا، لكني أحمل كثيرًا… هم يتكلمون كثيرًا، ولا يحملون شيئًا.”

*قلت له:
“ألا تتعب؟ من كل هذا؟ من الصمت؟ من البلاء، من الأثقال ؟”
هزّ رأسه وقال:
“التعب جزء من الحياة، لكنه لا يكسرني… البلاء لا يقتل من يقبله، بل من يقاومه بالكذب. أنا أُبتلى بالصمت، وبثقل الظهر، لكن لم أُبتلَ بالخيانة، ولا بالغدر، ولا بالجشع… وهذا عزائي.”
*سألته:
“وما رأيك في الحياة؟”
قال:
“الحياة ليست سهلة، لكن صعوبتها لا تُبرّر للإنسان أن يتحول إلى ذئب. ولا تصفق لمن يغتال عقلك ومستقبلك وطموحك . أنا حمار… لكني لم أفترس، ولم أخدع، ولم أتنافس على منصب، ولم أحمل حقداً على أحد.”

٣-فكرتُ في كلامه… وتذكرت وجوهًا كثيرة:
رجل دين يتحدث عن التواضع، لكنه لا يسمح لأحد أن ينتقده.
سياسي يصرخ باسم الشعب، وهو ينهش في ثرواتهم.
شابٌ يضحك على الحمار، لكنه لا يعرف من هو، ولا إلى أين يمضي وليس لديه دراية بصنع مستقبلة .
٤-*سألته:
“وهل عرفتَ الحب؟”
ابتسم ابتسامة خفيفة، وقال:
“أحببتُ كثيراً… أحببتُ الأرض التي أمشي عليها، وأحببتُ الناس الذين سامحوني حين قسوا عليّ، وأحببتُ البسطاء الذين أعطوني ماء دون أن يسألوا عن نسبي. الحب… ليس كما تتحدثون عنه في أغانيكم وأشعاركم ، الحب أن تبقى وفياً حتى حين تُنسى، أن تكون لطيفًا حتى حين يُساء فهمك.”

٥-*قلت له:
“هل تشتاق أن تكون شيئًا آخر؟”
قال:
“لو خُيّرت… لبقيت كما أنا. لا أعجبني عيون البشر التي ترى الشكل وتنسى الجوهر، ولا أعجبني صراعاتهم التي تبدأ من كلمة وتنتهي بسفك دم. أنا حمار… لا أغير وجهي، ولا لساني، ولا موقفي. ومن يعرفني… يعرفني تمامًا.”

سكتُّ… ولم أجد ما أضيفه.

٥- ثم التفت إليّ وقال:
“تذكّر… لا تسألني لماذا أُخلق حماراً، بل اسأل نفسك: لماذا لم تعد إنساناً؟”
قمتُ من مكاني، وهممتُ بالرحيل، فقال لي:
“أنت تبحث عن الحقيقة… وقد تجدها أحياناً حيث لا تتوقع. في حجرٍ، في فقير، أو حتى… في حمار.”

٦-نظرتُ إليه طويلاً، ثم انحنيتُ باحترام، ومضيتُ.
وفي داخلي، شعرتُ أنني لم أُقابل حمارًا… بل ضميرًا حيًّا، نقيًا، علّمني أكثر مما تعلمتُ في كل فصول الحياة.

واخيراً !

هنيئاً للحمار لم يُحاسَب ولم يُخرى مثلما نحن البشر يوم نقف أمام محكمة خالقنا الكريم .. ويا للخزي والفضائح حينها !

منقول سمير عبيد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

الوزير السابق بوليف لي شرا فيلا بقرض بنكي يهاجم التوفيق بسبب “الفوائد”

زنقة 20 | الرباط

أثار نجيب بوليف، الوزير المنتدب في النقل سابقا، عن حزب العدالة والتنمية، الجدل بعد نشره لتدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، هاجم فيه وزير الاوقاف احمد التوفيق بسبب تصريحات صدرت عن الاخير حول الفوائد البنكية.

وكتب بوليف على صفحته الفايسبوكية : “سؤال لوزير الأوقاف بعد خرجته الأخيرة خلال المنتدى 23 حول الاستقرار المالي الإسلامي:إذا كانت الفوائد البنكية التقليدية “حلالا”، لماذا تخضع إذن المنتجات البنكية التشاركية/الإسلامية” لرأي المجلس العلمي الأعلى؟؟؟فالكل، حسب رأيك سواء”.

و خرج وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أمس الخميس بتصريحات جريئة في الرباط، خلال المنتدى الـ23 للاستقرار المالي الإسلامي، وقال أن “الفوائد ماشي مسألة تعبد، بل عقد تراضي بين الناس شرط ان يكون مبنيا على العدل ولا يتحول لأداة حيف واستغلال”.

التوفيق أوضح أن القروض أمر ضروري في حياة الناس، ولكن عندما تتحوّل لوسيلة لاستغلال حاجة المواطنين، يتحول الى ظلم بيّن، ويساهم في تفقير الناس وإهانة كرامتهم.

وقال: “الإسلام منحنا نظاما ماليا متكاملا، يجمع بين القيم الروحية والقواعد العملية، لحماية الإنسان ويحافظ على كرامته.”

و استشهد التوفيق بمقولة الفيلسوف الإغريقي أرسطو، الذي كان يرفض القروض الربوية، و التي قال فيها “النقود لا تلد”، بمعنى أنها لا يجب أن تصبح وسيلة لتوليد الربح بشكل مبالغ فيه، وهو ما يدفع الناس للديون والاستعباد.

و أكمل الوزير، مؤكداً أن القرآن الكريم لم يحرم الربا إلا من باب العبادة، ولكي يحقق العدل ويحمي الناس من الظلم والجشع.

التوفيق زاد بالقول : “المال وسيلة للتداول والإنفاق، وليس للتكديس والسيطرة على رقاب الناس”.

هجوم بوليف على التوفيق ، أعاد إلى الأذهان إقدامه حينما كان وزيرا على اللجوء إلى الأبناك لشراء فيلا فاخرة مساحتها 380 متر مربع في أرقى أحياء تمارة قرب الرباط.

مقالات مشابهة

  • أيمن سماوي، “تعالوا نُكمل الحكاية”. في حديث مع المدير التنفيذي لمهرجان جرش للثقافة والفنون
  • الوزير السابق بوليف لي شرا فيلا بقرض بنكي يهاجم التوفيق بسبب “الفوائد”
  • تعزيزًا لجودة الحياة وصحة المجتمع.. إطلاق مبادرة “جدة تمشي” بعدد من المماشي العامة بالمحافظة
  • حرائق كبيرة في غابات “إزمير” التركية
  • طفل يفارق الحياة بعد أيام من السباحة في عمّان وتحذيرات من “الغرق الجاف”!
  • مجمع الملك سلمان ومركز تنمية الحياة الفطرية يطلقان معجم “مصطلحات الحياة الفطرية”
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية يطلقان معجم “مصطلحات الحياة الفطرية”
  • “رياضة عسير” تسجّل حضورًا لافتًا في الصيف بمبادرات مجتمعية لتعزيز نمط الحياة
  • معضلة أمام مفتشي “الطاقة الذرية” في إيران والسبب أميركا
  • في ظل حديث “التطبيع” .. رئيس أركان إسرائيل ينتهك أراضي سوريا