مكتبة مصر العامة بالدقي تناقش كتاب نجيب محفوظ شرقًا وغربًا
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
تنظم مكتبة مصر العامة الرئيسية بالدقي، برئاسة السفير عبد الرؤوف الريدي، في الرابعة عصر يوم الأربعاء المقبل، 16 أبريل الجاري، ندوة لمناقشة كتاب «نجيب محفوظ شرقًا وغربًا»، وذلك يوم الأربعاء الموافق 16 أبريل 2025 في تمام الرابعة عصرًا، بقاعة الندوات بالدور الثالث بمقر المكتبة في الجيزة.
ويشارك في الندوة نخبة من الأدباء والنقاد، من بينهم الدكتور حسين حمودة، والدكتور محمود الشنواني، والروائي ناصر عراق، والناقد مصطفى عبد الله، كما يحضر اللقاء السفير رضا الطايفي، مدير صندوق مكتبات مصر العامة.
تأتي الندوة في إطار حرص مكتبة مصر العامة على دعم الحوار الثقافي وتسليط الضوء على رموز الأدب المصري، حيث يُعد نجيب محفوظ أحد أعلام الرواية العربية الحاصل على جائزة نوبل في الأدب، ويُناقش الكتاب أبعاد تأثيره الثقافي بين الشرق والغرب.
كتاب «نجيب محفوظ شرقًا وغربًا» يضم عدد من كتابات كتاب ونقاد من مختلف الدول مثل مصر، السعودية، الإمارات، تونس، الجزائر، أمريكا، بريطانيا، فرنسا وسويسرا، وهم: صبري حافظ، حسين حمودة، السيد فضل، رشا صالح، أحمد درويش، أحمد حسن صبرة، شريف مليكة، فوزية العشماوي، عبدالبديع عبدالله، ناصر عراق، أحمد فضل شبلول، أحمد كمال زكي، سامي البحيري، محمود الشنواني، مصطفى عبدالله، روجر ألن، ريموند ستوك، محمد آيت ميهوب، عبدالقادر فيدوح. فمن خلال الكتاب نتعرف على نجيب حفوظ من وجهة نظرهم أو كما يرونه.
ويضم الكتاب، بحسب ماجاء على ظهر الغلاف، مجموعة من الدراسات والشهادات التي تدور حول نجيب محفوظ الكاتب والإنسان، ومنها: كتب الدكتور صبري حافظ دراسة بانورامية عن حركة ترجمة الأدب العربي إلى لغات العالم وكيف تغير إيقاعها بفضل تتويج “محفوظ” بجائزة نوبل، ويكتب الناقد الأمريكي روجر ألن عن أهمية إبداع محفوظ على المستوى العالمي، وهو يُطلعنا على الرسائل المتبادلة بينهما، بينما يتناول الأمريكي ريموند ستوك تجربته مع ترجمة قصص محفوظ القصيرة إلى الإنجليزية، أما الدكتور حسين حمودة فيتوقف أمام فكرة «العتبة» على المستويين الحرفي والمجازي في روايات نجيب محفوظ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مكتبة مصر العامة الرئيسية حسين حمودة المزيد نجیب محفوظ مصر العامة
إقرأ أيضاً:
الزمن المفقود.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
الأدب مرآة مجتمعه، فلا يوجد أدب قوي في دولة ضعيفة، والعكس صحيح. لقد كان انعكاسا حقيقيا لنهضة السوفيات ومعبرا عن نهضة الروس، ليصبحوا واحدة من أكبر القوى العالمية في القرن العشرين. ثم جاء الأدب الأميركي ليكون ترجمة طبيعية لقوة الدولة وصورة حقيقية عن تفوقها، وما زال الأدب الأوروبي معبرا عن تفوق الغرب وتقدمه. وكان أدب أميركا اللاتينية الحديث مقدمة لتحرير دول هذه المنطقة من عقال الهيمنة والفساد إلى الديمقراطية وإصلاح الدولة.
والآن يشهد العالم نهوضا صينيا عظيما، ويواكب هذه النهضة الاقتصادية ارتقاء أدبي رفيع. ولأن دول العالم الثالث ما زالت تدور في فلك الغرب المعادي لكل ما هو شرق، مقتفية آثار غبار "الميديا" الغربية لطمس العيون فلا ترى حقيقة تقدم الأدب الصيني واعتلائه ربى سامقة في الآداب الإنسانية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"فيلة صغيرة في بيت كبير" لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميلlist 2 of 2الدكتور حلمي القاعود فارس الهوية والأصالةend of listوحديثا جاء الاعتراف بالأدب الصيني من الغرب نفسه، اعترافا بجدارته وحيويته وعمق محتواه، وهناك سباق شرس لترجمة الأدب الصيني إلى كل لغات العالم.
ورغم الصلات والعلاقات العربية الصينية القديمة على طول التاريخ، التي أدت إلى احتضان الصين الدين الإسلامي في مناطق كثيرة من ربوعها، فإن ترجمة الآداب الصينية لم تكن على نفس مستوى العلاقات البينية. ومع النهضة الحديثة له، تولدت حركة ترجمة كبيرة للأدب الصيني في البلاد العربية.
ولن يتسع المجال هنا لرصد كل الترجمات العربية للأدب الصيني، ولكن في العام الماضي كانت رواية "الزمن المفقود" للصيني وانغ شياو بو الأكثر قراءة في العالم العربي على تطبيق "أبجد". وهي من الروايات القليلة التي كسرت حاجز الرهبة بين القارئ العربي والثقافة الصينية.
وتحقق في تلك الرواية مجموعة من السمات رفعت من إقبال المتلقي العربي عليها، أبرزها: أن الحدوتة فيها قوية، وفكرة الجنون أو فلسفة الصعاليك موجودة، وأبطالها من أبناء الشعب العاديين، ومن الممكن للمتلقي العربي أن يتخيل أنه أحدهم. وكل هذه العوامل أو السمات ساعدت المتلقي العربي على أن يعيش داخل أجواء الرواية.
رواية "الزمن المفقود" موضوعها سنوات الثورة الثقافية في الصين -منتصف الستينيات وحتى منتصف السبعينيات- أو ما يطلق عليها "سنوات الصين السوداء" في العصر الحديث. وهي تحكي عن الزمن المفقود للرجل الذي يحاول أن يكون بطلا لكنه يسقط في النهاية بلا بطولة أو إنسانية. وتجري الأحداث لما بعد الثورة الثقافية حيث تمزج الرواية بين البطولة الفردية والقومية.
إعلانويعد الروائي الصيني وانغ شياو بو أشهر من كتب عن الحب والسياسة في الأدب الصيني، وبحسب الأرقام فهو من أكثر كتاب العالم تأثيرا. وهو أيضا الملهم والملك المتوج بالصين على قلوب الشباب ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وقد توقف قلبه فجأة وهو بالأربعينيات من عمره سنة 1997، وبرغم رحيله المبكر فهو ينافس الأحياء من الأدباء على لافتات الأكثر مبيعا في الصين.
ويعد الصينيون وانغ أعظم من كتب سردا ونثرا وشعرا بالصينية في العصر الحديث، وهو من اقتحم الدروب السرية للنفس البشرية ففضحها بلطف ثم عالجها بعنف. ويكتب عن الحب فيجبرك على التفكير في السياسة، ويكتب عن العلاقات الإنسانية فتفكر في مغزى الحياة وتناقضاتها.
وأنت تقرأ الرواية تشعر أنها ليست بعيدة عنك، مثلها مثل رواية 100 عام من العزلة، تستطيع أن تتخيل نفسك واحدا من شخصيات ماكوندو، وتعيش نفس أجوائها. وقد منعت الرواية في البداية ثم نشرت في هونغ كونغ، ثم نشرت بعد وفاة المؤلف بالصين، وحتى الآن لا تنقطع إعادة طباعتها عدة مرات في العام الواحد.
ورواية الزمن المفقود نزلت إلى الشارع الصيني المزدحم تعبر عن أبناء الشعب في أدق تفاصيلهم الحياتية، محتفظة في ذات الوقت بالعمق السردي، بعد أن تخلصت من إيثار الحكمة والغموض الفلسفي الذي تتميز به الرواية الصينية.
وعلى العكس، عندما تقرأ رواية "الذرة الرفيعة الحمراء" للكاتب مو يان، الحائز جائزة نوبل عام 2012، التي يسرد فيها لمحات من تاريخ الريف الصيني في ظل الغزو الياباني للصين من عام 1937-1945، تشعر وأنت تقرأها كأنك خارج أجواء الرواية، وهذه صفة يتسم بها الأدب الصيني بشكل عام.
ومع أن رواية "الزمن المفقود" منعت بعض الوقت في الصين، فإنها كانت تباع في تايوان، ومؤلفات وانغ شياو بو هي الأكثر تأثيرا على مواليد الثمانينيات والتسعينيات في الصين. وبرغم رحيله المبكر عام 1997 وهو دون الـ45 من عمره، فأعماله تطبع كل عام وتباع بأرقام خرافية، ومقالاته مؤثرة جدا، منها كتاب "الأغلبية الصامتة" الذي يعتبر "إنجيل الصينيين".
ورواية "الزمن المفقود" من ترجمة الدكتور أحمد السعيد الخبير بالشأن الصيني، والأستاذ الزائر بجامعة الاتصالات الصينية، والرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة الذي التقيناه لنحلق معه في الوضع الثقافي الصيني ونعرف من خلاله أين العرب من الثقافة الصينية، وكيف عبرت الثقافة عن طموحات ومستقبل الشعب الصيني.
لماذا لا نرى الأدب الصيني في المنطقة العربية مقارنة بانتشاره بالغرب وبقية أنحاء العالم؟– ما يحدد معايير انتشار الأدب المترجم في المنطقة العربية هو الذائقة الغربية، وليست الذائقة العربية. ولما يكون الكاتب مشهورا في اللغة الإنجليزية، تكون فرصته أكبر في الانتشار بالعربية أو اللغات الأخرى، التي هي لغات المفعول به، وليست لغات الفاعل. وأضرب لك مثالا بالكاتب الياباني هاروكي موراكامي، فلأنه يكتب بالإنجليزية أصبح مشهورا في بريطانيا، ونحن في مصر وفي المنطقة بالكامل لم نعرفه على أنه ياباني، بل عرفناه لأنه مشهور في الغرب.
إعلانوالأمر الآخر لعدم انتشار الأدب الصيني كما ينبغي هو القطيعة الثقافية التي حدثت بين الصين والعالم بعد الثورة الصناعية أواخر السبعينيات، ثم بدأت الصين تركز على البناء الاقتصادي للدولة، فلم تهتم بإحياء حركة جيدة للأدب الصيني، فضلا عن أن الأدب الصيني شديد العمق لأنه أدب فلسفي، والقارئ العادي المعتاد على قراءة "سوشيال ميديا" ستكون درجة تلقيه للأدب الصيني غير مريحة.
وأيضا هو أدب مثقل بكثير من الأحداث التاريخية والسياسية والثقافية بالنسبة للصين، فتشعر أنه محتاج إلى كتالوج لكي تفهمه. فمثلا، الكاتب الصيني مويان الفائز بجائزة نوبل عام 2012، قليلون هم من قرؤوا أدبه وفهموه. ولأن الأدب الصيني ثقيل، فهو يحتاج قبل ترجمته إلى عين كاشفة لانتخاب ما هو مناسب للترجمة إلى اللغات الأخرى، أو أن ينشأ في كل عمل مترجم كتالوج يشرح من خلاله المقصود ومرامي الأدب الصيني.
ومن ناحية أخرى، تجد أن الأدب الصيني المترجم إلى العربية بدأ مع انتشار الآداب الروسية التي غزت العالم، ثم انتقلت الذائقة الأدبية العالمية إلى الأدباء الأميركان، ثم انتقلت الموجة إلى أدب أميركا اللاتينية بالطفرة التي طفت على سطح العالم مع الواقعية السحرية، وكل هذه المراحل استغرقت سنوات من البناء.
ولهذا تأتي اختيارات دور النشر بناء على شهرة الكاتب أو العمل في أوروبا أو أميركا. فعندما تقول "واشنطن بوست" هذه قائمة أشهر 100 رواية في العالم، تتسابق كل دور النشر لشراء حقوقها وترجمتها، وأكيد لن تختار عملا صينيا، لأن القوى الناعمة الغربية دائما تظهر نفسها على أنها الأفضل، وتنتقي لنفسها ما يخدم أهدافها. فمثلما ترى أن الأعمال العربية المترجمة في الغالب ما يخدم الرؤية الغربية عن العرب.
والأدب الصيني صعب على الذائقة العربية، لأننا في الأصل ثقافة "حواديت": ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة. أما الصين، فهي ثقافة فلسفة، ولهذا الحبكة السردية ليست أصل الرواية، والأصل هو قراءة واعية لما بين السطور. والكاتب يبعث برسالة، وعلى القارئ أن يكون واعيا لما يقول الكاتب لأن هذه هي الطريقة الصينية في التعبير: الاقتضاب والاستعارات الكثيرة. والموجة الإنسانية في أدب "التنين الأصفر" هي المقابل الحقيقي لإرهاب راعي البقر.
– وهناك روايات مثل "العصر الذهبي" لـ"وانغ" وكذلك "الربع الأخير من القمر" للكاتبة تشيه زيه جيان، قال عنها النقاد إنها "100 عام من العزلة الصينية" فعالمها مليء بالسحر، لكن البطلة ترويه لنا وكأنه شيء عادي.
وهي أعمال مؤثرة في الصين جدا، إنما ثقافة المتلقي مغايرة لثقافة الأصل، والأدب لا يمكن نشره بالدولار والدينار، لأنه من قوى التأثير الناعمة التي من ميزاتها أنها تقنع المتلقي بأنها اختياره وليس بالضغط والجبر من قوى أجنبية.
من هم الأدباء الصينيون الأكثر شهرة على الساحة العربية وعالميا بعصرنا الحالي؟– الكاتب ليو جين يون هو الأكثر ترجمة ومبيعا على الساحة العربية، ومن أعماله المعروفة: "طلاق على الطريقة الصينية"، "تاريخ آخر للضحك" و"1941″، و"جهة العمل"، "رب جملة بعشرة آلاف جملة".
ويأتي الكاتب الثاني في المبيعات ليو خوان، وهو الأشهر داخل الصين، وكل أعماله لا تتجاوز 7 روايات، وجميعها مترجمة إلى العربية. ورواية "نهر الزمن" طبعت 4 مرات، والإقبال عليها في تزايد.
كما يأتي مو يان الفائز بجائزة نوبل عام 2012، وأعماله كلها ترجمت إلى العربية، ومبيعاتها جيدة رغم صعوبة فهمها إلى حد ما.
ومن أشهر الكتاب في الصين أيضا الروائي شيو تسي تشين، الذي فاز بجائزة ماو دون الأدبية المحلية، وهي تعادل نوبل في قيمتها المعنوية والمادية داخل البلاد.
إعلانونحن نترجم لحوالي 30 أديبا صينيا هم الأكثر تأثيرا وانتشارا ومبيعا داخل الصين، وشيو تسي تشين كاتب شاب، وكتاباته كلها عن الشباب، ولهذا التلقي عنه سهل.
وتتحدث روايته الأكثر شهرة المترجمة إلى العربية "رحلة إلى الشمال" عن مجموعة من العائلات التي تواجه تحديات مختلفة في بكين، إلى جانب رواية "بكين" التي تتناول حياة المهاجرين من المناطق الريفية إلى العاصمة، وروايتي "لقاء في بكين" و"حكايات ضاحية بكين الغربية".
ويضاف إليهم الروائي الذي رحل شابا، وانغ شياو بو. وهؤلاء الخمسة هم الكتاب الأكثر تعبيرا عن الأدب الصيني، وهم الأكثر انتشارا، والجمهور في المنطقة العربية مهتم كثيرا بأعمالهم.
أما الكاتب يان لي، فهو كل عام موجود على ترشيحات جائزة نوبل، وله أعمال لم يسمح بنشرها في الصين، مع أنه يعيش هناك مرفها ويشغل منصبا حزبيا كبيرا. وأعماله تباع بسلاسة كبيرة، لأن الصين لا يوجد لديها سياسة المنع.
– تلتزم الدولة الصينية بالدعم الكامل لترجمة ونشر الأدب الصيني بالخارج، وبدون توجيه سياسي مباشر. والناشر الأجنبي هو من يختار الرواية أو الكتاب المراد ترجمته، ويتقدم به للمشروع الموجه بالدعم من وزارة الثقافة أو وزارة الإعلام أو اتحاد الكتاب أو من دار النشر نفسها، ويحصل على الدعم اللازم للترجمة طالما انطبقت عليه الشروط.
ما أثر النهضة الثقافية على الإنسان الصيني في الوقت الحالي؟– النهضة الثقافية أدت إلى أن أكثر 10 أدباء دخلا في الصين في السنوات العشر الأخيرة ولا يوجد لديهم كتاب واحد مطبوع، فكلهم يكتبون أدبا رقميا على المنصات. ومعنى ذلك أنهم شباب، وأن الأجيال الشابة والصغيرة هناك تقرأ بشغف. والأهم من ذلك أن هؤلاء الكتاب يكتبون عن أحداث اجتماعية تهم الناس، فهم عيونهم ومشاعرهم على نبض المجتمع وأين تكمن مشكلاته.
– فكرة الرقابة المتخيلة لدينا غير موجودة لدى الصينيين. وأضرب مثالا على ذلك: كنت مرافقا للكاتب مو يان، الحائز على جائزة نوبل عام 2012، في معرض الكتاب بالجزائر 2019، وكانت الصين ضيف الشرف. وفي الندوة سأله أحد الحضور: هل تعتقد أن في الصين حرية للإبداع الأدبي؟
ورد الكاتب بسؤال: ماذا تقصد بالحرية؟ وما تعريفك للحرية؟
فأجاب السائل: الحرية المطلقة.
فقال مو يان: يعني لو كتبت رواية عن البوذية في الجزائر، التي دينها الإسلام، هل الحكومة الجزائرية ستتركني أفعل ما أشاء؟ هل أستطيع أن أهاجم الإسلام أو أهاجم العادات والتقاليد الجزائرية داخل الجزائر؟
فما أقوله هنا إنه لا توجد حرية مطلقة. أنا لا أستطيع أن أذهب إلى ألمانيا وأكتب رواية في مدح النازية وأدعي أن هذه حرية. وبنفس الإطار، في الصين، المجتمع هناك هو من يقرر حدود الحرية التي يتحرك فيها الأفراد، وفي الإطار المسموح به أنا حر جدا.
ويود بالصين نقد مجتمعي واضح. فمثلا، رواية "طلاق على الطريقة الصينية" للروائي ليو جين يون هي نقد مباشر للمسؤولين حتى نائب رئيس الدولة. ولنفس المؤلف رواية "سرير الغرباء" التي تحكي قصة فساد حاكم مقاطعة على درجة وزير. والروائي مو يان يكتب رواية "الضفادع" التي تمثل نقدا شديدا جدا لسياسة الدولة في سياسة الطفل الواحد. كذلك وانغ شياو بو يكتب وينتقد "الإيمان الأعمى" بالحزب الشيوعي، وينتقد الأغلبية الصامتة التي لا تفكر.
ويكاد لا يوجد عمل أدبي صيني لا يوجه انتقادات للمجتمع، ولكن على الطريقة الصينية. ولن تجد كاتبا صينيا يكتب عن الجنس أو السياسة بشكل مباشر، فالكتابة دائما غير مباشرة، والقراءة عملية وعي وإدراك لما يرمي إليه الكاتب.
– ما يحكم الصين ليس السياسة، بل الثقافة، لأنها بالنسبة للإنسان الصيني هي الدين. ومنظومة الدين عند الشرق أو الغرب بديلها في الصين الثقافة. ووضع الثقافة في هذا البلد يشبه أو يوازي وضع الدين في المنطقة العربية.
إعلانوالثقافة عند الصينيين موضوعها وإطارها أشمل من فهمنا نحن، فالثقافة ليست أدبا وفنونا فقط بل أسلوب الحياة وطريقة العيش، وسلوك الفرد في المجتمع، وهي تعليم أسس الكونفوشيوسية والطاوية، وتعليم الماركسية على الطريقة الصينية.
ولهذا (فالرئيس الصيني) شي جين بينغ في كل أحاديثه لا بد أن يرفق بها اقتباسات من أمهات الكتب الصينية التي تدرس للطلبة في كل مراحل التعليم، مثل: كتاب "الأغاني"، "حوليات الربيع والخريف"، "السندات التاريخية"، "حلم المقصورة الحمراء"، "حوارات كونفوشيوس"، كتاب "الطاو".
ولديهم ما يسمى "الأربعة كتب المقدسة"، و"الخمسة كتب الكلاسيكية"، مثل كتاب "التعليم الكبير" وكتاب "التغيرات". وكلها مؤثرة في الثقافة وتترك أثرها في كل شخص في الصين.
ولكي تفهم الصين لا بد من فهم ثقافتها، حتى تدرك كيف ستكون تحركاتها. وهناك حملات في الصين حاليا تدعو لإحياء الكونفوشيوسية لأنها تدعو للبر والتراحم واحترام الكبير للصغير، وطاعة أولي الأمر واحترام الآخر.
وكذلك هناك دعوات لإحياء الطاوية التي تدعو إلى التجانس بين الإنسان والطبيعة وتجنب الصراعات.
وماو تسي تونغ (مؤسس الصين الحديثة) أديب وناقد وله مؤلفات في النقد الأدبي.