على نحو مفاجئ ظهر القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في قاعدة وادي سيدنا العسكرية بمدينة أمدرمان، وسط جنوده قبل أن يسافر إلى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمالي البلاد.

الخرطوم:التغيير

ويعد هذا الظهور الخامس للبرهان منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي، لكنه الأول خارج أسوار القيادة العامة بالعاصمة السودانية الخرطوم حيث ظل محاصرا داخلها بواسطة قوات الدعم السريع .

وأثار عبور البرهان من القيادة العامة إلى قاعدة وادي سيدنا الجوية التساؤلات حول الطريقة التي وصل بها إلى هناك، وسط وجود مكثف للدعم السريع في جميع أنحاء العاصمة.

كذلك، أثار خروج البرهان من القيادة العامة بعدما دخلت الحرب شهرها الخامس التساؤلات والجدل في أوساط السودانيين، حول ملفي الحرب والسلام، خاصة بعد أن أشارت تقارير صحفية محلية إلى أنه سوف يغادر إلى مدينة بورتسودان ومنها ينطلق في جولات خارجية.

ويعتقد أن ظهور البرهان يمثل انقلاباُ في المعادلة السياسية والعسكرية للحرب ككل.

واختلفت ردود الأفعال الأولية على خروجه بعد طول حصار باختلاف مواقف القوى السياسية من الحرب والسلام، فانصار الحل السياسي التفاوضي عبر منبر جدة أبدوا تفاؤلا حذرا بأن هذه الخطوة يمكن أن تكون مؤشرا لان البرهان أدار ظهره للاسلاميين الداعمين لخط المواجهة العسكرية إلى حين القضاء على الدعم السريع نهائيا، ومن ثم الاقتراب إلى حل سياسي يطوي صفحة الحرب.

 

زينب الصادق مي فيصل

فيما علق المعارضون للحل السياسي على الأمر باعتباره انتصار عسكري له ما بعده من المواجهات، فيما تحدث بعض المتطرفين في خيار الحسم العسكري إلى خيانة البرهان وقبوله بصفقة مع الدعم السريع.

عمسيب

فيما قال التجاني السيسي رئيس قوى الحراك الوطني(مجموعة موالية للنظام البائد) إن جولة البرهان ترسل إشارة للمجتمع الدولي والإقليمي بأن القوات المسلحة تسيطر على الموقف العسكري وهي الممسكة بزمام المعركة وأن بشريات النصر لاحت في الأفق.

قال القيادي في قوى الحرية والتغيير، عروة الصادق، إن الخطوات المقبلة بعد خروج البرهان، تتمثل في إعادة النظر في قرارات “البدروم” السابقة، إعلان وقف إطلاق نار.

وأشار إلى أن ذلك يأتي بعد عودة السفير السعودي علي بن جعفر، وعودة جون جودفري سفيرا ومبعوثا خاصا للإدارة في نهاية أغسطس.

كما أكد الصادق في تغريدة على موقع إكس الذهاب لمنبر جدة لإبرام الاتفاق الذي تم التوصل إليه من مفاوضي الجيش والدعم.

بينما قال الصحفي حافظ كبير لقناة الحدث، إن خروج البرهان متفق عليه لأجل الدفع بالعملية التفاوضية.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: القیادة العامة

إقرأ أيضاً:

هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟

الخرطوم- بعد أكثر من 25 شهرا من اندلاع الحرب في السودان، برزت مخاوف من أن تراجع قوات الدعم السريع من الخرطوم ووسط البلاد وانتقال القتال إلى غربها يمكن أن يؤدي إلى تحول القوات إلى مجموعات قبلية متناحرة، وظهور أمراء حرب وتهديد الأمن الإقليمي ونشر الفوضى، في حال لم يتحقق السلام.

وتُعد هذه القوات، التي نشأت عام 2013، امتدادا لمليشيات في دارفور منذ ثمانينات القرن الماضي، أساسها مجموعات قبلية يتم تشكيلها لمساعدة القوات النظامية لمجابهة تحديات تتطلب طبيعتها قتالا أقرب إلى حرب العصابات، كما نشأت "قوات المراحيل" في عهد رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي.

وكانت قوات الدعم السريع تابعة لجهاز الأمن والمخابرات يقودها ضابط من الجيش، ثم أصبحت تابعة لرئيس الجمهورية، قبل أن يصدر قانون من البرلمان في 2017 وتصبح قوة مستقلة تحت إشراف الجيش ويُنصّب محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائدا لها.

صبغة قبلية

ويغلب على تركيبتها الصبغة القبلية، حيث ينحدر معظم مقاتليها من قبائل الرزيقات والمسيرية والحوازمة، الذين يجمعهم رباط إثني واحد وهو "العطاوة"، بجانب مجموعات قبلية أخرى.

كما تسيطر عائلة دقلو على المواقع القيادية النافذة فيها حيث ينوب عن "حميدتي" في قيادتها أخوه عبد الرحيم دقلو، ومسؤول المال شقيقه القوني دقلو، ومسؤول الإمداد ابن أخيه عادل دقلو.

إعلان

بدأت الدعم السريع بنحو 6 آلاف مقاتل قبل أكثر من 12 عاما، وشهدت توسعا عقب قرار الرئيس السابق عمر البشير مشاركة القوات المسلحة السودانية في حرب اليمن ضمن ما يُعرف بـ"تحالف عاصفة الحزم" في العام 2015.

وشاركت مع الجيش السوداني في حرب اليمن، ودربت عشرات الآلاف من المقاتلين غالبيتهم من إقليمي دارفور وكردفان، كما استقطبت مقاتلين من ولايات أخرى، حسب ضابط في الجيش كان منتدبا للعمل مع الدعم العسكري تحدث للجزيرة نت.

وحسب الضابط، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، فإن قيادات قبلية كانت تطلب من قيادة الدعم السريع تدريب أبنائها وضمهم للقوات في حرب اليمن لأن ذلك يعود عليهم بمبالغ مالية كبيرة تحدث تغييرا في حياتهم وحياة أسرهم.

تراجع الدعم

وبعد أسابيع من اندلاع الحرب، أعلنت الإثنيات العربية في ولاية جنوب دارفور دعمها وتأييدها لهذه القوات في حربها ضد الجيش السوداني. ودعت قيادات تلك القبائل -في بيان- أبناءها في الجيش إلى الانضمام للدعم السريع والوقوف معها، وقادت بعد ذلك حملات للاستنفار والتدريب للمشاركة في الحرب.

ووقّع على البيان نظار قبائل البني والترجم والهبانية والفلاتة، والمسيرية والتعايشة والرزيقات بجنوب دارفور.

وكشف قيادي قبلي في دارفور للجزيرة نت أن عبد الرحيم دقلو نائب قائد الدعم السريع كان يطوف على مناطق بدارفور ويستدعي قيادات قبلية إلى لقاءات، ويطلب من زعمائها أعدادا محددة من الشباب للتدريب والقتال لأنهم مستهدفون من الجيش السوداني وقيادات النظام السابق.

ويوضح القيادي القبلي -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- أن الاستنفار القبلي تراجع بعد تزايد خسائر القوات ومقتل آلاف الشباب خاصة في معارك ولاية الخرطوم، إلى جانب عدم وفائها بالتزاماتها المالية تجاه أُسر المقاتلين ورعاية الجرحى والذين فقدوا أطرافهم في الحرب.

إعلان

من جانبه، يقول الباحث في الشؤون الأمنية إسماعيل عمران إن عمليات الحشد القبلي والتحالفات العشائرية وفرت للدعم السريع رصيدا بشريا من المقاتلين، لكن تركيبة القوات يجعلها قابلة للانهيار السريع في حال غياب قادة الأفواج العسكرية (المجموعات) والحافز المالي، مما يهدد بفقدان المكاسب الميدانية.

وفي حديث للجزيرة نت، يوضح الباحث أن الولاءات القبلية والجغرافية أضعفت روح الالتزام والانضباط العسكري لقوات الدعم السريع، وفي حال خسرت الحرب فستتفكك إلى كيانات صغيرة وعصابات على أساس عرقي ومناطقي وظهور أمراء حرب، وأفضل صيغة -برأيه- هي التوصل إلى اتفاق سلام وترتيبات أمنية تدمج كافة الفصائل والمليشيات في القوات الحكومية.

وذكرت تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة أن هذه القوات استعانت بمرتزقة من دول أفريقية مجاورة للسودان، غير أن صحيفة "لا سيلا فاسيا" الكولومبية تحدثت عن سرّيتين تضمان أكثر من 300 من الجنود الكولومبيين المتقاعدين شاركوا في الحرب السودانية مع الدعم السريع "بحثا عن المال والثراء".

وقالت القوة المشتركة في دارفور إن بعض المرتزقة الكولمبيين قُتلوا في صحراء دارفور عندما كانوا في طريقهم من ليبيا إلى الفاشر.

مقاتلون أجانب

كما كشف عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا، في وقت سابق، أن قوات الدعم السريع تتألف من مرتزقة أجانب، غالبيتهم من أبناء جنوب السودان إضافة إلى مقاتلين من ليبيا وتشاد والنيجر وإثيوبيا وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، وبقايا مجموعة فاغنر الروسية ومن سوريا.

أما الكاتب المتخصص في شؤون دارفور علي منصور حسب الله فيقول إن قوات الدعم السريع استوعبت منتسبين إلى مجموعات عسكرية سابقة، منها حرس الحدود ومسلحو القبائل وقيادات عصابات مسلحة تم تسميتهم "التائبون" وصار بعضهم قيادات بارزة في القوات.

إعلان

ووفقا لتصريح حسب الله للجزيرة نت، فإن الدعم السريع استعانت بمقاتلين من حركات معارضة في بلدانهم أبرزهم من حركة "سيلكا" في أفريقيا الوسطى و"تحرير أزواد" في مالي و"فاكت" في تشاد وغيرها، وقُتلت قيادات كبيرة منهم بمعارك في الخرطوم ودارفور آخرهم الجنرال صالح الزبدي التشادي الذي لقي مصرعه في معركة الخوي غرب كردفان قبل أيام.

ويرجح الكاتب تشظي الدعم السريع لوجود تناقضات في تركيبتها القبلية وتنامي نزاعات قديمة بين المكونات الاجتماعية التي تستند عليها، مما يدفع المجموعات المختلفة للعودة إلى مناطقها لحماية مجتمعاتها، و"سيعود الأجانب إلى دولهم بأسلحتهم مما يؤدي لتفشي العنف والفوضى".

غير أن قوات الدعم السريع تنفي اتهامها بجلب مرتزقة من خارج البلاد، وتصفها بأنها "دعاية سوداء"، ويقول مسؤول في إعلام القوات للجزيرة نت إن قائدهم "حميدتي" أكد أن قواته قومية وتضم طيفا من 102 مكون اجتماعي في السودان.

 

مقالات مشابهة

  • الصادق: أُعيد تنشيط المدينة الرياضية بأبسط الإمكانات
  • عاصفة في السودان عقب قرار البرهان
  • ديوان المحاسبة يناقش ردود هيئة زراعة القرنية على نتائج فحص حساباتها لعام 2023م 
  • هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟
  • لينا يعقوب: الجيش هزم وأبعد الدعم السريع عن العاصمة
  • عاجل ـ نتنياهو: أنا مستعد لإنهاء الحرب في غزة ولكن بشروط خروج حماس من الحكم
  • القبض على 3 وافدين لممارستهم أفعالًا تنافي الآداب في مركز مساج بالرياض
  • السودان.. تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء واستعادة أم رمتة من الدعم السريع
  • الرياض.. ضبط 3 وافدين لممارستهم أفعالًا تنافي الآداب في مركز "مساج"
  • كامل إدريس رئيسا للوزراء…. ردود أفعال سياسية وإقليمية على قرار مجلس السيادة