مظاهرات وطنية جماهيرية أميركية، انطلقت في الخامس من أبريل/نيسان 2025، بمشاركة نحو 150 منظمة وطنية ومحلية، احتجاجا على سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤول وزارة الكفاءة الحكومية إيلون ماسك، المتعلقة بخفض الإنفاق الحكومي وتفكيك الوكالات الفدرالية وتسريح الموظفين.

وتهدف الحملة إلى الاستمرار في التظاهر حتى تحقيق مطالبها، المتمثلة في الحد مما تسميه "الاستحواذ غير القانوني" لترامب وماسك على السلطة، ووقف الإضرار بالحقوق الأساسية للمواطن الأميركي والحيلولة دون تقويض الديمقراطية ومنع حقوق الإنسان في البلاد.

خلفية الاحتجاجات

فور تنصيبه لفترة رئاسية ثانية في يناير/كانون الثاني 2025، أنشأ ترامب وزارة الكفاءة الحكومية، ووضع على رأسها مستشاره المليونير إيلون ماسك بغرض خفض الإنفاق الفدرالي والدين الحكومي، من خلال إعادة هيكلة الوكالات الفدرالية، والنظر في اللوائح والنفقات الحكومية.

ووفق بيانات شركة "تشالنجر غراي وكريسماس" العالمية المتخصصة في إعادة توظيف العمالة، تم تسريح ما يقارب 500 ألف موظف في الولايات المتحدة الأميركية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2025، بسبب الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب، إما بشكل مباشر  أو غير مباشر، وهو ما أثر على نحو 27 وكالة حكومية مهمة.

وفي الفترة نفسها، وبحسب الأرقام التي أوردتها وزارة الكفاءة على موقعها الرسمي، وفرت الوزارة حوالي 140 مليار دولار من الإنفاق الفدرالي، عن طريق استهداف قطاعات حيوية، وتخفيض الإنفاق على برامج حكومية وخدمات أساسية، بما في ذلك برامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والتعليم والأبحاث العلمية، ونحوها من القطاعات الأساسية.

إعلان

وواجهت الإجراءات التي نفذتها الوزارة معارضة شعبية واسعة على كافة الأصعدة، ورُفعت ضدها عشرات الدعاوى القضائية، بحجة مخالفة الدستور الأميركي والتسبب بأضرار جسيمة في هيكلية الحكومة الفدرالية ومصالح المواطنين الأميركيين.

وبحلول أبريل/نيسان 2025، دعت العديد من المنظمات الوطنية والمحلية إلى حملة أُطلق عليها "ارفعوا أيديكم"، تهدف إلى تنظيم مظاهرات شعبية واسعة ومستمرة في جميع أنحاء البلاد، بدءا من اليوم الخامس من الشهر نفسه، للتعبير عن الرفض الشعبي العام لما أسمته "الأزمة الوطنية"، والوقوف في وجه الفساد و"الحملة غير المسبوقة لترامب وماسك للاستيلاء على السلطة".

وقال المناهضون إن الأمر لا يتعلق بالمال فقط، بل بالسلطة وتعزيز النفوذ ومكافأة حلفاء ترامب وماسك، واستهداف الآخرين بما يشمل الأطفال وكبار السن والمهاجرين والمزارعين والمحاربين القدامى والمعارضين السياسيين، ورأوا أن المجتمع يدفع ثمن تقليص الوظائف والخدمات، "بينما يجني أمثال ترامب وماسك من العالم أرباحا طائلة".

واعتبر المحتجون الحملة بمثابة تضامن شامل مؤيد للحركة الديمقراطية والعمالية والحقوق الأساسية للمواطنين في البلاد، وعبروا عن رفضهم الفساد والفوضى التي أحدثتها، على حد قولهم، "سياسات إدارة ترامب-ماسك الجشعة"، التي "ليست مجرد فساد أو مجرد سوء إدارة، بل هي استيلاء عدائي".

الدوافع والمطالب

يرى القائمون على الحملة أن تلك الأزمة الوطنية أحدثت حالة من عدم الاستقرار في البلاد، بحيث "تجاوزت الفوضى والقسوة والفساد كل الحدود"، وعقدت الحياة اليومية في وجه المواطنين الأميركيين، وشكلت هجوما شاملا على الحكومة والاقتصاد، وطالت الحقوق الأساسية للمواطن، وقوضت الديمقراطية.

وعلى الموقع الرسمي لحملة "ارفعوا أيديكم"، حدد القائمون على الفعالية ثلاثة أسباب رئيسية دفعتهم إلى مناهضة إدارة ترامب، تمثلت بالآتي:

إعلان محاولة ترامب وماسك الاستيلاء على السلطة بشكل غير قانوني، وهو ما يشكل أزمة وطنية يجب التصدي لها. اتخاذ الحكومة إجراءات تسببت في رفع الأسعار وخفض برنامج الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي وتقليص الخدمات الأساسية والوظائف الحكومية وانتهاك الخصوصية وتجاوز القانون، وغيرها من المصالح الوطنية التي يعمل ترامب وماسك والجمهوريون على تقويضها، عبر الحصول على إقرار من قبل الكونغرس. تعمل التدابير التي اتخذتها إدارة ترامب على دعم مصالح المليارديرات حلفاء ترامب وماسك والجمهوريين، من خلال منحهم المزيد من التخفيضات الضريبية. مظاهرة في ولاية مينيسوتا الأميركية استجابة لدعوات حملة "ارفعوا أيديكم" (وكالة الأناضول)

وذكر الموقع الرسمي مجموعة من المطالب تسعى الحملة لتحقيقها، وهي:

وضع حد للفساد المستشري في إدارة ترامب ووقف استيلاء المليارديرات على الأرباح والسلطة. وقف خفض الأموال الفدرالية المخصصة لبرنامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والبرامج الأساسية التي يعتمد عليها المواطن الأميركي، ومنع استنزاف الموارد العامة وتدمير سبل العيش ورفع تكاليف المعيشة. إنهاء ترحيل المهاجرين ومهاجمة المتحولين جنسيا وباقي الفئات المجتمعية الأخرى. الفعاليات الجماهيرية

أدت سياسات إدارة ترامب إلى حشد شريحة واسعة ومتنوعة من الأميركيين الذين تضرروا من إجراءات إدارته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، فانضموا إلى مسيرات غاضبة في 5 أبريل/نيسان، عمت جميع أنحاء البلاد.

وتظاهر ملايين الأميركيين بحسب تقدير منظمي الحملة، في الشوارع وعواصم الولايات والمباني الفيدرالية ومكاتب الكونغرس ومراكز المدن، فيما قُدر بنحو 1400 موقع في أنحاء الولايات المتحدة، فضلا عن 7 بلدان أخرى، وفق ما قالته منظمة "أنديفيزيبل" الأميركية، العاملة في مجال إعادة تشكيل الديمقراطية.

إعلان

وشاركت في الفعاليات أكثر من 150 منظمة ومؤسسة وطنية، بما فيها منظمات الحقوق المدنية والنقابات العمالية ومناصرو مجتمع الشواذ والمحاربين القدامى ونشطاء الانتخابات.

مظاهرة ضد سياسات ترامب وماسك في مدينة شيكاغو استجابة لنداءات حملة "ارفعوا أيديكم" (وكالة الأناضول)

وحرص منظمو المسيرات على الالتزام بالاحتجاج السلمي والتصرف بشكل قانوني، ودعوا إلى عدم حمل أي نوع من السلاح، بما في ذلك المسموح به قانونا، والتهدئة في حال أي مواجهة محتملة مع المخالفين، وقبل انطلاق الحملة بأيام، تم تنظيم تدريب افتراضي حول السلامة وتهدئة التصعيد.

وبدأت الفعاليات بكلمات ألقاها قادة المجتمع ومسؤولون ونواب ورؤساء نقابات، وسلطت الضوء على أضرار "الأزمة الوطنية"، والإجراءات التي يمكن تنفيذها لمواجهتها، وركزت على التدابير التي تتخذها إدارة ترامب، والتي تتعلق بتقليص حجم الحكومة والاقتصاد والهجرة وحقوق الإنسان والحريات.

ورفع المتظاهرون لافتات تحمل شعارات مثل "ابتعدوا عن ديمقراطيتنا" و"ابتعدوا عن الضمان الاجتماعي" و"احموا دستورنا" و"ارفعوا أيديكم عن حقوقنا"، ولافتات تدعو إلى محاربة الأوليغارشية (حكم الأقلية)، وحمل بعضهم أعلاما أوكرانية، بينما ارتدى آخرون الكوفية الفلسطينية ورفعوا لافتات "حرروا فلسطين".

وردد المحتجون شعارات ضد ترامب وماسك، ونددوا بسياسات إدارته، من تفكيك الوكالات وتخفيض الإنفاق الحكومي وتسريح العمال في الإدارات الفدرالية والترحيل الجماعي وقمع المهاجرين وتقليص الحماية للشواذ والرسوم الجمركية العالمية.

وبالتزامن مع المظاهرات في الولايات المتحدة، خرج مئات المحتجين في العديد من المدن الأوروبية، مثل برلين وفرانكفورت ولندن وباريس ولشبونة، احتجاجا على سياسات ترامب، بعد أسبوع من فرضه رسوما جمركية على بعض الدول.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ارفعوا أیدیکم إدارة ترامب ترامب وماسک

إقرأ أيضاً:

حملة تضليل رقمي.. من وراء شائعة الانقلاب في كوت ديفوار؟

في 21 مايو/أيار الجاري، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي موجة غير مسبوقة من المنشورات التي تزعم وقوع "انقلاب عسكري" في كوت ديفوار.

الصور والفيديوهات التي انتشرت كالنار في الهشيم على منصات مثل "إكس"، و"تيك توك"، و"فيسبوك"، دفعت كثيرين إلى تصديق تلك الشائعة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

لكن تحقيقًا رقميا أجرته "وكالة سند" كشف واقعًا مختلفًا تمامًا، إذ إن ما حدث لم يكن سوى حملة تضليل رقمية منظمة، قادتها شبكات خارجية استهدفت تضخيم رواية الانقلاب باستخدام محتوى زائف ومنصات متداخلة التأثير.

7 آلاف تغريدة في 24 ساعة.. ومحتوى مفبرك

رصدت "سند" أكثر من 7 آلاف تغريدة تضمنت الكلمة المفتاحية "Ivory Coast" خلال يوم واحد فقط، بين 21 و22 مايو/أيار، باستخدام أدوات تحليل البيانات مثل NodeXL وGephi. وتم تتبع نحو 4689 حسابًا أسهمت في نشر الشائعة أو تضخيمها.

أظهر التحليل أن كثيرًا من الصور والفيديوهات المستخدمة لا تمتّ لكوت ديفوار بأي صلة. فبعضها يعود لمشاهد قديمة من كينيا وطرابلس، وبعضها مأخوذ من فيلم "حرب العالم" الذي صُوِّر في أستوديوهات "يونيفرسال" الأميركية.

بالتحقق من الصورة تبين أنها من دولة كينيا وتعود ليونيو 2024 عندما احتج المواطنون هناك على مشروع "قانون المالية" وأسفرت الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الأمن حينئذ عن مقتل العشرات (وكالة سند) شبكات خارجية وتكتلات رقمية قادت الحملة

كشفت التحقيقات أن الحسابات الأكثر تأثيرًا في نشر المزاعم لا تنتمي لكوت ديفوار، بل تركزت في دول مثل كينيا، وجنوب أفريقيا، ونيجيريا.

إعلان

أبرز الحسابات:

@africandemoc: يديره محمد فيفا داغ، سياسي جنوب أفريقي من أصول تركية، يروّج لخطاب "تحرير أفريقيا من الأنظمة الموالية لفرنسا".

@Mabonga_254: عضو في جماعة "Kenya on Twitter (KOT)" المعروفة بحملات الضغط الرقمي الممنهجة.

تُظهر البنية الشبكية أن هذه التكتلات الرقمية تقاسمت أدوارًا محددة في تضخيم الشائعة من خلال محتوى مزيف وتنسيق منظم.

بالتحقق تبين أن الفيديو غير صحيح حيث يعود لاحتفالات الشعب في الكوت ديفوار بفوز المنتخب الوطني في مباريات بطولة كأس الأمم الأفريقية التي استضافتها البلاد مطلع العام الماضي ويظهر جليا ارتداء كافة الجمهور لقميص المنتخب البرتقالي والأبيض (وكالة سند) تضليل عابر للحدود.. وفشل في التحقق

اللافت أن الحملة اعتمدت على إعادة تدوير محتوى بصري سبق نشره في سياقات مغايرة، مثل صور احتجاجات كينيا لعام 2024، وفيديوهات من طرابلس، بل ولقطات احتفال بفوز منتخب الكوت ديفوار بكأس الأمم الأفريقية 2023.

وذلك يشير إلى سعي ممنهج لصياغة سردية انقلابية وهمية، بغرض إثارة الفوضى والتأثير في الرأي العام، محليا ودوليا.

حملة رقمية في زمن هشاشة المعلومة

ورغم نفي الحكومة رسميا للانقلاب وظهور الرئيس الحسن واتارا في مناسبات عامة، فقد نجحت الحملة الرقمية في إثارة جدل سياسي واسع، مستغلة حالة الاحتقان في البلاد بعد استبعاد المعارض تيجان تيام من الترشح للرئاسة.

ويعكس هذا الحدث تصاعد خطر حروب المعلومات الرقمية في أفريقيا، حيث باتت الشائعة المصطنعة قادرة على زعزعة الثقة بالمؤسسات، وإشعال التوترات من دون أي وقائع حقيقية على الأرض.

انقلابات بلا دبابات وواقع مشوّش

مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، تظل كوت ديفوار مهددة ليس فقط بالتوترات السياسية، بل أيضًا بحملات رقمية تستهدف تزييف الوعي العام، حيث تتشابك السياسة بالتقنية، وتختلط السرديات الزائفة بالواقع الهش.

فهل تملك الحكومات وهيئات الانتخابات في غرب أفريقيا ما يلزم لمواجهة هذا النوع الجديد من "الانقلابات الرقمية"؟ سؤال قد تكشف الشهور المقبلة بعضًا من إجاباته.

إعلان

مقالات مشابهة

  • حملة تضليل رقمي.. من وراء شائعة الانقلاب في كوت ديفوار؟
  • «محامو الطوارئ» يحذرون من حملة «بلّغ عن متعاون» ويطالبون بوقف الاعتقالات التعسفية
  • حملة تفتيشية على منشأتين سياحيتين بالغردقة
  • حملة لإزالة المطبات في ثلاث طرق رئيسة
  • «صيف آمن.. خلك جاهز» حملة الإسعاف الوطني للوقاية والتوعية
  • حملة لتعزيز كفاءة أنظمة الإنذار في مباني الشارقة
  • حملة لإزالة المطبات في الطرق الرئيسية بين المحافظات
  • حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين بساحل سليم فى أسيوط
  • انطلاق حملة الأمن العام للتبرع بالدم في المحافظات
  • الشيخة فاطمة بنت مبارك تدعم حملة «وقف الحياة» بـ 172 مليون درهم