الجزائر- تشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية حركة دبلوماسية جديدة مع زيارة وزير الدولة لشؤون أوروبا والخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إلى الجزائر بعد 8 أشهر من التصعيد والقطيعة بين البلدين على خلفية أزمة حادة، بدأت تعرف بوادر تهدئة.

وأعلن بارو من الجزائر، عقب لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عودة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها بعد فترة توتر لم "تخدم مصالح الطرفين"، مؤكدا أن فرنسا تتطلع لطي صفحة التوترات الحالية، لإعادة بناء شراكة هادئة وسلمية مع الجزائر.

وأشار بارو إلى أنه ناقش مع الرئيس تبون ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف جميع القضايا التي شغلت البلدين بالأشهر الأخيرة، بهدف تفعيل المبادئ التي تم الاتفاق عليها خلال المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الفرنسي والجزائري في 31 مارس/آذار، واستعادة الديناميكية والطموح الذي حدداه بإعلان الجزائر 2022.

الخلاف وحله

وبما يخص قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، دعا بارو، على غرار الرئيس الفرنسي، إلى "بادرة إنسانية" تجاهه، نظرا لسنه وحالته الصحية.

وكان الرئيسان الجزائري والفرنسي قد اتفقا بأول اتصال بينهما منذ يوليو/تموز الماضي على "العمل سويا بشكل وثيق وبروح صداقة لإضفاء طموح جديد على هذه العلاقة الثنائية".

إعلان

وتدهورت العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا في يوليو/تموز 2024 بعد إعلان باريس دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، وتفاقمت الأزمة مع توقيف الكاتب بوعلام صنصال وملف الهجرة.

وناقش بارو، مجالات متعددة للتعاون بهدف إعادة العلاقات الثنائية لمسارها الطبيعي، وشملت التعاون الأمني عبر استئناف تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات في البلدين، إضافة للتعاون الاقتصادي، وكذلك في مجال الهجرة والقضاء.

وبما يتعلق بالذاكرة، أوضح الوزير الفرنسي أن الاتصالات قد استُؤنفت بين المؤرخين الفرنسيين والجزائريين ضمن اللجنة المشتركة، مؤكدا أنه يتابع هذا الملف شخصيا.

وذكر أن الرئيس تبون أكد له توجيه دعوة للمؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا لزيارة الجزائر، لمواصلة العمل على استعادة الممتلكات الثقافية، مشيرا إلى أن المتابعة ستكون على مستوى شخصي منه ومن نظيره الجزائري.

زيارة الوزير جان نويل بارو هي الأولى بعد الأزمة بين فرنسا والجزائر (الخارجية الجزائرية) فتور العلاقة واللقاء

من جهته، قال المحلل السياسي وأستاذ القانون، موسى بودهان، إن جميع مجالات التعاون التي تم مناقشتها تهم البلدين، خاصة ملف الذاكرة، حيث تسعى الجزائر لاسترجاع "الأرشيف وجماجم المقاومين" التي لا تزال محفوظة في المتاحف الفرنسية.

وأضاف بودهان للجزيرة نت أن التركيز على التعاون القضائي بين البلدين أمر بالغ الأهمية، نظرا للاتفاقيات الدولية والثنائية التي يصادق عليها الطرفان، وتشمل تسليم المجرمين واسترداد المحجوزات العقارية والمنقولة الناتجة عن قضايا فساد، والموجودة في فرنسا، وهو ما تسعى الجزائر لتحقيقه عبر الإنابات الصادرة عن جهاتها المختصة.

ويرى الباحث في الدراسات الإستراتيجية، نبيل كحلوش، أن تراجع التنسيق بين الجزائر وفرنسا، وخاصة بمنطقة الساحل، جعل "الفراغات الإستراتيجية" أكثر عرضة للاستقطاب الدولي من الشرق والغرب، ودفع ذلك الوزير الفرنسي للإشارة لهذه النقطة باعتبارها تحديا أمنيا للطرفين معا، مما يفتح المجال أمام تحديات إقليمية جديدة تتطلب تنسيقا أكبر بين البلدين.

إعلان

وعلى المستوى الاقتصادي، يقول كحلوش للجزيرة نت إن "تراجع حضور الشركات الفرنسية في السوق الجزائرية لصالح فاعلين اقتصاديين آخرين كان سببا مباشرا لفتور العلاقات بين البلدين، مما يجعل إبداء التزام فرنسا بالاستثمار في الجزائر والتعاون التنموي عاملا محوريا لإعادة تحديد العلاقات الثنائية في المستقبل".

وأشار كحلوش إلى أن اللقاء خلال زيارة الوزير الفرنسي شهد فتورا ملحوظا، حيث لم يُمنح الاهتمام البروتوكولي الذي كان يُمنح لهذه الزيارات كما في السابق، مما يعكس تحولا في العلاقات بين البلدين.

ورغم أن هذه الزيارة تعد "اختبارا" لمدى استجابة الطرفين للواقع الجيوسياسي الجديد -حسب كحلوش- فإن الأزمة بين البلدين لم تنتهِ بعد، مما يفتح المجال أمام مزيد من التحديات في العلاقات الجزائرية الفرنسية.

"زيارة باهتة"

من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، رضوان بوهيدل، أن التحرك الدبلوماسي الجزائري الفرنسي يندرج في إطار تسويق سياسي موجه للرأي العام لا أكثر.

وأشار بوهيدل في حديثه للجزيرة نت، إلى وجود "نية واضحة" من الجزائر لإعادة الأمور إلى نصابها، خاصة بالنظر للعدد "الهائل" من الجزائريين المقيمين بفرنسا، ويُقدّر بين 6 ملايين و7 ملايين نسمة، وهو من أهم النقاط التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.

واعتبر أن الزيارة ذات "طابع بروتوكولي" فقط، حيث كان الاستقبال "باهتا" من طرف الجزائر، في رسالة واضحة بأنها غير راضية تماما عن الزيارة.

ووصف الأكاديمي العلاقات الجزائرية الفرنسية بأنها "لم تكن يوما طبيعية" كعلاقات فرنسا مع باقي الدول، بل كان يشوبها دوما "توترات وشحن سياسي"، نتيجة العديد من القضايا المشتركة، على رأسها "ملف الذاكرة"، الذي لا يمكن الحديث عن عودة الأوضاع لطبيعتها دون التطرق إليه.

تحديات للعودة

وقال بوهيدل إن الرئيس الجزائري صرح بوضوح أن على فرنسا "تنظيف مخلفات التجارب النووية في رقان"، إضافة إلى ملف الأرشيف وجماجم الشهداء المحفوظة في متاحفها، "وهي نقاط أخرى لا تقل أهمية".

إعلان

وبما يخص تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن إعادة بعث العلاقات والتعاون، يرى بوهيدل أنها يجب أن تُترجم لخطوات عملية على أرض الواقع.

وحول موقع اليمين المتطرف ضمن مسعى إعادة العلاقات، يشير بوهيدل إلى أنه يواصل نفس الخطاب والسلوك الذي دأب عليه لسنوات، ومن الصعب أن يتراجع اليوم عن مواقفه، خاصة بما يتعلق بملف الهجرة وضرورة ترحيل عدد من الجزائريين، وهو ما ترفضه الجزائر كونه "ترحيلا انتقائيا".

وختم أن "الكرة الآن في الملعب الفرنسي، وتحديدا بيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يبدو غير قادر على التحكم بالتصريحات العدائية" لبعض وزرائه، كوزير الداخلية الذي يُتوقع مواصلة هجماته ضد كل ما هو جزائري، وقد تزداد حدتها مع تصاعد خطابه داخل فرنسا وأوروبا عموما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العلاقات الثنائیة بین البلدین من الجزائر إلى أن

إقرأ أيضاً:

احتفالاً بمرور 30 عاما على العلاقات بين البلدين.. سفارة كوريا بمصر تستضيف فعالية مويز أون كوريا 2025

استضافت سفارة جمهورية كوريا في مصر فعالية كويز أون كوريا 2025 بجامعة عين شمس في 29 يونيو 2025، وذلك احتفالاً بالذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين كوريا الجنوبية ومصر، والذكرى العشرين لتأسيس قسم اللغة الكورية وآدابها بكلية الألسن، بالتعاون مع كلية الألسن بجامعة عين شمس.

وتُعد "كويز أون كوريا" مسابقة معلومات عامة عالمية تُنظم بالشراكة بين وزارة الخارجية الكورية وشبكة القنوات الكورية KBS، بهدف تعزيز الاهتمام العالمي بكوريا. ويجيب المشاركون خلالها على أسئلة متنوعة تشمل التاريخ والثقافة واللغة والتقاليد الكورية.

شارك المتسابقون من مختلف المحافظات بعد التسجيل المسبق عبر نموذج إلكتروني، حيث سيتأهل الفائز في التصفيات التمهيدية لتمثيل مصر في الجولة النهائية العالمية التي تُعقد في كوريا خلال سبتمبر المقبل، على أن تُبث الحلقة النهائية في برنامج خاص على قناة KBS يوم 5 أكتوبر.

وفي كلمته الترحيبية، أعرب سعادة السفير كيم يونج هيون، سفير كوريا لدى مصر، عن سعادته باستضافة الفعالية، مشيداً بعُمق علاقات الصداقة والشراكة بين كوريا ومصر، ومؤكداً أن التبادل الثقافي يشكل جسوراً مهمة للفهم المتبادل، موجهاً الشكر لجميع المشاركين والحضور على حماسهم ومساهماتهم في تعميق العلاقات الثقافية بين البلدين.

كما أعلن السفير عن سلسلة فعاليات ثقافية كبرى تقام خلال العام الجاري احتفالاً بالذكرى الثلاثين، من بينها: حفل الكي-آرتس للجوكاك الكوري المعاصر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة يوم 26 أغسطس، وعروض موسيقى سامولنوري التقليدية، وعروض التايكوندو التي ينظمها فريق مركز كوكيوون العالمي.

وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت الدكتورة سلوى رشاد، عميدة كلية الألسن بجامعة عين شمس، على متانة العلاقات بين البلدين، مشيرة إلى أن طلاب قسم اللغة الكورية يلعبون دور سفراء ثقافيين بين مصر وكوريا، مؤكدة أن هذه المسابقة تمثل احتفالاً بالشغف تجاه الثقافة الكورية وتعزيز التواصل الحضاري.

وشهدت الفعالية عروضًا طلابية مميزة، قدمها نادي السامولنوري والكورال الجامعي بجامعة عين شمس، بالإضافة إلى مسابقة ثقافية تفاعلية للجمهور تناولت الثقافة الكورية والعلاقات الكورية المصرية، مما أضفى أجواءً ترفيهية وتثقيفية على الحدث.

تضمنت التصفيات ثلاث جولات: (صواب/خطأ)، واختيارات متعددة، وأسئلة قصيرة. وفي ختام الفعالية، فازت الطالبة روان حامد، الطالبة بالفرقة الثالثة بقسم اللغة الكورية وآدابها، بلقب البطولة، لتتأهل إلى تمثيل مصر في الجولة النهائية بكوريا.

وشهد الحدث حضور أكثر من 100 شخص من المشاركين والجمهور، الذين أعربوا عن إعجابهم بحماس المتسابقين وعمق معرفتهم بثقافة كوريا، مؤكدين أن الفعالية كانت مصدر إلهام لتعزيز التواصل الثقافي والتعرف على حضارة كوريا الحديثة.

مقالات مشابهة

  • إلغاء 4 رحلات جوية بين الجزائر وفرنسا لهذا السبب!
  • القضاء الجزائري يؤيد حكما بسجن الكاتب صنصال 5 سنوات
  • مبادرة مدنية دولية لإحياء اتحاد المغرب العربي وإنهاء الخلاف المغربي الجزائري
  • رئيس الوزراء يلتقي نظيره الجزائري بإسبانيا لبحث تعزيز التعاون المشترك
  • رئيس الوزراء يلتقي نظيره الجزائري في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية
  • مدبولي يلتقي رئيس وزراء نيبال لبحث دعم العلاقات الثنائية بين البلدين
  • وزير الأوقاف من الفلبيين:العلاقات بين البلدين وثيقة وتاريخية وآفاق الارتقاء بها رحبة
  • خارجية الدبيبة: الباعور بحث مع السفير الفرنسي تطوير العلاقات الثنائية
  • جيرو يعلن عودته رسميًا للدوري الفرنسي
  • احتفالاً بمرور 30 عاما على العلاقات بين البلدين.. سفارة كوريا بمصر تستضيف فعالية مويز أون كوريا 2025