التحول في الصناعة واللوجستيات
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
صالح بن أحمد البادي
تُركز حرب الرسوم الجمركية في أحد أهم أهدافها على إعادة قوة الصناعة وأحجامها إلى عمق أمريكا، ويبدو أن مرحلة مهمة من محاولات تحفيز الصناعات تعود لتكون الواجهة.
سيكون على أمريكا أن تفعل مجموعة من العوامل لتحقيق ذلك الهدف. ما سيصدمكم هنا أنه ورغم أن أمريكا هي أكبر اقتصاد من حيث الناتج المحلي إلا أن الصيًن هي أكبر اقتصاد من حيث التصنيع.
إنها محاولات جيدة من أمريكا لإعادة الهيبة والحجم في الصناعة الأمريكية والتنافسية لكن الأمر ليس سهلا. لماذا ليس سهلا.! لأنَّ الصين تقدم تنافسية شمولية وليست أحادية تطرح بعضا من تفاصيلها تاليًا.
تنبهت الصين لمسألة هامة جدا وهو أن كلف الإنتاج ترتفع نتيجة النمو والازدهار الذي يعيشه الصيني وزيادة كلفته والمدن الجديدة والمتجددة وكلف حياة المدن والنمو الذي يشهده الاقتصاد الصيني والذي يتحول لكلف أعلى. ولحلحلة مستدامة تحركت الصين بشكل مباشر للتوسع في مدن التصنيع بشكل كبير حيث تقلل الكلف وتمنح الصناعة حقها من المساحات المطلوبة وتسمح بتقليل نمو كل متر من كلف الأرض وكلف البناء وتسهيل كلف تمويل الصناعة والدخول بشغف في استخدام أفضل التقنيات وأنظمة المعلومات والذكاء الصناعي التنافسي بشكل أذهل العالم.
تحركت الصين لأمر غاية في الأهمية قبل أكثر من 35 سنة فقررت أن أفضل وسيلة لإبقاء التنافسية هي في كلف اللوجستيات التنافسية، فبعد أن غطت أفريقيا بخطوط سكة تمتد على كافة أرجائها تحولت لتصنع منظومة لوجستية عالمية عبر طريق الحرير وما حوله. ما يرتفع من كلف الإنتاج داخل الصين وحولها تخفضه كلف اللوجستيات وسيطرة النقل إلى أصقاع الأرض. فيصل المنتج إلى أيادي المستهلك بسعر تنافسي يبقيها مسيطرة لما لا يقل عن مئة سنة أو يزيد.
ولأن عملة أي دولة تحفزها الحركة التجارية والتصنيعية بين الدول سيطرت الصين على كلف الإنتاج بتقليل نموها وعوضت نمو كلفها الطبيعي بكلف لوجستيات أرخص وإدارة دفة تلك اللوجستيات وأعطت عملتها حجم أعمال ضخم تسيطر عليك بكل مفاصله فجاءت محاولات حثيثة لإنشاء مصرف عالمي بحجم البنك الدولي وكذلك منظومة اقتصادية بريكس أو بريكس بلس.
وفي وقت كانت أمريكا والغرب منشغلين بالسياسات والحروب ومناطق ثراء النفط والغاز والتحالفات الجيوسياسية كانت الصين تعمل في هدوء على تطوير سياستها وقدراتها وإمكانياتها الاقتصادية والتصنيعية واللوجستية بالعالم لتحتل اليوم المركز الأول كأكبر اقتصاد تصنيع على وجه الأرض وكأكبر اقتصاد مؤثر ومنافس ومتمكن تصنيعيا ولوجستيا وبكلفة نهائية تنافسية.
ولأن العملة وقوتها مرتبطة بحركة التجارة والتصنيع سيظهر مقالنا القادم كيف يمكن لسلة عملات أن تهيمن على سوق كان الدولار البترولي أو البترودولار يسيطر عليه لسنوات طويلة.
وهيمنة العملات تنبع من قوة اقتصادك وانتشارك اللوجستي ومتانة دائرة القدرات التي تملكها للسيطرة على سلسلة التوريد العالمية والتي برعت بها الصين آخر عشرين سنة من كافة أطرافها سواء سلاسل التوريد للمواد الخام أو سلاسل التوريد للمنتجات النهائية ومنظومة مصارف مالية تحاكي نظيراتها العالمية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
باحث: اقتصاد غزة ينهار كلياً بعد عامين من الحرب
غزة - صفا
قال الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر إن اقتصاد غزة يعيش حالة شلل شبه كامل، إذ تجاوزت الخسائر الإجمالية 70 مليار دولار، وتراجعت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الفلسطيني إلى 3% فقط.
وأوضح أبو قمر في تصريح له، الثلاثاء، أن أكثر من 95% من مؤسسات القطاع الخاص توقفت كليا، فيما ارتفعت معدلات البطالة إلى أكثر من 80% وفاقت نسبة الفقر الـ 90%، في مشهد يعكس انهيار القاعدة الإنتاجية وتحول النشاط الاقتصادي إلى مجرد اقتصاد بقاء.
وأضاف أن القطاع الصناعي فقد أكثر من 90% من قدرته الإنتاجية بعد تدمير مئات المصانع والمنشآت، لتتراجع مساهمته من 20% إلى أقل من 2%، بينما دُمّر القطاع الزراعي بنسبة 95% بعد تجريف آلاف الدونمات الزراعية، ما أدى إلى فقدان الاكتفاء الذاتي وارتفاع أسعار الخضروات بأكثر من عشرة أضعاف.
وبيّن أبو قمر أن القطاع التجاري تحت وطأة الحصار ومنع إدخال المواد الخام، لتتجاوز خسائره 8 مليارات دولار، وخسر أكثر من 100 ألف وظيفة.
وأشار إلى أن القطاع المالي، يواجه أزمة سيولة خانقة مع توقف البنوك وانتشار السوق السوداء التي تفرض عمولات تصل إلى 40% على الحوالات النقدية، لتتحول العملة إلى سلعة نادرة وترتفع الأسعار لمستويات غير مسبوقة.