البوابة نيوز:
2025-06-20@14:48:23 GMT

المقاومة العمياء التي أخذت غزة إلى الجحيم

تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في السابع من أكتوبر، خرجت حماس من خلف ضباب الخطاب المتكلّف، لتفتح على غزة أبواب الجحيم، لم تكن العملية سوى مقامرة مسلّحة بلا بوصلة، ولا ملامح مشروع.

رفعت حماس راية "المقاومة"، لكنها – في الجوهر – لم تكن إلا فعلًا انفعاليًا منزوع التخطيط، استدرجت به الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير منهجي للقطاع، دون أن تملك خطة خروج، ولا حتى خريطة سياسية تدير بها مآلات ما بعد الضربة.

ما فعلته حماس في ذلك اليوم لم يكن إلا تتويجًا لمنهج متراكم من التفرّد، وإقصاء الآخر، واحتكار القرار الفلسطيني، منذ انقلابها الدموي في عام 2007، حين انتزعت السلطة من يد السلطة الوطنية الفلسطينية بقوة السلاح، اختارت أن تدير غزة كمنطقة مغلقة تحت سلطتها، لا تحت مظلة مشروع وطني جامع، ولعبت حماس لعبة الإقصاء مع من يخالفها، وألغت من يختلف معها، واستفردت بمصير مليوني فلسطيني، دون رقابة، دون محاسبة، ودون أي حسّ بمسؤولية الشراكة.

لم تنجح حماس في السياسة، وفي ظني أنها لم تنجح أيضا في الميدان، عسكريًا، أساءت استخدام "المفاجأة" في الأيام الأولى، حين أطلقت موجة الهجوم بعيدًا عن مجمل المكونات الوطنية، ثم تركت المعركة مفتوحة على مصراعيها، دون تنسيق مع أي فصيل، ودون حساب لحجم الرد الإسرائيلي الذي جاء أعنف مما توقعه أي تقدير، انتهى الأمر بسقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، وتشريد مئات الآلاف، فيما ظل قادة الحركة يتحدثون من الخارج عن "نصر استراتيجي" لا يراه أحد سوى على شاشاتهم.

هذا الفشل العسكري لم يكن معزولًا عن سياق أوسع من الانتماءات المتضاربة التي تتحكم في قرار حماس، فالحركة لم تكن يومًا ذات ولاء فلسطيني خالص، نشأتها كانت تحت عباءة جماعة الإخوان المسلمين، ومنها استمدّت أيديولوجيتها، ورؤيتها العابرة للحدود. ثم ما لبثت أن نسجت تحالفات مع قوى إقليمية – وعلى رأسها إيران – التي دعمتها بالسلاح والمال، ولكن بثمن سياسي باهظ، جعل قرارها أسيرًا لأجندات لا تُبنى في غزة، بل في طهران، وفي غرف عمليات لا تعرف حدود فلسطين ولا طبيعة شعبها.

هذا الانتماء المتشظي أضعف استقلالية الحركة، وانحرف ببوصلتها من مشروع وطني إلى مشروع وظيفي، يخدم مصالح خارجية، ويزايد باسم القضية على حساب معاناة الفلسطينيين، حتى الإعلام لم يسلم من هذا التفرّد، إذ تسعى حماس باستمرار إلى احتكار صورة المقاومة، وتنسب لنفسها كل عمل عسكري، حتى وإن كانت فصائل أخرى صاحبة المبادرة، ولطالما استثمرت في الصورة الدعائية، أكثر من استثمارها في بناء استراتيجية حقيقية قادرة على الإنجاز لا الاستعراض.

وما يُفاقم المشهد أن قيادة الحركة تعيش في الخارج، متنقلة بين العواصم، تستقر في فنادق خمسة نجوم، بينما شعبها يحترق تحت القصف.. حياة الرفاهية التي يعيشها هؤلاء لا علاقة لها بالحرمان الذي يعانيه أهل غزة، لا كهرباء، لا دواء، لا غذاء، ولا أفق. كل ما تملكه حماس لشعبها هو خطاب استهلاكي عن "الثبات"، و"الرباط"، و"الاصطفاف خلف المقاومة"، بينما قياداتها تصدر الأوامر من عواصم بعيدة، ثم تعود لتخطب في الجنازات لمن بقي حيًا.

الرعونة السياسية كانت حاضرة دائمًا، فكل خطوة خطيرة اتخذتها حماس، كانت بمعزل عن باقي الفصائل، دون أي دراسة للعواقب. قرار الحرب لم يكن قرار إجماع وطني، بل قرار فصيل واحد يظن أنه وحده يملك حق القتال والتفاوض، وحق مصادرة دماء الناس تحت لافتة "المصلحة العليا". وهكذا، تحوّلت "المقاومة" من فعل يرتبط بالشرف إلى فعل سلطوي، يُستخدم لتكريس الحكم، لا لتحرير الأرض.

وفي ظل هذا الانسداد، كانت مصر، كالعادة، تمارس دورها العروبي الثابت، بخطاب عقلاني لا يتأثر بالاستفزازات، وذلك لسبب بسيط هو أن مصر لم تنظر يومًا إلى القضية الفلسطينية من زاوية الفصائل، بل من زاوية الشعب، دعمت الحق الفلسطيني عبر التاريخ، منذ 1948، وقدّمت آلاف الشهداء، وأبقت ملف فلسطين على رأس أولوياتها رغم تبدّل الأنظمة والضغوط الدولية.

اليوم، مصر تميّز بين الموقف من ممارسات حماس، وموقفها من الشعب الفلسطيني. فتحت معبر رفح رغم الدمار، واستقبلت المصابين والجرحى، وقدّمت المساعدات اليومية، وأقامت مستشفيات ميدانية، وأرسلت القوافل الطبية، وتحملت فوق طاقتها، دون أن تطلب شكرًا، رغم أن قيادات حماس لم تتوقف عن إطلاق تصريحات مستفزة، بل أحيانًا خارجة عن حدود الأدب السياسي.

بل إن مصر – بما تحمله من ثقل دبلوماسي – أفسحت المجال لكافة المبادرات، وأبقت خيوط التفاوض قائمة، رغم تعنت الطرفين، محاولة وقف الحرب بأي وسيلة، وحماية المدنيين من طاحونة القتل المجاني، لم تساوم مصر على دم الفلسطيني، بل رفعت صوتها عاليًا في المحافل الدولية دفاعًا عن القضية، لا عن سلوك الفصائل.

والأهم هو أن مصر تملك من الحكمة ما يفرّق بين القضية وبين من يعبث بها، وهي ترى أن النضال لا يُقاس بعدد الصواريخ، بل بنتائجه الواقعية، وقدرته على إعادة الحقوق لا على تراكم الجثث، وأن المقاومة الحقيقية لا تكون بقتل الأمل في قلوب الناس، بل ببنائه، والبناء لا يكون بالعناد السياسي بل بالتوافق الوطني. وهذا ما فشلت فيه حماس مرارًا، لأنها لا تؤمن بفكرة الوطن أصلًا، بل بفكرة الجماعة، وما دونها فرع وتفصيل.

إن التاريخ سيذكر كثيرًا من مشاهد البطولة في فلسطين، لكنه لن يرحم من استخدم دم الشهداء ليرسّخ حكمه، ومن تاجر بالدمار ليبرّر الفشل، ومن اختبأ خلف ستار "المقاومة" ليهرب من فشله في بناء دولة، أو حتى إدارة قطاع محاصر.

فلسطين تستحق من يحملها كهوية، لا من يحملها مثل راية حزبية، وتستحق مقاومة تعرف متى تقاتل، ومتى تفاوض، ومتى تصمت لأجل الناس، لا لأجل الكاميرات، لذلك نقول بوضوح ونقول عكس التيار وننتظر الهجوم من الكثيرين نقول ما لم يتم استرداد القرار الوطني من يد من خطفوه، ستظل غزة تحترق، بينما من أشعلوا النار يراقبون من بعيد.. بلا ندم، بلا خجل.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حماس مصر

إقرأ أيضاً:

ألكسندر أرنولد: مباراتي الأولى مع الريال كانت رائعة

لعب ترينت ألكسندر أرنولد مباراته الرسمية الأولى مع فريقه الجديد ريال مدريد الإسباني ضد الهلال السعودي، مساء أمس الأربعاء، في الجولة الأولى بالمجموعة الثامنة من دور المجموعات بمسابقة كأس العالم للأندية لكرة القدم.

وفرض الهلال التعادل الإيجابي 1 / 1 مع ريال مدريد، في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء، حيث تقدم الفريق الملكي، الذي خاض مباراته الرسمية الأولى تحت قيادة مدربه الشاب تشابي ألونسو، في الدقيقة 34 عن طريق جونزالو جارسيا، قبل أن يدرك البرتغالي روبن نيفيز التعادل للهلال من ضربة جزاء في الدقيقة 41.

وشهدت الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي للشوط الثاني، تصدي المغربي ياسين بونو لضربة جزاء من الأوروجواياني فيدريكو فالفيردي، قائد ريال مدريد، ليحافظ على نقطة ثمينة لفريقه في مستهل مشواره بالبطولة مع مدربه الجديد الإيطالي سيموني إنزاجي، مدرب إنتر ميلان السابق.

كان الإنجليزي الدولي الذي تم تقديمه كلاعب جديد رسميا في 12 يونيو الجاري، جزءاً من التشكيلة الأساسية التي خاضت لقاء الريال مع الهلال، حيث لعب لمدة 65 دقيقة.

وصرح أرنولد عقب المباراة: "كانت مباراتي الأولى مذهلة. اللعب لريال مدريد أمر يحلم به الجميع، مع أننا أيضاً نشعر بخيبة أمل لعدم فوزنا. الانتصار في كل مباراة أمر متجذر في عقلية ريال مدريد.كانت هناك العديد من الإيجابيات، خاصة في الشوط الثاني".

وأضاف أرنولد في تصريحاته، التي نقلها الموقع الإلكتروني الرسمي لناديه:"في الشوط الثاني، استحوذنا على الكرة، وهو ما افتقرنا إليه في الشوط الأول، ينبغي علينا امتلاك الكرة لأطول فترة ممكنة".

وأشار لاعب ليفربول الإنجليزي السابق: "قدمنا أداء أفضل في الشوط الثاني، وأجبرناهم على الدفاع أكثر ووصلنا إلى منطقتهم، ركلات الجزاء أمور تحصل في كرة القدم ولا يجب إلقاء اللوم على أحد".

وشدد على أن "هناك أمورا يتعين علينا العمل عليها، وأنا متأكد من أننا سنقدم أداء أفضل في المباراة القادمة".

وفيما يتعلق بدعم المشجعين، قال نجم منتخب إنجلترا: "كان الأمر مذهلا. لاحظت هذا الدعم منذ لحظة انضمامي للفريق، جماهير ريال مدريد منتشرة في جميع أنحاء العالم، تشعر بهذا الدعم في الفندق وفي التدريبات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نريد أن نشكرهم، لقد حظينا بدعم رائع في المدرجات، وكان الأمر رائعا".

واختتم أرنولد تصريحاته، حيث قال: "أتعلم الإسبانية منذ شهرين، عندما علمت بقدومي، كنت أريد أن أتعلم حتى أتكيف بشكل أفضل، كان ذلك مهما بالنسبة لي، إنه بلد جديد، فريق جديد، ومدينة جديدة، من المهم أن تظهر نيتك في التأقلم مع الثقافة على أفضل وجه ممكن، هذا ما أقوم به".

مقالات مشابهة

  • للتجسس.. إيران تخترق الكاميرات الأمنية الخاصة في إسرائيل
  • إيران كانت على بُعد قرار واحد من النيران.. ماذا أوقف ترامب؟
  • وزير التربية: مواضيع البكالوريا كانت في المستوى ووفق الشروط المطلوبة
  • حماس: نقاط توزيع مساعدات تحوّلت إلى مصائد موت جماعي
  • مع الهندى كرت كانت في الدامر
  • "لهيب الجحيم".. إصابة شاب سقط من علو في عين شمس
  • إسرائيل تعلن تفجير قلب إيران النووي"..تفاصيل جديدة عن قصف مفاعل راك يفتح أبواب الجحيم
  • ألكسندر أرنولد: مباراتي الأولى مع الريال كانت رائعة
  • إيران تتوعد الإسرائيليين: موت بطيء في الملاجئ أو هروب من الجحيم
  • اليوم السادس من الجحيم.. إسرائيل وإيران تتبادلان الضربات فوق المنشآت النووية