اليوم السادس من الجحيم.. إسرائيل وإيران تتبادلان الضربات فوق المنشآت النووية
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
منذ سنوات، تخوض إسرائيل وإيران حربًا غير معلنة، تتنقّل بين ميادين خفية في سوريا ولبنان، وضربات سيبرانية، واغتيالات متقنة، ولكن في الجمعة 13 يونيو 2025، خرج هذا الصراع من الظل إلى الضوء، حين أعلنت إسرائيل تنفيذ سلسلة من الضربات الدقيقة ضد أهداف إيرانية داخل العمق الإيراني، أدت إلى مقتل عدد من أبرز القادة العسكريين الإيرانيين، إضافة إلى علماء في البرنامج النووي.
ومنذ ذلك اليوم، تتصاعد وتيرة المواجهة بشكل يومي، ومع دخولها يومها السادس صباح الأربعاء، بات الحديث عن حرب إقليمية مفتوحة أمرًا واقعيًا أكثر من أي وقت مضى.
في أول خطاب مباشر منذ بداية الضربات، خاطب المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، الأمة الإيرانية برسالة شديدة اللهجة، وذلك بعد يوم واحد فقط من دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطهران بـ"الاستسلام دون قيد أو شرط".
وقال خامنئي: "ليعلم الأمريكيون أن الأمة الإيرانية لن تستسلم، وأن أي تدخل عسكري من جانبهم سيؤدي بلا شك إلى أضرار لا يمكن إصلاحها"، مضيفًا أن: "الحكماء والعارفون بإيران وشعبها وتاريخها لا يتحدثون مع هذه الأمة بلغة التهديدات".
اعتُبر الخطاب رسالة مزدوجة: تحذير لواشنطن، وتثبيت داخلي للصمود الشعبي وسط التصعيد المتزايد.
إسرائيل تكثّف الضربات.. أكثر من 50 طائرة تستهدف العمق الإيرانيفي تطور لافت على صعيد القدرات العسكرية المستخدمة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شنّ ليلة الثلاثاء-الأربعاء، أوسع ضربة جوية منذ بداية المواجهة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "أكثر من 50 طائرة حربية لسلاح الجو نفّذت سلسلة غارات ضد أهداف عسكرية نوعية في إيران".
وأوضح أدرعي أن الغارات استهدفت:
• موقعًا لإنتاج أجهزة طرد مركزي في طهران، قال إنه "كان يهدف لتمكين النظام الإيراني من توسيع وتيرة تخصيب اليورانيوم بهدف إنتاج سلاح نووي".
• مصانع لإنتاج الوسائل القتالية، تشمل مواد خام ومستندات خاصة بصواريخ "أرض-أرض".
• مواقع تطوير صواريخ أرض-جو، تهدف إلى التصدي للطائرات الحربية الإسرائيلية.
الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: شلّ قدرات إيران النووية والعسكرية في آن واحد، وإبقاء الضغط عند مستويات قصوى.
إيران ترد بصواريخ "فتاح 1" الأسرع من الصوتفي المقابل، أعلن الحرس الثوري الإيراني، عبر بيان بثه التلفزيون الرسمي الإيراني، أن وحداته أطلقت صواريخ تفوق سرعة الصوت من طراز "فتاح 1"، ضمن ما سماه "الموجة الحادية عشرة من عملية الوعد الصادق 3".
وقال البيان العسكري إن هذه الصواريخ استهدفت مواقع إسرائيلية حساسة، وإنه تم تحقيق "سيطرة كاملة على أجواء إسرائيل".
هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إيران استخدام هذا الطراز المتقدم من الصواريخ في مواجهة مباشرة، وهو ما اعتبره مراقبون تصعيدًا نوعيًا غير مسبوق في طبيعة الرد الإيراني.
ترامب يتوعد: "قتل خامنئي ممكن بسهولة"في تصعيد سياسي خطير، نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منشورًا على منصته "تروث سوشيال"، قال فيه:
"بلادنا قادرة بسهولة على قتل المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي".
وجدد ترامب دعوته إلى "استسلام غير مشروط" لإيران، في إشارة واضحة إلى احتمال تدخل عسكري أمريكي مباشر في حال تصاعدت الضربات المتبادلة أو تم استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة.
تصريح ترامب أثار عاصفة من ردود الفعل في الأوساط الدولية، حيث اعتبرته طهران تهديدًا باغتيال أعلى سلطة في البلاد، ما قد يدفع بالأزمة إلى نقطة اللاعودة.
هل تتدخل أمريكا عسكريًا؟الأسئلة تتكاثر بشأن موقف واشنطن من هذا التصعيد:
• هل تتحرك الولايات المتحدة عسكريًا دعماً لإسرائيل؟
• أم تكتفي بالدعم الاستخباراتي واللوجستي من الخلف؟
• وماذا لو استهدفت إيران قواعد أمريكية في الخليج أو العراق؟
وفق مراقبين، فإن سيناريو توسيع الجبهة وارد جدًا، لا سيما بعد ربط واشنطن الملف النووي الإيراني بـ"الأمن العالمي"، كما جاء في تصريحات وزير الدفاع الأمريكي قبل يومين.
الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية شاملةبعد ستة أيام من القصف المتبادل، والتهديدات المتصاعدة، والتصريحات النارية بين خامنئي وترامب، باتت المنطقة أمام خيارين أحلاهما مر:
• إما الانجرار إلى مواجهة إقليمية موسعة تشمل إسرائيل، إيران، وربما أمريكا وحلفاءها.
• أو العودة العسيرة إلى طاولة المفاوضات، ولكن بشروط أكثر تعقيدًا، ووسط جراح مفتوحة.
لكن في ظل إطلاق صواريخ فرط صوتية، وضرب مواقع تخصيب نووي، والحديث عن اغتيال قيادات عليا، يبدو أن الوقت لم يعد في صالح التهدئة.
من جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن استمرار التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران قد يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل المباشر، كما حدث خلال حرب أكتوبر 1973، حينما طلبت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير دعماً عاجلاً من واشنطن، مؤكدًا أن إسرائيل غير قادرة على خوض حرب طويلة، محذرًا من انهيار داخلي محتمل إذا استمر التصعيد، في ظل غياب القيادة الفاعلة، وتراجع ثقة المواطن الإسرائيلي الذي يعيش في الملاجئ بلا تأثير حقيقي على مسار الأزمة.
وأضاف فهمي، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الولايات المتحدة باتت شريكًا مباشرًا في إدارة المعركة من خلال غرفة عمليات استراتيجية مشتركة، وأن طيارين أمريكيين يشاركون فعليًا في التصدي للصواريخ الإيرانية.
كما رجّح أن تلجأ واشنطن، إذا تعقدت الأوضاع، إلى مسار سياسي أو دبلوماسي بالتنسيق مع حلفاء دوليين مثل بريطانيا وروسيا، في محاولة لاحتواء التصعيد ومنع تفجر الأوضاع بشكل يصعب السيطرة عليه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إيران إسرائيل الحرب الإيرانية النووي
إقرأ أيضاً:
خبير: التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران يُنذر بانفجار إقليمي شامل
في ظل التصاعد المتسارع للمواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، وامتداد الضربات الجوية المتبادلة إلى عمق الأراضي الإيرانية، وتوسع نطاق الردود العسكرية في مناطق متفرقة من الإقليم، بات العالم أمام منعطف خطير يهدد بانفلات أمني واسع النطاق في منطقة الشرق الأوسط، مع احتمالات جدية لانزلاق الأوضاع إلى مواجهة شاملة تتجاوز الحسابات التقليدية للطرفين.
وفي هذا السياق، شدد الدكتور عمرو حسين، المحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، على أن العالم يتابع بقلق بالغ التطورات الأخيرة المتمثلة في الضربات العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد أهداف داخل إيران، معتبرًا إياها تصعيدًا جديدًا وخطيرًا من شأنه أن يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وينذر بانعكاسات تتجاوز الحدود الجغرافية للصراع.
وأضاف حسين في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذه العمليات، مهما كانت مبرراتها الأمنية والسياسية، تعكس فشلًا واضحًا في احتواء التوترات عبر المسارات الدبلوماسية، وكرّست منطق القوة على حساب الشرعية الدولية وحق الشعوب في الاستقرار والتنمية، لافتًا إلى أن تجارب العقود الماضية أثبتت أن الحلول العسكرية لا تُنتج استقرارًا حقيقيًا، بل تعمّق الأزمات وتؤسس لصراعات جديدة أكثر تعقيدًا.
وأشار إلى أن المنطقة لا تحتمل المزيد من التصعيد العسكري، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة في عدة دول، وانهيارات البنى التحتية في دول النزاع، وتداعيات الأزمات الإنسانية في غزة وسوريا واليمن، إلى جانب التأثيرات المباشرة على أسواق الطاقة العالمية، التي باتت أكثر هشاشة أمام أي اضطراب أمني في الخليج أو مضيق هرمز.
وشدد حسين على أن المجتمع الدولي بات مطالبًا بتحرك عاجل لوقف هذا النهج التصادمي، وتهيئة بيئة مناسبة للحوار وتسوية الخلافات ضمن أطر سياسية عادلة، بدلًا من الانجراف نحو سياسات القصف المتبادل التي لا تخلّف سوى الدمار وعدم الاستقرار.
وفي ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، اعتبر الدكتور حسين أنه لا يمكن التعامل معه بسياسة الضربات المتفرقة أو محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة، بل يجب العودة إلى إطار تفاوضي شامل يراعي هواجس الأمن الإقليمي، ويضمن التزام طهران بالاتفاقات الدولية، في ظل رقابة شفافة تحقق التوازن بين حق الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية ومتطلبات الأمن الجماعي.
وأضاف أن استمرار الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية قد يُشعل ردود فعل مماثلة من جانب طهران أو حلفائها في المنطقة، مما يُنذر بانزلاق الوضع إلى حرب متعددة الجبهات تشمل دول الجوار وتهدد أرواح المدنيين، وتُغذي موجات نزوح جديدة، وتُعيق محاولات التنمية التي تتطلع إليها شعوب المنطقة منذ عقود.
وحذر الدكتور عمرو حسين من مغبة استمرار دوامة التصعيد، داعيًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة القوى الدولية الفاعلة إلى التحرك العاجل لوقف الأعمال العدائية، واستئناف مفاوضات جادة وشاملة تعالج جذور التوترات الأمنية والسياسية بعيدًا عن منطق الانتقام وردود الفعل.
كما دعا وسائل الإعلام والمؤسسات البحثية إلى الاضطلاع بدور مسؤول في توعية الرأي العام بخطورة التصعيد، وتغليب أصوات السلام والاحتكام إلى القانون الدولي، مؤكدًا أن الطريق إلى استقرار الشرق الأوسط لا يمر عبر الصواريخ والقنابل، بل عبر طاولة التفاوض والثقة المتبادلة.
وختم بالقول: "لقد آن الأوان لتنتصر إرادة الشعوب على إرادة السلاح، ولتبنى المنطقة على أسس التنمية والسلام لا على أنقاض المواجهات المفتوحة."