سودانايل:
2025-06-17@19:12:10 GMT

الإعيسر .. العنف الرمزي وإختلال الوظيفة

تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT

كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد

في مشهد ميلودرامي يحمل رمزية غاية في التعقيد والدهشة، ظهر وزير الإعلام السوداني وسط جمع من الناس مستهلاً عملية "رجم" لمُجسم شخصية (حميدتي) وفي خضم تقديمه عبر الميكرفون من الجمع المنفعل بسريالية المشهد ليشرع في عملية الرجم كان المسؤول الأول في السودان عن "الثقافة" قد حمل حجراً وهوى به وهو يضحك على رأس المُجسم.

.. فبدتْ على الأفق البعيد رافعات الحاويات في الميناء المُطِل على البحر تُشاكِسن الحقيقة بالنفي. بينما كانت صيحات الهتاف المنفعل تتعالى بالتكبير والوزير يفترُ ثغره عن إبتسامة تضاهي إبتسامة طفل يعاني متلازمة داون تم إغراءه بقطعة حلوى كي يُلقي خطاباً سياسياً وسط النُظارة فيشجعونه على المزيد إستحساناً للموقف. والبحر الأحمر القاني من خلف الوزير قد تهيجت ضفتاه، لا إصطفاقاً من حبور، وإنما ضيقاً من تسفّلٍ، حيث تَغَوّر في دوامة ما لها من قرار. والشمس السابحة في السماء تكورت على نفسها خجلاً و إستخفافاً وإستهجاناً بالفعل والفاعل.
لو أن مسؤول الثقافة الأول إعترض على كل المشهد من خلال ما تفرضه موجبات وزارته(غير العقابية) لكان له في ذلك شرف لا يدانيه شرف، بأنه شخص خليق بأن يقوم على خدمة الثقافة من منظور ما تقتضيه من تهذيب وتشذيب للنفوس والأوراح ومجمل السلوكيات... ولبدا للناس أن هنالك فروقات جوهرية بين مُتسنِم منصب الثقافة و (المُرجوم الذي إستمد وعيه من بنية العقل الرعوي) ولَبَانَ البَونُ شاسعاً لأهل النظر والإعتبار أن السودان عبارة عن عوالم متباينة من دوائر تشغلها الثقافة وما تقدحه في العقل من همة البحث والظمأ المفرط للمعرفة، وفي الروح وما يكتنف براحاتها مِن تطلع لا نهائي لكل ما هو متسامي ونبيل. وبين ما نُسب ويُنسب لمنسوبي صاحب المُجسم من قبيح الطبائع والطباع. ولبدا للمراقب أن الخصمان المتحاربان عالمان مختلفان يفصل بينهما بحر من رجاحة العقل وإتقاد الضمير... بيد أن الوزير راح بفعلته السوقية يؤكد أن الحرب بين ( أحمد وحاج أحمد كلاهما في الهمجية سواء) ولا يكاد أحدهما يتفوق على الآخر برفعة ثقافة أو وضاعة مَنبتٍ... هكذا أخلَّ وزير الثقافة بموجبات وظيفته فأنحدر بها مع أمواج البحر في لا قرار ولكأن حُمرة البحر قد إستمدت لونها من دم الثقافة المسفوح على الضفاف.
إن وظيفة الثقافة في المجتمع هي وظيفة تقوم على تعزيز الفضائل. وتعلي من قدر الضمير إزاء مراقبة الذات عند تفلت شهوات الإنتقام. فهي تعمل من داخل الذات على بناء برج مراقبة ذاتي بين ما يجب وما لا يجب. بين ما هو منكر ومقبول.. بين الجميل والمستقبح فهي أي - الثقافة - سلطة في ذاتها تقوم عليها سلطة تنتجها لنتج هي سلطة على السلطة، وبذلك فهي معمار يتمكن بفضله الناس من مراقبة ذاوتهم بذاتهم... لا يتركون لها العقال كي تمضي كيفما إتفق وإنما وَفق حالة منضبطة من كل ما هو مترع بالجمال، مشبع بفيوض التراحم ومنسجم مع معاني الإشراق. ومتسق مع الوجدان السليم ومتوافق مع الفطرة القويمة. ينبذ العنف ولا يحض عليه. يستخدم في ذلك كل مؤسسات وأدوات الإرتقاء ببني البشر ينتجها الشعراء والفنانون والمبدعون وأهل الفكر وذوو البصائر في شتى الضروب. لا يتبعهم الغاوون المشّاؤون في الناس بكل ما هو ذميم و مرزول ومستقبح. ولا يلج معارج سماواتهم حملة المباخر التي تتصعد منها أبخرة الكراهية والتباغض والبغضاء.
د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الملك عبدالله الثاني… صوت العقل في عالم يضج بالحروب

صراحة نيوز _ عدي أبو مرخية

في وقت يعيش فيه العالم على حافة الانفجار، خاصة منطقتنا العربية التي لم تهدأ من الحروب والصراعات، يخرج صوت جلالة الملك عبدالله الثاني ليقول: هناك طريق آخر… طريق السلام.

بينما تسعى بعض الدول إلى فرض حلولها بالقوة والسلاح، يصرّ الملك على أن الأمن لا يُبنى على الدمار، بل على العدالة والكرامة والاحترام المتبادل. وفي كلمته الأخيرة أمام البرلمان الأوروبي، لم يكن الملك مجرد زعيم سياسي يلقي خطابًا، بل كان صوتًا صادقًا يحمل هم المنطقة كلها، ويتحدث باسم الشعوب التي تبحث عن الأمل.

قالها الملك بوضوح: “السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم”، وأضاف أن العالم يعيش في حالة انفلات، وكأن بوصلته الأخلاقية ضاعت. كلماته لامست الحقيقة، فالعالم اليوم يبدو كأنه فقد القدرة على التمييز بين الحق والباطل.

وفي ظل التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، حذر الملك من أن الأمور قد تنزلق إلى حرب لا تُعرف نهايتها، وربما تدفع المنطقة كلها نحو المجهول. لكنه، في نفس الوقت، لم يفقد الأمل، بل دعا الجميع للتمسك بالقيم والمبادئ، وقال إن “الفلسطينيين، مثل كل شعوب الأرض، لهم الحق في الحرية وإقامة دولتهم”.

الملك عبدالله لا يكتفي بالكلام، بل يعمل بلا توقف، يتحرك من منبر إلى منبر، يضع الأردن في قلب الجهود الدولية من أجل السلام. يذكّر العالم أن هناك طريقًا آخر، بعيدًا عن الكراهية، قائمًا على الحوار والإنسانية.

في هذا الزمن الصعب، يظل صوت الملك عبدالله الثاني واحدًا من الأصوات القليلة التي تدعو للعقل، وتذكرنا أن الإنسانية ما زالت ممكنة… إذا كانت لدينا الشجاعة لاختيارها.

مقالات مشابهة

  • "مصطفى" يبحث مع سلطة النقد إجراءات معالجة فائض عملة الشيكل في المصارف
  • مَن يحفظُ ماءَ وجهِ الأمّة؟
  • الملك عبدالله الثاني… صوت العقل في عالم يضج بالحروب
  • روبوت يرصد صحة النباتات من الداخل
  • صرخات يائسة من داخل صنعاء.. موالون للحوثي يصرخون طالبًا لصرف الراتب
  • تجدد الاشتباكات القبلية في شبوة
  • التكفل بالنساء ضحايا العنف وغيرها..الرئيس تبون يترأس اجتماعا للوزراء
  • كيف أجيب على سؤال أين الله؟.. الإفتاء توضح الرد الشرعي
  • غضب شعبي بتوغو بعد تعديلات دستورية ترسخ سلطة الرئيس
  • المهدوي: البعثة تسعى إلى تشكيل ملتقى حوار سياسي جديد