في يوم بدا عاديًا في الولايات المتحدة، شهدت الأسواق واحدة من أكثر الأيام تقلبًا وإثارة للجدل في تاريخها الحديث. لكن ما بدا كأزمة اقتصادية، تبيّن لاحقًا أنه قد يكون أكبر مخطط مالي يستهدف الاقتصاد الأمريكي والمواطنين العاديين، نفّذه رجل واحد من داخل البيت الأبيض وهو دونالد ترامب. وبين تصريحات مفاجئة وتغريدات غامضة وحركة غير معتادة في الأسواق المالية، تتكشف ملامح ما وصفه مراقبون بأنه "أكبر عملية نصب علنية في تاريخ الولايات المتحدة".

ترامب يُشعل الحرب التجارية من جديد

قبل أيام، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية ضخمة على الواردات من عشرات الدول حول العالم. القرار المفاجئ أشعل الأسواق وأربك المستثمرين، وسرعان ما انهارت البورصات الأمريكية، وسط ذعر عالمي وقلق من عودة شبح الركود. البورصات فقدت ما يقرب من 10 تريليونات دولار في ساعات، بينما اشتعلت حرب تجارية مباشرة مع الصين، وصلت فيها التعريفات الجمركية إلى 145% على البضائع الصينية.

الضرر لم يكن فقط اقتصادياً، بل امتد إلى نفسية السوق. المستثمرون الصغار والمواطنون العاديون بدأوا ببيع أسهمهم بسرعة محاولين تقليل الخسائر، وسط حالة من الفوضى وعدم اليقين. لكن المفاجأة لم تكن في هذا الانهيار، بل في ما تلاه.

المرحلة الثانية من المخطط

في ذروة الانهيار، وبينما كان المواطنون يبيعون بأسعار متدنية، خرج ترامب بتصريحات متكررة عبر منصته "تروث سوشال"، يشجع فيها الناس على الشراء، واصفًا إياها بـ"الفرصة التي لا تعوض". ثم، في يوم 9 أبريل الساعة 9:37 صباحًا، غرّد ترامب على منصة "إكس" قائلًا:

"الآن وقت مناسب للشراء... DJT".

وهنا تكمن الحبكة: “DJT” ليست إلا شركة ترامب المدرجة في البورصة، وتحمل الأحرف الأولى من اسمه "Donald J. Trump". توصية مبطّنة ومباشرة للشراء، لكنها كانت موجهة إلى دائرة محددة جدًا.

الضربة القاضية| تأجيل الرسوم والانفجار في السوق

وبعد تلك التغريدة بـ4 ساعات فقط، أعلن ترامب تأجيل الرسوم الجمركية على أكثر من 90 دولة لمدة 90 يومًا. القرار المفاجئ قاد الأسواق إلى ارتداد عنيف. الأسهم التي كانت قد انهارت، ارتفعت فجأة بنسب جنونية. مؤشر S&P 500 قفز بنسبة 9.5% خلال ساعات، مضيفًا 4 تريليونات دولار لقيمة السوق.

أما أسهم “DJT”، فارتفعت بنسبة 22% في يوم واحد، ما زاد من ثروة ترامب الشخصية بمقدار 415 مليون دولار خلال ساعة فقط. لكن هذه القفزة لم تكن عشوائية.

التحركات المريبة.. من كان يعرف؟

قبل الإعلان عن تأجيل الرسوم بساعات، شهدت السوق ارتفاعًا مفاجئًا وغير مبرر في تداول عقود الخيارات (Call Options)، وهي أدوات مالية تُستخدم للمراهنة على ارتفاع الأسعار. كان من الواضح أن هناك من يعلم مسبقًا بما سيحدث. وعندما جاء إعلان ترامب، تحوّل أصحاب هذه العقود إلى مليونيرات في يوم واحد.

المستفيدون؟ كبار رجال الأعمال، أصحاب صناديق التحوط، وبعض السياسيين القريبين من إدارة ترامب. أما الخاسرون؟ فهم المواطنون البسطاء الذين باعوا بخسارة، والذين انتخبوا ترامب على أمل أن يعيد لهم "عظمة أمريكا".

الاحتيال المقنّن| مخطط Pump and Dump بحلة رئاسية

المخطط الذي تم تنفيذه، معروف جيدًا في عالم المال باسم “Pump and Dump”. يعتمد على إسقاط الأسهم عمدًا أو استغلال انهيارها، ثم شراؤها بأسعار متدنية، قبل التلاعب في السوق لدفعها للصعود مرة أخرى وبيعها لتحقيق أرباح خيالية. الفرق هنا أن من نفذه ليس مضاربًا عاديًا، بل رئيس سابق يمتلك منصة إعلامية ونفوذ سياسي ضخم.

ردود الأفعال.. غضب سياسي وتحقيقات محتملة

بعد ما حدث، لم تصمت الأوساط السياسية. عدد من أعضاء الكونغرس، بينهم السيناتورة إليزابيث وارن، وصفوا ما حدث بأنه:

"أكبر عملية تلاعب بالأسواق في تاريخ أمريكا الحديث".

البيت الأبيض، في المقابل، رد بتصريح مقتضب جاء فيه:

“من حق الرئيس دستوريًا طمأنة السوق عبر التغريدات.”
 

لكن الأمور لم تتوقف عند ذلك، فقد كشفت صحيفة واشنطن بوست أن صناديق التحوط بدأت برمجة خوارزميات تداولها بناءً على تغريدات ترامب، ما يعني أنه تحوّل فعليًا إلى "مؤشر تداول بشري" يؤثر على المليارات في لحظة.

الفيديو الفضيحة| ضحكات المليارات في البيت الأبيض

وفي تسريب مرعب، تداول ناشطون مقطع فيديو من داخل البيت الأبيض، يظهر ترامب يضحك مع أعضاء من إدارته ويشير إلى اثنين من الحاضرين قائلًا:

"ده عمل 2.5 مليار دولار النهارده، وده كسب 900 مليون... مش حاجة وحشة صح؟"

الرجل الأول، وفق التقارير، هو تشارلز شواب، صاحب شركة استثمارية عملاقة، وأحد المقرّبين من ترامب. الفيديو انتشر كالنار في الهشيم، وفتح الباب أمام دعوات للتحقيق الفوري، واتهامات بالفساد والتربح من معلومات داخلية.

من يحمي السوق حين يكون المخطط من داخله؟

ما حدث ليس مجرد تلاعب بالأسواق، بل تحدٍّ صارخ لقواعد الاقتصاد والنزاهة السياسية. لم تكن هذه مجرد أزمة مالية عابرة، بل مخططًا ممنهجًا لنقل الثروة من جيوب الفقراء إلى أرصدة الأغنياء، ومن حسابات المواطنين إلى مكاتب كبار المضاربين.

يبقى السؤال: هل ما زالت أمريكا دولة مؤسسات وقوانين، أم أصبحت سوقًا مفتوحة للتلاعب.. حتى من أعلى قمة فيها؟ وهل ستحاسب العدالة رئيسًا سابقًا إن ثبت تورطه في هذا المخطط؟ الأيام القادمة ستجيب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوم جمركية المواطنون الأسواق المالية المزيد فی یوم

إقرأ أيضاً:

بوتين: روسيا تظل ضمن أكبر خمسة مصدّرين للأسلحة عالميا وبحاجة لتعزيز مكانتها

قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده تحافظ على مكانتها الرائدة في سوق الأسلحة الدولية، وتظل ضمن أكبر خمسة مصدّرين، وإن كان قد أشار إلى أن موسكو بحاجة إلى تعزيز مكانتها في الأسواق العالمية.

وأضاف بوتين، خلال اجتماع للجنة التعاون العسكري التقني: تظل روسيا ضمن المراكز الخمسة الأولى في سوق الأسلحة العالمية وتحافظ على مكانتها الرائدة في العديد من المجالات، مشيرًا إلى أن هذا المؤشر يؤكد مرة أخرى على جودة وموثوقية وكفاءة المنتجات العسكرية التي يصنعها صانعو الدروع.

ونقلت وكالة تاس الروسية عن بوتين قوله: إن تطوير التعاون العسكري التقني يمثل أداة مهمة للتحديث التكنولوجي للجيش والبحرية الروسية، وإن روسيا بحاجة إلى تعزيز مكانتها في الأسواق العالمية في هذا الصدد.

وأضاف: ينبغي علينا أيضًا اعتبار تطوير التعاون العسكري التقني أداة مهمة للتحديث التكنولوجي للجيش والبحرية الروسية، وفي الوقت نفسه، يجب بالتأكيد تعزيز مكانتنا في الأسواق العالمية.

وأكد الرئيس الروسي أن محفظة طلبات منتجات الدفاع الروسية حاليًا كبيرة - تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، وهناك أيضًا حاجة إلى بناء استباقي لأحجام الصادرات، موضحا أن مستقبل الأسواق العالمية ينتمي في الوقت الحاضر إلى التطورات المتقدمة، بما في ذلك استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وتابع: إنه إلى جانب العينات التقليدية من الأسلحة، يجب إيلاء اهتمام خاص للعينات الواعدة، المطلوبة لقواتنا المسلحة، والتي تتمتع بإمكانات تصديرية، بما في ذلك الأنظمة الروبوتية، والمركبات الجوية والبرية والبحرية وتحت الماء، وأنظمة الليزر ونظام التحكم في القوات، والتي تستخدم فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي. مستقبل سوق الأسلحة العالمي ينتمي إلى مثل هذه الآلات.

وشدد الرئيس الروسي على أن المنافسة الأقوى تتطور بالفعل في هذا المجال الآن، وستكتسب زخمًا في المستقبل، ويجب على روسيا أن تكون مستعدة لذلك، مؤكدا التزامات روسيا التصديرية بشأن إمدادات الأسلحة قد تم الوفاء بها بشكل عام في عام 2024.

وقال: في العام الماضي قامت روسيا، ومصانعنا، بتنفيذ التزاماتها التصديرية بشكل عام.

وأضاف الرئيس الروسي أن اجتماع اللجنة سيخصص لتلخيص نتائج العمليات في هذا المجال في عام 2024، مشيرًا إلى الأهمية الاستراتيجية لهذا الموضوع.

مقالات مشابهة

  • في حملات تموينية.. الداخلية تضبط 4 أطنان دقيق مدعم
  • روسيا وأوكرانيا تتبادلان 390 أسيرا في أكبر عملية تبادل في الحرب
  • بوتين: روسيا تظل ضمن أكبر خمسة مصدّرين للأسلحة عالميا وبحاجة لتعزيز مكانتها
  • سامسونج تفاجئ الجميع .. تغييرات محتملة في أسماء هواتف Galaxy S26
  • روسيا وأوكرانيا تعلنان عن أكبر عملية تبادل أسرى منذ اندلاع الحرب
  • عقب قرار المركزي.. ما هو مصير الدولار أمام الجنيه بالأسواق المصرية عقب خفض الفائدة للمرة الثانية علي التوالي؟
  • ترامب يطلق أكبر مشروع دفاعي في تاريخ أمريكا بتكلفة 175 مليار دولار
  • أمريكا .. تحقيقات حول بيان منسوب لمنفذ عملية واشنطن
  • الأردن يحبط تهريب أكبر شحنة “كريستال قاتل” في تاريخ المملكة
  • خلال 24 ساعة.. ضبط (22) طن دقيق مدعم