يمانيون:
2025-07-12@04:45:25 GMT

مدارس عفاش… قصورٌ لفاسديه

تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT

مدارس عفاش… قصورٌ لفاسديه

يمانيون ـ محمد محسن الجوهري*

لا تزال ملفات الفساد التي ارتبطت بنظام عفاش البائد تتكشف يوماً بعد آخر، فلم يكن عفاش أكثر من مجرد فاسدٍ عادي فقط؛ بل كان مفسدًا ممنهجًا حرص على أن يتغلغل الفساد المالي والإداري في كل مؤسسات الدولة، تمامًا كما سعى إلى نشر الفساد الأخلاقي بين مختلف فئات الشعب اليمني.

ومن أبرز هذه الملفات، ما يتعلق بالقصور الفارهة التي امتلكها أزلامه من قيادات ومشايخ ووجهاء وغيرهم.

فبدلاً من بناء المدارس، كان يُمنح بعضهم قطع أراضٍ ومبالغ مالية ضخمة من وزارة التربية والتعليم، ostensibly لغرض بناء مدرسة، لكن الواقع أن تلك الأموال كانت تُستخدم لتشييد منازل فخمة خاصة بهم. هذه الأساليب انتشرت خاصة في المناطق الريفية، حيث لم يكن يُطلب من الفاسدين أكثر من تقديم طلب إلى الوزارة لبناء مدرسة، ليُمنحوا بعدها الأرض والتمويل، فيما تتحول تلك “المدارس” على الورق إلى قصور واقعية لهم.

وقد كان هذا النوع من الفساد شائعًا في محافظة صعدة خلال التسعينيات وما بعدها، حيث حصل أغلب المقربين من عفاش على قصورهم بهذه الطريقة، وهي ذات القصور التي لا تزال قائمة حتى اليوم في صعدة، لم يمسسها ضرر رغم الحروب الست والعدوان السعودي الأمريكي، في الوقت الذي دُمرت فيه آلالاف من منازل المواطنين على رؤوس ساكنيها.

ولا يقتصر هذا النمط من الفساد على محافظة صعدة، بل كان متفشيًا في محافظات أخرى أيضاً. ولهذا السبب، فإن “منجزات” نظام عفاش الكثيرة التي كانت تُعرض في وسائل الإعلام، لم تكن سوى أوهامٍ على الورق، لا يراها الناس في الواقع إلا بمِجهر، ولا ينخدع بها إلا أولئك السذج الذين صُدموا بسقوط نظامه في ثورة الشباب عام 2011.

ومن هنا، فإننا نأمل من الجهات المعنية أن تفتح هذا الملف، وتعيد الأمور إلى نصابها العادل، فالشعب أحق بما سُلب منه، وينبغي أن تتطابق السجلات الرسمية للمرافق التعليمية مع ما هو موجود فعليًا على الأرض، لا سيما وأن كثيرًا من رموز الفساد قد التحقوا بركب العدوان، وغادروا الوطن للارتزاق على حساب معاناة أبناءه.

وإذا أردنا الحديث عن فساد نظام عفاش بشكل أوضح، فيكفي أن نعلم أنه غادر السلطة ومحافظة صعدة لا تحتوي إلا على مستشفى وحيد، بُني في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، ولا علاقة لعفاش به. وهذا حال أغلب المنشآت الحكومية، إذ لا يُذكر له إنجاز تنموي حقيقي سوى تعميق سياسات الاقتتال القبلي، ومحاربة الإنتاج الزراعي، وإشعال الفتن المجتمعية والطائفية، ناهيك عن الحروب الست التي راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء صعدة. ولم تكن المحافظات الأخرى أوفر حظًا من هذه السياسات العبثية.

ما بين مدارس لم تُبنَ وقصور شُيّدت فوق أحلام الفقراء، تتجلى مأساة وطن استُنزف تحت راية مشاريع كاذبة. واليوم، لم يعد الصمت مقبولاً أمام هذا الإرث الثقيل من الفساد، الذي لا تزال آثاره حاضرة في واقع الناس، من انعدام الخدمات إلى تدهور التعليم والصحة.

العدالة الحقيقية تبدأ من كشف الحقائق، ومحاسبة من استغلّ الدولة لمصالحه الشخصية حتى لا يُعاد إنتاج الماضي بأقنعة جديدة. ويبقى الأمل أن تجد هذه الملفات طريقها إلى النور، وأن يُعاد الاعتبار لكل يمني حُرم من حقه في مدرسة، أو مستشفى، أو حتى وطن.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

مقتدى الصدر: قررتُ الانسحاب لأنني لم أعد أحتمل التعايش مع الفساد

أعلن زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر أنه قرر الابتعاد عن العمل السياسي والانخراط في الشأن العام، مبررا قراره بعدم قدرته على “العيش وسط نتن الطائفية وجور الفساد”، على حد تعبيره.

ووصف الصدر، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في منصة "إكس"، السنوات الماضية بأنها كانت مليئة بـ "السم والجرح"، مشيرا إلى أنه دخل غمار السياسة “رغبة في الإصلاح”، لكنه وجد نفسه وسط “تيار فساد جارف وتناعم مع لقمة أدسم”، بحسب وصفه.

وأضاف أن من لا يهتم بالشريعة والعقيدة وسيرة النبي، ولا يكترث برأي المرجعية، ولا يخضع لمطالب الشعب، "فلا يكشف اللثام عن الفساد، ولا يميط الأذى عن الناس"، مؤكدًا أن مشاركته السياسية لم تكن بحثا عن سلطة، بل بدافع التكليف الشرعي والأخلاقي، وأنه رفض "التحالف مع الأنداد سرا وجهرا".

وشدد الصدر على أنه "لن يرضى بحكم محمد ولا غيره إذا كان ظالما أو فاسدا"، موجها انتقادات حادة للمليشيات، ولمن أسماهم بـ"الذين لا يهيبون القوات الأمنية وسلاحها".

وأكد في ختام بيانه أن مشروعه في الإصلاح مستمر، لكنه لن يعود إلا إذا شعر أن الشعب يطلبه "بصدق"، قائلاً: "سأبقى طالباً لرضا الله.. ولو طلبوا لي الرضا".

pic.twitter.com/DLriksQlML — مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) July 9, 2025

وتأتي تغريدة الصدر في وقت يشهد فيه العراق حراكا سياسيا متسارعا استعدادا للانتخابات المقبلة، وسط تصاعد للانقسامات بين القوى الشيعية، وتزايد الغضب الشعبي من الفساد والانفلات الأمني.

ولم يوضح الصدر ما إذا كان قراره نهائيا بالاعتزال السياسي، أو أنه مجرد موقف احتجاجي على مسار العملية السياسية الحالية، إلا أن لهجته العاطفية والحادة توحي بوجود أزمة ثقة متفاقمة بينه وبين الأطراف المتنفذة في الحكم.


مقالات مشابهة

  • ورش وحكى عن معالم وحرف وصناعات دمياط فى قصور ثقافة
  • مسيرات حاشدة بصعدة في 37 ساحة للتأكيد على تصاعد العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني
  • أبناء صعدة يحتشدون في 37 ساحة للتأكيد على تصاعد العمليات العسكرية ضد الكيان
  • صعدة: ضبط 5 أطنان حشيش و1.7 مليون حبة مخدرة خلال عام
  • قصور الثقافة.. جسور من الإبداع تعبر بها مصر نحو وعي أبنائها
  • مقتدى الصدر: قررتُ الانسحاب لأنني لم أعد أحتمل التعايش مع الفساد
  • في سابقة طبية.. زرع أول مضخة قلب بنبض طبيعي
  • «مستقبل وطن»: الدولة تتحرك سريعًا بتوجيهات الرئيس السيسي لمواجهة أي قصور في البنية التحتية الرقمية
  • قصور آل أبو سراح.. معلم تراثي يتحوّل إلى وجهة سياحية وثقافية نابضة بالحياة
  • وقفة في جامعة صعدة تأكيداً على الثبات في إسناد غزة