هل تعيد تركيا تشكيل التوازنات بمنطقة السرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
أنقرة (زمان التركية) –تحظى سياسات تركيا تجاه كل من سوريا والعراق خلال الآونة الأخيرة باهتمام عربي، حيث ينظر إلى أن تركيا باعتبار أنها تعيد تشكيل التوازنات بالمنطقة وتأسيس تحالف أمني إقليمي.
وفي هذا الإطار، نشر موقع عرب نيوز، السعودي، مقالا تحليليا تناول الإجراءات المهمة التي اتخذتها تركيا مؤخرا في سوريا والعراق.
وطرح المقال التحليلي تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، جون كينيدي، بشأن علاقاته مع كندا كنموذج لتركيا والعراق وسوريا. وذكر كينيدي في التصريحات المشار إليها أن الموقع الجغرافي جعل من أمريكا وكندا دول جوار في حين جعل التاريخ من الدولتين دول صديقة وجعل الاقتصاد من الدولتين شركاء وجعلت الصعوبات منهما حلفاء مشيرا إلى أن العوامل التي توحّد الدولتين أكبر من العوامل التي تفرِّقهما.
وذكر المقال التحليلي أن هذه العبارات تشرح العلاقة التي تطورها تركيا مع كل من سوريا والعراق وأن تركيا والعراق وسوريا حلفاء اقتصاديون وحلفاء ضد التهديدات المشتركة مشيرا إلى أن أنقرة تكثّف جهود إقامة جسور بين دمشق والعراق بعد انهيار نظام الأسد.
وأضاف المقال التحليلي أن العراق غيرت رؤيتها تجاه سوريا خلال الآونة الأخيرة مسلطا الضوء على زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لبغداد خلال الشهر الماضي ومساعدة هذه الزيارة في تغيير موقف العراق تجاه دمشق.
ويؤكد المقال التحليلي أن تركيا ترى بأن العلاقات البناء مع بغداد ودمشق ستصب في مصلحة المنطقة مشيرا إلى تصريحات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، التي أكد خلالها أنها لا يمكن لأي قوة هزيمة تركيا وسوريا والعراق حال اتحادهم.
وأفاد المقال أن تركيا سجلت تقدم ملحوظ في العلاقات مع بغداد منذ العام الماضي مشيرا إلى توقيع البلدين 27 اتفاقية خلال أول زيارة لأردوغان إلى العراق منذ عام 2011 وإجراء عشرات اللقاءات في قضايا المياه والطاقة والأمن والتجارة منذ ذلك الحين.
وأسرد المقال التحليلي آراء الخبراء الذي يرون أن العلاقة القائمة على التعاون بين تركيا والعراق تشكل أهمية حيوية بالنسبة لأنقرة ليس فقط بالنسبة للمصالح الاقتصادية والأمن القومي لتركيا بل أيضا لأجل استقرار أوسع بالمنطقة.
وأشار إلى أن نهج تركيا تجاه العراق يرتكز على خمس ركائز استراتيجية ألا وهى تحويل العراق إلى منصة تعاون إقليمي والتقدم بمشروع طريق التنمية لتعزيز الروابط الاقتصادية وتحقيق تعاون راسخ ضد الإرهاب وموازنة نفوذ إيران السياسي في العراق وإقامة جسر دبلوماسية بين العراق والإدارة السورية الجديدة.
وشدد المقال التحليلي على رغبة واشنطن في تقريب العراق إلى تركيا ودول الخليج للحدد من النفوذ الإيراني.
وذكر المقال التحليلي أن التغيير المهم في سياسة تركيا تجاه العراق تم إحرازه على الصعيد الأمني أكثر من المخاطر الاقتصادية، كما تطرق المقال التحليلي لخطوات تركيا تجاه الإرهاب مفيدا أن البلدين أسسا أرضية صلبة في هذا الصدد بحظر العراق لتنظيم العمال الكردستاني داخل أراضيها خلال العام الماضي.
هذا وأكد المقال التحليلي أن أنقرة تعمل على إقامة تحالف أمني إقليمي يضم سوريا والعراق بجانب لبنان والأردن بهدف التصدي لخطر داعش بامتداد الحدود السورية العراقية على وجه الخصوص مشيرا إلى توحيد الدول الثلاثة لقواها وأنه في حال نجاح تركيا في الجمع بين سوريا والعراق على طاولة المفاوضات فإن هذا الأمر سيعكس تغيير جذري في العلاقات بين الدول الثلاثة.
Tags: التوازنات بمنطقة الشرق الأوسطالعلاقات التركية السوريةالعلاقات التركية العراقيةالعلاقات السورية العراقيةتنظيم العمال الكردستانينفوذ إيران في العراق
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: العلاقات التركية السورية العلاقات التركية العراقية العلاقات السورية العراقية تنظيم العمال الكردستاني نفوذ إيران في العراق سوریا والعراق ترکیا تجاه مشیرا إلى أن ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما بعد رد "حماس".. كيف تغيّر الخطاب العربي تجاه غزة؟
أحمد الفقيه العجيلي
في الأيام الأخيرة، بدا المشهد الإعلامي العربي وكأنَّه يتهيأ لمرحلة جديدة؛ نبرة أكثر هدوءًا، وخطاب أقل انفعالًا، وتغيُّر ملحوظ في طريقة تناول بعض القنوات والمحللين لقضايا المُقاومة والحرب في غزة. وليس من الواضح ما إذا كان ذلك مجرد تبدّل في المزاج الإعلامي، أم انعكاس لتحولات أعمق في الميدان والسياسة.
وسط هذه الأجواء، قرأتُ تغريدة للدكتور لقاء مكي قال فيها إنَّ المقاومة تبدأ بفكرة وتنتهي بها، وأن السلاح مجرد تفصيل لا ينبغي اعتباره معيار البقاء أو الفناء. كانت الصياغة لافتة لأنها تختلف عمّا اعتدناه في خطابه السابق؛ حيث كان الحديث عن السلاح جزءًا أساسيًا من معادلة الصراع.
هذا التحول في النبرة أثار تساؤلات عديدة، خصوصًا أنه جاء متزامنًا مع ما يتداول في وسائل الإعلام ومنصات التواصل من حديث عن تغييرات إدارية داخل قناة الجزيرة وانعكاسها على خطها التحريري. قد يُفهم هذا التغيّر على أنه تهيئة نفسية وإعلامية للمتلقي العربي لقبول خطاب أكثر مرونة، خاصة فيما يتعلق بملف السلاح والمقاومة.
لكن المشهد اتضح أكثر بعد صدور رد حركة حماس على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف العدوان على غزة، وهو البيان الذي مثّل نقطة تحول في اللغة السياسية والإعلامية معًا.
البيان جاء بصياغة مُتَّزِنة وذكية، تُمسك العصا من المنتصف، وتبعث رسائل مُتعددة الاتجاهات. فقد استخدمت حماس لغة دبلوماسية تحدثت عن "الجهود العربية والإسلامية والدولية"، وعن "التوافق الوطني" و"هيئة من المستقلين (تكنوقراط)"، مع تأكيدها الثابت على رفض الاحتلال والتهجير والتمسك بالحقوق الوطنية.
اللافت أن البيان وافق مبدئيًا على تبادل الأسرى ووقف الحرب والدخول في مفاوضات تفصيلية عبر الوسطاء، بينما ربط القضايا الجوهرية- كالمستقبل السياسي لغزة- بإطار وطني جامع وقرارات دولية.
ردّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه كان لافتًا أيضًا؛ إذ وصف موقف حماس بـ"الإيجابي"، ووجّه الاحتلال بوقف القصف على غزة، ما أرسل إشارة ضمنية بأن مرحلة جديدة قد بدأت في إدارة الملف.
من هنا يمكن فهم التغيّر في نبرة بعض القنوات والمحللين- ومنهم الدكتور لقاء مكي- لا بوصفه تبدّلًا في القناعات؛ بل ربما لارتباطه بمعرفة مسبقة أو استشعار مبكر لاتجاه الأحداث. وربما- كما أرى شخصيًا- لم يكن ذلك صدفة؛ بل تهيئة ذكية للرأي العام لتقبّل التحول القادم؛ سواء كان نحو تهدئة طويلة أو مسار سياسي جديد.
يبقى أن نشير إلى أن التحولات الإعلامية لا تحدث بمعزل عن السياق السياسي؛ فالإعلام العربي-وعلى رأسه القنوات الكبرى- يعكس في أحيان كثيرة التوجهات الميدانية والسياسية قبل أن تُعلن رسميًا؛ تمهيدًا لتهيئة الرأي العام. ومع مرور الوقت، تتبدّل لهجة الخطاب من “التحريض المقاوم” إلى "الواقعية السياسية"، ومن لغة "النفير" إلى لغة "الوساطات".
ومع ذلك، فإنَّ ما يستحق التأمل أكثر هو صمت الجماهير وتراجع ردود الفعل الشعبية. فبينما تتغير المواقف فوق الطاولة، تبدو القواعد الجماهيرية أقل حماسة، كأنها أُرهقت من طول المأساة أو أُشبعت بالتناقضات حتى البلادة.
وربما هذا هو التحدي الأخطر في المرحلة المقبلة: أن تتحوّل القضايا الكبرى إلى ملفات تفاوض باردة، وأن يتراجع الوعي الجمعي تحت وطأة الإعلام الموجّه، فلا يبقى من المقاومة إلا صدى فكرة… يعلو حينًا ويخفت أحيانًا، لكنه لا يموت.