أحمد الفقيه العجيلي

 

في الأيام الأخيرة، بدا المشهد الإعلامي العربي وكأنَّه يتهيأ لمرحلة جديدة؛ نبرة أكثر هدوءًا، وخطاب أقل انفعالًا، وتغيُّر ملحوظ في طريقة تناول بعض القنوات والمحللين لقضايا المُقاومة والحرب في غزة. وليس من الواضح ما إذا كان ذلك مجرد تبدّل في المزاج الإعلامي، أم انعكاس لتحولات أعمق في الميدان والسياسة.

وسط هذه الأجواء، قرأتُ تغريدة للدكتور لقاء مكي قال فيها إنَّ المقاومة تبدأ بفكرة وتنتهي بها، وأن السلاح مجرد تفصيل لا ينبغي اعتباره معيار البقاء أو الفناء. كانت الصياغة لافتة لأنها تختلف عمّا اعتدناه في خطابه السابق؛ حيث كان الحديث عن السلاح جزءًا أساسيًا من معادلة الصراع.

هذا التحول في النبرة أثار تساؤلات عديدة، خصوصًا أنه جاء متزامنًا مع ما يتداول في وسائل الإعلام ومنصات التواصل من حديث عن تغييرات إدارية داخل قناة الجزيرة وانعكاسها على خطها التحريري. قد يُفهم هذا التغيّر على أنه تهيئة نفسية وإعلامية للمتلقي العربي لقبول خطاب أكثر مرونة، خاصة فيما يتعلق بملف السلاح والمقاومة.

لكن المشهد اتضح أكثر بعد صدور رد حركة حماس على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف العدوان على غزة، وهو البيان الذي مثّل نقطة تحول في اللغة السياسية والإعلامية معًا.

البيان جاء بصياغة مُتَّزِنة وذكية، تُمسك العصا من المنتصف، وتبعث رسائل مُتعددة الاتجاهات. فقد استخدمت حماس لغة دبلوماسية تحدثت عن "الجهود العربية والإسلامية والدولية"، وعن "التوافق الوطني" و"هيئة من المستقلين (تكنوقراط)"، مع تأكيدها الثابت على رفض الاحتلال والتهجير والتمسك بالحقوق الوطنية.

اللافت أن البيان وافق مبدئيًا على تبادل الأسرى ووقف الحرب والدخول في مفاوضات تفصيلية عبر الوسطاء، بينما ربط القضايا الجوهرية- كالمستقبل السياسي لغزة- بإطار وطني جامع وقرارات دولية.

ردّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه كان لافتًا أيضًا؛ إذ وصف موقف حماس بـ"الإيجابي"، ووجّه الاحتلال بوقف القصف على غزة، ما أرسل إشارة ضمنية بأن مرحلة جديدة قد بدأت في إدارة الملف.

من هنا يمكن فهم التغيّر في نبرة بعض القنوات والمحللين- ومنهم الدكتور لقاء مكي- لا بوصفه تبدّلًا في القناعات؛ بل ربما لارتباطه بمعرفة مسبقة أو استشعار مبكر لاتجاه الأحداث. وربما- كما أرى شخصيًا- لم يكن ذلك صدفة؛ بل تهيئة ذكية للرأي العام لتقبّل التحول القادم؛ سواء كان نحو تهدئة طويلة أو مسار سياسي جديد.

يبقى أن نشير إلى أن التحولات الإعلامية لا تحدث بمعزل عن السياق السياسي؛ فالإعلام العربي-وعلى رأسه القنوات الكبرى- يعكس في أحيان كثيرة التوجهات الميدانية والسياسية قبل أن تُعلن رسميًا؛ تمهيدًا لتهيئة الرأي العام. ومع مرور الوقت، تتبدّل لهجة الخطاب من “التحريض المقاوم” إلى "الواقعية السياسية"، ومن لغة "النفير" إلى لغة "الوساطات".

ومع ذلك، فإنَّ ما يستحق التأمل أكثر هو صمت الجماهير وتراجع ردود الفعل الشعبية. فبينما تتغير المواقف فوق الطاولة، تبدو القواعد الجماهيرية أقل حماسة، كأنها أُرهقت من طول المأساة أو أُشبعت بالتناقضات حتى البلادة.

وربما هذا هو التحدي الأخطر في المرحلة المقبلة: أن تتحوّل القضايا الكبرى إلى ملفات تفاوض باردة، وأن يتراجع الوعي الجمعي تحت وطأة الإعلام الموجّه، فلا يبقى من المقاومة إلا صدى فكرة… يعلو حينًا ويخفت أحيانًا، لكنه لا يموت.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حماس توافق على تسليم السلاح لهيئة مصرية فلسطينية

كشف مصدر فلسطيني, أن حركة حماس وافقت على تسليم سلاحها لهيئة مشتركة مصرية فلسطينية، في إطار المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل الجارية في شرم الشيخ.

اقرأ ايضاًالعراق: تسجل رقماً غير مسبوق في إنتاج الكهرباءشروط حماس وضمانات أميركية

وافقت الحركة أيضًا على خروج بعض قياداتها من غزة، مطالبة بـ ضمانات أميركية بعدم ملاحقتهم.

كما اشترطت وقف إطلاق النار وتحليق الطيران الإسرائيلي في القطاع لمدة أسبوع لجمع الرهائن، تمهيدًا للإفراج عن 48 رهينة إسرائيلية ضمن المرحلة الأولى من خطة ترامب.

رفض إدارة دولية للقطاع

المصدر أكد أن حماس ترفض وجود توني بلير كحاكم لغزة، وتوافق فقط على دور رقابي له من الخارج، كما رفضت تسليم القطاع للجنة دولية انتقالية.

في المقابل، وافقت على دخول قوات الأمن الفلسطينية المدربة في مصر والأردن إلى غزة.

خطة ترامب في الميزان

تجري المفاوضات وسط ضغوط أميركية لإنجاح خطة ترامب لإنهاء حرب غزة، والتي تواجه خلافات كبيرة حول نزع سلاح حماس ومستقبل إدارة القطاع.

آراء متباينة

الخبير الإسرائيلي نائل الزعبي يرى أن إسرائيل تسعى لتفكيك حماس بالكامل، فيما يعتبر الباحث أمجد شهاب أن حماس قبلت الإطار العام للخطة الأميركية، محملًا إسرائيل مسؤولية عرقلة التنفيذ.

تساؤلات مفتوحة

في ظل غياب الثقة بين الأطراف، تبقى غزة عالقة بين ضغوط الحرب ووعود السلام، بينما تتحول مفاوضات شرم الشيخ إلى اختبار حقيقي لإرادة الأطراف الإقليمية والدولية.

View this post on Instagram

A post shared by Albawaba (@albawabaar)

كلمات دالة:حركة حماسفلسطينغزةاسرائيلنتنياهوضمانات أميركيةشروط حماستسليم السلاحدونالد ترامب

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

زين حجازي شابة صحفية انضمت مؤخراً لعائلة " موقع البوابة"..بكل إخلاص وحماس.. سأنقل لكم كل ما هو مهم وحصري, وبكل حب وشغف.، سأقدم لكم في رحلتي القادمة محتوى مبهر ..أتمنى أن ينال إعجابكم. الأحدثترند حماس توافق على تسليم السلاح لهيئة مصرية فلسطينية لماذا تخشى روسيا صاروخ "توماهوك"؟! محمد فضل شاكر يعلّق حفلاته الغنائية في خطوة مفاجئة.. فهل هناك تطوّرات في قضية والده؟ أتلتيكو مدريد يعلن تعيين مهندس صفقات برشلونة ماتيو أليماني هل ستتدخل تركيا في الصراع بين القوات الكردية والحكومة السورية؟ Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • حماس: لن نسلم السلاح إلا في هذه الحالة
  • حماس توافق على تسليم السلاح
  • حماس توافق على تسليم السلاح لهيئة مصرية فلسطينية
  • هل يرسم البيان العربي الإسلامي خارطة طريق للمفاوضات ويدعم الموقف الفلسطيني؟
  • حماس: التخلي عن السلاح خط أحمر ولن نسمح بتشويه موقفنا
  • حماس تنفي الادعاءات المفبركة حول مسار المفاوضات وتسليم السلاح
  • حماس تنفي قبولها لتسليم السلاح
  • المرحلة الثانية من الخطة الأميركية بشأن غزة لن تكون سهلة
  • حماس تنفي موافقتها على تسليم السلاح