الجزيرة:
2025-06-21@23:36:14 GMT

هل الهجرة إلى بريطانيا لا تزال تستحق هذا العناء؟

تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT

هل الهجرة إلى بريطانيا لا تزال تستحق هذا العناء؟

فيما يتوق المهاجرون لحياة أفضل في بريطانيا تُضيّق الحكومة الخناق عليهم، وذلك بتقليل المساعدات المالية المتاحة والفنادق السكنية المخصصة لهم، بل وحتى الحدّ من المهاجرين بإعادتهم إلى بلدانهم أو إلى بلدان محايدة إن كانوا يتعرضون أو قد تعرضوا لخطر ما في بلدانهم وذلك تماشيًا مع قوانين الأمم المتحدة.

وهذا أيضًا من الأمور غير السليمة لتعرض الأفراد للخطر المفضي إلى محاكمات غير عادلة تؤدي إلى الإعدام.

تتجدد قضيّة الهجرة في أوروبا لا سيّما في بريطانيا التي عقدت في نهاية الشهر المنصرم مارس/ آذار 2025، في لندن (مؤتمر تأمين الحدود للمملكة المتحدة)، ترأسه لأول مرة في عهده كير ستارمر، رئيس الوزراء الحالي والمحامي السابق في المحاكم العليا والمهتم بحقوق الإنسان.

حضر المؤتمر أربعون مندوبًا من دول العالم من ضمنها الولايات المتحدة، وفيتنام، والعراق، وفرنسا، بالإضافة إلى مندوبين من منصات: مَيتا، وإكس، وتك توك، ليتعاون الجميع على مدى يومين في وضع خطط جديدة تشمل الضوابط البرية، والبحرية، والإلكترونية، لا سيّما أنّ التجار والسماسرة أولئك الذين أطلق ستارمر وحكومته عليهم بمنظمي جرائم الهجرة، يستخدمون الهواتف الذكية عبر القارات، ومواقع التواصل الاجتماعي.

إعلان

سعى ستارمر منذ حملته الانتخابية بالتركيز على دعم وزارة الدفاع ماديًا، لا سيّما الدفاع عن أوكرانيا ضد روسيا. وبهذا تتركز خطة الموازنة على صرف 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي عليها، بينما يسعى إلى تقليل المساعدات للاجئين وطلبات اللجوء إلى 28% من الموازنة الخاصة بالإغاثة الإنسانية الخارجية، على الرغم من أن حكومة المحافظين السابقة خفّضت ذلك من 7% إلى 5%، وإذا لم يتمكن من ذلك فالاستقطاع يكون أكبر في برامج الإغاثة الإنسانية عندما أعلن ذلك في فبراير/ شباط 2025 وفقًا لموقع الحكومة الرسميّ (Institute for Government).

يأتي المؤتمر بعد أن تفقّد رئيس الوزراء بنفسه مراكز ومناطق في أوروبا العام المنصرم يستخدم اللاجئون فيها مراكب مطاطية تحمل الأطفال الذين يتعرضون للخطر، بينما ينال التّجار الموت المبالغ الطائلة على ذلك.

ويضيف ستارمر: "بأننا قد نجحنا (قبل تسنمي السلطة) عندما كنت أشغل منصب مدير النيابة العامة في إحباط العديد من المؤامرات المماثلة منقذين أرواحًا بذلك، حتى إننا منعنا تفجير طائرات فوق المحيط الأطلسي وحاكمنا المتسببين بذلك"، مضيفًا أن "على الجميع التعاون عبر مصادرنا المخابراتية والخطط التكتيكية… وبذلك نركّز على الصحة والتعليم، أما الفنادق فتعود إلى الاقتصاد المحلي، ونرفع العبء عن السكن".

وبعد دراسة دقيقة لمرصد الهجرة التابع لجامعة أكسفورد، فوفقًا للإحصائية السكانية فإنّ 16% من سكان بريطانيا وُلدوا خارج المملكة المتحدة، والعدد في ازدياد لا سيّما بين عامَي 2021 و2024.

وأشار المرصد الذي يوفر بيانات ومعلومات محايدة ومستقلة في دراساته عن الهجرة والمهاجرين في إنجلترا- في دراسته هذه- إلى أنّهم وُلدوا في الهند، وبولندا، وباكستان، ورومانيا، وهولندا، بينما لم تُشر الإحصائية إلى دول الشرق الأوسط في هذه الدراسة، مشيرةً إلى أنّ أسباب الهجرة كانت للالتحاق بالعائلة بالدرجة الأولى، وإيجاد فرص عمل أفضل فيها من بلدانهم في الدرجة الثانية، لا سيّما أن معظم المهاجرين يحملون الشهادة الجامعية، وفي السنّ القانونية المسموحة بها للعمل. ويتمركز معظمهم في العاصمة لندن، وجنوب شرق المملكة إذ يمثّلون 40% من سكانها.

إعلان

في 27 فبراير/شباط 2025 أصدرت وزارة الداخلية البريطانية آخر البيانات التي أوضحت أن سمات الدخول انخفضت نحو 460 ألف مرة بسبب انخفاض منح التأشيرة لأسباب صحية والرعاية الصحية والدراسة. يذكر دكتور بَن برندل الباحث التخصص بالمركز ذاته عن الهجرة والتأثيرالاقتصادي على الهجرة أنّ عدد المهرة من المهاجرين في القطّاع الخاص انخفض في بعض المهن اكثر من غيرها. ومن ناحية اخرى بعض أصحاب العمل رفعوا رواتب العمال واجورهم بينما انسحب البعض من تسهيلات نظام سمة الدخول للعمال كالطباخين مثلًا. وقد انخفضت سمة دخول أفراد العائلة الواحدة لبريطانيا إلى 8% في النصف الثاني من عام 2024 عمّا كانت عليه في العام السابق، وذلك لازدياد متطلبات الدخل من 18.600 إلى 29.000 جنيه إسترليني في السنة.

وبالرغم من أن حكومة العمّال حاولت منذ تسلمها السلطة الحدّ من المهاجرين بل وتقليلهم، فإنهم ازدادوا خمسة آلاف مرّة بين طلبات واستئناف لطلبات الرفض، مع ازدياد عدد الساكنين من المهاجرين في الفنادق المخصصة لهم.

ويؤكد ميهنيا كيبيس، الباحث في المركز ذاته والمختص بالسياسة والاقتصاد والمهاجرين، أن حكومة العمال لم تنجح في صراعها لتخفيض نسبة المهاجرين الذين يستخدمون الفنادق للسكن حتى، إن طلبات اللجوء قد ازدادت بنسبة 4% في الربع الأخير من العام الماضي.

أمّا مراكب الهجرة البحرية الصغيرة، فقد ازدادت بأكثر من 7.500 مركب في 2024 وأكثرهم من سوريا، وفيتنام، والسودان، واليمن، بينما يتصدر الأفغانيون القائمة يتبعهم السوريون ثم الإيرانيون.

لذا فمهمة حكومة العمال التركيز على إعادة هؤلاء المهاجرين إلى ديارهم وترحيلهم، إذ عاد 33.400 لاجئ باختيار ودون تدخل يذكر من الحكومة في 2024، إما لديارهم الأصلية أو غيرها. وللحدّ من الهجرة كذلك فقد رُفض عدد لا بأس به من تمديد الإقامة لهم.

إعلان

وبتحديات مالية أكثر تواجه المهاجرين، أعلن ستارمر عن تقليل المعونات المالية للمهاجرين، مؤكدًا "من لا يعجبه الأمر فليترك البلاد".

وفي سياق آخر، حين وجّهت صحفية البي بي سي، فكتوريا دربيشر، في برنامج نيوز نايت الإخباري في 19 مارس/ آذار 2025 سؤالها إلى وزير التقاعد، تورستن بَل، إن كان يستطيع أن يعيش على 70 جنيهًا إسترلينيًا بالأسبوع أجاب بالنفي. ومن المعروف أن هذا الوزير كان قد ألّف كتابًا عن بريطانيا العظمى، وكيف لنا أن نعيد أمجادها.

وبين هذه التحديات وتلك وعلى كافة الصعد، يصارع المهاجرون من الشرق الأوسط عمومًا، والسوريون خصوصًا الحياة من أجل البقاء لا سيّما بعد التغيير المفاجئ لنظام الحكم في سوريا.

فقد أوقفت بريطانيا قرار اللجوء للسوريين بعدما منحته إلى أكثر من 300.000 سوريّ بين عامي 2011 و2021 توافقًا مع قرار مكتب الهجرة التابع للأمم المتحدة الذي سُنّ في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2024. وبهذا يبقى أمر 6.500 سوري معلقًا وفق منظمة حقّ البقاء البريطانية.

وهذا الأمر يقلق معظم السوريين، إذ لا يزال ضبابيًا بالنسبة لهم، خصوصًا مع تضارب الأخبار في البلاد وما حولها. تطالب المنظمة الأخيرة وفقًا لقرار التوقف بالبتّ في منح السوريين حق الهجرة بإعطائهم فرصًا للعمل إلى أن تتوضح الصورة السياسية في سوريا والشرق الأوسط أكثر، فلكلّ شخص قضية منفصلة عن الآخر.

ويا ليت الحكومة تقوم ذلك، كما تعمل مع الأوكرانيين ومنهم، على سبيل المثال، ريما التي عملت معينة للمرضى في بيوتهم، ثم وفرّت الدولة لها ولأمثالها دراسة الأعمال التجارية والمحاسبة، مع توفير عمل مناسب لهم بعد التخرج، وحتى التدريب بمرتّب معقول خلال الدراسة.

تستطيع الحكومة البريطانية، كما حكومات الدول الأوروبية وغيرها ممن حضر ممثلوها المؤتمر أعلاه، استقطاب ذوي الشهادات والاختصاص لزيادة الدخل القومي.

إعلان

فمن الجدير بالذكر، مثلًا، أنّ الأطباء الذين أتوا بشهاداتهم من الشرق الأوسط وآسيا يمثلون 40.6% من غير الممرضين ومنسوبي الصحة الذين يعملون في الصحة العامة والخاصة على السواء.

من بين أولئك ممن تسنّم مناصب عليا كوزير الصحة السابق العراقي-الأرميني آرا درزي وغيره ممن كرّمتهم الملكة السابقة والملك الحالي على مستوى الدولة، كما المهندس الإلكتروني البروفيسور بشير الهاشمي الذي كرّمه الملك تشارلز هذا العام، بالإضافة إلى التجّار وغيرهم.

وأمّا البعض الآخر الذين لم تتوفر لهم إمكانية الدراسة إلّا أنهم يتمتعون بمهارات العمل، فبإمكانهم العمل في مجال البناء، والسياقة وغيرها من المهن البسيطة التي لا يقوم بها الإنجليز، أو أهل البلد مثلًا.

نعم، تستطيع الدولة الاختيار والتمييز بين تجّار الحروب الذين يعرّضون حياة الأشخاص، ولا سيّما الأطفال للخطر، وبين مَنْ يبني البلد الذي يختاره ليسكن فيه بعد دمار بلده الأول.

وتستطيع بهذا تخفيض تكاليف رواتب ذلك العدد المهول من الأشخاص الذين سيتدربون لاحقًا برًّا وبحرًا وإلكترونيًا للإمساك بهذا وذاك اعتباطًا.

فهل لستارمر الأخذ بالنصيحة؟ أم إنه في حَيص بَيص مع تكاليف ترامب الأميركية التي أثقلت العبء عليه، أم للسياسة لعبة أخرى؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات من المهاجرین

إقرأ أيضاً:

ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون

ما جدوى المعرفة: الكتابة والقراءة والعلم، حين يختار البشر ما يناقض الحكمة؟

ولماذا لا يقرأ الغزاة؟ ولماذا لا يتعظون؟

ما سيقوله قلم المؤرخين؟

أثناء التجول، نمرّ بأماكن، فنسأل عنها، فيجيبون من فيها ما يعرفونه، ثم نجد أنفسنا نعود إلى الكتب ازديادا في العلم، وهكذا نجد المكان يقودنا إلى الكتب، أي إلى الأزمنة التي يتضمنها ما يعرف بالتاريخ؟

واليوم، وجدت نفسي في الوقت الذي أتابع ما يحدث الآن، فإنني عدت الى التاريخ العام، لزيادة معرفتي بما كان هنا من دول ومن علاقات دولية. لكن ما لفت الانتباه هو أن ما كان ويكون يلتقيان في أمر واحد، ألا وهو الانحياز، واللاموضوعية، كون من كتب من قبل إنما كتب بما كان من رأي ونفوذ، وما يكتب اليوم (وما يتم بثه) فإنه ليس دقيقا، فكل بما ينطلق منه.

وهكذا، أكان الماضي ام الحاضر، فبإمكاننا من خلال التقصي الموضوعي فهم ما كان ويكون، لأن ذلك مهم لسلوكنا المتعلق بما سوف يكون.

أما ما سوف يكون، وما نحن فاعلونه، فهو الذي يجب أن يحرر إنسان المستقبل باتجاه البقاء. تلك هي الحضارة، وتلك هي الإنسانية. ترى ما سيقوله قلم المؤرخين؟

سيقولون: لقد سقطت الدولة الغازية وهي في كامل قوتها، والسبب أنها كانت في كامل وهمها؟

خاطب الشاعر الفلسطيني سميح القاسم عام 1988 الاحتلال هازئا في القصيدة التي عنونها ب "إلى غزاة لا يقرؤون"، التي اشتهرت بمطلعها "تقدموا تقدموا"، فإنه كان يسخر من الفكر الجنوني وراء شرّ الاحتلال وإيذاء شعبنا:

"فما الذي يدفعكم

من جثة لجثة

وكيف يستدرجكم

من لوثة للوثة

سفر الجنون المبهم"

إذن، نحن مع لوثة غزاة، لم يرتقوا فكريا وأخلاقيا، فقد اكتفوا بتكنولوجيا القتل. واكتفوا بخرافة أنه "شعب الله المختار"، تاركين العالم كله يحتار في هذا الأمر الذي يجعل الغزاة لا يحترمون أية قيم واتفاقيات، وقد أبدع سميح القاسم حين ذكر ذلك في قصيدته:

"حرامكم محلل

حلالكم محرم

تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم"

لقد استمر هذا الجنون في ظل التطور التكنولوجي، والمأساة أنه استمر، وتضاعفت الخسائر، هل سنقول بئست الحضارة أم بئس الأشرار!

كان من السهل تجنب الحرب، لكن كيف لغزاة أن يقرؤوا ما لا يحبون قراءته، في ظل رفض الآخر-العالم؟ كان من الممكن أن تعيش الشعوب معا، فالأرض واسعة وخلق الله فيها رزق العالم كله، لكن كأننا أمام حتمية غريبة، سيقف عندها المؤرخون والكتاب، وهي مفارقة نادرة؛ ففي الوقت الذي يبرر الغزاة الحرب لضمان "أمنهم"، فإنهم يقودون الى نهايتهم.

تلك هي التربية على الدم لا على السلام، والتطرف دوما يقضي على أصحابه؛ فمن الطبيعي أن تكون نهاية ثقافة القتل قتلا لفكرة الغزاة.

منذ عام 1988، في الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال، عام قصيدة سميح القاسم، وما قبل ذلك من رفض الاحتلال الذي استمر، والاحتلال يزهد بالقراءة الواعية للتاريخ ظانا أنه الاستثناء الذي سيدوم بقاؤه، فمن هو ابن خلدون الذي يزعم أن الظلم ينبئ بخراب العمران؟!

يصعب العيش اليوم في العالم وإنسان العصر مشدودا لأساطير لا تعني للواقع وعنه شيئا، ولعل قوة الفكر الإنسان تمنح للقوى التكنولوجية المعنى.

لقد وصف الطبيب بالحكيم، ولا أدري السبب، لكن لعل جوهر مهنة الطبيب هي حكمة التعامل مع الإنسان. لذلك نقول إن العلم تراكميّ، حيث يتعلم الطبيب مما استخلصه الأطباء قبله في التعامل مع جسد الإنسان ونفسه. وهنا يكمن جوهر الحضارة: الحكمة.

تأمل التاريخ يقودنا الى تأمل الدول والممالك، وهذا يعني دراسة منظومات الحكم السائدة في تلك المراحل التاريخية. وقد وقف المؤرخون وقفات تقييم ونقد للنظم وشخوصها، كذلك حفلت أخبارهم في الكتب الدينية، خاصة في القرآن الكريم. ومجمل الفكرة هي أن هناك ارتباطا معينا بين الطغاة وسياق حياتهم كأفراد، وكمجتمعات. وهنا يصبح للحديث معنى استراتيجيا إن تم ربط سلوك الحكام بالحاضنات التعلمية والثقافية التي وجدوا أنفسهم فيها.

تعدّ حالة الاحتلال الصهيوني استثناء تاريخيا، حيث لم يقتصر دور الحاضنة التعليمية والثقافية على إنتاج (وتكوين) قادة لا ينتمون للإنسانية فقط، بل شمل ذلك مجتمع المستوطنة العسكرية، التي فشلت حتى الآن بإيجاد مجتمع سوي؛ فما تفسير استطلاعات الرأي التي أشارت دوما إلى تأييد الغالبية المستوطنة العسكرية لما يقوم به القتلة من قادتها؟

إن الكتب التعليمية المعلنة وكتب المؤسسات الدينية كارثة على المنطقة لأنها تعيد إنتاج منظومة مستدامة من العنصرية ونفي الآخر، والمفارقة في الأمر أن هؤلاء العنصريين يتهمون الفلسطينيين العرب بالتحريض ضدهم، والساخر في الأمر أنهم يجدون آذانا تسمعهم في الغرب.

من هنا، انتبهت الحضارات الى أهمية رعاية الحاضنات الثقافية والتعليمية والدينية والإعلامية بحيث تحافظ على السلم الأهلي، كذلك السلم العالمي من خلال معايير اليونسكو مثلا فيما يخص القيم الإنسانية التي تضرب بها دولة الاحتلال عرض الحائط.

لقد وصفت دولة الاحتلال بأنها تنتج مؤلفات يضعها في مصاف الدول العظمى، حيث أنها تنفق على التعليم والعلم والبحوث العلمية، لكن ما جدوى ذلك حين يتم استخدام ذلك العلم في الشرّ عبر تكريس الاحتلال والغزو والاعتداء والإرهاب؟ لم يعد سرّا ما يقدمه العلماء والباحثون في المستوطنة العسكرية للأجهزة العسكرية من أجل تسهيل دوام الاحتلال بالقوة والبطش.

الغزاة إذن يا سميح القاسم يقرؤون كما ترى، لكنها ليست قراءة الإنسان المنتمي للبشرية، من أجل تجنب الشرور، بل هي قراءة انتقائية منطلقة من أيديولوجية لم تتغير، ويبدو أنها لن تتغير كذلك.

آن الأوان للثقافة العالمية والمؤسسات الأممية بالتدخل لإلزام المستوطنة العسكرية باحترام القيم الإنسانية في المناهج التعليمية، وكفّ أذاها ليس عن الشعوب هنا فقط، بل عن شعوب كثيرة في العالم.

وأخيرا هل سنجد يوما قريبا من أبناء الغزاة من سيبدأ القراءة الواعية للوصول فعلا إلى سلام دائم يضمن الأمن والسلام؟ الجواب ليس هناك من يفكر بذلك، ما يعني أن المستوطنة وهي ماضية في تخريب العالم، ستنهي نفسها. تلك هي السيرورة والصيرورة. هكذا قال سميح القاسم متنبئا بخراب المستوطنة: "تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم".

مقالات مشابهة

  • أيادٍ تستحق التقبيل ..إن سَمَحت لنا بذلك…
  • تصاعد وتيرة تهريب المهاجرين الأفارقة إلى سواحل شبوة
  • للسيطرة على حركة المهاجرين نحو بريطانيا.. الشرطة الفرنسية تعتزم منع القوارب الصغيرة قرب الساحل
  • فوق السلطة: شيخ عقل يخطئ في القرآن بينما تؤذن مسيحية لبنانية بإتقان
  • منظمة فرنسية: خطط باريس ضد قوارب المهاجرين تؤدي إلى مزيد من الموت
  • مناوي: نحيّي أبطال بابنوسة الذين وقفوا بثبات وشجاعة ضد مليشيا الجنجويد
  • مفوضية اللاجئين : كرم الشعب الأردني قصة تستحق التقدير العالمي
  • ما زال سميح القاسم يخاطب الغزاة الذين لا يقرؤون
  • أعيرة نارية تصيب دركيا أثناء محاصرة مجموعة من المهاجرين السريين بسواحل اشتوكة
  • وزارة الحج: 5 مواقع تستحق الزيارة في مكة المكرمة