الرياضة النسائية في المملكة بدأت حُلمًا.. وأصبحت واقعًا يحكي قصة نجاح لامست القمة
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
شهد القطاع الرياضي في المملكة العربية السعودية, قفزة نوعية كبيرة خلال الفترة الأخيرة, وهو ما انعكس بشكل كبير على الرياضة النسائية, التي تحولت جذريًا في ظل رؤية المملكة 2030، وأصبحت جزءًا أساسيًا من مساعي الدولة نحو تمكين المرأة وتعزيز جودة الحياة.
وبدأت المرأة السعودية في المجال الرياضي مشوارها, نحو تحقيق الريادة في المجال دون توقف، وأصبحت تنافس بطلات العالم وتسعى لنيل مراكز عليا رياضية، بل حققت انتصارات وطنية متتالية, لتخبر العالم قصة جديدة من الإلهام تحققت بفضل طموح امرأة عاشت لتحقق حلمها، في ظل رؤيةً فتحت آفاقًا شاسعة في كثير من المجالات بما فيها الرياضة للجنسين, إذ كان للرياضة النسائية نصيب من دعم واهتمام القيادة الرشيدة -حفظها الله-, التي ذللت جميع الصعاب، وهيأت لها الإمكانات، ومهدت لها التحديات، بمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي بن فيصل وزير الرياضة, الذي حرص على تحقيق أهداف الرؤية في المجال الرياضي, فلم يذخر جهدًا ولا وقتًا إلا وسخره لخدمة القطاع ودعم الجنسين.
وبوصفه جزءًا من التزام المملكة بتمكين المرأة وتعزيز دورها في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك الرياضة جزءًا من أهداف رؤية 2030, اُتُّخِذت العديد من القرارات, والخطوات لتحقيق الأهداف المنشودة, تمثلت في تهيئة البنية التحتية, كإنشاء مرافق رياضية مخصصة للنساء، بما في ذلك الصالات والملاعب، وتوسيع نطاق المرافق العامة مثل الحدائق ومسارات المشي والجري، مما شجع على ممارسة النشاط البدني بين النساء, وتم في الجانب التدريبي إطلاق برامج رياضية متنوعة تستهدف النساء، مع التركيز على تطوير الكوادر النسائية من خلال التدريب والتأهيل، مما أسهم في رفع كفاءة المدربات والمسؤولات الرياضيات, وهو ما أدى إلى المشاركة في المنافسات المحلية والدولية, ثم تحقيق الإنجازات باسم المملكة في مختلف المحافل.
الرياضة النسائية في المملكة كحال أي نشاط جديد, اقتصرت قبل عام 2010 على ممارسات رياضية محدودة جدًا, من خلال أنشطة غير رسمية في المدارس والأندية الخاصة، وفي عام 2012 شهدت المملكة أول مشاركة نسائية رسمية في أولمبياد لندن بمشاركة وجدان علي سراج في لعبة الجودو، وسارة العطار في ألعاب القوى.
ومن ضمن الخطوات التي دعمت الرياضة النسائية، وتحديدًا العام 2019, الذي شهد إقرار تأسيس أندية رياضية خاصة للسيدات، ليشهد هذا العام تحولًا كبيرًا في المشاركات الخارجية من خلال وُجود فرق نسائية في بطولات إقليمية وعالمية، ليكون القرار متوافقًا مع مستهدفات رؤية 2030، الساعية إلى رفع معدل ممارسة الرياضة في المجتمع السعودي, وتحديدًا المرأة, التي وفقًا لأحدث الإحصائيات ارتفعت نسبة مشاركتها في الرياضة بأكثر من 150% منذ إطلاق الرؤية، وبلغ عدد الرياضيات المسجلات في مختلف الألعاب أكثر من 330 ألف فتاة، إضافة إلى زيادة عدد المدربات والمرشدات الرياضيات والحكام، ووصلت أعداد اللاعبات المشاركات في دوري المدارس إلى أكثر من 70 ألف لاعبة، و37 فريقًا وطنيًا للسيدات، و97 مدربة, وهو الانعكاس الطبيعي لإنشاء الفرق النسائية في عدة رياضات مثل: كرة القدم، وكرة السلة، والمبارزة، والتايكوندو، وغيرها ما أسهم في زيادة المشاركة النسائية في مختلف الألعاب الرياضية محليًا ودوليًا، ومن أمثلتها المنتخب الأول للسيدات في كرة القدم في عام 2021.
الاتحاد السعودي للرياضة للجميع, أسهم بشكل كبير في دعم هذا الجانب, من خلال إطلاق دوري كرة القدم للسيدات على المستوى المجتمعي، لتعزيز مشاركة المرأة في الرياضة, ودعم إنجازاتها الرياضية, ونظم الاتحاد السعودي لكرة القدم الدوري السعودي الممتاز للسيدات وهي البطولة الرسمية الأعلى مستوى لكرة القدم النسائية في المملكة، لتبدأ معه الفرق النسائية, حقبة جديدة, انطلقت بتنظيم الموسم الأول في 13 أكتوبر 2022 بمشاركة ثمانية فرق، وفي العام نفسه لعب المنتخب النسائي السعودي أول مباراة دولية له، وفاز فيها على منتخب سيشيل بنتيجة 2 – 0.
وتواصل دعم القيادة ممثلًا في وزارة الرياضة, للجانب الرياضي النسائي وتعزيزه, وكان من أهم خطواتها الاهتمام بالتنشئة الرياضية منذ الصغر, فتعاونت مع وزارة التعليم لإدخال التربية البدنية للفتيات في المدارس الحكومية والخاصة، الأمر الذي دفع باهتمام الفتيات وأسرهم لممارسة الرياضة، وأصبحت أسلوب حياة في كثير من الأسر التي زاد وعيها بأهمية الرياضة النسائية, ومنذ تلك اللحظة توالت الإنجازات وحققت الميداليات وكان النصر حليف المرأة السعودية في المجال الرياضي، حتى إن المملكة في العام 2023 استضافت بطولات نسائية دولية في الملاكمة والجودو والغولف والشطرنج وغيرها من الرياضات التي تربعت سيدات الوطن على عرشها، بل كان للرياضيات السعوديات نصيب جيد من الميداليات في بطولات إقليمية في ألعاب القوى، التايكوندو، والكاراتيه وغيرها.
كما كان لبصمة التطور والتمكين الذي دعمته رؤية المملكة 2030 للمرأة في المجال الرياضي أثر كبير, إذ أصبحت الأسرة السعودية أسرة رياضية, في ظل بروز مشاريع رياضية تهدف لبناء مجتمع صحي لجميع أفراد الأسرة بدءًا من نصف المجتمع وهي المرأة, وانتهاءً بالمجتمع كله وهو الرجل والطفل وكبار السن وغيرهم، إذ سجلت نوادي الحي المنتشرة في الأحياء بمناطق المملكة, مشاركة الكثير من السيدات سعيًا منهن لممارسة الرياضة بانتظام، وكان أثر ذلك واضحًا وجليًا على صحتهن ولياقتهن.
ومن أبرز الأسماء النسائية التي لمعت في سماء الرياضة ممن حققن جوائز في المسابقات العالمية وميداليات دولية مشرفة, لاعبة التنس يارا الحقباني, المتوجة بذهبية التنس في بطولة دورة الألعاب السعودية مرتين على التوالي، والتتويج بلقب كأس بطولة الاتحاد الدولي للتنس للناشئات, ولاعبة التايكوندو دنيا أبو طالب التي نالت جوائز عديدة في رياضة التايكوندو، أبرزها ذهبية العرب عام 2020 و2024، وهي أول لاعبة سعودية تحصل على برونزية آسيا في كوريا عام 2022، وبرونزية بطولة العالم في المكسيك 2022، وأفضل لاعبة سعودية عام 2022، إضافة إلى تصنيفها الـ4 عالميًا لوزن 53 كجم، وتتويجها كأفضل لاعبة عربية عام 2022.
ولم تخل أسماء الساحة الرياضية من البطلات السعوديات، ومنهن سارة عطار العداءة السعودية التي شاركت في أولمبياد لندن عام 2012 وأولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016، وكذلك دانية عقبل في سباقات السيارات، ولبنى العمير والحسناء الحماد في مجال المبارزة، والملاكمة هتان السيف التي تُعد أول لاعبة سعودية في الفنون القتالية، والفارسة دلما ملحس، ولاعبة الجودو وجدان علي سراج.
ولم تتوقف المرأة السعودية عن تحقيق الإنجازات في جميع الرياضات, الجماعية منها أو الفردية لتبرز البطلة يارا العمري صاحبة أول ميدالية آسيوية في تاريخ الملاكمة السعودية النسائية والحاصلة في عامين فقط على 10 ميداليّات “8 ذهبيات, وبرونزيتان”, إضافة إلى ريما الجفالي التي تُعد من أوائل السعوديات الحاصلات على رخصة قيادة لسباقات السيارات، وتوّجت بالعديد من المراكز في العديد من السباقات الدولية التي شاركت بها.
وأوضحت مساعد وزير الرياضة لشؤون الرياضة بوزارة الرياضة أضواء العريفي في مؤتمر الاستثمار الرياضي المنعقد مؤخرًا بالرياض, أن النوادي النسائية تخطت حاجز الـ 400 ناد بينما كان للمرأة نصيب في البرامج التي خصصها ما يزيد عن ألف ناد رياضي.
فيما أكدت المدير العام لمعهد إعداد القادة الدكتورة مزنة المرزوقي، وفي ذات المؤتمر, أهمية استثمار القطاع الخاص في مجال الرياضة النسائية بوصفه مجالًا جديد النشأة، بكر الاستثمار، وخصب البيئة, موضحة أن القطاع الرياضي يعمل على تنظيم السياسات الرياضية لضمان مشاركة شاملة، وتمكين المرأة في مجالات الإدارة، والقيادة الرياضية، وأن الهدف هو توفير وظائف مستدامة، وفرص حقيقية للنمو داخل بيئة شاملة وداعمة، وتجاوز التحديات التي تواجه مشاركة المرأة في الرياضة.
جريدة المدينة
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی المجال الریاضی الریاضة النسائیة النسائیة فی فی المملکة من خلال
إقرأ أيضاً:
هل كوننا مجرد غشاء يطفو على أطراف واقع أغرب بكثير؟
مقدمة الترجمة
هل نحن حقًّا نعيش في "الكون"؟ أم أننا مجرّد ظل مرتجف على جدار واقع أعظم؟ منذ قرون، تساءل البشر عن أصل الزمان والمكان، عن المادة والفراغ. لكن اليوم، يقف الفيزيائيون على أعتاب تصوّر أغرب من الخيال: أن عالمنا، بكل ما فيه من نجوم ومجرات وأحلام، ليس سوى "غشاء" رباعي الأبعاد يطفو فوق فقاعة زمكانية خماسية، لا وجود لشيء خارجها على الإطلاق، ويتسرّب منها الزمن كما تتسرّب الذكريات من حلمٍ بعيد.
في قلب هذه الفرضيات تقف نظرية الأوتار، التي لطالما حلمت بتوحيد قوى الطبيعة في نغمة واحدة، لكنها تعثّرت أمام لغز غامض: لماذا يتسارع كوننا؟ واليوم، يحاول بعض الفيزيائيين إعادة رسم الحدود: ماذا لو لم يكن الكون كله إلا طرف فقاعة؟ ماذا لو كانت الجاذبية تهمس عبر أبعاد خفية؟ وماذا لو لم تكن ولادة الكون بداية، بل صدًى لانفجار في مكانٍ لا نراه؟
في هذا المقال المترجم من مجلة "نيوساينتست"، نصحبك في رحلة ممتعة عبر نسيج الكون، حيث تُلامس الحقيقة أطراف الخيال، وتُصبح الفلسفة والفيزياء وجهين لذات السؤال الأبدي: من أين يبدأ الوجود؟ وإلى أين يمتد هذا الفراغ؟!
تُعدّ نظرية الأوتار أفضل مرشح لدينا لما يُعرَف بـ"نظرية كل شيء". فعندما نخضع لقوانينها، تتكشّف النظريات المتشابكة للفيزياء التقليدية على أنها أجزاء من نسيج أسمى وأكثر اتساقًا، يمتد في أبعادٍ لا نراها. وتحمل هذه النظرية بين طياتها وعدًا بتوحيد القوى الأربع في الطبيعة، بما في ذلك الجاذبية، التي استعصت طويلًا على الترويض. بل لعلها، إن أسعفها الحظ، تتمكّن من فكّ ألغاز الانفجارات الكونية الكبرى والثقوب السوداء دون أن تفقد اتساقها الداخلي.
لكن ثمّة عقبة واحدة تعترض هذا النسيج المتناغم، وهي أن نظرية الأوتار تعجز عن تفسير كون مثل كوننا. فرياضياتها قادرة على وصف عدد لا يُحصَى من الأكوان، لكنها تعجز عن وصف كونٍ يتمدد بوتيرة متسارعة تزداد كل يوم، وهو تحديدًا ما نرصده في كوننا. صحيح أن السبب الحقيقي وراء هذا التسارع لا يزال مجهولًا حتى الآن، وغالبًا ما يُستخدَم مصطلح "الطاقة المظلمة" كحل مؤقت وغامض، لكن وفقًا للنظرية، لا يوجد ما يبرر حدوث هذا التسارع الكوني.
إعلانعلى مدار خمسة وعشرين عامًا، ظلّ تسارع تمدد الكون معضلة عصيّة على الفهم. لكن لعلّنا اليوم نقترب من مخرجٍ يُطلّ بنا على أفقٍ جديد. ظاهريًّا، قد لا يبدو الحل مفاجئًا لأولئك المعتادين على الطابع غير المألوف للفيزياء الحديثة: كل ما علينا فعله هو إعادة التفكير في كوننا باعتباره جزءًا من منظومة أكبر وأشمل.
عند تبنّي هذا المنظور، يصبح التمدد المتسارع للكون ظاهرة طبيعية. لكن هذا التصور الجديد قد يكون من أكثر المقترحات جرأة حتى الآن، ففيه يغدو الفضاء الذي نعرفه خيطًا هشًّا معلقًا بين فضاءٍ هائل بأبعاد عليا، وبين اللاشيء. ويشرح الفيزيائي أنطونيو باديا، من جامعة نوتنغهام في المملكة المتحدة، هذا النموذج بقوله: "في هذا النموذج، وجودنا كله ليس أكثر من ظل، مجرد إسقاط على جدار عند نهاية العالم".
على رغم مكانتها المرموقة اليوم، تنحدر نظرية الأوتار من أصول متواضعة. فقد نشأت في أواخر الستينيات من القرن الماضي، على هيئة معادلة بسيطة تهدف إلى تفسير التصادمات بين البروتونات والنيوترونات وسائر الجسيمات التي ترتبط معًا بما يُعرف بالقوة الشديدة.
في ذلك الوقت، لم تكن تُعرف باسم "نظرية الأوتار"، لكن الاسم ما لبث أن ظهر لاحقًا، حين أدرك الفيزيائيون أن تلك التصادمات يمكن قراءتها بطريقة أخرى: كأنها نغمات متعددة لأوتار كمومية خفية تهتز في عوالم لا تُرى. ومن هنا، بدأ بعض الباحثين يتساءلون بحذر: ماذا لو لم تكن هذه الأوتار مجرد أدوات لفهم الجسيمات؟ ماذا لو كانت هي ذاتها الجسيمات؟ وفقًا لهذا التصور، فإن كل جسيم أولي، سواء كان إلكترونًا أو كواركًا أو بوزون هيغز أو غيرها، ليس سوى طرف لأوتار بالغة الصغر، تهتز بنغمة مميزة.
في بداياتها، تعثّرت نظرية الأوتار في محاولتها لحساب القوة الشديدة بدقة، إلا أنها سرعان ما حققت تقدمًا ملحوظًا في مجالات أخرى. فإلى جانب القوة الشديدة، توجد ثلاث قوى أخرى معروفة في الطبيعة: القوة الضعيفة التي تتحكم في ظاهرة النشاط الإشعاعي، والكهرومغناطيسية وهي المسؤولة عن الضوء والتفاعلات الكيميائية في المادة اليومية، والجاذبية التي تُعَدّ قوة غريبة بعض الشيء، إذ تدفع كل الأشياء إلى التجاذب.
كان أول إنجاز كبير لنظرية الأوتار هو الوصف الكمومي للجاذبية، وهو أمرٌ لم تنجح أي من النظريات السابقة في تحقيقه. وبعد ذلك، امتد نجاح النظرية ليشمل القوى الثلاث الأخرى أيضًا: الضعيفة، والكهرومغناطيسية، والشديدة. وبذلك، أصبحت مرشحة بقوة لتكون "نظرية كل شيء"، أي نظرية تفسّر جميع قوى الطبيعة في إطار موحد.
اعتمدت نظرية الأوتار على رياضيات جريئة، فقد افترضت أن الزمكان لا يتكوّن من أربعة أبعاد فحسب، بل من 10. لكننا في الواقع اليومي، لا نعرف إلا أربعة فقط؛ ثلاثة أبعاد مكانية (الطول، العرض، الارتفاع)، إضافة إلى البُعد الزمني الرابع. لكن وفقًا لنظرية الأوتار، هناك ستة أبعاد إضافية، يُعتَقد أنها بالغة الصغر لدرجة أنه يستعصي علينا رصدها بحواسنا أو بأدواتنا العلمية الحالية. ولم يكن إدخال هذه الأبعاد الإضافية عشوائيًّا، وهو ما جعل معادلات النظرية قابلة للحل، ووفّر "حيّزًا رياضيًّا" يمكن للأوتار أن تلتف وتتشكل فيه.
إعلانلكن تلك الأبعاد جلبتْ معها أشياء غريبة أخرى، وهي أجسام ذات أبعاد أعلى يُطلَق عليها الأغشية. لكن المثير للدهشة أن ذلك لم يكن مفاجئًا في ثمانينيات القرن الماضي. ففي تلك المرحلة، كانت كل الاحتمالات مفتوحة، وكل شيء يبدو ممكنًا في عالم الفيزياء النظرية.
حين تشابكت الخيوط: مأزق نظرية الأوتارلكن ما بدا واعدًا، انقلب إلى مفارقة محرجة: فقد اتضح أن نظرية الأوتار مرنة إلى حدٍّ مفرط، بمعنى أن بإمكانها وصف عدد هائل من الأكوان الخيالية المحتملة، عوالم لا تُعدّ ولا تُحصى، قرابة 10 أس 500 احتمال كوني، وهو رقمٌ هائل إلى الحد الذي تفقد معه الفيزياء قدرتها على المقارنة أو التنبّؤ العلمي الجاد. ثم جاءت أواخر التسعينيات، ومعها صورة من أعماق الكون أرسلتها مستعرات عظمى، لتخبرنا بحقيقة مذهلة، وهي أن كوننا لا يتمدد فحسب، بل يتمدد بوتيرة متسارعة، وهي نتيجة مُذهلة وصادمة في آنٍ واحد.
وعلى الرغم من أن هذا الاكتشاف أربك مجتمع الفيزيائيين عمومًا، فإن ما حدث كان بمثابة كارثة لنظرية الأوتار: فمن بين كل تلك الأكوان التي تُنتجها النظرية، ستكتشف أنه من النادر جدًّا وجود كون واحد يتصرف مثل كوننا (باعتباره يتمدد بوتيرة متسارعة). وعن ذلك، يقول أولف دانييلسون، وهو فيزيائي نظري بجامعة أوبسالا في السويد: "بدأ البعض يتساءل: هل كونٌ مثل كوننا مستحيل الوجود ضمن نظرية الأوتار؟" ثم يضيف: "حتى يومنا هذا، لا نملك إجابة قاطعة".
قد يبدو الأمر غريبًا بعض الشيء، إذ كيف تعجز نظرية الأوتار عن فهم ظاهرة بسيطة كتمدد الكون المتسارع؟ لكن ما يبدو بسيطًا، يخفي وراءه هندسة خفية للزمكان، هندسة رسمها أينشتاين في معادلاته، ثم عمّقها عالم الكونيات ويليم دي سيتر في تأملاته الكونية. وفقًا لهذه الرؤية، للزمكان شكلان محتملان؛ أحدهما كرويٌّ كالكون في اتساعه، يُعرف بفضاء دي سيتر، عالمٌ يتمدد باستمرار، وهو النموذج الذي يتوافق مع ما نرصده في كوننا الحالي.
والآخر مقوّس كالسرج، يُعرف بفضاء دي سيتر المضاد، عالمٌ ساكن، لا يعرف التمدد. وهنا تنشأ المفارقة: نظرية الأوتار تنحاز إلى السكون، إلى فضاء دي سيتر المضاد، لأنه أكثر استقرارًا. لكن الكون لا يصغي لهذه المعادلات، وهو ما تُظهره البيانات الفلكية، بما في ذلك تلك المستخلصة من ملاحظات المستعرات العظمى، التي تشير إلى أن كوننا من نوع فضاء دي سيتر، أي أنه يتمدد بوتيرة متسارعة.
يبدو أن ما نراه ونشعر به ليس سوى إسقاط لواقع أعظم، واقع يتجاوز حدود حواسنا وإدراكنا. كانت بذرة الفكرة التي قد تُنقذ النظرية من مأزقها، قد زُرعت حتى قبل أن يُدرك الفيزيائيون تمامًا لغز الطاقة المظلمة أو التمدد المتسارع للكون. ففي عام 1999، وأثناء محاولتهما لفك رموز مشكلة أخرى تمامًا داخل نظرية الأوتار، بدأت العالمة ليزا راندال بالتعاون مع ورامان ساندورام في توجيه اهتمامهما نحو فكرة الأغشية، تلك الكيانات الغامضة التي تمتد في أبعاد أعلى من واقعنا. لكن اهتمامهما لم يتمحور حول الفضاءات العشر، بل حول كون أكثر تواضعًا ذي أبعاد خماسية.
في عوالم الهندسة، ثمة قاعدة بسيطة، وهي أن سطح كل شيء أقل بُعدًا من كيانه، فوجه المكعب الثلاثي الأبعاد على سبيل المثال، ليس سوى مربع ثنائي الأبعاد. وعلى هذا الأساس، توصلت ليزا راندال ورامان ساندورام إلى اكتشاف مدهش: يمكن أن يوجد فضاءان خماسيّا الأبعاد من نوع دي ستر المضاد، يفصل بينهما غشاء رباعي الأبعاد، تمامًا كما هو الحال في كوننا.
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد أظهرتْ أبحاث لاحقة أجرتها راندال بالتعاون مع الفيزيائي النظري أندرياس كارش أن هذا الغشاء يمكن أن يمتلك هندسة من نوع دي سيتر، أي أنه يتمدد بمعدل متسارع، وهو ما يحدث في كوننا. ومن هنا يبرز السؤال الأهم: "هل نعيش نحن على هذا الغشاء؟" تبدو هذه الفكرة مُغرية ومثيرة للتأمل حقا.
إعلانورغم البريق النظري الذي بدا على فكرة غشاء راندال-كارش في ظاهره، فإنه لم يكن العلاج المنشود لمشاكل نظرية الأوتار. فالغشاء المحصور بين فضاءين عملاقين من نوع دي سيتر المضاد، كان يعاني من عدم استقرار مماثل تقريبا لتلك الأكوان القليلة من نوع دي سيتر، التي لا يكاد يمكن انتزاعها من أعماق نظرية الأوتار. لكن قبل حوالي خمس سنوات، حدث ما يشبه لحظة الإلهام لدى الفيزيائي أولف دانييلسون وفريقه في جامعة أوبسالا. وعن ذلك، يقول دانييلسون: "تساءلنا: ماذا لو لم يكن عدم الاستقرار مشكلة؟ ماذا لو كان هو الفرصة المخبأة في قلب المأزق؟".
يمتلك كل نموذج من نماذج الزمكان مقدارًا معينًا من الطاقة المتضمَّنة في نسيجه، وهذه الطاقة هي ما يُحدّد أنواع وسلوكيات الجسيمات، والأوتار، والأغشية، وغيرها من الكيانات التي قد توجد داخله. وإذا لم يكن الزمكان في أدنى حالة طاقتة الممكنة، فإن ميكانيكا الكم تنصّ على أن هذا الكون سيكون غير مستقر بطبيعته، وقد ينهار فجأة، ليتحوّل إلى عالم جديد، أكثر سكونًا، وأقل طاقة.
على الجانب الآخر، تخيل فريق دانييلسون زمكانا خماسيّ الأبعاد من نوع دي سيتر المضاد، يقف في أعلى درجات سلّم الطاقة، ثم راقبوا ما يحدث لو انهار جزء صغير منه. ويا للمفاجأة: ذلك الجزء المنهار سرعان ما شكّل "فقاعة مظلمة"، زمكانًا جديدًا من نوع دي سيتر المضاد. وعلى غرار سيناريو راندال-كارش، تحيط هذه الفقاعة قشرة رباعية الأبعاد من نوع دي سيتر، تشبه في خصائصها كوننا الحالي، لكن الفارق الجوهري هنا هو أن هذا الكون لم ينشأ برغم عدم الاستقرار، بل بفضله.
في هذا التصوّر الجديد، لن يكون الغشاء الفقاعي الذي يتّكئ عليه كوننا مستقرا تمامًا، لكن عدم الاستقرار هنا ليس تهديدًا، بل ولادة. في الواقع، ستتبلور فقاعات مظلمة جديدة باستمرار بعضها داخل بعض، كل منها مُحاط بغشاء من نوع دي سيتر، تحمل في داخلها كونًا جديدًا. وفي هذا المشهد الواسع، حيث تتشابك الأكوان كأنها أصداء في محيط لا نهائي، لن يصبح ما نُسميه نحن "الانفجار العظيم"، بداية كل شيء، بل فقط اللحظة التي وُلدتْ فيها فقاعتنا من رحم فقاعة أخرى أقدم.
يرى دانييلسون أن هذا التصوّر، حيث يُولد كوننا من فقاعة مظلمة، هو في الواقع أكثر منطقية من النموذج التقليدي للانفجار العظيم. ومن جانبه يقول: "لطالما أحببنا أن نتخيّل الانفجار العظيم كبالونٍ يتمدد في الفضاء، إلا أن هذه الصورة عادة ما يُقال لك إنها خاطئة، فالبالون لا يتمدد في فضاء خارجي، لأن الخارج أو (ما وراء الكون) ببساطة غير موجود. لكن في سيناريو الفقاعة المظلمة، ذلك الفضاء الخارجي موجود بالفعل".
ومع ذلك، توجد بعض المخاوف من أن تلك الفقاعة التي نحيا فوقها قد تنفجر عند التمحيص الدقيق. تكمُن المشكلة في أكثر القوى الكونية مَراوغةً وإزعاجًا: قوة الجاذبية، وتحديدًا في سبب ضعفها الشديد مقارنةً بباقي القوى. ولتدرك مدى ضعفها، تأمّل مغناطيسًا صغيرًا على باب ثلاجة، ستكتشف أنه يستطيع بقوته الكهرومغناطيسية البسيطة، التعلّق بباب معدني، ويقاوم جاذبية كوكب بأكمله، وهذا يوضح مدى ضآلة تأثير الجاذبية.
أما في عالم الأوتار، فتُسرَد الحكاية كالتالي: للجاذبية عشرة أبعادٍ لتتسلل فيها، فتتبعثر وتخفت، بينما تُحاصر القوى الأخرى في أبعاد أقل، فتبقى أكثر حضورًا وسطوة. لكن حتى مع هذا التفسير، يواجه الفيزيائيون سؤالًا مُلحًّا: لماذا لم تُصبح الجاذبية أضعف لدرجة تفقد فيها الكواكب مداراتها، أو تتناثر المجرات؟
تكمن الحيلة في تقييد الجاذبية بطريقة تجعل جزءًا صغيرًا منها فقط هو ما يتسرّب إلى الأبعاد الإضافية. لكنّ أنطونيو باديا يرى أن فقاعات الظلام تعجز عن تحقيق هذا التوازن. ففي كونٍ تتوالد فيه الفقاعات إلى ما لا نهاية، تبدو الجاذبية كأنها بلا قيود، حرة في التسرب إلى أي مكان، ولهذا السبب، لجأ فريق دانييلسون إلى إدخال أوتار إضافية في البُعد الخامس، لتعمل كأربطة تُبقي الجاذبية مشدودة إلى أغشية الفقاعات.
ومن جانبه، يقول الفيزيائي باديا إن تصوير الجاذبية لتبدو وكأنها رباعية الأبعاد في نموذج الفقاعات المتعددة كان أمرًا معقدًا للغاية. لذلك، اقترح هو وزميلاه بن مونتز وبول سافين من جامعة نوتنغهام حلًّا بديلًا أبسط، وهو الاستغناء عن فكرة "الكون المتعدد" تمامًا، والاكتفاء بوجود فقاعة واحدة فقط. وفي هذا النموذج، لا يوجد فضاء غير محدود يمكن للجاذبية أن تتسرب إليه، مما يسمح لها بأن تبقى ضعيفة كما نلاحظ، دون أن تكون ضعيفة لدرجة تُفكك الكون. وهكذا، يظل كوننا قائمًا على غشاء رباعي الأبعاد يحيط بفقاعة خماسية، لكن هذا الغشاء لم يعد فاصلًا بين عوالم متوازية، بل أصبح الحاجز الأخير، الخط الرفيع بين كون نابضٍ بالوجود، وبين اللاشيء الخالص. بعبارة أخرى، نحن بحسب هذا التصوّر، نعيش حرفيًّا على حافة الكون، على "غشاء نهاية العالم". لكن هذا الطرح يُثير سؤالًا فلسفيًّا عميقًا كما يعترف باديا: ما هو اللاشيء أصلًا؟ وكيف يمكن لشيءٍ أن يولد من رحمه؟ يُعدُّ هذا أحد أكثر الأسئلة إرباكًا وإثارة للحيرة، فقد وقف عنده الفلاسفة منذ بزوغ الفكر. لكن الفيزياء بطبيعتها لا تتعامل مع العدم أو اللاشيء، بل مع العلاقات بين الأشياء الموجودة. ولذلك، يبدو أن هذا السؤال سيظل عصيًّا على الفيزياء.
إعلانورغم استعصاء هذا الأمر على معادلات الفيزياء، فإن عالمي النظريات آدم براون وأليكس دالن قدّما في عام 2012 محاولة جريئة للاقتراب من هذا اللغز، حين كانا في جامعة برينستون. استلهما أفكارهما من أعمال سابقة لعالم الأوتار البارز إد ويتن، ورَسَما تصوّرًا لزمكان من نوع "دي سيتر المضاد"، فضاء ينحني على ذاته بلا نهاية، بصورة متكررة ومكثفة. يمكن تخيّل هذا الفضاء كأنه ورقة تُطوى مرارًا وتكرارًا، حيث تُضاف كل مرة انحناءات جديدة، حتى تصبح الورقة متناهية الصغر. وهذا الشكل من الانطواء اللامتناهي وصفه العالمان بأنه أقرب شيء إلى العدم يمكن أن تُعرّفه الفيزياء (العدم و العدم الفيزيائي واللاشيء هي اصطلاحات متداخلة، لكن بشكل عام فإن الفيزياء لا تعرف العدم الذي يمتلك طابعًا فلسفيًا، بل تعرف الفراغ الفيزيائي مثلا، وهو فراغ تنشأ فيه جسيمات افتراضية وتفنى طوال الوقت، بحسب ما تقر ميكانيكا الكم*).
يُعتبر الزمكان الذي يتخذ هذا الشكل من الانحناء اللانهائي، بيئة غير صالحة تمامًا لأي وجود. فمع بلوغ الانحناء حدّه اللانهائي، تنكمش جميع الأطوال إلى الصفر، فلا يبقى هناك "حيّز" يمكن أن يوجد فيه شيء أصلًا. ومع ذلك، لا تزال قوانين ميكانيكا الكم هي الحاكمة في هذا السيناريو، وهي لا تسمح بتصريحات حاسمة أو مطلقة بهذا الشكل. فحتى في مكان لا يحتوي على شيء على الإطلاق، تقول ميكانيكا الكم إن هناك دائمًا احتمالًا ضئيلًا بأن يظهر "شيء ما"، ومجرد لمحة من "مكان" قد تكون كافية لأن تتكوَّن منه فقاعة زمكانية جديدة.
أراد فريق نوتنغهام الاستفادة من إمكانية نشوء فقاعة زمكانية من هذا "اللا شيء"، لكنهم واجهوا مشكلة جديدة: إذا كان الزمكان الأصلي الذي تُولد منه الفقاعة منحنيًا بلا نهاية، فكيف يمكن أن تنشأ داخله فقاعة جديدة ذات هندسة معتدلة ومستقرة؟ لحسن الحظ، اعتاد الفيزيائيون على التعامل مع هذا النوع من التعقيدات
ففي نظرية الحقول الكمومية -التي تُشكّل الأساس النموذجي لفهم الجسيمات الأولية- يضطر الفيزيائيون باستمرار إلى إلغاء أو "تحييد" المصطلحات ذات الطاقة العالية في معادلاتهم، حتى لا تفضي إلى نتائج لانهائية. ورغم غرابته الظاهرية، يعمل هذا الإجراء، المعروف باسم "إعادة التطبيع" بكفاءة مذهلة. وتتجلى فعاليته في الدقة المذهلة للنتائج التي تحققها التنبؤات الفيزيائية في تجارب مصادمات الجسيمات، مثل تلك التي يُجريها مصادم الهادرونات الكبير.
في عام 2024، استخدم أنطونيو باديا وفريقه إجراءً مشابها يُعرف باسم "إعادة التطبيع الهولوغرافي"، وذلك أثناء حساباتهم لعملية تكوُّن فقاعة زمكانية ذات انحناء محدود داخل فضاء دي سيتر المضاد، يتميز بانحناء شديد ولا نهائي. وبالفعل، تكللتْ محاولتهم بالنجاح. إذ توصّل الفريق إلى أن النتيجة يمكن وصفها بدقة على أنها "غشاء نهاية العالم"، أي غشاء يفصل فقاعة الكون عن هذا الفراغ، بحيث لا يوجد شيء خارج هذا الغشاء.
في أعماق الفقاعةيُرجِّح بعض العلماء أن الكون الذي نعرفه قد لا يكون سوى غشاء رباعي الأبعاد يحيط بفقاعة من زمكان خماسي الأبعاد، محاط من الخارج بالفراغ المطلق. ووفقًا لهذا التصور، فإن الأوتار التي تُكوِّن الواقع الذي نعيشه، لا توجد على الغشاء نفسه، بل داخل الفقاعة، في الفضاء الخماسي الأبعاد، بينما تظهر أطرافها فقط على الغشاء، فنرصدها نحن على أنها الجسيمات الأولية. وبهذا، فإن ما نختبره يوميًّا من أشياء ملموسة ليس سوى ظلٍّ أو انعكاس لواقع أكبر وأعمق بكثير لا يمكن لحواسنا إدراكه.
ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن أفكار فريقي نوتنغهام وأوبسالا لم تصل بعدُ إلى مرحلة نظريات أوتار متكاملة. فالنماذج التي يقترحونها تقوم على وجود خمسة أبعاد فقط، في حين أن نظرية الأوتار الكاملة تتطلب عشرة أبعاد. لذا، سيكون على الباحثين أن يُثبتوا أنه من الممكن ضغط الأبعاد الخمسة الإضافية بطريقة تجعلها تنسجم مع النموذج المطروح دون أن تُفسده. وكما يقول الفيزيائي رالف بلومنهاجن من معهد ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا، فإن دمج هذه الفرضيات في الإطار الكامل لنظرية الأوتار سيُواجه على الأرجح تحديات جديدة.
على الرغم من أن فريق أوبسالا يزعم أنه أحرز بعض التقدّم نحو دمج أفكاره في الإطار الكامل لنظرية الأوتار، فإن العقبات الأساسية بدأت الظهور، ولا يبدو أن هناك مسارًا واضحًا لتجاوزها بعد. قد تكون هذه الصعوبات مجرد تعقيدات تقنية مؤقتة، لكنها قد تعكس أيضًا عائقًا أعمق وأكثر جوهرية في بنية النظرية نفسها، وهو ما يشير إليه الفيزيائي أنجيل أورانجا من معهد الفيزياء النظرية بمدريد في إسبانيا.
حتى لو نجحت هذه الأفكار على المستوى النظري، يبقى السؤال مطروحا: هل هي واقعية أم مجرد أفكار بعيدة عن عالمنا الفعلي؟ يحاول العلماء اختبار فكرة وجود أبعاد إضافية من خلال مراقبة سلوك الجاذبية بدقة شديدة، لمعرفة ما إذا كانت هناك تغيّرات صغيرة عن الطريقة التي نعرف بها الجاذبية. كما يمكنهم أيضًا البحث عن دلائل من خلال صور الثقوب السوداء في الفضاء، أو باستخدام مصادمات الجسيمات للكشف عن آثار قد تشير إلى وجود جسيمات مرتبطة بالجاذبية تعمل في أبعاد أعلى تُسمى "الغرافيتونات". ومع أن هذه التجارب واعدة، فإن دقتها لم تصل بعد إلى المستوى الذي يسمح بتأكيد أو نفي هذه الأفكار، رغم أنها تتحسّن مع الوقت.
في النهاية، بعثتْ هذه الأفكار نفحة من الأمل والتفاؤل في مجتمع الفيزيائيين المهتمين بنظرية الأوتار، إذ لم يعد مستبعدًا أن تكون النظرية -رغم كل ما تواجهه من صعوبات وتعقيدات- قادرة في النهاية على وصف الكون المتواضع الذي نعيش فيه، والذي يتسع باستمرار. وكما يقول الفيزيائي رالف بلومنهاجن "من المبكر جدًّا أن نُصدِر حكمًا نهائيًّا"، لكن مجرّد احتمال أننا نعيش فوق غشاء قد يعني أن هذا التسارع الكوني ليس النهاية الحتمية لنظرية الأوتار، بل ربما يكون بوابة لفهم جديد لها.
____________
* إضافة المترجم
هذه المادة مترجمة عن نيوساينتست ولا تعبر بالضرورة عن الجزيرة نت