د. رهام سلامة تكتب: الإمام الأكبر شيخ الأزهر قائد حكيم ومسيرة عطاء لا تتوقف
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ليس غريبًا أن يقلق العالم أجمع، عندما وصلت الأنباء بأن الإمام الأكبر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، قد ألمت به وعكة صحية، و ابتهل الجميع - من الشرق والغرب من مختلف الجنسيات والألوان والأديان - إلى الله أن يشفيه ويرده إلى ممارسة عمله ليكمل مسيرته العلمية والتربوية من خلال أروقة الأزهر الشريف معقل التنوير والهداية والوسطية للعالم أجمع.
إن هذا القلق الذي أصاب العالم بأسره كان انعكاسا لما تمثله مكانة الإمام من أثر بالغ في نفوس الجميع، وهي مكانة تستمد قوتها من السماحة واستنارة الفكر والرأي التي يتبناها فضيلته منهجاً ومنهاجًا لا لحياته الشخصية فقط بل طريقة لمؤسسة الأزهر الشريف وعلاقته بالآخر.
على المستوى الشخصي، ما إن بلغني خبر تراجع صحة فضيلة الإمام الأكبر حتى خفق قلبي، وكأن نبضاته تتسارع مع قلق لا يمكن السيطرة عليه. كان شعورًا عميقًا يصعب وصفه، مزيجًا من الخوف والدعاء والرجاء. لكن ما إن سمعت بفضل الله أن حالته الصحية تحسنت كثيرًا حتى هدأ قلبي واطمأن، وكأن الحياة عادت إلى توازنها من جديد.
إنها فرصة ثمينة لأتحدث – ولو قليلًا – عن هذا العالم الجليل، الذي لا توفيه الكلمات حقه مهما اجتهدت في وصف فضله وعطائه. فما أكتبه الآن ليس إلا قطرة من بحر، ولمحة من نور مسيرته التي أضاءت دروب الفكر والإنسانية.
مسيرة علمية وفكرية حافلة:
منذ توليه مشيخة الأزهر في عام 2010، حرص الإمام الأكبر على تعزيز دور الأزهر الشريف كمؤسسة دينية وتعليمية تحمل لواء الوسطية والتسامح. فقد عمل على تطوير المناهج الدراسية، وإطلاق مبادرات فكرية لمواجهة التطرف، كما قاد جهودًا مكثفة للحفاظ على الهوية الإسلامية وتعزيز قيم التعايش المشترك.
لقد جسّد الإمام الأكبر نموذج العالم الأزهري المتزن، فلم يكن صوته يومًا داعيًا للصدام أو التعصب، بل كان مناصرًا دائمًا للسلام والحوار البناء. وقد أكد في أكثر من مناسبة أن الإسلام دين الرحمة والعدل، وأن الحلول الجذرية لقضايا العصر تكمن في تبني خطاب ديني مستنير يقوم على الفهم العميق للنصوص الشرعية ومقاصدها.
جهود بارزة في الحوار بين الأديان:
كان لفضيلة الإمام الأكبر دور محوري في تعزيز الحوار بين الأديان، وهو ما تجلى في وثيقة “الأخوة الإنسانية” التي وقعها مع بابا الفاتيكان عام 2019، والتي مثلت نقلة نوعية في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين. وقد شدد في مختلف لقاءاته مع قادة العالم على ضرورة بناء جسور التواصل بين أتباع الديانات المختلفة، ورفض كل أشكال العنف والكراهية.
إلى جانب ذلك، لم تتوقف جهوده عند اللقاءات الدبلوماسية فقط، بل سعى إلى توجيه الأزهر لإطلاق مبادرات عملية تعزز السلام المجتمعي، سواء من خلال تدريب الأئمة والدعاة على فنون الحوار والتواصل، أو من خلال تطوير الخطاب الديني لمواكبة التحديات المعاصرة.
الأزهر في مواجهة التطرف والتحديات الفكرية:
من أبرز القضايا التي شغلت اهتمام الإمام الأكبر قضية مكافحة الفكر المتطرف، حيث كان الأزهر ولا يزال الحصن الحصين ضد التيارات المنحرفة التي تحاول استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية. وقد أسس مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الذي يعمل بـ13 لغة، لرصد وتحليل الخطابات المتطرفة، والرد عليها بخطاب علمي عقلاني يستند إلى أسس شرعية راسخة، والذي أشرف بإدارته منذ ثلاث سنوات الآن وكنت عضو في فريق العمل فيه منذ اليوم الاول وأسعد بنفسي على حرص فضيلة الإمام على أن يكون الأزهر الشريف في صف الدفاع الأول عن شريعة الإسلام السمحة وعن أصوله الكريمة التي تحتاج لجيش من المجاهدين الأوفياء.
سعى فضيلته إلى تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين في الغرب، مؤكّدًا أن الحل يكمن في تعزيز قيم المواطنة والاندماج الإيجابي، لا في العزلة أو الانغلاق.
مع انتشار خبر مرض الإمام الأكبر، تدفقت رسائل الدعم من قادة الدول، ورجال الدين، والمثقفين، وطلاب العلم، داعين الله أن يمنّ عليه بالصحة والعافية، ليواصل مسيرته في نشر قيم الخير والسلام. ولا شك أن هذه المحبة الواسعة تعكس حجم الأثر الذي تركه فضيلته في قلوب الملايين.
وفي هذه اللحظات، لا يسعنا إلا أن نرفع أكف الدعاء، سائلين الله عز وجل أن يمنّ على الإمام الأكبر بالشفاء العاجل، وأن يبارك في عمره، ليبقى نورًا يهدي الأمة إلى ما فيه الخير والصلاح.
د. ريهام سلامة مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شيخ الأزهر رهام سلامة مديرة مرصد الأزهر الأزهر الشریف الإمام الأکبر
إقرأ أيضاً:
سلامة داود يثمن جهود إجراء أول عملية قلب مفتوح بمركز القلب بجامعة الأزهر
أشاد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، بالتميُّز الذي يحققه المركز الإسلامي لأمراض القلب وجراحاته بالجامعة برئاسة الدكتور علي الأمين، مدير المركز، اليوم تلو الآخر.
جاء ذلك خلال زيارته قبل قليل إلى المركز؛ للاطمئنان على سير العمل وتقديم الخدمات الصحية به، والذي صادف قيام الدكتور الحسيني جميل، رئيس أقسام جراحة القلب والصدر السابق بكلية الطب بالقاهرة رئيس الجمعية المصرية لجراحة القلب والصدر، وفريق عمله بإجراء أول عملية قلب مفتوح بالمركز لأحد أعضاء هيئة التدريس بالجامعة يعاني من ضيق شديد متكلس بالصمام الأورطي وقصور بالشرايين التاجية وضعف فى عضلة البطين الأيمن من القلب وتم إجراء عملية استبدال الصمام الأورطي وترقيع الشرايين التاجية للمريض.
الدكتور سلامة داود يشيد بجهود مركز القلب بجامعة الأزهروأعرب الدكتور سلامة داود عن سعادته بهذا الإنجاز الكبير الذي يعزز مكانة مركز القلب بالجامعة، ويجعله قبلة طبية تقدم خدمات صحية بمستوى راقٍ يفوق المستشفيات الخاصة والاستثمارية.
ووجه الدكتور سلامة داود، الشكر والتقدير لفريق العمل الذي قام بإجراء عملية القلب المفتوح برئاسة الدكتور الحسيني جميل، والتي استغرقت نحو ثماني ساعات.
طفل من ذوي الهمم يدهش لجنة تحكيم مسابقة الأزهر لحفظ القرآن.. شاهد
باحثة بـ مرصد الأزهر تحذر: العنف ضد المرأة بوابة خطيرة إلى التطرف
أبرزها غياب التربية.. باحثة بمرصد الأزهر تحدد أسباب العنف ضد المرأة
باحثة بمرصد الأزهر: العنف ضد المرأة يتخذ صورًا خطيرة تتجاوز الضرب
كما قدمت أسرة المريض، الشكر والتقدير إلى مؤسسة الأزهر الشريف جامعًا وجامعة برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، على توفير الخدمة الطبية بشكل متميز داخل مركز القلب.
وعبرت الأسرة عن سعادتها بقيام فريق طبي متميز بإجراء العملية الجراحية برئاسة قامة علمية كبيرة وهو الدكتور الحسيني جميل وفريق العمل الذي ضم الدكتور بهاء عبد الجواد، رئيس أقسام جراحة القلب والصدر، والدكتور محمد عفيفي، أستاذ التخدير والرعاية المركزة، والدكتور هيثم عبد المعطي، والدكتور عبد الله سامي، والدكتور أحمد جمال، والدكتور محمد عبد الحميد، والدكتور محمود زيدان، والدكتور حسام السيد، والدكتور محمد خليفة.