تقنيات المراقبة الرقمية في إيران.. تصعيد القمع ضد النساء بأصفهان تحت ستار الحجاب
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أفادت دراسة حديثة من قبل منظمة "فلترواتش" (Filterwatch) المختصة بحرية الإنترنت في إيران والشرق الأوسط، أن السلطات المحلية في مدينة إصفهان الإيرانية، ثالث أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان، تستخدم تقنيات متقدمة لمراقبة وتحديد النساء اللواتي يتحدين القوانين الصارمة للحجاب.
وتشير تقارير المنظمة إلى أن هذه التقنيات تشمل أجهزة "مستشعر هوية المشترك الدولي للهواتف المحمولة" (IMSI-Catchers)، وبيانات من قارئات البطاقات غير التلامسية، وكاميرات المراقبة الحضرية.
تعد أجهزة IMSI-Catchers، المعروفة أيضًا بأبراج الهواتف الخلوية المزيفة، أدوات قادرة على اعتراض وتتبع الاتصالات الهاتفية عبر التظاهر بأنها أبراج خلوية شرعية.
على سبيل المثال، يمكن للمسؤولين عن فرض الحجاب حمل برج خلوية مزيف يتصل بهاتف امرأة لا ترتدي الحجاب في الشارع، وبالتالي التعرف على رقم هاتفها.
وقالت "فلترواتش" في تقريرها إن "الاستخدام المشترك لأجهزة IMSI-Catchers، وقارئات البطاقات غير التلامسية، وكاميرات المراقبة، إلى جانب الوصول إلى قواعد البيانات الحكومية وتعاون مشغلي شبكات الهواتف، قد أنشأ أداة قوية ومتعددة الطبقات لانتهاك حقوق المرأة من خلال التعرف عليها وتتبعها وتهديدها".
الرقابة على الحجاب في إصفهانحتى الآن، يبدو أن هذه الاستراتيجية التي تعتمد على المراقبة تقتصر على مدينة إصفهان، المعروفة بتوجهاتها المحافظة، حيث دفع المتشددون هناك إلى فرض قوانين الحجاب بشكل أكثر صرامة، حتى بعد أن أوقف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني (SNSC) في سبتمبر الماضي قانون "الحجاب والعفة" الجديد الذي كان مثيرًا للجدل، لتجنب إثارة الاضطرابات إذا تم تطبيقه.
وقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة هذا القانون، واصفة إياه بالتمييز الجنسي ضد النساء.
وفي ديسمبر، كشفت وسائل الإعلام الإيرانية عن تفاصيل هذا القانون الذي كان قد تم إبقاؤه سريًا. وتتضمن الإجراءات الصارمة ضد النساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة حظر السفر، حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، السجن، والجلد. كما يُجرّم القانون أي شخص يقوم بتشجيع رفض الحجاب.
الرسائل التحذيرية تكشف مدى الوصول إلى البياناتفي الأسابيع الأخيرة، أفادت العديد من النساء على وسائل التواصل الاجتماعي بتلقيهن رسائل تهديد عبر الهواتف المحمولة بعد زيارتهم لأماكن عامة في إصفهان خلال عطلة "نوروز" (رأس السنة الإيرانية) في أواخر مارس، حيث تصاعدت الحملة ضد مخالفي الحجاب.
وتظهر لقطات شاشة تم مشاركتها عبر الإنترنت رسائل من عدة جهات حكومية، بما في ذلك فرع "مكتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في المحافظة، و"دائرة العدالة"، والشرطة.
وكانت الرسائل الأولى تحذر من الملاحقة القانونية في حال تكرار مخالفة قواعد الحجاب، بينما كانت الرسالة الثالثة، من الشرطة، تُعلم المستلم بأنه "تم تقديم الأدلة إلى السلطة القضائية".
وتضمنت الرسائل أسماء النساء الكاملين، وحددت الأماكن التي وقعت فيها الانتهاكات المزعومة، ما يشير إلى أن السلطات كانت لديها القدرة على الوصول إلى بياناتهن الشخصية ومواقعهن.
وفي بعض الحالات، تم إرسال نفس الرسائل إلى زوج المرأة أو والدها، مما يظهر مدى الوصول الكبير إلى البيانات.
ورغم أن التقارير حول هذه التحذيرات بدأت في الظهور لأول مرة في يونيو 2023، إلا أن السلطات المحلية أكدت مؤخرًا ممارسة هذا الأمر بعد أن أصبح أكثر انتشارًا.
الاحتجاجات العامة مستمرةعلى الرغم من تهديدات السلطات باتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد النساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، والعنف أحيانًا ضدهن في الشوارع، استمرت الأعمال الاحتجاجية العلنية ضد الحجاب في التصاعد على مدار العام الماضي.
وقد ازدادت حدة الحركة المناهضة للحجاب الإلزامي في أعقاب وفاة مهسا أميني في سبتمبر 2022 أثناء احتجازها لدى "شرطة الأخلاق". وقد أثار وفاتها احتجاجات في جميع أنحاء إيران تحت شعار "المرأة، الحياة، الحرية"، مما أدى إلى تحول في الرأي العام ضد الحجاب الإلزامي.
الآن، ترفض العديد من النساء ارتداء الحجاب الإلزامي والملابس الطويلة والبناطيل التي تفرضها قوانين الشريعة في البلاد، وأصبحن يُشاهدن في الأماكن العامة وهن يرقصن ويغنين اعتراضًا على السلطة الدينية الحاكمة.
تتواصل السلطات الإيرانية في استخدام التكنولوجيا المتقدمة كأداة للرقابة والتهديد ضد النساء اللواتي يرفضن الامتثال لقوانين الحجاب. ومع تصاعد الرفض الشعبي والاحتجاجات، يبدو أن السلطات تتبنى أساليب متطورة لاستعادة السيطرة، مما يثير القلق بشأن الانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان في البلاد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الحجاب الاحتجاجات النساء اللواتی أن السلطات الحجاب فی ضد النساء
إقرأ أيضاً:
تقنيات النصِّ في الأبوذيَّة العراقيَّة
آخر تحديث: 29 ماي 2025 - 11:22 صأ.د. صبري مسلم حمادي* مدخل حسافه البي حمِيّه يموت ويروح (يذهب) ويترك بالقلب آهات ويروح (وجروح) لَوَ انْ الله يبدل الروح وي روح (الروح) أضَحّيهه لشهم عنده حميّهْ هذا هو شكل بيت الأبوذية الذي يتألف من ثلاثة مقاطع أو أشطر قد تسمى مفاتيح، تعتمد على الجِناس التام أو الناقص أحياناً، تلي هذه المقاطع الثلاثة خاتمة مؤلفة من ياء مشددة وهاء ساكنة، وقد تسمى الربّاط أو القفل. وتركز هذه الدراسة على نصِّ الأبوذية العراقية بوصفه نصاً أدبياً قابلاً للدراسة والتحليل، وأما طرق غناء الأبوذية فإنها كثيرة منها الملّائي والطويرجاوي والصبّي واللامي والشطراوي والبحراني والمصلاوي، إلا أن طرق الأداء هذه لا تدخل في إطار هذه الدراسة نظراً لارتباطها بالنوطة الموسيقية والغناء.وما يزال فنُّ الأبوذية العراقية يتصدر فنون الغناء الشعبي العراقي، وهو يمسُّ تماماُ أعماق الإنسان العراقي من حيث الامتدادات الصوتية الحزينة التي تصاحبه، وهي مُفعمة بالشكوى من الزمان وقسوة الحياة أحياناً، وبالحكمة والتجربة والنصح أحياناً أخرى. ونلمس نضجاً وفهماً عميقاً للحياة وتناقضاتها في بعض أبيات الأبوذية، وبكل ما في الحياة من تضادّ يقع ما بين أقصى الحب والوفاء لمن تحب تارة، وتارة أخرى أقصى الخيانة وعدم الوفاء، وما بين الاستسلام لجوْر الزمان أو التمرُّد عليه والشكوى المُرَّة من قسوته. أصل الأبوذيَّة وإذا كان الدكتور فوزي رشيد يعتقد بأن الأبوذية العراقية ذات جذور ضاربة في القدم قد تعود لأنماط غنائية سومرية، فإن في ما قرره قدراً مُقنعاً من المنطق، لأننا وعلى وجه العموم لا نعرف على وجه الدقَّة مصادرها الأساسية، ولذلك فإننا لا نستبعد ما أورده دكتور فوزي من أن ألحان المنطقة الجنوبية تحمل في طيّاتها طبيعة الألحان السومرية، لأن المنطقة المذكورة هي الموطن الأصلي للسومريين، “ويمكن أن نتلمَّس طبيعة الألحان السومرية من خلال الأبوذية وبقية الألحان في المنطقة الجنوبية كالدارمي والميمر والموّال وسواها”. وقد نشر الدكتور فوزي رشيد هذا الرأي تحت عنوان “الغناء العراقي القديم، مجلة آفاق عربية، العدد الثالث، السنة الثالثة، بغداد تشرين الثاني 1977، ص81” ويورد الدكتور فوزي رشيد مقطعاً مقتبساً من الشعر السومري يبدو قريباً من شكل الأبوذية العراقية، مع أن المفردة (المفتاح) التي تتكرر ثلاث مرات تأتي بمعنى واحد وليس بمعانٍ مختلفة كما هو شأن الأبوذية، فضلاً عن أن الفترة ما بين غروب الحضارة البابلية إثر تخريب بابل من قبل الملك الفارسي كورش واتخاذه المدائن عاصمة له وبين الحواضر العربية كمملكة الحيرة وسواها، هذه الفترة التي امتدت لقرون متعددة قطعت الصلة بين عرب العراق الذين قدِموا من الجزيرة العربية تحت راية الإسلام واختلطوا بسكان المنطقة قبل الإسلام، وبين إنجازات الحضارة السومرية والبابلية والآشورية. ومن هنا فإننا لا يمكن أن نستنتج وبشكل حاسم أن أصل الأبوذية هو هذه المقاطع من الشعر السومري أو البابلي، لأن أي دليل يتطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال، وكما يقول علماء المنطق. ويُرجِع الدكتور مصطفى جواد أصل الأبوذية العراقية إلى العصر العباسي حيث صُحّفت مفردة دوبيت بوديت بوذيت بوذية. وهذا الرأي للدكتور مصطفى جواد ورد في مجلة التراث الشعبي تحت عنوان “الشعر العامي العراقي القديم” مجلة التراث الشعبي، العدد الأول، السنة الأولى، مطابع دار الزمان، بغداد 1963، ص29 وأنا أستبعد رأي عالمنا اللغوي الجليل مصطفى جواد لسببين: الأول هو أن لفظ الدوبيت ولفظ الأبوذية بعيدان عن بعضهما، وأما السبب الآخر، – وهو الأرجح كما أعتقد – فهو أن نماذج الدوبيت التي وصلتنا لا صِلة لها بالأبوذية، ونذكر منها نموذجاً مشهوراً غناه المطرب العراقي ناظم الغزالي، وهو ينسب للشاعر البهاء زهير: يا من لعبت به شمول ما ألطف هذه الشمائل نشوان يهزُّه دلال كالغصن مع النسيم مائل والبيتان من مجزوء الدوبيت، ويأتي على وزن (فَعْلن متفاعلن فعولن)، وهو على غير نسق بحور الخليل الستة عشر، في حين يأتي إيقاع الأبوذية على بحر الوافر (مفاعلتن مفاعلتن فعولن). وهناك من يرى أن لفظ أبوذية يتألف من مقطعين: (أبو) الذي قد يستعمل بمعنى صاحب في اللهجة العراقية، و(ذيَّة) مخففة من أذيَّة، فيكون المعنى صاحب الأذيَّة. فالأبوذية مشتقة إذن من وجهة النظر هذه من الأذى كالعتابة التي هي مشتقة من العتاب. “وللاستزادة ينظر: مجيد لطيف القيسي، من تراثنا الفولكلوري العراقي الأصيل، معرفة أوزان الشعر الشعبي، مطبعة أسعد، بغداد 1985 ص31. وهو رأي قد يبدو مستساغاً، نظراً لأجواء الأبوذية الحزينة وتركيزها على الشكوى من الزمن وغدر الأحبة وغياب الوفاء، مع أن ثمة مضامين أخرى في الأبوذية لها صِلة بقيم الجماعة كالشجاعة والكرم والوفاء والحب والشهامة وما إلى ذلك من قيم أخرى. ـــــــــــــــــ • أستاذ اللغة العربية في قسم اللغات الأجنبية بكلية واشتناو- ميشيغان- الولايات المتحدة الأميركية.