صحيفة صدى:
2025-06-23@23:57:43 GMT

أعجوبة القرن الحديث

تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT

أعجوبة القرن الحديث

قبل إصلاحات عام 1978، كان ما يقرب من أربعة من كل خمسة صينيين يعملون في الزراعة. وبحلول عام 1994، لم يعد يعمل سوى واحد من كل اثنين. وسّعت الإصلاحات نطاق حقوق الملكية في الريف، وأطلقت شرارة سباق لتشكيل شركات صغيرة غير زراعية في المناطق الريفية.

كما أدى إلغاء نظام المزارع الجماعية وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية إلى زيادة إنتاجية المزارع (العائلية) وزيادة كفاءة استخدام العمالة.

دفعت هذه العوامل مجتمعةً العديد من العمال إلى ترك الزراعة. وقد أدى النمو السريع الناتج عن ذلك في المشاريع القروية إلى استقطاب عشرات الملايين من الناس من الزراعة التقليدية إلى الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة الأعلى.

منذ سلسلة الإصلاحات التي جرت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبعد سنوات من سيطرة الدولة على جميع الأصول الإنتاجية، شرعت الحكومة الصينية في برنامج إصلاح اقتصادي شامل. وفي محاولة لإيقاظ عملاق اقتصادي خامد، شجعت على تأسيس الشركات الريفية والشركات الخاصة، وحررت التجارة والاستثمار الأجنبيين، وخففت من سيطرة الدولة على بعض الأسعار، واستثمرت في الإنتاج الصناعي وتدريب القوى العاملة.

على سبيل المثال، إعطاء استقلالية أكبر لمديري المشاريع. أصبحوا أكثر حرية في تحديد أهدافهم الإنتاجية، وبيع بعض المنتجات في السوق الخاصة بأسعار تنافسية، ومنح مكافآت للموظفين الجيدين وفصل غير الجيدين، والاحتفاظ بجزء من أرباح الشركة للاستثمار المستقبلي.

كما أتاحت الإصلاحات مساحةً أكبر للملكية الخاصة للإنتاج، ووفرت هذه الشركات الخاصة فرص عمل، وطوّرت منتجات استهلاكية مطلوبة بشدة، وكسبت عملات صعبة مهمة من خلال التجارة الخارجية، ودفعت ضرائب الدولة، ومنحت الاقتصاد الوطني مرونةً وقدرةً على الصمود لم تكن متوفرة من قبل.

سجلت الصين نمواً ملحوظاً لعقود. من عام 1978 إلى عام 2010، تراوح متوسط ​​النمو حول 10%، مما وضع الصين ضمن نسبة 1% المئوية للدول التي تنتقل من 1,000 إلى 10,000 دولار أمريكي للفرد. هذا إلى جانب انتشال أكثر من 800 مليون شخص من براثن الفقر، يبرر بوضوح تعبير “المعجزة الاقتصادية الصينية”. وحتى اليوم، لا تزال الصين بمثابة المحرك الأهم للنمو العالمي، حيث ساهمت بنحو ثلث إجمالي النمو العالمي على مدى العقود الثلاثة الماضية.

مع “الإصلاح والانفتاح” كشعار رئيسي منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي لتحويل الصين من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد سوق، تشابكت البلاد بشكل متزايد مع بقية الاقتصاد العالمي من خلال التجارة والاستثمار والمشاركة المتزايدة في سلسلة القيمة العالمية.

يُعزى ذلك إلى اقتصادات الحجم الواضحة في الصين، والأجور المنخفضة نسبياً، والبنية التحتية اللوجستية الداعمة للتصنيع. كما يُعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، ودعم الشركات الغربية التي تستثمر فيها، إلى جانب نقل التكنولوجيا على نطاق واسع، عوامل خارجية مهمة وراء نجاح الصين.

فأنا أعتقد أن مفهوم الأعجوبة تتحقق بغياب المصادر الرئيسة لتحقيق الأهداف، والانفراد بالنمو القياسي. لم يستيقظ التنين الصيني فجأة في عام 2003، بل استغرق 33 عاماً من التحضير. لذا، بفضل تلك الأعوام من العمل الشاق والصبر، انطلقت الصين بسرعة الصاروخ من عام 2003 إلى عام 2023 لأنها كانت تتمتع بأساس متين بفضل أبناء ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ومراحل التخطيط السليم.

كان بالسابق نشاهد المنتجات الغربية خاصة الأمريكية والاوربية تغزو السوق الخليجي على مدار عقود من الزمن، اما الآن احتل التنين العملاق الأسواق المحلية والعالمية بشكل كاسح. وذهبت المنتجات الغربية في الصفوف الخلفية وبعضها اختفت عن الوجود.

فهو مؤشر قوي على صلابة السوق الصيني، وينقلنا لدراسة وفهم أعمق لثقافة الصينية والاستفادة منها.

قبل أيام قليلة، حفزت المملكة العربية السعودية دراسة اللغة الصينية في مراحل دراسية معينة، وابتعاث عدد كبير من طلابها، وهذه خطوة استراتيجية في بالغ الأهمية لفهم أكثر المجتمع والثقافة الصينية والتعرف عن قرب التأثيرات والفرص الذهبية للوطن. أعتقد أنها خطوة رائعة جداً.

استراتيجيات الصين الناجحة تم ترجمتها إلى مشاريع ضخمة بوتيرة غير مسبوقة، وستُكمل خلال عقود مرحلة البنية التحتية التي ستُنافس ما بنته الولايات المتحدة في تاريخها. على سبيل المثال:

* 143,000 كيلومتر مجموع أبعاد الخطوط السريعة للمركبات، المصنف الأضخم على الأطلاق بالعالم
* 30,000 كيلومتر، واحدة من أسرع القطارات التشغيلية بالعالم، وهي تملك 02:03 من مجموع ابعاد العالم
* 100 مليار كيلووات بالساعة، أكبر محطات الطاقة الكهرومائية من حيث إنتاج الكهرباء بالعالم. Three Georges Dam with 100 Billion Kilowatt-Hours
* 25,526 مليار متر مكعب، مشروع تحويل المياه من الجنوب إلى الشمال. أكبر مشروع نقل مياه بالعالم، والذي يخدم على الأقل 100,000,000 فرد
* 8,704 كيلومتر، مشروع غرب الى شرق انابيب الغاز، أطول مشروع خط انابيب بالعالم
* 55 كيلومتر، Hong Kong – Zhuhai – Macao Bridge أطول جسر مائي للمركبات، وأطول نفق تحت البحر يمتد الى 6.7 كيلومتر

نعم، التنين العملاق الذي كرس قوته وعمل على مدار الساعات والعقود لبناء ترسانة مهيبة بعيدة عن التوترات والصراعات العالمية، قاعدة تعليمية، وعقول متعلمة قوية، ومواطنون يتمتعون بأفضل أخلاقيات العالم، واستعداد دائم للتعلم والتكيف، وعدم الاختباء أمام التحديات، واتباع أوامر من هو أحقّ وأكثر جدارة. هذه هي الصين العظيمة “أعجوبة القرن الحديث”.

 

 

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

أمين اتحاد الناشرين: ثورة 30 يونيو لحظة فاصلة في تاريخ مصر الحديث

أكد أمين عام اتحاد الناشرين المصريين محمد عبد المنعم أن ثورة "30 يونيو" تعد لحظة فاصلة في التاريخ الحديث لمصر، حيث خرج فيها الشعب ليصون وجوده، ويحافظ على هوية وطنه التي كانت مهددة بالضياع، وهي الحارس الأمين لهوية الدولة المصرية.

وقال عبد المنعم، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)، إن ثورة "30 يونيو"، التي لم تكن مجرد انتفاضة شعبية ضد حكم سياسي فشل في إدارة الدولة، جاءت تعبيرا عن إرادة شعبية حقيقية، لا ترفض فقط مشروع التمكين السياسي لجماعة بعينها، بل تنتصر لقيم الدولة الوطنية، المدنية، الراسخة عبر آلاف السنين.

وأضاف أن ملامح الهوية المصرية بدأت تتآكل في عام واحد من حكم جماعة الإخوان، على يد مشروع سياسي يستهدف اختطاف الدولة، وطمس تنوعها الحضاري والديني والثقافي.

وشدد على أن الجماعة حاولت أن تُقزّم مصر، وأن تحصرها في قالب أيديولوجي ضيق، يتنافى مع طبيعة الشخصية المصرية التي ترفض التطرف والانغلاق، لافتا إلى أن هناك خطابا تقسيميا ساد آنذاك كاد أن ينسف فكرة المواطنة، ويجعل من الانتماء الحزبي أو الديني معيارًا للحقوق والواجبات، وهي كلها أمور كانت كفيلة بإشعال صراع داخلي مدمر، لو لم يتدخل الشعب لقول كلمته الفاصلة.

وأوضح أن ثورة 30 يونيو كانت تعبيرًا عن يقظة وطنية عظيمة، حيث خرج ملايين المصريين إلى الشوارع، لا للدفاع عن رغيف الخبز فقط، بل عن الهوية المصرية التي باتت مهددة، مشيرا إلى أن الشعب المصري خرج ليقول لا لحكم الجماعة، ولا لاختزال الدولة في فصيل، ولا لمحاولة أخونة مؤسسات الدولة، أو إخضاع مؤسساتها لمشروع لا يعبر عن الإرادة العامة.

ولفت إلى أن الجميع أدرك أن مصر أكبر من أن تُختزل، وأقدم من أن تُخطف، وأقوى من أن تُستبدل هويتها التي توازن ببراعة بين الأصالة والمعاصرة، وبين الإسلام الوسطي والانفتاح الحضاري.

وتابع قائلا:" وفي ظل دعم شعبي واسع، انحازت القوات المسلحة المصرية لإرادة الشعب، في مشهد أعاد للدولة الوطنية هيبتها، وأعاد للمصريين ثقتهم في مستقبلهم، ولم تكتف الثورة بإسقاط حكم الإخوان، بل دشّنت مشروعًا وطنيًا جديدًا، يقوم على تثبيت دعائم الدولة الحديثة، وتحقيق التنمية، واستعادة دور مصر الإقليمي والدولي".

وذكر أمين عام اتحاد الناشرين المصريين أن ثورة 30 يونيو حافظت على هوية الدولة المصرية من خلال إعادة الاعتبار إلى الدولة الوطنية المدنية التي لا تخضع لأي تيار ديني أو حزبي، بل تقوم على المواطنة والعدالة، كما أعادت الاعتبار إلى المؤسسات القوية، والوسطية الدينية، إذ أعادت الأزهر الشريف إلى مكانته المرجعية في الاعتدال، وواجهت خطاب التكفير والإقصاء.

وأوضح أن ثورة 30 يونيو أعادت الاعتبار أيضا إلى الهوية الثقافية حيث أنقذت التعليم، والفن، والإعلام من محاولات الاختطاف الأيديولوجي، وأعادت الاعتبار لدور مصر الحضاري والوحدة الوطنية بعد أن كادت الخطابات الطائفية أن تُحدث شرخًا في نسيج المجتمع، جاءت الثورة لتؤكد أن كل المصريين شركاء في الوطن دون تمييز.

ونوه بأن الحفاظ على هوية الدولة المصرية لم يكن أمرًا سهلًا، لكنه كان قدرًا اختاره الشعب، فأنقذ الوطن من مصير كان سيكون أشد خطورة من أي تهديد خارجي.

وقال إنه بينما تنطلق مصر اليوم في مسارات الإصلاح والبناء، تبقى ثورة 30 يونيو شاهدا على لحظة وعي جمعي نادرة، تجلت فيها مصر الحقيقية، بقيمها، وأصالتها، ورفضها لكل ما يناقض طبيعتها.

اقرأ أيضاً«المستشار طاهر الخولي»: رجال القضاء تقدموا الصفوف الأولى لإزاحة الإخوان في ثورة 30 يونيو

«حدث في زمن الإخوان.. الطريق إلى ثورة 30 يونيو».. كتاب لمصطفى بكري يكشف خطايا الجماعة خلال حكم مصر

«إعلام الزقازيق» يحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو بحضور مصطفى بكري

مقالات مشابهة

  • استضافة كبار الشخصيات بالعالم .. حصاد مجلس الشيوخ في دور الانعقاد الخامس
  • "فريدا" تضيء مسرح الجمهورية بثلاث ليالٍ من الرقص الحديث
  • أمين اتحاد الناشرين: ثورة 30 يونيو لحظة فاصلة في تاريخ مصر الحديث
  • 19 محطة و65 كيلومترًا من الأنفاق والمسارات.. تحالفات دولية تتنافس على تنفيذ الخط السابع من مترو الرياض
  • مؤتمر صحفي يتحول إلى ساحة مشادة قبل نزال القرن بين كانيلو وكروفورد
  • هيئة الدواء المصرية تعزز شراكتها مع الصين لدعم تنظيم المنتجات الطبية
  • تسير 10000 كيلومتر دون تزويد بالوقود.. تعرف على القاذفة B2 التي قصفت المفاعل النووي الإيراني
  • عولمية الحرب…واقليمية المعركة الإسرائيلية الايرانية … رؤيا تحليلية
  • أمين الشرقية: تقدم الخبر في تصنيف أفضل المدن للعيش بالعالم يعد إنجازًا عالميًا يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030
  • تركي آل الشيخ: السعودية تقود نزال القرن في الملاكمة