خبراء عسكريون للجزيرة نت: هذه أهداف مصر من مناورتها الجوية مع الصين
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
القاهرة- وسط توترات إقليمية ودولية غير مسبوقة، أطلق الجيشان المصري والصيني مناورات جوية مشتركة تُعد الأولى من نوعها، باسم "نسور الحضارة 2025″، بمشاركة آليات ومعدات ومقاتلات متعددة المهمات.
وتُجرى المناورات في قاعدة عسكرية مصرية لم يفصح عنها، من منتصف أبريل/نيسان حتى أوائل مايو/أيار المقبل. وقد انطلقت فعلا أولى طلعاتها التدريبية يوم الجمعة الماضي.
وفي حين تعد "نسور الحضارة" أول تدريب جوي مشترك من نوعه بين البلدين، إلا أن الجانبين أجريا -أكثر من مرة- "تدريبات بحرية عابرة"، وهي تمرينات عابرة وغير مجدولة مسبقًا.
ما أهداف ورسائل مصر من مناوراتها الجوية الأولى مع الصين؟ثمة مجموعة من الأهداف والرسائل المشتركة، يطرحها اللواء الدكتور سيد غنيم -زميل الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية، والأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل– لهذه المناورات، أبرزها:
باعتبار القاهرة الحليف الرئيسي لواشنطن خارج الناتو، فهي تجري مناورة جوية مع "عدو أميركا المتصاعد"، وكأنها تساوي بين شراكاتها الإستراتيجية مع الحليف القديم الأهم ومع شريك واعد لا يقل أهمية. كلا البلدين يسعى لإظهار المناورة وكأنها تمثل علامة في التكامل العسكري العملي، بما يتيح منصة مشتركة لتحسين تنسيق القتال الجوي، وتقييم المعدات في الظروف التشغيلية، وبناء الألفة المؤسسية بين قواتهما. إعلان هل تحمل المناورات رسائل إلى طرف أو أطراف محددة؟يقول اللواء سمير فرج، الخبير العسكري ومدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، إن المناورات كان مخططا لها منذ بداية العام، وفي حين يشدد على أنها ليست موجهة لأي طرف حاليا، وغير مرتبطة بأحداث إقليمية على غرار الحرب في غزة، يؤكد أنها تبقى "رسالة إلى من يهمه الأمر".
ويوضح أنها تستمد أهميتها من كونها:
تعد شكلا من أشكال "الردع المعنوي"؛ لتظهر قوة مصر وقدرتها على ردع أي تهديد محتمل. تجري مع مقاتلات تنتمي لمدرسة عسكرية مختلفة عن المدارس الغربية. تشمل مهارات إعادة الإمداد والتموين، وهي قدرات مطلوبة في المرحلة الراهنة. رفع الجاهزية العسكرية، خاصة تجاه سيناريوهات محتملة في العمق الأفريقي أو حوض نهر النيل.ويتفق الخبير العسكري والإستراتيجي العميد سمير راغب، مع القول السابق، إن المناورات لا تستهدف طرفا بعينه، ويضيف أنها تعكس توجها لإعادة التوازن في العلاقات العسكرية، كما تتيح لمصر اختبار المقاتلات الصينية في بيئة قتالية واقعية، من حيث:
قدرتها على المناورة. والإقلاع والهبوط في أقصر مدى وممر. واستخدام أنظمة الرصد والحرب الإلكترونية. وكفاءة التسليح الذكي.ويعتقد راغب أن الصين تمتلك ميزة نسبية في تحديث المعدات وتطوير التكتيكات القتالية، ما يكسب الدول المتعاونة معها خبرات قتالية حديثة ومتقدمة.
مشاهد من التدريب الجوي المصري-الصيني المشترك "نسور الحضارة 2025″، الذي ينفذ في إحدى القواعد الجوية المصرية.
تظهر اللقطات مشاركة سلاح الجو الصيني بمقاتلات "جيان J-10" بنسختيها الأحدث "C" والأقدم "S"، إضافة إلى طائرة الإنذار المبكر والقيادة والسيطرة KJ-500، وطائرة التزود… pic.twitter.com/iPHpPtJdqA
— Mahmoud Gamal (@mahmouedgamal44) April 20, 2025
كيف تعزز المناورات أهداف مصر في تنويع ترسانتها العسكرية؟يشدد اللواء غنيم على أن المناورات تكرّس توجه مصر نحو تنويع مصادر التسليح، بعيدا عن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة أو روسيا، خصوصا مع تراجع الثقة بهما في ضوء الحرب الأوكرانية، والدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل.
إعلانويقارن بين مرونة الصين البعيدة عن الحساسيات السياسية وعدم الثقة، وتردد شركاء آخرين، مثل فرنسا، التي خضعت سابقا لضغوطات إسرائيلية حالت دون تزويد مصر بصواريخ متقدمة ضمن صفقة مقاتلات "الرافال".
ويرى أن المناورة تتيح فرصة واقعية لاختبار الطائرات الصينية، تمهيدا لاحتمال التعاقد عليها مستقبلا دون قيود سياسية أو شروط غير مرغوب فيها.
يعزز ذلك، حسب اللواء غنيم، إستراتيجية مصر الأوسع في سياستها الخارجية القائمة على عدم الانحياز، بما يسمح لها بالتحوط من الاعتماد المفرط على أي كتلة جيوسياسية واحدة، مع إمكانية نقل التكنولوجيا والتجميع وربما التصنيع مستقبلا.
ويلتقط اللواء سمير فرج الخيط ذاته، موضحا أن المناورات توفر الفرصة لمصر بأن تعاين على أرض الواقع الأسلحة الصينية، وهي تقاتل وتشتبك في ميدان التدريب.
ويتفق معه في الرأي، العميد سمير راغب، مشيرا إلى أن المناورات المشتركة تعد عادة مقدمة لتعاون تسليحي وتعاقدات عسكرية؛ وتسمح باختبار ومعاينة مواصفات الأسلحة ميدانيا عن قرب وليس فقط من خلال المعارض أو الكتيبات أو العروض النظرية أو الملحقين العسكريين.
وعن صفقة المقاتلات الصينية متعددة المهام "تشنغدو-جي10" التي قيل إن مصر تفكر في اقتنائها -دون إعلان رسمي- أكد اللواء فرج عدم حدوث أي مشاورات بشأنها، مع ذلك يرى أن المناورات تستكشف ما يملكه الجانب الصيني من أسلحة ومقاتلات، إذا لجأت مصر إليها مستقبلا.
في حين يرى العميد راغب، أن هذه المقاتلات مرشحة بقوة بديلا محتملا لمقاتلات "إف-16"؛ كونها تنفذ مهام مشابهة للمقاتلة الأميركية، ووجودها ضمن المناورات الحالية قد يعكس ذلك التوجه، لكن هذا لا يعني اتخاذ قرار نهائي بشرائها، مشيرا إلى أن بلاده سبق أن تدربت مع الفرنسيين قبل التعاقد على "الرافال"، ومع الروس على "ميغ 29" التي تعادل المقاتلة الصينية.
إعلانويوضح أن مصر تبحث عن بديل مستقبلي لمقاتلات "إف-16″، مع توقف إنتاجها، سواء الجيل الرابع منها أو الجيل الرابع المطوّر، وعليه لم يعد ممكنا زيادة عددها ضمن الأسطول المصري.
وفي السياق نفسه، يرى اللواء غنيم، أن مصر تسعى لتحقيق هدف عسكري هام من هذه المناورات، يتمثل في تقييم قدرات الحرب الإلكترونية وأنظمة دمج الاستشعار لطائرات "تشنغدو-جي10" الصينية، إضافة إلى إمكانات الرفع الإستراتيجي لطائرات النقل الصينية "واي-20".
وشدد على أنه أمر بالغ الأهمية في ظل سعي القاهرة إلى تعزيز قدراتها على الاستكشاف والانتشار العسكري السريع، كما تُسهم هذه المناورات في تعزيز جاهزية مصر وتنسيق القوات المشتركة، وهو أمر ضروري بالنظر إلى البيئة الأمنية المتقلبة الممتدة من ليبيا إلى ممر البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
ماذا عن التداعيات على العلاقات المصرية الأميركية والتوازنات الإقليمية؟بحسب العميد راغب، فإنه لا يخفى أن العلاقات المصرية الأميركية شهدت مراحل من المد والجزر، وكان التراجع في عقود التسليح الأميركي سببا في تأويلات سياسية كثيرة، خاصة مع تنويع مصر مصادر التسليح شرقا وغربا.
ويشدد على أن مصر تدير علاقاتها بما يخدم مصالحها، دون مناكفات، مشيرا إلى أن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول لبلاده، ولديها استعداد ورغبة في نقل وتوطين التكنولوجيا لغيرها، على عكس الولايات المتحدة التي تضيّق على شركائها.
ويرجح العميد راغب تراجع علاقات التسليح المصرية بواشنطن لصالح بكين، التي تُعد خيارا مرنا مقارنة بموسكو، خاصة في ظل العقوبات المشددة المفروضة على الأخيرة، كما حدث أخيرا في صفقة مقاتلات "سوخوي" الروسية.
كما يشدد على أهمية الشراكات المتبادلة مع مصر، في ضوء اعتبار القاهرة بوابة لدخول أي سلاح جديد إلى الأسواق العربية والأفريقية، كما حدث مع "الرافال".
بدوره، يستشرف اللواء سيد غنيم، تأثر العلاقات المصرية الأميركية "تدريجيا"؛ خصوصا مع تزايد التعاون العسكري مع بكين، في ظل توجهات إدارة ترامب التي تجبر الحلفاء على الاختيار بين بلاده والصين.
إعلانوأكد أن أي صفقة مصرية مرتقبة للمقاتلات الصينية، بديلا محتملا لأسراب "إف-16" الأميركية، قد تؤثر سلبا على الشراكة العسكرية بين البلدين، خصوصا وأن المبيعات العسكرية إحدى ركائز التعاون المصري الأميركي.
وعن الأبعاد الإقليمية للمناورات، يرى أن إسرائيل ترى في التحركات المصرية، ومنها التعاون مع الصين، محاولة لإعادة التوازن العسكري الإقليمي، خاصة بعد تفوق تل أبيب في مواجهات مع إيران وأذرعها بالمنطقة.
أما اللواء سمير فرج، فيرجح عدم تأثر العلاقات المصرية الأميركية بمشاركة مصر في تدريبات مع الصين؛ بعد أن استوعبت الإدارة الأميركية سياسة تنويع مصادر التسليح المصرية وقدرة مصر على المناورة.
إجمالا، يتفق الخبراء العسكريون على أن هذه المناورات "بالغة الأهمية"، وتحمل رسائل "قد تبدو مبطنة" إلى أطراف مختلفة منها واشنطن وتل أبيب، لا سيما ما يتعلق بـ"الجاهزية العسكرية" والتأكيد على أن مصر تعمل على تنويع وتعزيز تحالفاتها وترسانتها، بالنظر إلى البيئة الأمنية المتقلبة الممتدة من ليبيا إلى ممر البحر الأحمر وحوض النيل والقرن الأفريقي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذه المناورات مع الصین على أن أن مصر
إقرأ أيضاً:
المتحدث باسم إدارة قناة بنما للجزيرة نت: ندير قناتنا باقتدار ولا نفوذ للصين فيها
بنما سيتي- منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم ثاني مرة في يناير/كانون الثاني الماضي، أصبحت بنما وقناة بنما في صدارة دائرة الأحداث العالمية بعدما عبَّر ترامب عن رغبته بإعادة القناة للسياسة الأميركية في ضوء ما يدّعيه من تغلغل النفوذ الصيني في بنما بما يهدد معه الأمن القومي الأميركي.
وكانت بنما أول محطات الزيارات الخارجية لوزير الخارجية والدفاع الأميركيين وسط ارتفاع حدة وحرارة الشكاوى الأميركية من مخاطر تشغيلية تهدد الملاحة بالقناة الشديدة الأهمية للجيش وللاقتصاد الأميركيين.
ولإلقاء الضوء على كل ما يتعلق بقناة بنما فنيا وتشغيليا، حاورت الجزيرة نت المتحدث الرسمي والمؤرخ في هيئة إدارة قناة بنما، خايمي ترويانو، عند أحد أرصفة مدخل القناة على المحيط الهادي، وهو صاحب كتاب شهير عن القناة بعنوان "100 عام من الفضول حول قناة بنما" الصادر عام 2015 باللغة الإسبانية، وتُرجم إلى العديد من اللغات.
وفي ما يلي نص الحوار:
ما صحة ادعاءات إدارة الرئيس دونالد ترامب عن وجود مشاكل تشغيلية بقناة بنما تؤثر سلبا على التجارة الأميركية؟أنا لست مسؤولا سياسيا كي أرد على ادعاءات الرئيس ترامب، لكن في ما يتعلق بالعملية التشغيلية الفنية للقناة، فلا يوجد أي مشاكل، والعمل يسير كما هو مخطط له بكفاءة كبيرة، وبأيد بنمية خالصة، موضوع قناة بنما يتداول إخباريا بصورة قاصرة لا تعكس واقع القناة ودورها الكبير في الحياة البنمية والمجتمع البنمي.
مياه القناة التي نستخدمها ليس فقط لتسيير السفن العابرة، إنها كذلك لتوفير المياه للسكان هنا في بنما، القناة، وما فيها من بحيرات وسدود وأنهار توفر ماء الشرب لأكثر من 2.5 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان البلاد.
كانت السنوات القليلة الماضية في قناة بنما صعبة نوعا ما بسبب موسم الجفاف أو ما نسميه ظاهرة "النينيو"، وهي دورة هطول الأمطار وما يعقبها من جفاف، بين حين وآخر.
إعلانلدينا إجراءات مختلفة نقوم بها لهذا النوع من التغيرات المناخية، ولذلك ننقل المياه بطرق مختلفة لتوفيرها خلال موسم الجفاف، ولدينا اليوم أحواض "أهوسة" (منشأة ملاحية لنقل السفن وتمريرها) عليها أقفال يمكن معها توفير 60% من المياه، كما أنها يعاد تدويرها وتستخدم من جديد.
ما الدور الأميركي في إدارة القناة وتشغيلها؟
غادرت الولايات المتحدة رسميا بنما في 31 ديسمبر/كانون الثاني 1999، ومنذ أول يناير/كانون الأول 2000، تُدار قناة بنما بأيد بنمية وبعقول وفنيين ومهندسين وبحريين بنميين.
أؤكد لك أن ما يقرب من 8500 شخص يعملون في هيئة القناة هم من البنميين فقط، ويخضعون لفحوص وتدريبات خاصة نظرا لطبيعة عملهم الحساسة في كثير من جوانبها. وجودة التشغيل قبل عام 1999 وبعده هي نفسها، بل يمكنني القول إن جودة عمل قناة بنما قد ارتفعت بعد أن انسحبت واشنطن وتركت القناة للبنميين.
في الواقع، نحقق المزيد من الدخل المادي بجميع أنحاء قناة بنما، لأننا قمنا ببناء أقفال جديدة وأحواض واسعة تستوعب السفن العملاقة ذات السعة الضخمة بنسب تتخطى 5 أضعاف كمية الحاويات القديمة، وهذه التطورات والتحديثات تفيد بنما ماليا من خلال ارتفاع عوائد المرور، وتفيد دول العالم والتجارة الدولية.
ما يمكنني قوله إنه خلال 25 عاما منذ عودة القناة للجمهورية البنمية، كان ذلك أفضل بكثير للتجارة العالمية وكذلك لبلادنا.
حسنا، في الواقع ليس لي أن أجيب عن هذا السؤال، الإجابة تجدها لدى الحكومة. لكن من موقعي هنا، أؤكد عدم وجود شيء كهذا مطلقا، هي قناة بنمية تدار بسواعد وأيد بنمية بنسبة 100%.
تدير شركة صينية تتخذ من هونغ كونغ ميناءين عند مدخل القناة على المحيط الهادي والأطلنطي، لكن هذه الشركة تدير مئات الموانئ في العالم. وبعد تهديدات ترامب، أعتقد أننا بصدد رؤية شركة أميركية تشتري حق إدارة هذه الموانئ من الشركة الصينية، لكن إدارة هذه الموانئ ليس لها أي دور بمرور السفن من قناة بنما، وهي تركز على الأعمال اللوجستية قبل مرور السفن من القناة وبعده.
كما رأيت أنت بنفسك كيف ندير ممر سفينة تجارية مثل التي تمر الآن، نعمل معها بالطريقة نفسها مع السفن العسكرية الأميركية وغير الأميركية منها.
يقوم قبطان بنمي بإدارة مرور كل سفينة عابرة لقناة بنما، ويساعده طاقم فني بنمي يشعلون قمرة السفينة المارة من مدخل القناة حتى خروجها بلا استثناءات، هذا هو نظام إدارة السفن المارة، لا نترك ذلك بيد قبطان أجنبي، نحن الذين ندير ونتحكم بمرور السفن جميعها خلال ساعات العبور العشر.
ولا فرق بهذه الطريقة بين السفن التجارية أو العسكرية، ولا فرق بين السفن الأميركية والسفن غير الأميركية، هذا ما نصت عليه اتفاقية حياد قناة بنما والتي بدورها أعادت لنا السيطرة على القناة.
إعلان هل يسمح بمرور السفن العسكرية غير الأميركية عبر القناة؟نعم، بنما دولة محايدة، وقناة بنما ممر مائي دولي محايد لا نفرض فيه أي قيود على مرور سفن دول محددة، القناة مفتوحة للجميع. بالطبع تمر الكثير من السفن العسكرية الأميركية بين جانبي القناة، لكن في الوقت ذاته يمكن مرور أي سفن عسكرية لأي دولة من قناة بنما من دون أي تمييز أو معاملات خاصة.
من يحمي قناة بنما من أي عدوان أو محاولة تخريب؟بموجب اتفاقية إعادة قناة بنما للشعب البنمي، أصبحت بنما دولة محايدة بلا جيش نظامي، وإن كان هناك قوات أمن حسنة التدريب والتسليح.
نحن نحمي قناة بنما، ونديرها، وهي قناة محايدة لا تمثل تهديدا لأحد ولا يجب أن يستهدفها أحد، وأقول لك إن الشعب البنمي هو الذي يحمي قناته، وإن احتاج لملايين الأشخاص للدفاع عنها سيهبّون لذلك، لما تمثله لنا جميعا من رمز ومصدر للرخاء الاقتصادي والهوية الوطنية.
تدر القناة ما لا يقل عن 7 مليارات دولار سنويا للخزينة البنمية، مع ذلك رأيت تدهورا اقتصاديا وانخفاضا في مستوى المعيشة بمدينة كولن عند مخرج القناة على المحيط الأطلنطي، كيف تفسر ذلك؟حسنا، القناة لها إدارة خاصة بها، ونحن في الواقع نبلغ الحكومة البنمية بجميع الإيرادات التي نحققها كل عام. لذا، فإن الحكومة البنمية تتحمل مسؤولية استخدام الأموال في مشاريع تنموية مختلفة، لكن الأمر متروك للحكومة للقيام بهذا النوع من المشاريع، واختيار أماكن القيام بها، لذلك ليس من شأني أو مهامي أن أعلق على انتشار الفقر في مدن مرتبطة وملتصقة بالقناة مثل كولن.
في المتوسط يحصل العاملون هنا على أجور وامتيازات مجزية، ولا أعرف متوسط الأجور، لكن العمل في إدارة قناة بنما يمنح العاملين بها مكانة اجتماعية مرموقة وسط المجتمع البنمي نظرا لأهمية القناة للدولة البنمية.
كما يتم التعيين بعملية شفافة علنية ومسابقات مفتوحة منعا للرشاوى والتلاعب، ويعتمد الأمر ليس فقط على ما يقدمه المتقدم للوظيفة والخبرة التي لديه حتى يتمكن من الحصول على وظائف عليا، ولدينا أجور مختلفة هنا في القناة.
هل هناك أي تعاون أو تنسيق بينكم هنا في قناة بنما وبين قناة السويس المصرية؟تلعب القناتان دورا رئيسيا في حركة التجارة العالمية، قناة بنما بين المحيطين الهادي والأطلنطي، وقناة السويس بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط. لكن في الواقع لا يوجد تنسيق بيننا، حيث إننا نعمل بطرق مختلفة، السويس لا تعرف ما نعرفه من اختلاف مستوى ارتفاع البحرين، ومن ثم لا تلجأ إلى الأهوسة والأحواض كما الحال في قناة بنما، ومع ذلك وفي مناسبات مختلفة نتبادل بعض الخبرات والأفكار.
ما أهم التحديات أمام خطط تطوير قناة بنما المستقبلية؟بعد عمليات التوسع وشق ممرات أوسع تسمح باستيعاب السفن الضخمة، أصبحت الطبيعة والتغيرات المناخية هي همنا الأول، لدينا مطر على الأقل من 8 إلى 9 أشهر كل عام، لذلك تعمل القناة مع الطبيعة، لهذا السبب ترى في جميع أنحاء قناة بنما وحولها غابات كثيفة تصنعها الأمطار، نحن بحاجة إلى حماية كل هذه الأرض حتى تتمكن من الاستمرار في هطول الأمطار.
لكن بالطبع، يعد الاحتباس الحراري مشكلة أخرى لدينا، نظرا لحقيقة أن مواسم الجفاف هذه أطول مما كانت عليه من قبل، الآن موسم الجفاف هنا في بنما وتظهر بوضوح تأثيرات ظاهرة النينيو.
كانت الظاهرة موجودة منذ افتتاح القناة، لكنها الآن أكثر وضوحا مما كانت عليه من قبل، لذلك أعتقد أن أحد اهتماماتنا الرئيسية في الوقت الحالي هو العمل لمواجهة التغيرات المناخية التي تؤثر بصورة مباشرة علينا وعلى القناة.