عُمان تحلق في سماء المجد
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
مدرين المكتومية
برهنتْ الزيارات السامية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى مختلف العواصم العربية والدولية، على ما تحظى به سلطنة عُمان من مكانة كبيرة، تعكس مدى التقدير والاحترام الذي يُكنه العالم لعُمان، قيادةً وشعبًا، وكشفت عن حجم التعاون والشراكة مع مختلف الدول، لا سيما في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
هذه المكانة العظيمة لوطننا الحبيب، تعكس البُعد الحضاري لنا كعُمانيين، في ضوء تاريخنا التليد الضارب في الجذور، وحاضرنا المُزدهر بحكمة قائدنا المُفدى وسمو أخلاق شعبنا، علاوة على مستقبلنا الواعد والزاخر بكل فرص التمكين والنماء والاستقرار. ولقد كان للزيارات الأخيرة لجلالة عاهل البلاد المُفدى، إلى كل من هولندا وروسيا، أصداء كبيرة، انعكست في ما شهدته الزيارتان من توقيع على اتفاقيات تاريخية، تدعم جهود الشراكة والتعاون في مختلف المجالات، وخاصة الاستثمارية منها.
فإذا ما تطرقنا إلى الاتفاقية التي وقعتها سلطنة عُمان ومملكة هولندا خلال الزيارة السامية الأسبوع الماضي، والتي أُبرمت بين 11 شركة من البلدين؛ لإنشاء أول ممر تجاري في العالم لتصدير الهيدروجين المسال، فإنَّنا نكتشف حجم التعاون عالي المستوى، وتأكيد ما تحظى به عُمان من مكانة وثقة عالمية؛ باعتبارها مركزا آمنا وموثوقا لتصدير الطاقة إلى العالم، ونقطة ارتكاز لوجستية تدعم خطط التحول في الطاقة وجهود زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة النظيفة. وهذه الاتفاقية تمثل اعترافًا دوليًا بأننا في عُمان أصبحنا مركزًا عالميًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، وشريكا استراتيجيا في تعزيز أمن الطاقة العالمي، وفق أعلى معايير الجودة والأمان.
أما في الزيارة السامية الكريمة إلى روسيا الاتحادية، فقد وقع البلدان على اتفاقية الإعفاء المُتبادل من التأشيرات لمواطني البلدين، وهي خطوة استراتيجية كبيرة جدًا، تعكس مستوى الترحيب الثنائي والمُتبادل من البلدين لاستقبال المواطنين العُمانيين والروس، سواء لغرض السياحة أو الاستثمار أو التعليم، الأمر الذي يدعم العلاقات الثنائية ويفتح صفحة جديدة من الشراكة والتعاون.
أيضًا وقّع البلدان بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني، وهو مشروع لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة بين حكومة سلطنة عُمان وحكومة روسيا الاتحادية، وفي اعتقادي أن هذه اللجنة ستكون بمثابة بوابة استثمارية كبيرة تعمل على بحث المشاريع المشتركة ومتابعة تنفيذها. وترسيخًا للقواعد القانونية وجهود تعزيز النزاهة، أبرم البلدان مذكرة تفاهم بين المركز الوطني للمعلومات المالية في سلطنة عُمان وخدمة المراقبة المالية الفيدرالية في روسيا الاتحادية، من أجل التعاون في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ونظرًا لما تشتهر به روسيا من تقدم في تقنيات صيد الأسماك وقطاع الثروة السمكية عامة، فقد وقعت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في سلطنة عُمان مذكرة تفاهم مع الوكالة الفدرالية لصيد الأسماك في روسيا الاتحادية للتعاون في المجال السمكي.
وبصفتي صحفية، أسعدني كثيرًا التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الإعلام مُمثلة في وكالة الأنباء العُمانية ووكالة سيغودنيا الدولية للإعلام، للتعاون في مجال الأخبار وتبادل المعلومات، وكذلك التعاون في مجال الإعلام بين وزارة الإعلام وقناة "روسيا اليوم"، وهي واحدة من المؤسسات التلفزيونية الدولية الشهيرة ذات التأثير في المشهد العالمي.
لا شك أن كل هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تدعم مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي العلاقات التي أكد جلالة السلطان المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، حرصهما على مواصلة تطويرها في شتى المجالات؛ بما يخدم المصالح المُشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.
ولقد غمرني الفخر الكبير بحفاوة الاستقبال الرسمي لجلالة السلطان في قصر الكرملين، ومدى الانسجام الذي رصدته بين الزعيمين الكبيرين، وهو ما تجلى في تصريحات جلالة السلطان خلال جلسة المباحثات الرسمية؛ حيث أكد جلالته- أعزه الله- أن مباحثاته مع فخامة الرئيس بوتين تركزت على بناء علاقات متينة طيبة بين البلدين، بينما أكد الرئيس بوتين أن هناك الكثير من العمل لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، وذكر بالتحديد مجال الاستثمارات المتبادلة، والترانزيت والنقل والزراعة، وهي مجالات واعدة تفتح الكثير من الآفاق وتساعد في توفير المزيد من فرص العمل، بما يحقق الازدهار والنمو لكلا البلدين.
وكم كان لافتًا أن تشهد الزيارة تدشين طابع تذكاري خاص بتصميم فني مميز، وذلك بمناسبة مرور 4 عقود على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين عُمان وروسيا، وعندما تأملتُ الطابع البريدي، وجدتُ أنه صُمِّمَ بعناية شديدة لكي يعكس الروابط الاقتصادية والثقافية المتينة بين البلدين، وليكون رمزًا للصداقة والتفاهم. فالطابع يجمع اثنين من الشخصيات الرائدة في عُمان وروسيا، وهُما: الملَّاح والرحّالة العُماني الشهير أحمد بن ماجد السعدي، الذي زار بحر قزوين ومدينة دربند، والتاجر والرحالة الروسي أفاناسي نيكيتين، أول مواطن روسي يزور شبه الجزيرة العربية، والذي وثّق في مؤلفاته إقامة قداس عيد الفصح في مدينة مسقط، في تأكيد على مدى التسامح الديني الذي تنعم به عُمان منذ القدم.
ومما يُميِّز زيارات جلالة السلطان، وكل لقاءاته- أعزه الله- مع قادة وزعماء العالم، أنَّ القضية الفلسطينية لا تغيب عن جدول الأعمال؛ حيث يتم تأكيد الموقف العُماني الرافض لكافة أشكال الاحتلال للأراضي الفلسطينية، وضرورة الوقف الفوري للحرب العدوانية على قطاع غزة، وكذلك أهمية إعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهي ثوابت وطنية لا تتزحزح.
وأخيرًا.. أعود وأؤكد أنَّ هذه الزيارات السامية عنوان فخر لنا جميعًا، ومحط اهتمام مختلف وسائل الإعلام، بفضل ما تُحققه من إنجازات وتقدم في مسيرة تعزيز علاقات الشراكة والتعاون الثنائية بين عُمان ومختلف دول العالم، بما يضمن ازدهار ونمو اقتصادنا الوطني وتحقيق الرخاء والرفاه لأبناء هذا الوطن العزيز.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مسؤولون ورجال أعمال يبحثون فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري بين عُمان وبيلاروسيا
مينسك - العُمانية : استعرض عددٌ من المسؤولين ورجال الأعمال العُمانيين والبيلاروس خلال اللقاء الذي عُقد اليوم آفاق تطوير العلاقات الثُّنائية وتعزيز التّعاون الاقتصاديّ والاستثماريّ بين البلدين الصّديقين في إطار زيارة "دولةٍ" يقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم - حفظهُ اللهُ ورعاهُ - إلى جمهورية بيلاروس.
ترأس الجانب العُماني في اللقاء معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.
واستعرض الجانبان خلال اللقاء أوجه التعاون الاقتصادي الممكنة، وبحث سبل تطوير التبادل التجاري، وتحفيز الاستثمارات المشتركة في عدد من القطاعات ذات الأولوية، لا سيما في مجالات التصنيع، والتقنية، والتسويق، والأمن الغذائي، بما يعكس توجهات البلدين نحو شراكة استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة والتكامل الاقتصادي.
وأكد معالي قيس بن محمد اليوسف خلال اللقاء حرص سلطنة عُمان، بقيادة جلالة السُّلطان المعظّم ـ أيّدهُ اللهُ ـ على توطيد علاقاتها الاقتصادية مع الدول الصديقة، مبيّنًا أن سلطنة عُمان تواصل جهودها في تعزيز بيئة الأعمال وتوفير حوافز استثمارية مرنة لتحقيق التنويع الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات النوعية.
من جانبهم، أعرب أصحاب المعالي الوزراء في جمهورية بيلاروس عن ترحيبهم بتعزيز العلاقات مع سلطنة عُمان، مؤكّدين على اهتمام الحكومة البيلاروسية والقطاع الخاص بدفع التعاون مع سلطنة عُمان إلى مستويات متقدمة من خلال تبادل الوفود، وتنظيم الفعاليات الاقتصادية المشتركة، وتفعيل آليات التواصل المؤسسي بين الجهات المعنية في كلا البلدين.
وقال معالي ميكلاي باريسيفيتش المدير التنفيذي للمركز الوطني للتسويق وترويج الأسعار: بحثنا خلال اللقاء توسيع الاستثمارات العُمانية وتطرقنا لعدة مجالات، منها المجال الصناعي ومجال الأخشاب ومجال تجميع قطع السيارات ومختلف المجالات ذات الاهتمام المتبادل، حيث تم الاتفاق على الخطوات اللازمة من الجانبين لدعم الاستثمارات. مشيرًا إلى أن المركز الوطني لتسويق وترويج التجارة البيلاروسي سيبذل كافة الجهود لمواصلة توطيد علاقات التعاون التجارية بين البلدين الصديقين.
وعبّر سعادة الدكتور عبدالله بن مسعود الحارثي القنصل الفخري لجمهورية بيلاروس في سلطنة عُمان، عن خالص شكره وامتنانه لزيارة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم - حفظه الله ورعاه - إلى جمهورية بيلاروس الصديقة. مؤكدًا أن الزيارة شكلت محطة تاريخية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال سعادة الدكتور عبدالله بن مسعود الحارثي: إن اللقاء الذي جمع قيادتي البلدين الصديقين أسس لمرحلة جديدة من التعاون القائم على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، وأوضح سعادته أن العلاقات بين سلطنة عُمان وجمهورية بيلاروس شهدت خلال العامين الماضيين تطورات مهمة، أبرزها زيارة الرئيس لوكاشينكو إلى العاصمة العُمانية مسقط في ديسمبر 2024، وتدشين الرحلات الجوية المباشرة بين مينسك وصلالة في فبراير 2025، وتوقيع اتفاقية إنشاء اللجنة المشتركة للتعاون والاستثمار في مايو من العام نفسه، إلى جانب اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات التي تسهم في تنشيط التبادل السياحي والثقافي والطبي.
كما أن الجانبين يعملان على تعزيز التعاون عبر منتديات الأعمال الاقتصادية والوفود التجارية المتبادلة في مجالات الزراعة والصناعة والرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى خطط إنشاء مركز تجاري بيلاروسي في سلطنة عُمان لتسويق المنتجات في أسواق الخليج وشرق أفريقيا، ونتطلع إلى أن تسهم هذه الشراكة في تحقيق مزيد من الازدهار والتقدم للشعبين العُماني والبيلاروسي، وترسيخ مبادئ السلام والتنمية المستدامة.
حضر اللقاء سعادةُ السفير حمود بن سالم آل تويه سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى روسيا الاتحادية وغير المقيم لدى جمهورية بيلاروس وسعادةُ الدكتور عبد الله بن مسعود الحارثي القنصل الفخري لجمهورية بيلاروس، ومعالي أندريه كوزنيتسوف وزير الصناعة، ومعالي آرثر كاربوفيتش وزير مكافحة الاحتكار وتنظيم التجارة، ومعالي ميكلاي باريسيفيتش المدير العام للمركز الوطني للتسويق.