اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
عبدالوهاب حفكوف
من بين أكثر جبهات الصراع حساسيةً في الراهن الإقليمي، تبرز جبهةُ البحر الأحمر؛ بوصفها مرآةً حادةً لتعرِّي العقيدة العسكرية الأمريكية أمام خصم غير تقليدي. فاليمنيون، دونَ مظلة جوية، ولا منظومات دفاع متقدمة، ولا حماية نووية، نجحوا في إعادة صياغة مفهوم الردع، بل وفي تحطيم رمزيته في وعي القوة الأمريكية نفسها.
منذ اللحظة الأولى لتدخُّلِها في البحر الأحمر بذريعةِ حماية الملاحة، اعتقدت واشنطن أن بضعَ ضربات محسوبة ستُعيدُ التوازن وتفرض الهيبة. لكن الوقائع أثبتت عكسَ ذلك تمامًا. وقعت في فخٍّ مُحكم بُنِيَ بعناية تكتيكية فائقة، حَيثُ تقابلت العقيدة اليمنية القائمة على “رفع الكلفة بأقل الإمْكَانيات” مع منظومة أمريكية مأخوذة بالسرعة والضجيج.
كل عملية هجومية نفذها اليمنيون كانت تهدم جدارًا نظريًّا:
• فإسقاطُ مسيّرة أمريكية متقدمة لا يُضعِفُ الأدَاة فقط، بل ينسِفُ الثقةَ في أدوات الردع نفسها.
• وضرب سفينة تجارية لا يعطِّلُ الممرَّ فحسب، بل يربك مركز القرار في وزارة الدفاع الأمريكية.
• والأسوأ: أن الدفاعاتِ الأمريكية الذكية استُنزفت حتى أصبحت أضعف من الهجوم ذاته.
وفي العمق، تحولت معادلةُ الكلفة إلى كابوس استراتيجي: صاروخ بسيط لا تتجاوز تكلفته بضعة آلاف، يُقابل بمنظومة اعتراض بملايين الدولارات.
لكن الأمر لا يتوقف عند اليمن. كُـلّ ضربة يمنية ضد المصالح الأمريكية كانت تُترجَمُ إلى نقطة تفاوضية لصالح إيران؛ ليس لأَنَّ اليمنيين في سلطة صنعاء يتحَرّكون بأمر من أحد -فهم أسيادٌ تتضاءلُ أمامهم السيادة الزيتية العربية-؛ بل لأَنَّهم جزء من منظومة ردع إقليمية واسعة، نجحت في تقاسم الأدوار وتوزيع الجبهات، دون إعلان أَو ضجيج.
ومن هنا، بدأ التحول الأمريكي الحقيقي. الإدراك المتأخر أن التصعيد ضد اليمن كشف حجم الكارثة فجعل البيت الأبيض يُعيدُ الحسابات من جديد. فما كان يُخطط له كعملية تأديب محدودة، تحول إلى أزمة استراتيجية دفعت واشنطن للتراجع خطوة، والبحث عن مسار تفاوضي مع طهران.
في المحصلة، الحوثي لم يعد مُجَـرّدَ طرف محلي يحمي سواحله. لقد أثبت، من خلال أداء منضبط وحسابات دقيقة، أنه قادرٌ على تعديل هندسة القوة في الإقليم، وفرض نفسه كطرف لا يمكن تجاهله في أي معادلة تهدئة وَخُصُوصًا في المعادلة الفلسطينية.
هكذا، تحولت جبهة البحر الأحمر إلى مختبرٍ علني لفشل الردع الأمريكي، وصعود منطق جديد في إدارة الصراع.
أُولئك الذين ظنوا بأن العدوانَ الأمريكي سيقضي على اليمنِ في ظل حكم أنصار الله وحلفائهم، سيخيبُ أملُهم وَسيتعين عليهم الاستعدادُ للتعامل مع قوة إقليمية خرجت مرفوعة الرأس بعد منازلة أقوى دولة في العالم!
* كاتب وصحفي سوداني.. بتصرُّف يسير
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
مستقبل وطن: المسئولية المجتمعية والسكن الكريم تجسيد لتكامل الدولة
أكد هاني عبد السميع، أمين مساعد حزب «مستقبل وطن» بمحافظة البحر الأحمر، أن إطلاق مبادرة المسؤولية المجتمعية والسكن الكريم في قرى المرحلة الأولى من مبادرة "حياة كريمة" يعكس عمق الرؤية الاستراتيجية التي تنتهجها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في بناء الإنسان المصري وتوفير الحياة الكريمة له، ليس فقط من خلال المشروعات التنموية الكبرى، بل أيضًا عبر خلق بيئة متكاملة يتشارك فيها المجتمع المدني والقطاع الخاص مع مؤسسات الدولة لصالح المواطن.
وقال "عبد السميع"، في بيان اليوم الأحد، إن تخصيص وزارتي التضامن الاجتماعي والبترول نحو 90 مليون جنيه لدعم المبادرة يُعد خطوة بالغة الأهمية، تعكس مدى التزام الدولة بمبدأ العدالة الاجتماعية، وحرصها على الوصول بالخدمات والدعم الحقيقي إلى القرى الأكثر احتياجًا، لافتًا إلى أن ما يحدث حاليًا في قرى الريف المصري هو نموذج يحتذى به في تحقيق التنمية المستدامة، ويُجسد الإرادة السياسية في بناء دولة قوية قائمة على العدالة وتكافؤ الفرص.
وأشار أمين مساعد حزب «مستقبل وطن» بمحافظة البحر الأحمر إلى أن هذه المبادرة تنطلق من رحم المرحلة الأولى من "حياة كريمة"، والتي وصلت نسبة إنجازها إلى 90%، بعد تنفيذ أكثر من 27 ألف مشروع بتكلفة تجاوزت 360 مليار جنيه، وهو ما يخدم نحو 18 مليون مواطن في مختلف ربوع مصر، مضيفًا أن ذلك الإنجاز يعد شهادة حية على ما تبذله القيادة السياسية من جهود غير مسبوقة في تاريخ التنمية الريفية بمصر.
وأشاد القيادي بحزب «مستقبل وطن» بمحافظة البحر الأحمر بتصريحات وزيرة التنمية المحلية التي أكدت أن المبادرة تستهدف استفادة آلاف المواطنين في 1477 قرية موزعة على 20 محافظة، مؤكدًا أن هذه الأرقام تعكس حجم العمل والتخطيط والتنسيق بين مختلف أجهزة الدولة، كما تبرز الشراكة البناءة بين الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، ما يعكس نموذجًا فريدًا للمسؤولية الوطنية المشتركة.
وأضاف: أن ما يميز هذه المبادرة هو تركيزها على محور السكن الكريم، الذي يُعد أحد أهم عوامل الاستقرار النفسي والاجتماعي للأسرة المصرية، مشيرًا إلى أن توفير وحدات سكنية آمنة وصحية يُسهم في رفع جودة الحياة، ويقلل من الفجوة بين الريف والحضر، ويعزز من فرص التنمية المجتمعية الشاملة.
واختتم هاني عبد السميع مؤكدًا أن حزب «مستقبل وطن» بمختلف مستوياته التنظيمية، وخاصة في محافظة البحر الأحمر، يضع ملف التنمية الريفية وتحقيق العدالة الاجتماعية على رأس أولوياته، وسيواصل جهوده لدعم المبادرات الوطنية، إيمانًا بدور الحزب في مساندة الدولة والمواطن على حد سواء، مشددًا على أن ما يحدث اليوم هو بداية حقيقية لمستقبل تنموي مشرق يستحقه أبناء هذا الوطن.