تناول الكاتب إيتاي ملاخ في مقال نشره موقع "همكوم" الإسرائيلي كتابا جديدا للمفكر والروائي الهندي بانكاج ميشرا بعنوان "العالم بعد غزة: تاريخ"، يرى فيه أن تجاهل الغرب لمعاناة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية يتكرر اليوم من خلال موقفه من إبادة الفلسطينيين في غزة.

واعتبر ملاخ أن الكتاب يتضمن أيديولوجية منظمة في معظم فصوله، لكنه يميل في الغالب إلى السطحية والتبسيط ولا يمكن أن يكون كتاب تاريخ بما في الكلمة من معنى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز: جاسوس روسي خطط لتفجير طرد مفخخ بطائرة متجهة لأميركاlist 2 of 2غدعون ليفي: بسبب غزة هذا ما يخطر ببالي الآن عندما تدوي صفارة الإنذارend of list غيتو وارسو

ويذكر الكاتب أن ميشرا يفتتح كتابه بالإشارة إلى تمرد غيتو وارسو في أبريل/نيسان 1943، والذي عرف منظّموه أنه محكوم عليه بالفشل منذ بدايته لكنهم لم يتراجعوا.

وقد لخص مارك إدلمان، أحد الناجين من المذبحة التي حصلت بعد ذلك التمرد، الوضع قائلا: "لم نرغب بأن يذبحنا النازيون بصمت، أردنا فقط اختيار طريقة موتنا بأنفسنا".

أما الشاعر البولندي تشيسواف ميلوش، الذي سمع من شرفة منزله في ضواحي وارسو صرخات المذبحة، فقد وصف تلك الليلة الربيعية قائلا: "كانت صرخات بشر يُذبحون.. شعرنا بالخزي، فلم نستطع النظر في أعين بعضنا البعض".

غزة هي غرنيكا عصرنا

ويؤكد ميشرا في كتابه أن "إبادة غزة على يد إسرائيل" حولت الملايين إلى "شهود قسريين على شرور السياسة"، ويُقارن المشاهد التي يشاهدها العالم في غزة، مثل صورة الأب الذي يحمل جثة طفله مقطوعة الرأس، بأثر لوحة "غرنيكا" الشهيرة للرسام الإسباني بيكاسو.

إعلان

ويشير ميشرا إلى أن الغرب، بدلا من أن يرى في الهولوكوست حافزا لمكافحة الشر بجميع أشكاله، حوله إلى التزام أخلاقي بمحاباة اليهود ومحاربة معاداة السامية، متجاهلا كل المآسي الأخرى في العالم.

ويضيف ميشرا أن الاعتقاد بأن الغرب بعد 1945 أصبح ملتزما بحقوق الإنسان ليس إلا وهما، فحتى أثناء الهولوكوست لم يحرك الغرب ساكنا، وكثيرا ما رفض استقبال الناجين، وسرعان ما تصالح مع ألمانيا ونسي إرثها النازي، لأنها وقفت إلى جانبه في مواجهة الاتحاد السوفياتي.

زيف التفوق الغربي

يتابع ملاخ تحليل الكتاب، موضحا أن ميشرا يعتقد أن الفهم الغربي للهولوكوست سطحي، إذ يتم استخدام شعار "لن يتكرر مجددا" كذريعة تدعم التفوق الأخلاقي الغربي المزعوم، دون أن يُترجم ذلك إلى أفعال حقيقية عندما تحدث مآسٍ مشابهة.

ويعتقد الكاتب الهندي أن الغرب لا يرى في المجازر الحالية في غزة تهديدا حقيقيا لضميره، بل يميل إلى تبريرها بحجج سياسية، مضيفا أن غزة تقوّض الفرضية المشتركة بين التقاليد الدينية والعقلانية التنويرية بأن "الإنسان أخلاقي بطبعه".

فالتجاهل الغربي لما يحدث في غزة يفضح -حسب تعبيره- خواء هذه الفرضية، ويكشف زيف نظام دولي يدّعي الارتكاز على مبادئ إنسانية.

ميشرا: المجازر الإسرائيلية الآن قريبة من أهوال الهولوكوست، من خلال تجريد سكان غزة من إنسانيتهم، وتصويرهم كمصدر للشر المطلق، والتصريحات الإسرائيلية التي تكشف نوايا الإبادة، واستهداف المدنيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من القتلى، والتصاعد غير المسبوق في وتيرة القتل، ومنع الغذاء والدواء، والدمار الواسع الذي "يتجاوز نسبيا ما ألحقته قوات الحلفاء بألمانيا في الحرب العالمية الثانية من أضرار".

دلائل الفظاعة القصوى

يعدّد ميشرا ما يعتبره دلائل على اقتراب المجازر الإسرائيلية من أهوال الهولوكوست، من خلال تجريد سكان غزة من إنسانيتهم، وتصويرهم كمصدر للشر المطلق، والتصريحات الإسرائيلية التي تكشف نوايا الإبادة، واستهداف المدنيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من القتلى، والتصاعد غير المسبوق في وتيرة القتل، ومنع الغذاء والدواء، والدمار الواسع الذي "يتجاوز نسبيا ما ألحقته قوات الحلفاء بألمانيا في الحرب العالمية الثانية من أضرار".

ويرى ميشرا أن مجازر 7 أكتوبر/تشرين الأول أرعبت كثيرا من الإسرائيليين، وجعلتهم يخافون من تكرار الهولوكوست، لكن القيادة الإسرائيلية التي يصفها بـ"الأكثر تطرفا في التاريخ"، استغلت تلك المشاعر في حملة عسكرية تجاوزت بكثير حدود الدفاع عن النفس، والهدف -حسب تعبير المؤرخ عمر برتوف- هو "جعل غزة غير صالحة للحياة وإضعاف سكانها، حتى يموتوا أو يفرّوا".

الهدف هو جعل غزة غير صالحة للحياة وإضعاف سكانها حتى يموتوا أو يفرّوا

تبرير المذابح

ويتابع ملاخ بأن كتاب "ما بعد غزة" يربط بين الهولوكوست وما يجري في غزة حاليا من خلال السلبية الغربية في الحالتين، حيث يميل الغرب اليوم إلى تبرير الجرائم الإسرائيلية من خلال إلقاء اللوم الكامل على الفلسطينيين بسبب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، ويتجاهل مسؤولية إسرائيل عن حجم العنف والدمار.

إعلان

وأورد الكاتب في هذا السياق ما ذكره الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، عندما سُئل عن غزة في إحدى المناسبات، عندما ركّز على "فظائع" نُسبت لحماس -بعضها دون دلائل قاطعة- متجاهلا ما يحدث للفلسطينيين. كما قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في أحد تصريحاته إن "من حق إسرائيل قطع الكهرباء والماء عن الفلسطينيين".

ويرى ميشرا أن وسائل الإعلام والمثقفين، والمؤسسات التعليمية وحتى رجال المال والأعمال في الغرب، جميعهم مسؤولون بدرجات متفاوتة عن التطبيع من العنف الإسرائيلي، وتبرئة إسرائيل وإسكات منتقديها.

وهم حقوق الإنسان

في خاتمة الكتاب، يطرح ميشرا السؤال التالي: لماذا يُقصي الغرب الفلسطينيين من قائمة الإنسانية والعدالة، في حين أنه يحتضن الأوكرانيين الفارين من الحرب التي تشنها روسيا؟

ويرى الكاتب الهندي أن الغرب كان بإمكانه كبح جماح إسرائيل دون أن يهمل محاسبة مرتكبي جرائم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكنه لم يفعل، تماما كما لم يفعل شيئا خلال الهولوكوست، مستنتجا في الأخير أن النظام الليبرالي العالمي القائم على حقوق الإنسان لم يكن إلا وهما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات أن الغرب من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

تتحول الكارثة إلى قضية إنسانية| خبير: حرب إبادة جماعية في غزة تتفاقم يوما بعد يوم

في الوقت الذي يصمت فيه العالم أمام ما يحدث في غزة، ويكتفي البعض بمواقف خجولة لا ترقى إلى حجم الموقف، تتواصل في قطاع غزة حرب إبادة جماعية تنفذ بأدوات الحصار والقصف والتجويع.  

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن  ما يجري في قطاع غزة هو حرب إبادة جماعية تتفاقم يوما بعد يوم، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستمر في أعداد الضحايا، في ظل نقص حاد في المواد الغذائية والأدوية، والوضع الإنساني يزداد تدهورا بشكل ملحوظ، ولا يخفى على أحد أن القطاع الصحي يعاني من شلل شبه كامل، نتيجة لهذا التصعيد الوحشي.

 وأضاف الرقب خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن من بين أبرز استهدافات الاحتلال، ما تعرض له المستشفى الأوروبي، الذي يعد ثاني أكبر مستشفى يقدم خدمات طبية في منطقة خان يونس، واستمرار استهداف المنشات الصحية، إلى جانب الانقطاع الكامل في توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، سيؤدي حتما إلى ارتفاع عدد الضحايا، ليس فقط بسبب القصف المباشر، بل أيضا نتيجة لهذا الحصار الإسرائيلي الخانق. 

وأشار الرقب، إلى أن يسقط يوميا عدد من الضحايا نتيجة لنقص حاد في المواد الغذائية والدوائية، وهو أمر كارثي، وأوضح أن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ليس بالأمر المستحيل، إذ يمكن للإسرائيليين تمريرها إذا أرادوا، ما يكشف أن هناك تعمدا في خلق هذه الأزمة الإنسانية.

واختم: "الأخطر من ذلك هو ما تقوم به الولايات المتحدة من محاولات لتحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية إنسانية، في تجاهل متعمد لطبيعتها السياسية، وهذا التوجه يعد خطيرا للغاية، لأنه يفرغ الصراع من جوهره الحقيقي، ويغطي على جرائم الاحتلال بتصوير المعاناة وكأنها أزمة إغاثة فقط، وليست نتيجة احتلال طويل الأمد وسياسات ممنهجة". 

وما يحدث في غزة ليس مجرد كارثة إنسانية عابرة، بل جريمة مستمرة بحق شعب بأكمله، ترتكب على مرأى ومسمع من العالم. 

هيئة العمل الوطني الفلسطيني: إسرائيل تسعى لتدمير غزة وتجبر السكان على الهجرةاستشهاد 25 فلسطينيًا خلال غارات إسرائيلية على جباليا شمال غزة

وبذلك، تم تحويل القضية الفلسطينية إلى "أزمة إنسانية" هو اختزال ظالم لصراع سياسي عادل، تحاول فيه قوى كبرى التهرب من مسؤولياتها الأخلاقية والتاريخية.

وفي مشهد يجسد أقسى صور المأساة الإنسانية، يعيش قطاع غزة واحدة من أحلك لحظاته في التاريخ الحديث، وسط حصار خانق وقصف متواصل قضي على كل مقومات الحياة.

القطاع لم يعد فيه سوى منازل مدمرة، مستشفيات عاجزة، وأسواق خاوية من الطعام والدواء، فيما يتزايد عدد الجوعى والمرضى يومًا بعد يوم، إنه واقع مأساوي لم يعد يحتمل التأجيل أو التجاهل، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية عاجلة.

والجدير بالذكر، أن أكد المصور الفلسطيني شامي السلطان أن القاهرة تحتضن هذه الأيام معرضًا سنويًا للصور الفوتوغرافية، خصصت نسخته الحالية لتسليط الضوء على المأساة الإنسانية في قطاع غزة من خلال عدسات مصورين فلسطينيين عايشوا الحرب ووثقوا تفاصيلها المؤلمة.

وقال خلال لقائه مع الإعلامية نهاد سمير، والإعلامي أحمد دياب، في برنامج «صباح البلد» المذاع على قناة «صدى البلد»، السلطان إن علاقته بهذا المعرض تعود إلى سنوات، حيث حضر إحدى نسخه السابقة قبل نحو عامين ونصف، عندما استضافت القاهرة أحد زملائه من غزة أيضًا.

وأضاف، أن المنظمون هم مجموعة من الشباب والمصورين المصريين وتجمعني بهم علاقة صداقة قديمة، وقد كان من اهتمامهم هذا العام التركيز على القضية الفلسطينية، لا سيما غزة بعد الحرب الأخيرة، لذا قاموا بدعوتي أنا وعدد من الزملاء المصورين الذين وثقوا الحرب من الميدان.

وأكد السلطان أن المعرض يضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تروي فصول المعاناة في غزة، من الدمار والركام، إلى لحظات الألم الإنساني، وصور لضحايا القصف، وأخرى تظهر صمود الأهالي في ظل الحصار والدمار.

وقال: "المعرض ليس مجرد صور معلقة على الجدران، بل هو رسالة بصرية قوية توصل للعالم صوت غزة وصورتها الحقيقية، بعيدا عن الأرقام والإحصائيات الباردة، وكل صورة فيها وجع وحكاية".

عار وغير مقبولة.. ماكرون يندد بسياسات حكومة نتنياهو في غزةاستشهاد 29 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية على غزة طباعة شارك غزة قطاع غزة المساعدات الإنسانية حرب إبادة فلسطين أهل غزة

مقالات مشابهة

  • “إسرائيل” تمارس إبادة معرفية في قطاع غزة
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي
  • كاتب إسرائيلي يدعو المعارضة الإسرائيلية لـ إسقاط نتنياهو
  • رئيس الوزراء الإسباني: “إسرائيل” دولة إبادة جماعية
  • رئيس الوزراء الإسباني: إسرائيل دولة إبادة جماعية
  • كيف أعاد ترامب تشكيل السياسة الأميركية بالمنطقة بعيدا عن إسرائيل؟
  • وزارة التنمية الإدارية تناقش إعداد السياسة الوطنية لتدريب الموارد البشرية
  • تتحول الكارثة إلى قضية إنسانية| خبير: حرب إبادة جماعية في غزة تتفاقم يوما بعد يوم
  • مغردون يرحبون بصواريخ الحوثي التي ضربت إسرائيل
  • لازاريني: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية في غزة كسلاح حرب