ماهر فرغلي: الإسلام السياسي أداة بيد الغرب لإعادة تشكيل الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 2nd, May 2025 GMT
قال ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن الإسلام السياسي أصبح أداة يتم توظيفها من قبل القوى الغربية لإعادة تشكيل المنطقة العربية بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.
وأوضح فرغلي في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن الغرب، وتحديدًا الولايات المتحدة، استخدم جماعات الإسلام السياسي على مدار العقود الماضية كوسيلة لتحقيق أهدافه في المنطقة، متجاهلًا بشكل كامل تأثير هذه الجماعات على استقرار الدول العربية.
وأكد فرغلي أن الغرب يدرك تمامًا أن الحركات الإسلامية ليست مجرد تيارات دينية، بل هي أدوات سياسية تسعى لتحقيق أجندات معينة قد تتماشى في بعض الأحيان مع مصالح هذه القوى، موضحًا أن تلك الحركات لم تكن لتنجح في تنفيذ مخططاتها لولا الدعم السياسي والمالي الذي تلقته من بعض الدول الغربية.
وقال: "الغرب يرى في الإسلام السياسي وسيلة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، واستخدام هذه الحركات كأدوات لخلق الفوضى وإعادة تشكيل الدول وفقًا لمصالحه".
وأضاف فرغلي أن جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها واحدة من أبرز الحركات الإسلامية في المنطقة، تمثل نموذجًا واضحًا لاستراتيجية الغرب في استخدام الإسلام السياسي لأغراضه.
وأوضح أن تنظيم الإخوان لم يكن يسعى لتحقيق مصالح الشعوب العربية بقدر ما كان يسعى للسلطة، وهو ما يتماشى مع الأجندة الغربية التي تستهدف تحويل الحركات الإسلامية إلى قوة مؤثرة في السياسة الإقليمية.
وأشار فرغلي إلى أن أحد أبرز مظاهر هذا التوظيف هو ما حدث خلال "ثورات الربيع العربي"، حيث تم تسويق الإسلام السياسي كحل للخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية، رغم أن هذه الحركات لم تقدم حلولًا حقيقية، بل ساهمت في تعميق الأزمات السياسية والاجتماعية في العديد من الدول.
وأكد فرغلي أن الغرب يواصل دعم الإسلام السياسي في إطار سياسة "التوازنات الإقليمية"، من خلال تمويل هذه الحركات ودعمها سياسيًا، بينما يتغاضى عن ممارساتها القمعية واستغلالها للدين لتحقيق أهدافها السياسية.
وأضاف أن هذه الاستراتيجية لا تقتصر على جماعة الإخوان وحدها، بل تشمل العديد من الحركات الإسلامية المتطرفة التي استفادت من هذا الدعم لتوسيع نفوذها في المنطقة.
وفي الختام، دعا فرغلي إلى ضرورة تكاتف القوى العربية لمواجهة هذه المؤامرات، مؤكدًا أن الشعب العربي يجب أن يكون واعيًا بهذه المخططات التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وتقويض أمنها لصالح القوى الغربية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ماهر فرغلي الحركات الإسلامية الفجر الإسلام السياسي الحرکات الإسلامیة الإسلام السیاسی فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!
لم يبقَ في عالمنا العربي إعلاميٌّ أو محلّلٌ سياسي، أو دخيلٌ على المهنتين، إلا وحاضر ودبّج مقالات على مرّ العقود الأخيرة عن «الشرق الأوسط الجديد». غير أنَّ الشرق الأوسط الذي نراه اليوم حالة مختلفة عما كنا نسمعه، مضموناً وظروفاً.
منطقتنا صارت، مثل حياتنا ومفاهيمنا السياسية - الاجتماعية، خارج الاعتبارات المألوفة. بل يجوز القول إنها باتت مفتوحة على كل الاحتمالات. وهنا لا أقصد البتة التقليل من شأن نُخبنا السياسية أو الوعي السياسي لشعوبنا، أو قدرة هذه الشعوب على التعلّم من أخطائها... والانطلاق - من ثم - نحو اختيار النهج الأفضل...
إطلاقاً!
اليوم، نحن وأرقى شعوب الأرض وأعلاها كعباً في الممارسة السياسية المؤسساتية في زورق واحد.
كلنا نواجه تعقيدات وتهديدات متشابهة. ولا ضمانات أن «تعابير» كالديمقراطية والحكم الرشيد في دول ذات تجارب ديمقراطية راسخة، كافية إذا ما أُفرغت من معانيها، لإنقاذ مجتمعات هذه الدول مما تعاني منه... وسنعاني منه نحن.
بالأمس، سمعت من أحد الخبراء أنَّ الاستخدام الواسع لتقنيات «الذكاء الاصطناعي» في مرافق أساسية يومية من حياة البشر ما عاد ينتظر سوى أشهر معدودة.
هذا على الصعيد التكنولوجي، ولكن على الصعيد السياسي، انضمت البرتغال قبل أيام إلى ركب العديد من جاراتها الأوروبيات في المراهنة عبر صناديق الاقتراع على اليمين العنصري المتطرف، مع احتلال حزب «شيغا» الشعبوي شبه الفاشي المرتبةَ الثانية في الانتخابات العامة الطارئة، خلف التحالف الديمقراطي (يمين الوسط)، وقبل الحزب الاشتراكي الحاكم سابقاً.
تقدُّم «شيغا» في البرتغال، يعزّز الآن حضور الشعبويين الفاشيين الذي تمثله في أوروبا الغربية قوى متطرفة ومعادية للمهاجرين مثل: «الجبهة الوطنية» في فرنسا، و«فوكس» في إسبانيا، و«إخوان إيطاليا» في إيطاليا، وحزب «الإصلاح» (الريفورم) في بريطانيا، وحزب «الحرية» في هولندا، وحزب «البديل» في ألمانيا.
ثم إنَّ هذه الظاهرة ليست محصورة بديمقراطيات أوروبا الغربية، بل موجودة في دول عدة في شرق أوروبا وشمالها، وعلى رأسها المجر. وبالطبع، ها هي ملء السمع والبصر في كبرى الديمقراطيات الغربية قاطبةً... الولايات المتحدة!
في الولايات المتحدة ثمّة تطوّر تاريخي قلّ نظيره، لا يهدد فقط الثنائية الحزبية التي استند إليها النظام السياسي الأميركي بشقه التمثيلي الانتخابي، بل يهدد أيضاً مبدأ الفصل بين السلطات.
هذا حاصل الآن بفعل استحواذ تيار سياسي شعبي وشعبوي واحد، في فترة زمنية واحدة، على سلطات الحكم الثلاث: السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، يضاف إليها «السلطة الرابعة» - غير الرسمية - أي الإعلام.
ولئن كان الإعلام ظل عملياً خارج الهيمنة السياسية، فإنه غدا اليوم سلاحاً أساسياً في ترسانة التيار الحاكم بسبب هيمنة «الإعلام الجديد»، والمواقع الإلكترونية، و«الذكاء الاصطناعي»، و«أوليغارشي» ملّاك الصحف والشبكات التلفزيونية، ناهيك من وقف التمويل الحكومي لإعلام القطاع العام. وما لا شك فيه أن مؤسسات هؤلاء، بدءاً من رووبرت مردوخ (فوكس نيوز) وانتهاء بإيلون ماسك (إكس) ومارك زوكربرغ (ميتا) وجيف بيزوس (الواشنطن بوست)... هي التي تصنع راهناً «الثقافة السياسية» الأميركية الجديدة وربما المستقبلية، بدليل أن نحو 30 من وجوه إدارة الرئيس دونالد ترمب جاؤوا من بيئة «فوكس نيوز» ونجومها الإعلاميين.
في هذه الأثناء، يرصد العالم التحولات الضخمة في المشهد الأميركي بارتباك وحيرة.
الحروب الاقتصادية ليست مسألة بسيطة، وكذلك، لا تجوز الاستهانة بإسقاط سيد «البيت الأبيض» كل المعايير التي تحدد مَن هو «الحليف» ومَن هو «العدو»... ومَن هو «الشريك» ومن هو «المنافس»!
ولكن، في ضوء التطوّرات المتلاحقة، يصعب على أي دولة التأثير مباشرة في أكبر اقتصادات العالم وأقوى قواه العسكرية والسياسية. ولذا نرى الجميع يتابع ويأمل ويتحسّب ويحاول - بصمت، طبعاً - إما إيجاد البدائل وإما التقليل من حجم الأضرار الممكنة.
أما عن الشرق الأوسط والعالم العربي، بالذات، فإننا قد نكون أمام مشاكل أكبر من مشاكل غيرنا في موضوع اختلال معايير واشنطن في تحديد «الحليف» و«العدو».
ذلك أن الولايات المتحدة قوة كبرى ذات اهتمامات ومصالح عالمية. وبناءً عليه، لا مجال للمشاعر العاطفية الخاصة، وأيضاً لا وجود للمصالح الدائمة في عالم متغيّر الحسابات والتحديات.
في منطقتنا، لواشنطن علاقة استراتيجية راسخة مع إسرائيل التي تُعد «مركز النفوذ» الأهم داخل كواليس السلطة الأميركية ودهاليزها، والتي تموّل «مجموعات ضغطها» معظم قيادات الكونغرس ومحركي النفوذ.
ثم هناك تركيا، العضو المهم في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، والقوة ذات الامتدادات الدينية والعرقية والجغرافية العميقة والمؤثرة في رسم السياسات الكبرى.
وأخيراً لا آخراً، لإيران أيضاً مكانة كبيرة تاريخياً في مراكز الأبحاث الأميركية كونها - مثل تركيا - «حلقة» في سلسلة كيانات الشرق الأوسط، ولقد أثبتت الأيام في كل الظروف أن غاية واشنطن «كسب» إيران لا ضربها.
في هذا المشهد، ووسط الغموض وتسارع التغيير، هل ما زلنا كعرب قادرين يا ترى على التأثير في المناخ الإقليمي وأولويات اللاعبين الكبار؟
الشرق الأوسط