في المعنى العميق لزيارة السلطان هيثم للجزائر
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
تكتسب الزيارة التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى الجزائر أهمية خاصة لأسباب تتعلق بوشائج العلاقات بين البلدين عبر التاريخ، وهو تاريخ سابق كثيرا للعلاقات الدبلوماسية الحديثة التي نشأت فـي سبعينيات القرن الماضي. فكانت عُمان والجزائر جناحين (مشرقي ومغربي) لمسار البناء الفكري والمعرفـي فـي العالم العربي، وهما أيضا جناحان مهمان من أجنحة الأمة العربية المتمسكة بمبادئها وقيمها الأصيلة، وهما بلدان ناضلا كثيرا فـي سبيل الاستقلال والحفاظ على الكرامة الإنسانية.
وإذا كانت زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لمسقط فـي أكتوبر من العام الماضي قد أسست لمعالم علاقات جديدة بين البلدين فإن زيارة جلالة السلطان المعظم تعمل على ترسيخ تلك المعالم وتعميقها، وهي تسير فـي المسار التقدمي الذي يعمل عليه عاهل البلاد المفدّى والمتمثل فـي بناء شراكات عربية وعالمية تقوم على فتح ممرات سياسية واقتصادية على مبدأ وأسس من الحكمة والاتزان واحترام السيادة والقوانين الدولية والإنسانية.
وإذا كانت فـي الكثير من تجارب بناء العلاقات بين البلدان تبدأ بالعلاقات السياسية ثم تؤسس للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافـية فإن العلاقات السياسية بين عُمان والجزائر كانت نتيجة للعلاقات الثقافـية والاجتماعية والأيديولوجية بين الشعبين العماني والجزائري تلك العلاقات والروابط التي بدأت منذ لحظة مبكرة فـي التاريخ الإسلامي.
وذلك فإن تبادل الزيارات والوفود السياسية اليوم تعزز تلك العلاقات التاريخية وتضعها فـي مسار قادر على أن يعود على الشعبين بمزيد من الخير والرفاه وبناء الشراكات القادرة على الاستمرار والديمومة.
وما يعزّز هذا المسار هو ذلك التوافق العميق فـي الرؤى بين البلدين إزاء القضايا العربية والإقليمية والدولية؛ فمسقط والجزائر تتشاطران موقفا ثابتا ومبدئيا تجاه قضايا السيادة، وتؤمنان بالحوار سبيلا لحل النزاعات، وترفضان الانخراط فـي محاور التنازع الإقليمي. كما تتقدمان برؤية عربية مستقلة تدافع عن العدالة فـي فلسطين، وتحترم القانون الدولي، وتتمسّك بمبدأ الإنصاف والشرعية.
لكن الأهم أن هذه الزيارة تأتي فـي سياق اقتصادي وتنموي استثنائي يجعل العلاقات التاريخية ذات قيمة مضافة؛ فبعد التوقيع على ثماني مذكرات تفاهم فـي أكتوبر الماضي، تدخل العلاقة الثنائية اليوم مرحلة التنفـيذ الفعلي. هناك مشروعات استثمارية حيوية فـي الطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، والزراعة، والتكنولوجيا، والسياحة، بل وتم إنشاء صندوق استثماري مشترك يرسم أفقا جديدا لشراكة قائمة على المبادرة لا الانتظار.
إنّ الرسائل التي تحملها هذه الزيارة السامية للجزائر تتجاوز سياقها الثنائي لتؤكد أن التعاون والشراكات العربية العربية باتت فـي هذا الوقت من التاريخ ضرورة وجودية خاصة عندما تكون الشراكات قائمة على المصالح المشتركة وعلى الاحترام المتبادل.
والزيارة التي ينظر إليها فـي البلدين باعتبارها تاريخية تستكمل تاريخا من العلاقات العميقة بين البلدين وربطا لا يمكن تجاوزه بين شرق العالم العربي وغربه وهي تأسيس جديد لعلاقات اقتصادية تتجاوز البعد الجغرافـي نحو أمل فـي مسار جديد من العمل العربي المشترك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بین البلدین
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: فهم المعنى في اللغة أهم من مجرد الإعراب.. وهذا ما يغير دلالة الآيات
أوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن فهم اللغة العربية لا يقتصر على الإعراب أو دراسة حركات الكلمة فقط، بل يتعدى ذلك إلى فهم المعاني الدقيقة للألفاظ، وهو ما يُعد مفتاحًا لفهم النصوص القرآنية والشرعية على الوجه الصحيح.
وأوضح الجندي، خلال برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الخميس: "أنا عاوز أكلمكم عن حاجة مهمة جدًا.. أنتوا عارفين إنه في علم اسمه علم النحو، وده بيتكلم في الحركات الإعرابية اللي بتلحق آخر الكلمة، يعني الفتحة، الضمة، السكون، الكسرة، ودي بنسميها الأوضاع النحوية للكلمات".
الإعراب فرع من المعنىوأضاف: "إنما في علم تاني ناس كتير مش عارفينه، اسمه علم اللغة، وده بيفتش في معاني الكلمات، مش بس إعرابها، طبعًا هتقول إن الإعراب فرع من المعنى، وده صحيح، لكن لازم الأول نفهم المعنى علشان نقدر نعرف الموقع الإعرابي بشكل سليم".
وأشار الجندي إلى أن الفهم الدقيق للمعنى هو ما يساعد في استنباط الأحكام الشرعية الصحيحة، واستدل على ذلك بعدة أمثلة من القرآن الكريم، منها: "لما نقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فيه (باء) في أول الجملة، بيقولوا عليها حرف استعانة، بتخلي اللي بعدها وسيلة للي قبلها، زي ما تقول كتبت بالقلم، أو سافرت بالقطار، يبقى لازم أفهم (الباء) دي جاية ليه؟ لأنها مش مجرد حرف، معناها بيأثر على الفهم".
كما بيّن أهمية هذا المعنى في الخلاف الفقهي بين العلماء، قائلًا: "ربنا بيقول: وامسحوا برؤوسكم، الفقهاء اختلفوا: هل الباء دي للإلصاق ولا للمصاحبة؟ لأن ده معناه: هل نمسح الرأس كله، ولا يكفي جزء؟ وده مثال حيّ على إزاي حرف بسيط ممكن يغير الحكم".
وتطرق الجندي إلى آيات أخرى توضّح أهمية المعنى في فهم النص، موضحا: "وإنك لعلى خلق عظيم، ما قالش (عندك خلق عظيم)، لأ، قال (على خلق)، و(على) دي مش مجرد حرف جر، دي معناها الفوقية والاستعلاء، يعني أنت سامٍ ومرتفع بأخلاقك، مش مجرد إنك تملك أخلاق".
كما أشار إلى قوله تعالى على لسان فرعون: "لأصلبنكم في جذوع النخل"، موضحًا أن: "كلمة (في) هنا معناها مش داخل الجذوع حرفيًا، لكن معناها (على)، للإلصاق، يعني حثبتكم على النخل بالمسامير، وهو تعبير عن شدة العذاب".
وتابع: "المعنى مش رفاهية، ده أساس الفهم الصحيح، ولو ما فهمتش الكلمة صح، مش هتفهم الآية صح، وربنا بيحاسبنا على الفهم والعمل، مش على الحفظ الشكلي".