العواصف الترابية أزمة بيئية متفاقمة مع تغير المناخ
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
يُدرج العلماء العواصف الرملية والترابية ضمن قائمة أسوأ الأزمات البيئية في القرن الـ21 نظرا لتأثيراتها السلبية الشديدة على جودة الهواء والصحة البشرية والبيئة، وهي ظاهرة مرتبطة بالطقس والتغير المناخي وتؤثر على أكثر من 150 دولة حول العالم.
وضربت العواصف الرملية في الأيام الماضية مناطق عدة في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر، وكان شهر أبريل/نيسان بشكل عام شهر العواصف الترابية في عدة مناطق من العالم.
تحدث هذه العواصف عندما ترفع الرياح القوية المناطق الجافة التي لا يوجد بها غطاء نباتي وتكسر طبقة الغبار فوق التربة حاملة كميات كبيرة من الرمال والغبار في الهواء، قد تكون أحيانا سحبا هائلة متدحرجة، ويدخل سنويا مليونا طن تقريبا من الرمال والغبار إلى الغلاف الجوي بفعل العواصف الترابية.
وقد تبدو العواصف الرملية والعواصف الترابية متشابهة، ولكن هناك بعض الاختلافات المهمة. فالعواصف الرملية تتكون من جزيئات رملية ثقيلة نسبيا، ويمكن للرياح أن تأخذها إلى ارتفاعات تتراوح بين 3 و15 مترا.
أما العواصف الغبارية فتحتوي على جزيئات غبار وطين، وهي أخف بكثير من الرمال، يمكن للرياح أن ترفعها إلى آلاف الأمتار وتأخذها إلى آلاف الكيلومترات أحيانا.
إعلانويسهم تغيّر المناخ في انتشار ظاهرة التصحّر التي قد تزيد بدورها معدّلات تواتر هبوب العواصف الرملية والترابية وانتشارها. وتشهد منطقة الشرق الأوسط زيادة مفاجئة في معدّلات تواتر هبوب العواصف الرملية والترابية ومدة العواصف وشدتها.
وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أشار على سبيل المثال إلى أن العراق قد يشهد 300 عاصفة ترابية سنويا بحلول عام 2026، ما يضع البلاد أمام تحديات خطيرة
وتؤكد الدراسات أن عواصف الغبار ترتبط بالتغيرات المناخية، منها ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم مما يزيد من معدلات التبخر، ومن ثَم الجفاف فتكون التربة أكثر عرضة للتآكل، وهو ما يسهل تكوين العواصف الترابية.
ويُفاقم تغير المناخ حدوث العواصف الرملية والترابية من خلال تغيير أنماط الطقس وتقليص الغطاء النباتي، لكنها تساهم بدورها في التأثيرات المرتبطة بالمناخ.
كما تساهم التغيرات في أنماط الرياح، في تواتر وقوة العواصف الترابية، ويؤدي انخفاض هطول الأمطار والجفاف المطوّل بدوره إلى تقليل الغطاء النباتي، ويترك التربة عرضة للتدهور، ما يساهم في تكثيف العواصف الغبارية.
وتشكل العواصف الرملية والترابية تهديدا كبيرا على الصحّة، كما تؤثر أيضا على الزراعة والبيئة والصناعة والنقل ونوعية المياه، وتعوق تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية خصوصا مع تواترها.
ويتفاوت نشاط العواصف الرملية والترابية تفاوتا كبيرا تبعا للموقع الجغرافي والظروف المناخية والعوامل البيئية المحلية. وتنشأ هذه العواصف من مصادر طبيعية كالصحاري، وقيعان البحيرات الجافة، والمناطق الساحلية ذات الرواسب الرخوة.
وتتركز مصادر العواصف الترابية الكبرى على مستوى العالم في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، وخاصة الصحاري الممتدة، مثل الصحراء الكبرى في أفريقيا، وصحراء جوبي في آسيا، والصحراء العربية في الشرق الأوسط.
وتشير تقديرات المنظمة الدولية للأرصاد الجوية إلى أن نسبة 25% من انبعاثات الغبار سببها أنشطة الإنسان التي تشمل إزالة الغابات وتدهور الأراضي وإدارتها بشكل غير مستدام وتعرّض التربة للتعرية وتغيّر المناخ وسوء إدارة المياه.
إعلانوتسهم موجات العواصف الرملية والترابية في تلوّث الهواء مباشرة عن طريق زيادة معدّلات تركيز الجسيمات الدقيقة العالقة فيه. ويمثل الغبار في بعض المناطق مصدرا رئيسيا لتلوّث الهواء .
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نحو 330 مليون شخص على مستوى العالم يتعرضون إلى العواصف الرملية والغبارية على أساس يومي، وفي منطقة الصحراء الكبرى في أفريقيا تؤدي العواصف الرملية إلى تفشي مرض التهاب السحايا، مما يعرض 350 مليون شخص للخطر.
أما في البلدان الواقعة ضمن مصادر غبار الصحراء أو بالقرب منها، فتُلحق العواصف الرملية والترابية أضرارا بالغة بالثروة الحيوانية والزراعة وصحة الإنسان. كما يمكن أن تُجبر العواصف الشديدة على إغلاق الطرق والمطارات بسبب ضعف الرؤية، وتدهور البنية التحتية، وتؤثر بشدة على إنتاج الطاقة التجاري.
كما يقلل الغبار أيضا من الإشعاع الشمسي في المناطق النائية، مما يؤثر على إنتاج الطاقة الشمسية. يمكن أن تنتقل العواصف الترابية الصحراوية لآلاف الكيلومترات عبر المحيط، كما يمكن أن تؤدي العواصف الغبارية بالتواتر في عمليات التصحر.
ونظرا للآثار الخطيرة على المجتمع والاقتصاد والبيئة في النطاق المحلي والإقليمي والعالمي، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 12 يوليو/تموز يومًا دوليا لمكافحة العواصف الرملية والترابية.
ويهدف هذا الإعلان إلى بناء تعاون على الصعيدين العالمي والإقليمي لدرء العواصف الرملية والترابية والتعامل معها وتخفيف آثارها بتحسين نظم الإنذار المبكر وتبادل المعلومات المتعلقة بالمناخ والطقس للتنبؤ بالعواصف الرملية و الترابية وتحليلها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات تغي ر المناخ العواصف الرملیة والترابیة العواصف الترابیة من الرمال
إقرأ أيضاً:
دراسة: 10% من الأغنياء مصدر ثلثي ظاهرة الاحتباس الحراري
أظهرت دراسة جديدة أن أغنى 10% من سكان العالم مسؤولون عن ثلثي ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي منذ عام 1990، مما يؤدي إلى الجفاف وموجات الحر في أفقر مناطق العالم التي تساهم بشكل محدود في التغير المناخي.
وأشارت الدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر" إلى أن أغنى 10% من الأشخاص حول العالم ساهموا بنحو 6.5 مرات أكثر من المتوسط في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، في حين ساهم أغنى 1% و0.1% من السكان أكثر بنحو 20 و76 مرة على التوالي.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4التغير المناخي يشكل الخطر الأكبر لانقراض الحياة على الأرضlist 2 of 4تقرير: 16% من الشركات العالمية أوفت بالتزامها بعدم إزالة الغاباتlist 3 of 4التوازن المعقد للزراعة.. إطعام العالم دون الإضرار بالطبيعةlist 4 of 4الجزيرة السورية.. من تراجع الزراعة إلى خطر الأمن الغذائيend of listوحسب الدراسة، كان متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2020 أعلى بمقدار 0.61 درجة مئوية عن عام 1990.
ووجد الباحثون أن نحو 65% من هذه الزيادة قد تعزى إلى انبعاثات أغنى 10% في العالم، وهي مجموعة عرّفوها بأنها تشمل جميع من يتقاضون أكثر من 48 ألفا و400 دولار سنويا.
كما تتحمل المجموعات الأكثر ثراء قدرا أكبر من المسؤولية غير المتناسبة حسب الدراسة، حيث يتحمل أغنى 1% -وهم أولئك الذين يبلغ دخلهم السنوي 166 ألف دولار- المسؤولية عن 20% من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، في حين يتحمل أغنى 0.1% -أي نحو 800 ألف شخص في العالم ممن يكسبون أكثر من 607 آلاف دولار- المسؤولية عن 8% من الانبعاثات.
إعلانوكانت دراسات سابقة قد أظهرت أن الفئات ذات الدخل المرتفع تصدر كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري، لكن هذه الدراسة تعد الأولى التي حاولت تحديد كيفية انعكاس هذا التفاوت على مسؤولية تدهور المناخ.
وقالت سارة شونغارت محللة نماذج المناخ والمؤلفة الرئيسية للدراسة "تظهر دراستنا أن التأثيرات المناخية المتطرفة ليست مجرد نتيجة للانبعاثات العالمية المجردة، بل يمكننا بدلا من ذلك ربطها مباشرة بأسلوب حياتنا وخياراتنا الاستثمارية، والتي ترتبط بدورها بالثروة".
وأضافت شونغارت "لقد ثبت بوضوح أن الأفراد الأكثر ثراء من خلال استهلاكهم واستثماراتهم يخلقون المزيد من الانبعاثات الكربونية، في حين تتحمل البلدان الأكثر فقرا الواقعة بالقرب من خط الاستواء العبء الأكبر من الطقس المتطرف وارتفاع درجات الحرارة الناتج عن ذلك".
ولتحديد مدى تأثير هذا التفاوت في الانبعاثات على تدهور المناخ ولإجراء تحليلهم أدخل الباحثون تقييمات التفاوت في انبعاثات غازات الدفيئة القائمة على الثروة في أطر النمذجة المناخية، مما مكنهم من تحديد التغيرات في درجات الحرارة العالمية وتواتر الظواهر الجوية المتطرفة التي وقعت بين عامي 1990 و2019 بشكل منهجي.
وقال كارل فريدريش شلوسنر المؤلف المشارك "لو أن انبعاثات جميع سكان العالم تعادل انبعاثات النصف الأدنى من سكان العالم لكان العالم قد شهد ارتفاعا طفيفا في درجات الحرارة منذ عام 1990".
وقال الباحثون إنهم يأملون أن يساعد التحليل في صياغة تدخلات سياسية تعترف بالمساهمات غير المتكافئة التي قدّمها أغنى أغنياء العالم في انهيار المناخ، وتعزيز القبول الاجتماعي للعمل المناخي.
ويأتي هذا البحث وسط مقاومة شديدة من دول مثل الولايات المتحدة للسياسات المناخية وحتى تخفيضات من المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى، لتوفير التمويل للدول الأكثر فقرا للتكيف مع انهيار المناخ والتخفيف من أسوأ آثاره.
إعلانويشير شلوسنر إلى أن "العمل المناخي الذي لا يعالج المسؤوليات الجسيمة التي تقع على عاتق أغنى أفراد المجتمع يخاطر بإغفال إحدى أهم الروافع التي نملكها للحد من الأضرار المستقبلية".