بغداد– يمثل قطاع الصناعة في العراق ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتنويع مصادر الدخل القومي. وفي هذا السياق، يبرز الاستثمار في مادة السيليكا كفرصة واعدة لإحياء الصناعات المحلية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، مستفيدًا من الاحتياطيات الهائلة التي تمتلكها البلاد من هذه المادة الخام الإستراتيجية.

تأكيدًا لهذا التوجه، شهدت العلاقات العراقية السعودية تطورًا لافتًا تمثل في توقيع اتفاقية تعاون بين الشركة العامة للزجاج والحراريات العراقية وشركة أجيال السعودية في 29 أبريل/نيسان، بهدف إنشاء أكبر مجمع صناعي متكامل لمشاريع السيليكا في محافظة الأنبار غربي العراق.

صرح صناعي

تكتسب السيليكا أهمية إستراتيجية باعتبارها تدخل كمادة خام أساسية في العديد من الصناعات العالمية المتقدمة، بدءًا من صناعة الزجاج بأنواعه، ومرورًا بصناعة الثرمستون والسباكة، ووصولًا إلى الصناعات السيليكونية الدقيقة، وأجهزة الاتصالات، وحتى الصناعات الدوائية. وفي هذا الإطار، يتمتع العراق بميزة تنافسية كبيرة لامتلاكه احتياطيات وفيرة وعالية النقاوة من السيليكا، تتركز في محافظتي النجف والأنبار.

موظف يحمل رمل السيليكا (غيتي)

مدير عام الشركة العامة للزجاج في وزارة الصناعة والمعادن، حامد محمد كودي، أكد في حديثه للجزيرة نت أن اختيار محافظة الأنبار لإنشاء هذا المجمع لم يكن صدفة، بل جاء بناءً على توفر مخزون وافر من السيليكا عالية النقاوة، إلى جانب الخبرات المتراكمة لدى الكوادر العراقية في مجال التعامل مع هذه المادة.

إعلان

وأوضح كودي أن المشروع لا يزال في مراحله الأولى، حيث يتم حاليًا إعداد الدراسات اللازمة لتأسيس مجمع صناعي على مساحة تُقدّر بـ800 دونم، ومن المتوقع اكتماله خلال 3 سنوات. وأضاف أن المشروع لن يقتصر على إنتاج السيليكون، بل سيتضمن أيضا مصنعا لإنتاج الزجاج المسطح بطاقة تصل إلى 700 طن يوميًا، إلى جانب مصانع للقناني والجرار بسعة مبدئية قدرها 200 طن يوميًا قابلة للزيادة إلى 800 طن، بالإضافة إلى مصنع مخصص لإنتاج القناني الطبية بطاقة 120 طنًا يوميًا، لخدمة القطاع الصحي في العراق.

وعن الأثر الاقتصادي والاجتماعي، أوضح كودي أن المشروع سيوفر ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف فرصة عمل لأبناء محافظة الأنبار وخريجي الجامعات العراقية في تخصصات متنوعة. كما سيسهم المشروع في زيادة إيرادات الشركة والوزارة، ورفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي. ويتم حاليًا التخطيط لإنشاء مجمع طاقة كهربائية مخصص لتغذية المصانع، إلى جانب مجمعات سكنية متكاملة، مما يفتح الباب أمام تنمية عمرانية واقتصادية واسعة النطاق في مناطق الأنبار الصحراوية.

وأشار كودي إلى أن المجمع سيكون قاعدة لتطوير صناعات تحويلية تعتمد على مخرجاته، مثل صناعة الألواح الزجاجية، والسيليكون، وسيليكات الصوديوم، وزجاج السيارات، والألواح الشمسية، متوقعًا أن يصل عدد المنتجات النهائية إلى 12 منتجًا بعد اكتمال المشروع.

احتياطيات ضخمة في النجف والأنبار

من جهته، شدد عبد الحسن الزيادي، عضو مجلس اتحاد رجال الأعمال العراقي، على أن السيليكا تمثل مادة محورية في تطوير الصناعات الحديثة عالميًا. وأكد في تصريحه للجزيرة نت أن العراق يتمتع باحتياطيات كبيرة من هذه المادة، لاسيما في محافظتي النجف والأنبار، حيث تتوافر الرمال بمواصفات عالية الجودة، تصلح لصناعة الزجاج والزجاج الملون.

وأوضح أن تقارير هيئة المسح الجيولوجي تشير إلى وجود 220 مليون متر مكعب من الرمال المناسبة لصناعة الزجاج في النجف، إضافة إلى 385 مليون متر مكعب لصناعة الزجاج الملون. أما في الأنبار، فتتركز الترسبات في مناطق الگعرة، ووادي العامج، وأرضمة غرب مدينة الرطبة، حيث يُقدّر الاحتياطي هناك بأكثر من 330 مليون متر مكعب.

الاستثمار في مشاريع السيليكا يعكس تحولا نوعيا في رؤية العراق الاقتصادية نحو تنمية مستدامة (غيتي)

كما كشف الزيادي عن اكتشاف احتياطي إضافي يقدّر بمليار طن من رمال الزجاج عالية النقاوة (نسبة النقاوة تصل إلى 99%)، وهي مؤهلة لدخول صناعات دقيقة ومتقدمة ذات قيمة مضافة عالية. وأشار إلى أن هذا المورد ظل مهمّشًا لسنوات طويلة بفعل الأوضاع السياسية والأمنية، وأن الوقت قد حان لتبني رؤية اقتصادية تضع هذا القطاع في صدارة خطط التنمية.

إعلان

وأكد أن تصنيع السيليكا داخل العراق بدلًا من تصديرها كمادة خام سيخلق قيمة اقتصادية مضافة، ويولّد إيرادات ضخمة، ويدعم الصناعات التقنية، خاصة في ظل نمو عالمي متسارع في استخدامات السيليكون.

جاذبية استثمارية متنامية

أما الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش، فقد أكد أن محافظة الأنبار تتمتع باحتياطيات ضخمة من السليكا، تجعلها من أكبر مناطق الشرق الأوسط في هذا المجال. وأشار إلى أن الاستثمارات السعودية تعكس جاذبية العراق كوجهة استثمارية واعدة، معتبرًا أن تدفق رؤوس الأموال يعزز الاستقرار الاقتصادي ويفتح آفاق التوظيف والتنمية.

وشدد حنتوش على أن العراق يمتلك فرصًا ضخمة للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، لكنه بحاجة إلى تهيئة بيئة استثمارية محفزة، تبدأ من تسهيل إجراءات منح التراخيص، وتوفير القروض، وتقديم الإعفاءات الضريبية.

وفي الوقت ذاته، أشار إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه قطاع السيليكا تتمثل في ضبط الواردات، ودعم المنتجات المحلية، إلى جانب الحاجة إلى تحسين البنية التحتية الصناعية.

وختم بالقول: "إن تلبية متطلبات الاستثمار الأجنبي والمحلي ليست ترفًا، بل ضرورة إستراتيجية لإنعاش الاقتصاد العراقي، ونقل الخبرات الصناعية والتقنية إلى الداخل، وتحقيق التنمية المستدامة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات محافظة الأنبار إلى جانب إلى أن

إقرأ أيضاً:

تدشين مصنع «زيڤا» بالرياض لتعزيز توطين الصناعات الصحية ورفع جودة الإنتاج المحلي

في خطوة تعكس التقدم المتسارع للصناعة الوطنية في المملكة، دُشِّن اليوم مصنع “زيڤا” للمناديل المبللة الصحية، بحضور الدكتور شمشير فاياليل، المؤسس ورئيس مجلس إدارة VPS للرعاية الصحية، إلى جانب عدد من الشخصيات الرسمية وممثلي الجهات الحكومية والمستثمرين، وذلك بمدينة الفوزان الصناعية بالعاصمة الرياض.

ويمثل المصنع استثمارًا أجنبيًا بقيمة تجاوزت 25 مليون ريال سعودي كمرحلة أولى، على مساحة تمتد إلى 2500 متر مربع، وسيتم التوسع في خطوط الإنتاج والمنتجات لتلبية احتياجات أسواق المنطقة وبمبالغ إضافية. ويهدف المصنع إلى إنتاج مناديل مبللة صحية ومعقمة ومعقمات تُستخدم في القطاعات الصحية والغذائية والعائلية، مواكبًا احتياجات السوق السعودي، ومساهمًا في تعزيز جودة الحياة.

وخلال حفل التدشين، ألقى الأستاذ عبدالمحسن الحماد العشري كلمة رحّب فيها بالحضور، معبرًا عن فخره بانطلاق هذا المشروع في بيئة استثمارية محفزة، ومؤكدًا أن المصنع يستهدف تغطية نسبة كبيرة من احتياج السوق المحلي بمنتجات عالية الجودة.

وأشار إلى أن المصنع يعتمد على أحدث خطوط الإنتاج المتقدمة والتقنيات العالمية في التصنيع، مما يسهم في رفع معايير السلامة والكفاءة، إلى جانب الالتزام بالاشتراطات البيئية والصحية المعتمدة من الجهات المختصة.

كما أعرب عن بالغ الشكر للجهات الحكومية ذات العلاقة، وفي مقدمتها وزارة الاستثمار، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية، والهيئة العامة للغذاء والدواء، والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، على ما قدموه من دعم وتسهيلات ساهمت في إنجاح المشروع.

من جهته، عبّر المهندس رعد محمد الغرابي الرئيس التنفيذي لمصنع زيڤا عن سعادته البالغة في تدشين المصنع وتكاتف جهود كافة شركاء النجاح لتحقيق هذا التميز، مؤكدًا أن هذا المصنع يأتي امتدادًا لرؤية الشركة بالتوسع في المنطقة وإضافة خطوط إنتاج جديدة تسهم في توطين الصناعات وخلق الفرص الوظيفية، مؤكدًا عزم الشركة على تقديم أفضل المستويات الفنية، واختتم شكره وتقديره لكافة الحضور والدعم اللامحدود من الجهات الرسمية.

ويأتي هذا التدشين في إطار تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، من خلال توطين الصناعات الحيوية، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أمن صناعي وصحي وطني.

ومن المتوقع أن يوفر المصنع فرص عمل جديدة للكفاءات الوطنية، ويدعم سلاسل الإمداد المحلية، إلى جانب رفع مستوى التنافسية في السوق السعودي، عبر تقديم منتجات تتمتع بالجودة والابتكار، وتلبي احتياجات المستهلكين في مختلف القطاعات.

التوطينزيڤاالصناعات الصحيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • العراق: الاستثمارات التركية تتجاوز 35 مليار دولار
  • الصحة: تعاون مع شركة فيليبس لدعم الصناعة المحلية
  • تدشين مصنع «زيڤا» بالرياض لتعزيز توطين الصناعات الصحية ورفع جودة الإنتاج المحلي
  • وزارة الصناعة والثروة المعدنية تُصدر 92 ترخيصًا صناعيًا جديدًا خلال أبريل
  • وزارة الصناعة والثروة المعدنية تُصدر (92) ترخيصًا صناعيًا جديدًا
  • وزارة الصناعة والثروة المعدنية تصدر 92 ترخيصًا صناعيًا جديدًا وتعلن بدء الإنتاج في 80 مصنعًا خلال أبريل 2025
  • مواهب إماراتية في قلب مشهد التوظيف بقطاع الصناعة
  • رجال الأعمال تبحث مع القومي لبحوث الإسكان والبناء دعم القطاع الخاص وتشجيع الصناعة المحلية.. وجود إستراتيجية جديدة لدعم البناء الأخضر والمدن الذكية
  • عاجل- مدبولي: نسعى لجعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد والصلب وتوطين الصناعات المغذية لتقليل الضغط على الدولار
  • رئيس غرفة التجارة الأمريكية: نسعى لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وواشنطن