البرلمان يناقش قوانين الإيجار القديم.. والحكومة: العدالة لا تنحاز لأحد
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
شهد مجلس النواب في أولى جلسات الاستماع للبرلمان هذا الأسبوع مناقشة موسّعة لمشروعي قانونين مقدمين من الحكومة بشأن تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، في محاولة طال انتظارها لتعديل قوانين الإيجار القديم التي ما دام أثارت الجدل المجتمعي والقانوني على مدار عقود.
وقد حضر الجلسة وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المهندس شريف الشربيني، بالإضافة إلى اللجنة المشتركة المكونة من لجنة الإسكان ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية.
بدأ المستشار محمود فوزي كلمته بتأكيد واضح أن لا الحكومة ولا مجلس النواب سينحازان لطرف على حساب الآخر في العلاقة بين المؤجر والمستأجر، مشددًا على أن الانحياز سيكون فقط للعدالة، وتحقيق التوازن المطلوب بما يضمن استقرار المجتمع.
وأوضح أن الغاية من التعديلات المقترحة هو تحقيق التوازن بين الحقوق الدستورية للمستأجرين من جهة، وصون حق الملكية من جهة أخرى، دون أن يخلّ ذلك بالبعد الاجتماعي، وهو ما تحرص عليه الدولة في كل تشريعاتها ذات الصلة.
التطور التاريخي لقوانين الإيجار في مصراستعرض الوزير فوزي التطور التشريعي لقوانين الإيجار، مشيرًا إلى أن قوانين الإيجار القديم تختلف عن غيرها بسبب عاملين رئيسيين: الامتداد القانوني لعقد الإيجار، وثبات القيمة الإيجارية. وأوضح أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت 39 حكمًا بشأن قوانين الإيجار، منها 26 حكمًا بعدم الدستورية.
من أبرز هذه الأحكام:
1996: عدم دستورية امتداد عقد الإيجار لنشاط تجاري لورثة المستأجر.
1997: عدم دستورية استمرار العقد بعد وفاة المستأجر الأصلي في حالة النشاط المهني أو الحرفي.
2002: قصر الامتداد على جيل واحد مع اشتراط الإقامة الفعلية.
2018: عدم دستورية امتداد عقود الإيجار للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى.
2024: الحكم الأخير بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية منذ العمل بالقانون 136 لسنة 1981، وتحديد بدء نفاذ الحكم بنهاية دور الانعقاد التشريعي الحالي.
مشروع القانون: بين التدرج والتحرير
أوضح الوزير أن مشروع القانون الجديد جاء تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية الأخير، ويتبنى سياسة "التحرير التدريجي" لعقود الإيجار القديم مع مرحلة انتقالية واضحة المعالم.
ومن أبرز ما تضمنه مشروع القانون:
زيادة تدريجية في الأجرة القانونية وفقًا لموقع الوحدة (مدن، مراكز، قرى).
تحرير العلاقة الإيجارية بعد انتهاء الفترة الانتقالية، بما يسمح بإعادة التوازن للعقود.
تمييز بين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، وتحديد آليات تعامل مختلفة لكل فئة.
منح أولوية للمستأجرين المنتهية عقودهم للحصول على وحدات بديلة من الدولة، سواء بالإيجار أو التمليك.
إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية بعد مدة أقصاها خمس سنوات من سريان القانون.
البعد الإنساني في عين الاعتبار
من جانبه، أكد وزير الإسكان المهندس شريف الشربيني أن الدولة ستراعي الأبعاد الاجتماعية في تنفيذ أحكام القانون، مشيرًا إلى أنه سيتم توفير بدائل سكنية أو تجارية مناسبة للمتضررين من انتهاء عقود الإيجار.
كما أبدى النائب الدكتور محمد الفيومي تحفظه على بعض البنود المتعلقة بالإخلاء، مشيرًا إلى ضرورة مزيد من الدراسة الدقيقة لضمان عدالة التطبيق.
رأي المحكمة الدستورية العليافي سياق متصل، أبرز المستشار فوزي أن المحكمة الدستورية لعبت دورًا محوريًا في صياغة التعديلات الحالية، مؤكدًا أن الأحكام القضائية الصادرة لم تهدف للإضرار بمصالح فئة دون أخرى، وإنما جاءت لتصحيح مسار تشريعي طال عليه الأمد، خاصة فيما يتعلق بثبات القيمة الإيجارية وعدم التوازن بين أطراف العلاقة.
خطوات مقبلة.. واستمرار جلسات الاستماعتم الاتفاق في ختام الجلسة على استمرار الاستماع لآراء الأطراف المعنية، بما في ذلك اتحادات الملاك، ونقابات المستأجرين، وخبراء القانون، وذلك لضمان التوافق المجتمعي والتشريعي حول القانون الجديد.
ويبدو أن المناقشة ستحظى بوقت كافٍ للوصول إلى حل جذري وعادل لعقود الإيجار القديمة، بما يضمن الحفاظ على السلم المجتمعي، ويصون حقوق جميع الأطراف.
تشير الأجواء داخل أروقة البرلمان إلى جدية واضحة في معالجة أزمة الإيجار القديم، من خلال تشريعات متوازنة، وتنفيذ مرحلي، وأخذ البعد الإنساني في الاعتبار. وتظل الأيام المقبلة حاسمة في بلورة الشكل النهائي لقوانين الإيجار التي تمس شريحة كبيرة من المصريين، سواء كانوا ملاكًا أو مستأجرين.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الإيجار القديم مجلس النواب المحكمة الدستورية التوازن بين المالك والمستأجر القوانين العقارية محمود فوزي شريف الشربيني وزارة الإسكان تعديلات الإيجار العدالة الاجتماعية المحکمة الدستوریة قوانین الإیجار الإیجار القدیم
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: 3 مقترحات لحل أزمة قانون الإيجار القديم
كشفت الدكتورة سالي عاشور، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن نتائج دراسة ميدانية أجريت على عينة ممثلة من المستأجرين والملاك، خرجت بثلاثة مقترحات لحل أزمة قانون الإيجارات القديمة، مؤكدة أن التشريعات السابقة اتسمت بالتطرف لصالح طرف على حساب الآخر، إما المالك أو المستأجر.
وأشارت "سالي عاشور" في حوارها مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الأحد، إلى أن الدراسة توصي بإبقاء القانون الحالي مع إدخال إصلاحات جوهرية تعيد التوازن لعلاقة الإيجار، وذلك أسوة بالتجارب الدولية الناجحة التي لم تلجأ إلى الإلغاء الكامل، بل عملت على تطوير القوانين بما يضمن العدالة للطرفين.
وأضافت أن من بين البدائل المطروحة هو إعادة النظر في القانون رقم 4 لسنة 1996، وفي حال الاتجاه إلى إصدار قانون جديد، فيجب أن يتضمن تنظيمًا شاملاً للعلاقة الإيجارية، بما يمنع ارتفاعًا عشوائيًا في القيم الإيجارية، مشيرة إلى أن "كلمة السر هي التوازن في العلاقة بين المالك والمستأجر".
وحذّرت من ترك الإيجار كـ"سلعة" تخضع فقط لسوق العرض والطلب، دون مراعاة البُعد الاجتماعي والدستوري، مؤكدة أن تحرير السوق بشكل كامل قد يؤدي إلى أزمات اجتماعية واقتصادية.
وشددت على أن الدستور المصري يُلزم الحكومة والمشرّع بتوفير الحق في السكن لكل مواطن، مشيرة إلى أن أي قانون جديد يجب أن يأخذ في الاعتبار التوجهات السياسية للدولة، وأهداف التنمية المستدامة، وحقوق الأجيال القادمة.
وأضافت أن الحق في السكن ليس مجرد معادلة اقتصادية، بل هو حق دستوري أصيل لا يمكن إخضاعه لقوانين السوق فقط، داعية إلى إصدار قانون عادل ومتوازن يحفظ كرامة الإنسان ويحقق الاستقرار الاجتماعي.