شهد مجلس النواب في أولى جلسات الاستماع للبرلمان هذا الأسبوع مناقشة موسّعة لمشروعي قانونين مقدمين من الحكومة بشأن تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، في محاولة طال انتظارها لتعديل قوانين الإيجار القديم التي ما دام أثارت الجدل المجتمعي والقانوني على مدار عقود.

وقد حضر الجلسة وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المهندس شريف الشربيني، بالإضافة إلى اللجنة المشتركة المكونة من لجنة الإسكان ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية.

بدأ المستشار محمود فوزي كلمته بتأكيد واضح أن لا الحكومة ولا مجلس النواب سينحازان لطرف على حساب الآخر في العلاقة بين المؤجر والمستأجروزير الشئون النيابية: لا انحياز لطرف.. العدالة أولًا

بدأ المستشار محمود فوزي كلمته بتأكيد واضح أن لا الحكومة ولا مجلس النواب سينحازان لطرف على حساب الآخر في العلاقة بين المؤجر والمستأجر، مشددًا على أن الانحياز سيكون فقط للعدالة، وتحقيق التوازن المطلوب بما يضمن استقرار المجتمع.

وأوضح أن الغاية من التعديلات المقترحة هو تحقيق التوازن بين الحقوق الدستورية للمستأجرين من جهة، وصون حق الملكية من جهة أخرى، دون أن يخلّ ذلك بالبعد الاجتماعي، وهو ما تحرص عليه الدولة في كل تشريعاتها ذات الصلة.

التطور التاريخي لقوانين الإيجار في مصر

استعرض الوزير فوزي التطور التشريعي لقوانين الإيجار، مشيرًا إلى أن قوانين الإيجار القديم تختلف عن غيرها بسبب عاملين رئيسيين: الامتداد القانوني لعقد الإيجار، وثبات القيمة الإيجارية. وأوضح أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت 39 حكمًا بشأن قوانين الإيجار، منها 26 حكمًا بعدم الدستورية.

من أبرز هذه الأحكام:

1996: عدم دستورية امتداد عقد الإيجار لنشاط تجاري لورثة المستأجر.

1997: عدم دستورية استمرار العقد بعد وفاة المستأجر الأصلي في حالة النشاط المهني أو الحرفي.

2002: قصر الامتداد على جيل واحد مع اشتراط الإقامة الفعلية.

2018: عدم دستورية امتداد عقود الإيجار للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى.

2024: الحكم الأخير بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية منذ العمل بالقانون 136 لسنة 1981، وتحديد بدء نفاذ الحكم بنهاية دور الانعقاد التشريعي الحالي.

مشروع القانون: بين التدرج والتحرير
أوضح الوزير أن مشروع القانون الجديد جاء تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية الأخير، ويتبنى سياسة "التحرير التدريجي" لعقود الإيجار القديم مع مرحلة انتقالية واضحة المعالم.

ومن أبرز ما تضمنه مشروع القانون:

زيادة تدريجية في الأجرة القانونية وفقًا لموقع الوحدة (مدن، مراكز، قرى).

تحرير العلاقة الإيجارية بعد انتهاء الفترة الانتقالية، بما يسمح بإعادة التوازن للعقود.

تمييز بين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، وتحديد آليات تعامل مختلفة لكل فئة.

منح أولوية للمستأجرين المنتهية عقودهم للحصول على وحدات بديلة من الدولة، سواء بالإيجار أو التمليك.

إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية بعد مدة أقصاها خمس سنوات من سريان القانون.

البعد الإنساني في عين الاعتبار
من جانبه، أكد وزير الإسكان المهندس شريف الشربيني أن الدولة ستراعي الأبعاد الاجتماعية في تنفيذ أحكام القانون، مشيرًا إلى أنه سيتم توفير بدائل سكنية أو تجارية مناسبة للمتضررين من انتهاء عقود الإيجار.

كما أبدى النائب الدكتور محمد الفيومي تحفظه على بعض البنود المتعلقة بالإخلاء، مشيرًا إلى ضرورة مزيد من الدراسة الدقيقة لضمان عدالة التطبيق.

رأي المحكمة الدستورية العليا

في سياق متصل، أبرز المستشار فوزي أن المحكمة الدستورية لعبت دورًا محوريًا في صياغة التعديلات الحالية، مؤكدًا أن الأحكام القضائية الصادرة لم تهدف للإضرار بمصالح فئة دون أخرى، وإنما جاءت لتصحيح مسار تشريعي طال عليه الأمد، خاصة فيما يتعلق بثبات القيمة الإيجارية وعدم التوازن بين أطراف العلاقة.

خطوات مقبلة.. واستمرار جلسات الاستماع

تم الاتفاق في ختام الجلسة على استمرار الاستماع لآراء الأطراف المعنية، بما في ذلك اتحادات الملاك، ونقابات المستأجرين، وخبراء القانون، وذلك لضمان التوافق المجتمعي والتشريعي حول القانون الجديد.

ويبدو أن المناقشة ستحظى بوقت كافٍ للوصول إلى حل جذري وعادل لعقود الإيجار القديمة، بما يضمن الحفاظ على السلم المجتمعي، ويصون حقوق جميع الأطراف.

تشير الأجواء داخل أروقة البرلمان إلى جدية واضحة في معالجة أزمة الإيجار القديم، من خلال تشريعات متوازنة، وتنفيذ مرحلي، وأخذ البعد الإنساني في الاعتبار. وتظل الأيام المقبلة حاسمة في بلورة الشكل النهائي لقوانين الإيجار التي تمس شريحة كبيرة من المصريين، سواء كانوا ملاكًا أو مستأجرين.


 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الإيجار القديم مجلس النواب المحكمة الدستورية التوازن بين المالك والمستأجر القوانين العقارية محمود فوزي شريف الشربيني وزارة الإسكان تعديلات الإيجار العدالة الاجتماعية المحکمة الدستوریة قوانین الإیجار الإیجار القدیم

إقرأ أيضاً:

الفرق بين قانون الإيجار القديم وعقد 59 سنة.. «اعرف موقفك» بعد موافقة النواب

يتصدر النقاش بين قطاع عريض من النواب والمواطنين عن مصير المستأجرين، أصحاب العقود القديمة، وحقوق الملاك في قانون الإيجار القديم مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد صدور موافقة نهائية أمس في مجلس النواب على مشروع قانون الإيجار القديم 2025.

جاء ذلك بعد محاولات ومطالبات ندد بها المُلاك تفيد إعادة التوازن للعلاقة الإيجارية الممتدة لعقود.

اشتملت مواد قانون الإيجار القديم على تنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر، سواء للأغراض السكنية أو غير السكنية، كما جاء في نصوص المواد ما يفيد زيادات تدريجية في قيمة الإيجار، وتحديد مدد زمنية لتحرير العلاقة الإيجارية، مع التأكيد على توفير سكن بديل للفئات المستحقة.

وفي سياق متصل، أثار القانون بعض التساؤلات من بعض المواطنين حول هذا القانون، وأنه يشمل العقود المبرمة بين المالك والمستأجر بغير وقت محدد المدة «عقود أبدية»، وعقود الإيجار ذات المدة 59 سنة التي تم تحريرها بعد سنة 1996، وما إذا كانت مشمولة بالتعديلات الجديدة في قانون الإيجارات القديمة أم لا؟

أوضح بعض النواب في لجنة الإسكان، في تصريحات صحفية أمس أن العقود التي تم تحريرها لمدة 59 عامًا بمقدم مالي كبير وإيجار رمزي، وهي عقود مشروعة قانونا ولا تتأثر بتعديلات قانون الإيجار القديم، لأنها تنتمي من الناحية القانونية إلى فئة العقود المدنية الكاملة.

ولفتوا إلى أن امتداد هذه العقود بعد وفاة المستأجر يخضع لأحكام المادة 601 من القانون المدني، التي تنظم العلاقة بين الورثة وحقوق الإيجار، وليس لأحكام الإيجارات الاستثنائية.

اقرأ أيضاًمصطفى بكري مهاجما الحكومة: قدمت قانون الإيجار القديم في «30 يونيو» ولم تراعِ مشاعر المصريين

النواب يوقف مناقشة قانون الإيجار القديم لهذا السبب

«مصطفى بكري»: الحكومة تكافئ الشعب في 30 يونيو وتدفعه إلى الشارع بسبب قانون الإيجار القديم «فيديو»

مقالات مشابهة

  • المحكمة الدستورية تفصل فى دعوى عدم دستورية قانون الإيجار القديم يوم السبت
  • الفرق بين قانون الإيجار القديم وعقد 59 سنة.. «اعرف موقفك» بعد موافقة النواب
  • قانون الإيجار القديم ليس له علاقة ولا يقترب من عقود 1996.. ما القصة؟
  • صلاح فوزي: قانون الإيجار القديم متميز ومتوازن .. والبرلمان الحالي شجاع وجريء
  • إسكان النواب عن الموافقة على قانون الإيجار القديم: حققنا العدالة والرحمة
  • البرلمان يوافق نهائيًا على قانون الإيجار القديم.. وحمدي عرفة: خطوة لإعادة التوازن بين المالك والمستأجر
  • البرلمان يوافق رسميًا على المادة الثانية من قانون الإيجار القديم.. 7 سنوات للوحدات السكنية و5 لغير السكنية
  • الإيجار القديم على طاولة البرلمان.. والحكومة تطرح خريطة بالأراضي المتاحة لمشروعات سكنية بديلة
  • جمانة نظمي: إصلاح قوانين الإيجار القديم ضرورة تشريعية.. والتوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين لا يحتمل التأجيل
  • غدا مواجهة حاسمة بين البرلمان والحكومة.. أحمد موسى عن قانون الإيجار القديم: كفايا تصدير أزمات