لجريدة عمان:
2025-05-15@10:17:42 GMT

بناء السمعة المؤسسية

تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT

تابعت، كغيري من المتابعين، ما أثير مؤخرًا من تفاعلات وتعليقات حول بعض القرارات الإدارية التي أعلنتها بعض المؤسسات وكان لها تأثير مباشر في حياة الناس اليومية. ما استوقفني فـي كل ذلك لم يكن مضمون القرارات نفسها، فلكل جهة الحق فـي إدارة شؤونها وفق ما تراه مناسبًا، بل ما لفت انتباهي هو الأسلوب الذي طرحت به هذه القرارات، وتوقيتها، وكيفـية التواصل بشأنها مع الجمهور.

بدا واضحًا أن جزءًا كبيرًا من ردود الفعل الغاضبة لم يكن ناتجًا عن جوهر القرار ، بقدر ما كان نتيجة لطريقة الإعلان عنه، وغياب التمهيد والتفسير، وكأن الناس طلب منهم فجأة أن يتفهموا، ويقبلوا وينفذوا ما نصت عليه تلك القرارات.

نحن اليوم فـي زمن لم يعد فـيه الجمهور ينتظر تفسيرًا من طرف واحد، ولا يقبل رسائل جاهزة لا تأخذ مشاعره وظروفه فـي الحسبان. كل قرار يمس مصالح الناس، مهما كان بسيطًا، يحتاج إلى تواصل مدروس، وإلى إدراك حقيقي بأن الثقة التي بنتها المؤسسة مع جمهورها عبر سنوات، يمكن أن تتبخر فـي لحظة واحدة من سوء الفهم أو ضعف التواصل.

الثقة المؤسسية - أو ما يُعرف فـي علم الاتصال بـ«السمعة المؤسسية» - لم تعد مفهومًا نظريًّا أو تجميليًّا فـي الهياكل الإدارية، بل أصبحت جزءا أصيلًا من هوية المؤسسة وكيانها. ولتقريب الصورة أكثر، أستشهد بما قالته الكاتبة وخبيرة السمعة الرقمية فاميلا كيوب «السمعة تُبنى على المدى الطويل، لكنها قد تُنسف بلحظة تواصل سيئة واحدة». عبارة تختصر كثيرًا من الحقيقة التي نغفل عنها أحيانًا حين نصدر بيانًا أو نمرر قرارًا دون أن نفكر فـي أثره النفسي والاجتماعي.

السمعة ليست مجرد كلمات لطيفة تقال فـي المؤتمرات الصحفـية، ولا تغريدات تزيَّن بعناية. إنها الانطباع الذي يبقى فـي ذهن الناس بعد كل تواصل، وهي الصورة التي تتشكل عن المؤسسة من خلال أفعالها، وقراراتها، وطريقة تعاطيها مع النقد والاختلاف.

وسائل الإعلام - التقليدية منها والرقمية - تلعب دورًا هائلًا فـي هذا التشكيل، إما فـي البناء أو الهدم. الإعلام يمكنه أن يُسلّط الضوء على الإنجازات، كما يمكنه أن يضخّم الأخطاء، ويجعل من زلة بسيطة أزمة وطنية. وخير شاهد على ذلك ما نراه اليوم فـي الولايات المتحدة، من معارك إعلامية حادة بين الرئيس دونالد ترامب ومؤسسات إعلامية كبرى، حيث أصبحت السمعة ساحة حرب مفتوحة بين الحقيقة والتأويل، بين التواصل والتشويه.

فـي هذا السياق، تصبح المسؤولية أكبر على فرق الإعلام والاتصال داخل المؤسسات. لم يعد كافـيًا أن يكون الموظف الذي يدير الاتصال جيدًا فـي اللغة أو يعرف أدوات التصميم أو النشر، بل يجب أن يكون لديه وعي استراتيجي، وحس إنساني، وإدراك عميق لكيفـية تأثير كل رسالة على الناس. وهنا تأتي أهمية التدريب المتواصل، والتطوير، والاستعانة بأصحاب الخبرة فـي الإعلام عند صياغة السياسات الاتصالية، خصوصًا حين تكون القرارات حساسة أو ذات تأثير اجتماعي واسع.

لقد أصبح من الضروري أن تفكر المؤسسات قبل أن تتكلم، وأن تزن كل عبارة قبل نشرها، لأن الجمهور اليوم لا يغفر بسهولة، ولا ينسى سريعًا. والمشهد الإعلامي الحديث لا يمنحك رفاهية فـي التبرير وإعادة الشرح بعد أن تكون قد خذلت فـي المرة الأولى. من هنا، فإن الاستثمار الحقيقي ليس فقط فـي تطوير الخدمات، بل فـي كيفـية تقديمها والتحدث عنها.

بناء السمعة المؤسسية ليس وظيفة العلاقات العامة وحدها، بل مسؤولية كل من يمثل المؤسسة ويتحدث باسمها. وهي لا تصنع فـي الحملات الإعلامية، بل تبنى بالصدق، والشفافـية، والاحترام. فالناس، فـي النهاية، لا يبحثون عن مؤسسة لا تخطئ، بل عن مؤسسة تعترف بخطئها، وتتواصل معهم بصدق حين تفعل ذلك فهذا هو جوهر التواصل والاتصال.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

خلال اجتماع وزراء الإعلام الخليجيين.. الإمارات تقترح وضع معايير ملزمة لمنصات التواصل تضمن صون القيم والهوية الخليجية

شارك معالي عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، في الاجتماع الـ 28 لأصحاب المعالي والسعادة وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد مساء أمس في دولة الكويت الشقيقة، بمشاركة أصحاب المعالي وزراء الإعلام بدول المجلس، وحضور معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.ضم وفد الدولة، محمد سعيد الشحي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإعلام، ومحمد الظهوري المدير التنفيذي لقطاع العمليات الإعلامية في المكتب الوطني للإعلام، وميثا السويدي المدير التنفيذي لقطاع الاستراتيجية والسياسات الإعلامية في مجلس الإمارات للإعلام .وقدم معالي رئيس المكتب الوطني للإعلام، في بداية كلمته، خالص الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، وسمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ولي العهد، وسمو الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء، وإلى معالي عبدالرحمن المطيري، وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب، على حُسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي يعكس روح الأخوة والتعاون بين دول المجلس، ويؤكد على العلاقات الراسخة بين شعوب دول الخليج العربي.كما توجه معاليه بخالص الشكر والتقدير إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على جهودها المتميزة وتنظيمها الرفيع للدورة الـ28 من اجتماع وزراء الإعلام.وأعرب معاليه عن تمنياته بنجاح أعمال الاجتماع في تقديم خارطة طريق لإعلام خليجي يواكب ما حققته دول المجلس من تنمية شاملة ومستدامة.وقال إنه منذ البدايات الأولى لمسيرة مجلس التعاون لدولِ الخليج العربية، تبلورت قناعة راسخة لدى القادة المؤسسين بأن ما يجمع شعوب الخليج يتجاوز حدود الجغرافيا، فهو ارتباط جوهري ينبع من وحدة الجذور والهوية، وتشابك المصير، ومن هذا الفهم العميق نشأت فكرة المجلس، كترجمة لإرادة جماعية تهدف إلى بناء مستقبل مشترك يرتكز على وحدة الصف والتكامل بين الأشقاء.وشدد معاليه، خلال كلمته، على أن دولة الإمارات تؤمنُ بأن الإعلام شريك رئيسي في مسيرة التنمية، ورافعة للوعي، وقوة ناعمة لصياغة الحاضر وبناء المستقبل، ومن هذا المنطلق، تضعُ الإمارات تعزيز التعاون الإعلامي مع دول مجلس التعاون على رأس أولوياتها، إيماناً منها بأن تكاملنا الإعلامي هو الضامن لصوت خليجي موحد، قادر على حماية مكتسباتنا، والتعبير عن هويتنا، ومواجهة التحديات بخطاب متزن ومسؤول يعكس واقعنا وتطلعات شعوبِنا.وأكد أن صناعة محتوى يعكس خصوصيتنا الخليجية، ويعبر عن أصالة مجتمعاتنا، ضرورة إستراتيجية، داعياً إلى العمل على بناء خطاب إعلامي يسرد روايتنا، ويبرز تنوعنا الغني، ويغرس في نفوس أجيالنا مشاعر الانتماء والاعتزاز، بما يعزز من حصانة مجتمعاتنا ضد محاولات التشويه.وحث معاليه خلال كلمته، على ضرورة تقديم تعريف لمن يستحق أن يأخذ لقب إعلامي، قائلاً : إنه في ظل طفرة الإعلام الرقمي وتدفق المنصات وسهولة الوصول إلى أدوات النشر، لم يعد الإعلام حكراً على المهنيين، بل أصبح كل شخص مشروع إعلامي محتمل، يمكنه أن يبث ما يريد عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، هذا التحول الجذري يقتضي علينا، كمسؤولين، أن نعيد تعريف من هو الإعلامي، لا بالصفة الشكلية، بل بالدور والمسؤولية، وإطار جامع يميز بين التعبير الحر والإعلام المهني.ولفت معالي رئيس المكتب الوطني للإعلام إلى أنه وفي خضم هذا التوسع الرقمي، لابد من محاربة التجاوزات غير الأخلاقية التي تشوه وعي المتلقي، وتفرغ الرسالة الإعلامية من قيمها النبيلة، فبغير هذا التمييز، تضيع الحقيقة وتختلط المصالح، وتفقد الرسالة الإعلامية قدرتها على خدمة قضايا الشعوب وصون أمنها المعرفي والثقافي.وأضاف أنه في هذا الإطار تقترح دولة الإمارات وضع معايير موحدة للمحتوى الإعلامي في دول مجلس التعاون، تكون ملزمة لمنصات التواصل العالمية لضمان توافق جميع المحتويات المنشورة في دول المجلس مع القيم والهوية الخليجية، ومنع نشر ما يتعارض معها.وتطرق إلى ثورة التقنيات المتسارعة التي يشهدها العالم، مشيراً إلى أن المستقبل الإعلامي لم يعد محكوماً بالكاميرا والقلم وحدهما، بل بات مشروطاً بالقدرة على التكيف مع ثورة الذكاء الاصطناعي، وتحولات المحتوى الرقمي، وتغير سلوك الجمهور، مؤكداً أن دول الخليج تمتلك الموارد والكفاءات التي تؤهلها للريادة في صناعة إعلام رقمي، ذكي، ومؤثر عالمياً.ووجه معالي عبدالله آل حامد في ختام كلمته، الدعوة لحضور الاجتماع المقبل الذي تستضيفه الدولة، قائلاً: " كما اجتمعت القلوب في كويت المحبة، سنلتقي غداً في إمارات العطاء، حاملين مشعل إعلامنا الخليجي الموحد، وأهلا بكم في الدورة التاسعة والعشرين لوزراء الإعلام بدول مجلس التعاون الخليجي التي تستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة في العام المقبل".وناقش الاجتماع الـ 28 لأصحاب المعالي والسعادة وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون، الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وأبرزها تعزيز العمل الإعلامي المشترك، وتنسيق المواقف الإعلامية الخليجية في المحافل الدولية، والتصدي للحملات الموجهة، إضافة إلى دعم المحتوى الإعلامي الذي يعزز الهوية الخليجية ويحافظ على القيم المجتمعية.كما ناقش أصحاب المعالي والسعادة وزراء الإعلام في دول مجلس التعاون، توصيات اللجان الإعلامية المختلفة التي عقدت اجتماعها في الفترة الماضية تحت مظلة مجلس التعاون والتي تضمنت توصيات تصب في إطار تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة لدول مجلس التعاون.واستعرضوا تعزيز التعاون المشترك في مجالات الإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء، واستراتيجيات تطوير الإعلام الخليجي، وتنسيق الجهود الإعلامية لتعزيز الصورة الإيجابية لدول المجلس على الصعيدين الإقليمي والدولي.واطلعوا على تقرير مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، وتقرير جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج.

 

أخبار ذات صلة سيف بن زايد يلتقي وزير الداخلية المقدوني محللون سودانيون لـ«الاتحاد»: «سلطة بورتسودان» لا تمثل شعب السودان

كما دشنوا، خلال الاجتماع، النسخة التجريبية من التطبيق المشترك لوكالات الأنباء الخليجية على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، والذي يتيح للمستخدمين الاطلاع على الأخبار الرسمية مباشرة من وكالات أنباء (دول التعاون)، ومشاهدة البث المباشر لمختلف القنوات الإذاعية والتلفزيونية الخليجية، والاطلاع على أرشيف الصور والفيديوهات، ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بكل وكالة.وتم تصميم التطبيق باستخدام أحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي، حيث يوفر خدمة سحب البيانات من المصادر المختلفة لوكالات الأنباء بدول مجلس التعاون الخليجي واستيرادها داخل قاعدة بيانات موحدة بحيث تتمكن كل دولة من الوصول إلى لوحة المشرفين المخصصة لها.كما تم توظيف الذكاء الاصطناعي في هذا التطبيق لتقديم محتوى إعلامي متميز يلبي احتياجات المستخدم الخليجي ويواكب التطورات المتسارعة في عالم الإعلام الرقمي، كما سيسهم في تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين وكالات الأنباء الخليجية.

 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • عبدالله آل حامد: الإعلام قوة ناعمة تسهم في بناء سمعة الأوطان
  • عبدالله آل حامد: الإعلام قوة ناعمة مؤثرة تسهم في بناء سمعة الأوطان
  • أكاديمية الشرطة تستقبل المشاركين من برنامج القمة العالمية للقيادات الشبابية الإعلامية
  • منتدى التواصل الحكومي يستضيف رئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة
  • الإمارات تقترح وضع معايير ملزمة لمنصات التواصل العالمية تضمن صون القيم الخليجية
  • خلال اجتماع وزراء الإعلام الخليجيين.. الإمارات تقترح وضع معايير ملزمة لمنصات التواصل تضمن صون القيم والهوية الخليجية
  • اختتام فعاليات الملتقى الإعلامي العربي في الكويت
  • هدى زاهر تشارك صورا مع أسرتها في لبنان.. شاهد
  • الشيباني: إسرائيل تستمر باعتداءاتها على أراضينا وتصعد الوضع ما أسفر عن سقوط ضحايا، ونطالبها الالتزام بتنفيذ القرارات الدولية والانسحاب من الأراضي التي تحتلها في الجنوب
  • الصفدي: ننسق مع إخواننا في سوريا وتركيا والمجتمع الدولي من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية وتطبيق القرارات الدولية بضرورة الانسحاب من الأراضي التي تحتلها