الثورة نت:
2025-07-06@08:48:11 GMT

أمانة الكلمة وخطورة التخاذل والتخذيل

تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT

 

 

عمدت معظم الأنظمة العربية والإسلامية إلى استخدام المرحلية في التعامل مع القضايا المصيرية بتدرج مقصود يهدف إلى إنهائها ومحوها من ذاكرتها من خلال الأزمات الاقتصادية والسياسية والقُطرية وغيرها من الإشكاليات، وفي القضية الفلسطينية بدأت من قرارات مؤتمر الخرطوم (لا صلح – لا اعتراف- لا مفاوضات) وانتهت إلى عكس ذلك بعد أن تركت القضية وأعانت الإجرام اليهودي .

سخّرت كل وسائل تلك الأنظمة لتوجيه الشعوب إلى القضايا الهامشية وإثارة الاختلافات الفقهية بين المذاهب والخلافات الفكرية بين العلمانيين والإسلاميين، وأتيح المجال أمام كل توجهات الاختلاف بعد أن تم تغييب العلماء والدعاة المشهود لهم بالوسطية والاعتدال كمرحلة أولى، وصولا إلى تقديم من يشوهون الجهاد ووصف المجاهدين بالخروج عن الإسلام والتعاون مع قوى الهيمنة والإجرام العالمي في تصفيتهم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

الإرهاب في سياسة الاستعمار والاستيطان (الصهيوني الصليبي) هو كل ما يتعارض مع مصالحهم إرهاب يجب القضاء عليه؛ لأنهم يملكون القوة، وهنا يوضح المفكر الأمريكي مؤلف كتاب (صراع الحضارات) صمويل هنجتون كيف استطاع الغرب إخضاع العالم قائلاً: (فاز الغرب ليس لتفوق أفكاره أو قيمه بل لتفوقه في تطبيق العنف المنظم، غالبا ما ينسى الغربيون هذه الحقيقة أما غيرهم فلا ينسوها)، حتى في التعبير عن الإجرام، يستخدمون العبارات اللطيفة، فمثلا لو حدثهم عن إلقاء القنابل الذرية على اليابان؛ سيقولون عنف مبرر وضرورة عسكرية ومع ذلك فقد اجتاحوا العراق بدعوى امتلاكه أسلحة دمار شامل وهم كاذبون، وأفغانستان بذريعة الإرهاب وأبادوا وشردوا الملايين وسيقولون عنف؛ وهو ذات الأمر في دعمهم لجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في غزة.

الحرب الإجرامية التي تجري في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وغيرها، تترافق مع حرب إجرامية بين المؤمنين والمنافقين، لكن في ميدان الكلمة وبيان الحق ونصرة المظلومين؛ يسعي المنافقون جاهدين إلى إعانة الإجرام والمجرمين  وتبرير ما يقومون به وتخذيل الأمة عن القيام بواجبها والله سبحانه وتعالى قد حذرنا من ذلك فقال ((إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير))التوبة-39.

وهنا يؤكد قائد الثورة والمسيرة القرآنية السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله- (أن التخاذل خطير جدا، لأنه يرسخ في نفوس الشعوب والأمم الهزيمة النفسية والدناءة والانحطاط والمهانة والخنوع والخوف والاستسلام ويكبل الأمة بقيود المذلة؛ حتى الشعوب التي تعاني من الكبت يمكنها المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية).

الأنظمة سخّرت كل الإمكانيات في الدعاية المضادة؛ واستعانت بقوات الأمن والجيش في مواجهة كل تحرك لنصرة القضية الفلسطينية؛ وحركت المجاميع الفقهية وبعض المحسوبين على الدين الإسلامي لإصدار فتاوى تؤيد تعاون الأنظمة مع اليهود والنصارى وخذلان الإسلام والمسلمين.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لأنه بمنأى عن سيطرة الأنظمة العربية والإسلامية، أصدر فتوى بوجوب الجهاد على أرض فلسطين وجوبا عينيا على المسلمين جميعا، لأنه جهاد دفع وتحرير وذلك لانعدام الكفاية التي لا تتحقق إلا بمجموع الأمة؛ وان فلسطين أرض وقف إسلامي من النهر إلى البحر، أرض المسلمين جميعا لا يجوز لأحد أن يفرط فيها أو يتنازل عنها وكذلك المسجد الأقصى المبارك؛ وواجب الجهاد على الحكام والمحكومين والجماعات والأفراد وكلما كانت القدرة على الفعل والتأثير أكبر كان الوجوب أشد تأكيدا وأعظم.

ويجب على القادة والزعماء إعلان النفير العام وتحريك الجيوش لرد العدوان وتحرير المقدسات؛ وإذا لم يفعلوا فأقل واجب دعم الأشقاء في فلسطين بكل الوسائل ويجب عليهم مكافحة الوجود الصهيوني على أرض فلسطين.

اتفاقيات التطبيع مُحرمة شرعا وباطلة ولا تلزم المسلمين في قليل ولا كثير ولا يجوز القبول بها ولا الاعتداد بأي أمان مبني عليها؛ وكل نظام يمنع من مساعدة الأشقاء على أرض فلسطين لا سمع له ولا طاعة وعلى المسلمين مقاومة هذه الأوضاع وبذل الجهد واستفراغ الطاقة في دعم المجاهدين فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

معظم الأنظمة العربية والإسلامية دعمت العدو الصهيوني مع أن فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أكدت أن سائر الأنظمة التي تمد العدو الصهيوني بالمال أو الغذاء أو الخدمات العسكرية أو الأمنية أو الإسناد السياسي أو الخطاب الإعلامي أو أي وجه من وجوه الدعم والمساندة، فقد وقعت في خيانة كبرى؛ ومن فعل ذلك بقصد تقوية العدو على المسلمين فقد وقع في موالاتهم، وهذه الفتوى تتوافق مع مواقف علماء اليمن ومع المواقف الرسمية والشعبية في دعم وإسناد قضايا الأمة العربية والإسلامية والإنسانية.

بيان العلماء لم يتوافق مع سياسات الأنظمة التي ساندت ودعمت الإجرام الصهيوني الصليبي ولازالت تدعمه ماليا واقتصاديا وسياسيا ومعنويا وإعلامياً وأمنيا، فقد قمعت المظاهرات بواسطة قوات الأمن والجيش وتم منع أي دعم لفلسطين، حتى الدعاء منع في المساجد والمنابر.

إيمان الأنظمة وقادتها بالله وخشيتهم ومراقبتهم له جعلتهم يستعينون بعلماء يصدرون الفتاوى التي تناسبهم وذلك خروجا من تحمل الإثم والوزر في دعم اليهود والنصارى، الداعية الكويتي د.محمد العوضي وصفهم بأن لديهم مشاعر صهيونية مكبوتة؛ طوفان الأقصى شخّصهم وأماط اللثام عنهم أنهم صهاينة يشمتون ويشتمون المسلمين، وأصبح الناس يعرفونهم ويصفونهم بأنهم في مواقفهم أحط من الممثلة الإباحية الفلانية والحاخام الذين انكروا الإجرام؛ لقد أصبحوا منبوذين على ألسنة الناس.

النفوذ والتغلغل اليهودي سيطر على القنوات الإعلامية وكل وسائل الإعلام ووصل إلى منابر المساجد والعلماء، لكن هناك من العلماء مازالوا يقولون كلمة الحق لا يخشون في الله لومة لائم منهم العلامة الشيخ محمد الحسن الددود الموريتاني الذي قال: إن قضية فلسطين ليست للمساومة أو العرض في المزاد العلني أو في الأسواق، بل قضية مقدسة نزل بها القرآن وقدسيتها باقية إلى يوم القيامة وغير قابلة للتفاوض ؛ومن ظن انه يمكنه بيعها أو التنازل عنها فهو جاهل بها وبواقع الأمة وبعقيدتها وكتابها؛ ومن المحرمات الشرعية الكبرى ومن الخيانة العظمى للأمة كلها من يفعل ذلك فهو من الغادرين الذين ينصب لهم لواء الغدر يوم القيامة”.

قضية فلسطين ليست حديثة، بل منذ الاستعمار البريطاني والفرنسي، لكن المُخذّلين يجعلون طوفان الأقصى محور القضية، البرفيسور .د.طارق السويدان أكد أن القضية الفلسطينية كانت في طور النسيان، لو لا طوفان الأقصى لماتت ونُسيت ولو لا حماس وما قامت به لا ثمت الأمة كلها، فجهاد الإجرام والاحتلال الصهيوني واجب شرعا؛ حماس هم شرف الأمة ورأس حربتها وهم قدوتنا فيما نريد أن نصل إليه من رضوان الله سبحانه وتعالى، فيجب دعم المقاومة بدون تردد في مواجهة الأعداء في الداخل والخارج، فقد اكرمنا الله بها وقادتها ومجاهدوها على رؤوسنا وهم النموذج الأعلى في التضحية والفداء.

ليست المرة الأولى التي يستعين الإجرام والاستعمار بالفتاوى الدينية، فالاستعمار الإيطالي استعان أثناء احتلاله ليبيا بالشيخ (محمد أبو الاسعاد)، الذي أفتى بوجوب الجهاد مع الاستعمار الإيطالي، لأنهم أولو الأمر ومحاربتهم عصيان لله تعالى؛ وأصدر فتوى بجواز الإفطار في رمضان للمجندين الليبيين العاملين مع الجيش الإيطالي ولم يقتصر الأمر على الفتوى لصالح الإجرام الإيطالي، بل انه عمل مع الإنجليز بعد خروجهم وأفتى لهم بذلك، وهو الأمر الذي يتكرر اليوم من خلال من يصفون أنفسهم بالدعاة والمشائخ والعلماء، لكنهم يؤيدون الإجرام الصهيوني الصليبي ويتهمون المقاومة ويخذلون الشعوب عن القيام بواجبها ويبررون للأنظمة كل الموبقات وكل ما حرمه الله ورسوله تحت ذريعة طاعة ولاة الأمر، مع أن الله سبحانه وتعالى قيد طاعتهم بطاعة الله ورسوله قال تعالى ((يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )) النساء-59. والرسول الأعظم صلّى الله عليه وآلة وسلم يقول ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)).

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

من كربلاء إلى الخلود .. مسيرة الإمام الحسين (ع) ملهم الأحرار وثورة العزة والكرامة

يمانيون| أعد المادة للنشر: محسن علي الجمال
استيقظت الأمة الإسلامية بعد يوم عاشوراء على جريمة بشعة يندى لها جبين التاريخ, وكشفت هذه الحادثة المروعة التي لم يحدث مثلها في جاهلية ولا إسلام عن انحراف خطير في واقع وثقافة وفكر هذه الأمة المسلمة, وعصفت بتاريخها , حيث تجلى فيها الشر وانعدام القيم والأخلاق في القتلة, واستبانت من خلالها سبيل المجرمين, من خلال استهدافهم لسيد شباب أهل الجنة وما يعرفونه عنه من مكانة عظيمة كأحد رموز الأمة الإسلامية الخالدة وكوريث للقرآن ولجده رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله.

وهذا ما عبر عنه الشاعر الكبير الهبل حينما قال:

وكل مصاب نال أل محمد .. فليس سوى يوم السقيفة جالبه.

.ولقد صار الإمام الحسين اليوم قبلة اليمنيين أكثر من أي وقت مضى , باعتباره الملهم الذي يستمدون منه ثباتهم وانتصاراتهم, وهم يصرخون وإلى جانبهم أحرار العالم بصرخته المدوية في الآفاق وعلى مر العصور (هيهات منا الذلة)

 

مولده ع السلام:

5 شعبان السنة الـ4 م الهجرة, وأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في أذنه اليمنى عند ولادته, وعق عنه في ايوم السابع, وحلقت أمه الزهراء عليها السلام رأسه’ وتصدقت بوزنه فضة على المساكين, وسماه جده رسول الله “حسينا”.

 

فضائله:

-قول رسول الله صلى الله عليه وآله فيه ” حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا, حسين سبط من الأسباط”.

– مر النبي محمد على بيت فاطمة سلام الله عليها ’فسمع حسينا يبكي, فقال : “ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني”

– عن النبي الأكرم أنه قال : “يقتل ابني الحسين بظهر الكوفة, الويل لقاتله وخاذله’ ومن ترك نصرته”.

-عن ابن عباس, قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله مرضه الذي مات منه’ فحضرته وقد ضم الحسين عليه السلام إلى صدره يسيل من عرقه عليه’ وهو يجود بنفسه ’ وهو يقول:” مالي وليزيد، لا بارك الله في يزيد, اللهم العن يزيد” ثم غشي عليه طويلا وأفاق’ فجعل يقبل الحسين عليه السلام, وعيناه تذرفان’ ويقول: ” أما إن لي ولقاتلك مقاما بين يدي الله “.

 

 حياته ونشأته

لقد عاش الإمام الحسين مثلما عاش أخوه في كنف جدهما , وأمهما وأبيهما , وتلقى مثله جميع الدروس والتوجيهات والتعليمات, ورأى بأم عينيه أمجاد الإسلام في حياة جده’ ثم عانى ما عاناه أخوه وابوه وامه من الانحرافات التي ضربت تاريخ الإسلام في مهده المبكر, ثم كان في عصر أبيه أحد أنصاره وأعضاده’ وقائدا كبيرا في جيشه, ثم كان وزيرا وقرينا لأخيه الإمام الحسن في حياته حتى مهادنته لمعاونه, ثم رأى بأم عينيه أخاه يغادر الحياة شهيدا مسموما.

 

الحسين إماما في العلم

لقد كان الإمام الحسين العالم قبل أن يكون الثائر وكان المعلم والمربي قبل أن يكون القائد والمحارب والثقافي البارع الذي اتخذ من الحج موسما لنشر دعوته وعلمه فحج لأكثر من 25 سنة,, إذ قال معاوية يوما لرجل من قريش : إذا دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبدالله ’ مؤتزا على أنصاف ساقيه ليس فيها من الهزيل يشيئ.

-روى عبدالله بن عمر بن الخطاب عندما ذكر بعمل الحسن والحسين عليهما السلام وهما أصغر منه’ أقر بأنهما كانا “يغران العلم غرا” من رسول الله .

 

إحسانه للناس

لقد عرف عن الإمام الحسين بإحسانه الكبير إلى الناس والاهتمام بأمرهم , وكان كريما جوادا مسرعا في قضاء حاجات أهله وأمه جده’ وأعظم إحسان قدمه إلى الأمة أولها وآخرها هو أنه علمهم كيف ينتصرون للحق ولأنفسهم من الطغاة الظالمين, وقدم نفسه قربانا من أجلهم, بدليل أنه استشهد في كربلاء وعليه من الديون 70 ألف دينار أنفق الكثير منها على المحتاجين والمعسرين.

 

نفسه الأبية:

تفضيله الموت على النزول على حكم ابن زياد والي الكوفة, حتى أن مصعب بن الزبير اتخذه يوم قتل مثل الإباء للضميم والأسوة المحتذاه فقتل وقد قال بيتا من الشعر :

وإن الألى بالطف من آل هاشم

تأسوا فسنوا للكرام التأسيا.

من أقواله عليه السلام:

(الناس عبيد الدنيا، والدين لَعَقٌ في ألسنتهم، فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون)

(ألا ترون إلى الحق لا يُعملُ به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المرء في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى  الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما)

(ألا وإنّ الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت، وأرحام طهرت ونفوس أبية وأنوف حميَّة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام)

 

شعر الحسين (عليه السلام) عندما هُدد بالقتل:

سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى      إذا ما نوى حقاً وجاهدَ مسلما

وواسى الرجال الصالحين بنفسه           وفارق مثبوراً وخالف مجرما

فإن عشتُ لم أندم وإن متُ لم أُلم          كفى بك عارًا أن تُذل وتُرغما

 

منطلقات وأسباب ثورة الإمام الحسين

إن أقرب طريق لمعرفة سبب خروج الإمام الحسين وثورته هو متابعة الوثائق السياسية التي أطلقها عليه السلام ليلة خروجه التي حصلت بينه وبين أنصاره , لأنها تكشف عن مدى نظرته ونظرتهم للحكم الأموي, وعن أدبياتهم وثقافتهم التي انطلقوا منها لصنع الأحداث التاريخية.

 

خطابه إلى أهل البصرة

وجه الإمام الحسين خطابه التحريضي لأشراف أهل البصرة بالقيام بنصرته ومؤازرته في ثورته على بني أمية نجدة يقول لهم ” أما بعد.. فإن الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله وسلم على خلقه وأكرمه بنبوته واختاره لرسالته ثم قبضه الله إليه , وقد نصح لعباده, وبلغ ما أرسل به , وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحق الناس بمقامه في الناس, فاستأثر علينا قومنا بذلك , فرضينا وكرهنا الفرقة’ وأحببنا العافية, ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه, وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله’ فإن السنة قد أميتت’ وإن البدعة قد أحييت ’ وإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد والسلام عليكم ورحمة الله.

 

موقف مسؤول لتخليص الأمة من واقع الظلم الرهيب

ذكر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه بذكرى عاشوراء 1439هـ أن سبب ثورة الإمام الحسين عليه السلام بقوله: “ثار الإمام الحسين ليخلص الأمة من واقع الظلم الرهيب, وبخروجه جسد قيم الإسلام ومبادئه وصورته الأصيلة, وانطلق من مقامه الإيماني والأخلاقي العظيم فيما هو عليه من كمال الإيمان, من التمثل الحق لمبادئ الإسلام وأخلاق وقيم الإسلام’ وأن ثورته تلك كانت’ لأنه بلغ أرقى درجات الإيمان وكماله فيما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه واله حينما قال عنه وعن أخيه الحسن عليهما السلام (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجبة”.

 

الثورة.. الخيار الذي لم يكن منه بد

لقد كان عليه السلام مقتنعا بوجود الثورة على الظالمين والجائرين, ولم يترك يزيد بن معاوية عليهما اللعنة للإمام الحسين خيار غير المواجهة الفورية , وهناك رواية تذكر أن الحسين عليه السلام لما سئل عن ما أعجله عن الحج وخروجه إلى العراق , فأجاب عليه السلام بقوله “لو لم أعجل لأخذت” وتعليله لخروجه في الصورة التي قال فيها لأخته زينب” بطلة كربلاء” عليها السلام ” لو ترك القطا لنام”.

 

الحسين يعلن أسباب بثورته يوم حاصره الحر الرياحي

أظهر الحسين سلام الله عليه أسباب ثورته في أماكن عديدة منها في مواسم الحج’ وأبانها للناس جميعا وبشكل جامع في آخر أيام حياته’ وفي موقف لا يحسد عليه, يوم حاصره الحر الرياحي قبل مقتله بأيام يسيرة قال:

(أيها الناس، إنّ رسول الله قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يُدخله مُدخله).

(ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وعطَّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وحرّموا حلال الله، وأحلوا حرامه، وأظهروا الفساد, وأنا أحق من غيَّر).

 

علاقة الدولة الأموية بالإسلام

تحدث السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في خطاب ذكرى عاشوراء 1429-1439هـ عن علاقة الحالة الأموية بالإسلام حيث أكد أنها” مثلت انقلابا على أهم قيم الإسلام وأعظم مبادئه, وهي حالة لا يرتضيها الإسلام أبدا مهما كان الثمن في سبيل مواجهتها والتصدي لها والحيلولة دونها, وأن ذلك النوع من الحكام الجائرين يجب على الأمة مواجهتهم كمسؤولية دينية وليس مجرد مطالب عادية يمكن أن تتبناها جماهير الأمة كحالة سياسية اعتيادية قابلة للأخذ والرد والتنازل والتكاسل عن الإصرار عن الوصول إلى تحقيقها” ويضيف ” أن مواجهة ذلك النوع من الحكام الجائرين مبدأ إسلامي وطريقة دينية أهميتها بدرجة أن من لا يتحمل هذه المسؤولية ولا يتحرك ضمنها, فإن موقفه عند الله كما عبر عنه رسول الله أنه محسوب لصالح أولئك الجائرين والمستكبرين وبالتالي مصيره مصيرهم , ولهذا قال :” فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله”.

 

الحسين يخرج من مدينة جده خائفا يترقب

من المؤسف أن الإمام الحسين غادر مدينة جده التي كانت عامرة بالإسلام والحق، ومنها كانت تتحرك ألوية الجهاد لكي يسود العدل ويقوم الحق ويزول الظلم’ وتطهر الأرض من الفساد والجريمة، لكنها الآن تترك الحسين وحيدا غريبا، بسبب وجود مشاريع هدم وثقافات خاطئة، فيخرج منها خائفا يترقب صوب مكة والتخاذل سيد الموقف والقبول بالظلم والفساد والجريمة هو السائد حينذاك”.

 

في مكة

وصلها رضوان الله عليه في الثالث من شعبان سنة 60 هـ ومكث فيها بضعة أشهر وفي هذه المدة جاءته كتب أهل الكوفة ووفودهم حتى بلغت رسائلهم إليه أكثر من 72 صحيفة كل صحيفة من اثنين او ثلاثة أو أربعة أشخاص, ولما رأى كثرى الدعاة له إلى التحرك ضد الأمويين رأى ” أنه لا بد له من مقاومة الظلم وإزالة المنكر وأن هذا أمر واجب عليه” لكنه حاول في مكة أن يستنهض الناس أثناء توافدهم لفريضة الحج وأن يذكرهم بمسؤولياتهم وبخطورة تسليم زمام أمورهم لطاغية فاجر فاسق تعرف الأمة فجوره وفسقه وطغيانه، ولكن دون جدوى.

 

خرج للإصلاح

لم يكن خروجه عليه السلام ناشئا من فراغ أبدا, ولم يكن منافيا للحكمة, أو تهورا ولا من أجل قضية شخصية , بل لإصلاح واقع الأمة السيء والخطير عليها, باعتبار ذلك مسؤولية حتمية فرضيها الله والقرآن والإيمان والدافع نفسه, ولذا ترجم خروجه كلماته التي قالها عليه السلام في وصيته عند خروجه لأخيه محمد ابن الحنفية قوله ” إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا تكبرا ولا ظالما ولا مفسدا , وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي , أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر, وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب, فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق, ومن رد عليه هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين”.

 

لماذا لم تتحرك الأمة مع الحسين في المدينة المنورة ومكة المكرمة؟

يعود ذلك إلى المدى الذي كانت قد وصلت إليه الإمة من الانحراف ومستوى التنكر للقرآن ومبادئه والحق , والعداوة للحق إلى مستوى أن لا يجد الإمام الحسين عليه السلام من ينصره ويتحرك معه, بل كانت الأمة قد أصبحت مهيأة لأن يكون معظم جماهيرها حاضرين وجاهزين لأن يتحركوا بسلاحهم وعتادهم ضد من يعمل على هدايتهم ويسعى لإنقاذهم ويعمل رأفة بهم وشفقة عليهم,

 

التوجه إلى الكوفة خيار اضطراري

لقد كان عليه السلام مقتنعا بالتوجه إلى الكوفة باعتباره أفضل الخيارات الصعبة والمتاحة, ولا سيما بعد مجيء تقرير سفيره إليها (مسلم بن عقيل) يحثه على القدوم إليها وأن الأمر قد أصبح مؤاتيا, ولقد كان يرى أنه لا بد من عملية فدائية تعيد الأمة إلى وعيها الصحيح ولو عبر صدمة وجدانية عميقة تفضي إلى مراجعة واقعها الفكري والسياسي والشرعي .

 

مواقف بعض الصحابة والتابعين من خروجه

تمايزت هنا الصفوف , فعندما خرج الإمام من المدينة لم يكلف الكثير من أهلها أنفسهم عناء الجهاد معه, وبقي بعد ذلك في مكة, لنشر الوعي بأهمية الثورة ضد الأمويين, ولكنه غادرها أيضا ومعه قلة قليلة من المقاتلين, ذلك أن القوم لم يستشعروا خطورة تفريطهم في الواجب الجهادي وفي أعلام الهدى وعواقب ذلك عليهم وعلى الإسلام والمسلمين, بل ووقف في طريقه الثوري طابور طويل من المتدينين لثنيه عن ثورته, وكانت لهم حسابات دينية وثقافية واجتماعية لم ترق إلى حساباته عليه السلام ومن هؤلاء ابن عباس أحد علماء هذه الأمة وحذاقها,  والكثير منهم نهوه عن الخروج فأجابهم الحسين بقوله ” رأيت رسول الله في المنام وأمرني بأمر, فأنا فاعل ما أمر”, ولهذا أشار عليه البعض بالخروج إلى اليمن ’ لما لهم من تعلق بالإمام عليه وأهل بيته وجدارتهم بأن يكونوا أنصار صادقين في ثورته, غير الحسين رضوان الله عليه كان يرى هذا الأمر هروبا بثورته إلى مكان قصي يجعل منها بعيدة عن أضواء الإعلام والعلماء التي كانت مسلطة على العراق والشام والحجار, وهذا ما سيفقدها كثيرا من تداعياتها ونتائجها التي قصدها الحسين لإدامة وإبقاء هذا الثورة العظيمة في وجدان وفكر وثقافة جميع المسلمين, بل وكان قد أراد أن تصل أصداها ونتائجها إلى كل العالم الإسلامي, وأنه سينتصر بدمه وقضيته في كل هذه الأماكن.

 

عوامل الانحراف التي مهّدت لفاجعة كربلاء، من قبل:

التفريط بتوجيهات القيادة الإلهية،

الطمع بالمناصب والسلطة،

حب الدنيا وضعف الإيمان،

التخاذل والسطحية وغياب الوعي.

 

ابن بزياد يقضي على الثورة في البصرة والكوفة ومقتل سفير الحسين

أمل الإمام الحسين أن ينصره أهل البصرة فأرسل إلى أشرافهم رسولا غير أن أمر الدعوة انكشفت لابن زياد على يد أحد الأشراف, فقتل رسول الحسين في البصرة, عقب تولية ابن زياد على الكوفة من قبل يزيد وقبل خروجها إليهما, وأعلن فيها حالة الطوارئ’ حيث كان الإمام يدرك أهمية ولاية البصرة بالنسبة لثورته في الكوفة لقربهما وتأثرهما ببعض, وهذا يدل على عبقرية التخطيط المحكم الذي وضعه الإمام عليه السلام.

 

 (الثورة المضادة)

وصل ابن “مرجانة” الكوفة ملثما , متوشحا ما يرتديه أهل بيت رسول الله واستقبله الناس ظنا منهم أنه الإمام الحسين , وما إن حط رحاله في قصر الكوفة حتى شرع في تنفيذ إجراءات صارمة للقضاء على ثورة أهل الكوفة وإحباطها ومنها: إعلان سياسية العصا والجرزة, أمر العرفاء بجمع معلومات عن كل من يطلبهم النظام, استخدم العمل الاستخباراتي لكشف مكان مسلم بن عقيل, -مستخدما بريق الذهب وإغراءات أهل الكوفة بها , وبهذه الخطوات حقق سيطرة معلوماتية مهمة على خصومه, – وكذلك أمر بن زياد حضور قيادات الكوفة وزعمائها لاختبار طاعتهم له’ والقبض على هانئ بن عروة المرادي وقتله, وكذلك استخدام علماء البلاط على شهادة الزور على رأسهم (شريح الكندي القاضي) لتفريق قبيلة مذحج عن هانئ بن عروة , وكذلك التحصن في القصر وإدارة المعركة بسلاسة وشدة من داخله, بالإضافة إلى استخدامه أدوات الشر من شيوخ القبائل, وإدارته كذلك لمعركة إعلامية لقتل معنويات المقاتلين بما فيها الإشاعات النفسية المحبطة للمعنويات, ثم قتل مسلما بعدما تفرق الناس عنه واتخذ إجراءات  وأوامر كافية من شأنها أن تضمن القبض على مسلم بن عقل وتكشف مكان مخبأه  منها: برئت الذمة من رجل وجد ابن عقيل في داره, من جاء به فله ديته, تسليط قائد شرطته على دور أهل الكوفة لتفتيشها, وتهديده بالقتل إن لم يأت به, وبعث قوات من الشرطة للمرابطة على أفواه سكك المدينة وأبوابها,, وهذه الحالة هي التي كان ينتظرها ابن زياد من أهل الكوفة , بعد تخاذلهم وانخداعهم وغدرهم وقد نجح في الوصول إلى هذه الحالة, وعقب ذلك رفع ابن زياد تقريره الأمني إلى يزيد بن معاوية يطلعه على تطورات الأوضاع وما آلت عليه وبعث إليه إضافة برأسي هانئ وابن عقيل, فأثني عليه يزيد قائلا: ” كنت كما أحب, عملت عمل الخادم, وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش”.

 

خطورة قابلية إشاعات العدو

في هذا الصدد حذر الشهيد القائد السيد القائد حسين بدر الدين الحوثي عليه السلام من تداول تبريرات وأكاذيب الأعداء أو التعاطي السلبي معها ومما قاله في الدرس الثامن عشر من دروس رمضان ( هذه مرحلة خطيرة جدا في موضوع الأخبار أو التسريبات التي يأتون بها’ لهذا يكون الناس أذكياء ولديهم قدرة على كشفها وعلى أن يتخذوا الموقف المناسب أمام العدو بعد تسريب معين, وإلا فقد تكون بعض الشائعات ورائها الاحتلال, ورائها سفك لدماء, وتدمير للبيوت ..ليست قضية سهلة…).

 

الإمام الحسين في كربلاء

انطفأت جذور الثورة الكوفية بمقتل هانئ ومسلم, وبخذلان الخاذلين, وعدم امتلاك الثوار اليقين والبصيرة والعزيمة, كل ذلك حدث والحسين عليه السلام يوصل سفره من مكة شاقا طريقه إلى العراق لا يعلم بتطورات الأوضاع في الكوفة, وعقب مقتل هانئ ومسلم جاءت توجيهات يزيد لابن زياد للتعامل مع الحدث المهم وهو خروج الحسين على السلطة فقضت التوجيهات بالتالي:

وضع المناظر والنقاط العسكرية للمراقبة

الحبس على الظنة والتهمة

أن يكتب إلى يزيد بكلما يحدث, حيث روت مصادر عديدة أن يزيد كتب إلى ابن زياد يشدد عليه اللهجة ويتوعده بالعبودية إن لم يقم بما عليه أن يقوم به , واتخذ ابن مرجانة عدة خطوات لعزل العراق عن طريق مكة محدثا طوقا أمنيا شديدا على الإمام الحسين, وفي الثعلبية علم الإمام الحسين بمقتل سفيره فردد ” إنا لله وإنا إليه راجعون”

 

الإمام الحسين يقيم الحجة على الناس

كان الإمام عليه السلام قد حول كل مكان في طريقة إلى قاعات دراسية يلقي فيها الحجج والمواعظ ويرشد الأمة إلى طريقها, حيث كان من ضمن اهتماماته وأولوياته إقامة الحجة والتوعية والتبصير كأي علم من أعلام الهدى حيث خطب في أصحابه وأصحاب الحر في مكان يدعى “البيضة” ومنها ” قد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني, فإن تمت علي بيعتكم تصيبوا رشدكم, فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله, نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم , فلكم في أسوة, وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم , فلعمري ما هي لكم بنكر, لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم, والمغرور من اغتر بكم , فحظكم أخطأتم ونصيبكم ضيعتم, ومن نكث فإنما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم”.

 

الرغبة في لقاء الله محقا

في منطقة (ذي حسم) قام فيهم ناصحا ونذيرا وكأنه يوطن من معه على المصابرة والموت لما عرف أنه في طريقه إلى شهاده, وقد أفرغ عليهم الحسين شحنة من طاقته القوية والنفسية , ونفسه الحر تفضيلا للموت على الذلة, فحمد الله وأثنى عليه وقال ” إنه قد نزل من الأمر ما ترون وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت, وأدبر معروفها, واستمرت جدا, فلم يبق إلا صبابة كصبابة الإناء, وخسيس عيش كالمرعى الوبيل, ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه , ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا, فإني لا أرى الموت إلا شهادة, ولا الحياة مع الظالمين إلا برما” فأكد له أصحابه على لسان زهير بن القين البجلي أنهم ماضون على مواساته قائلا ” والله لو كانت الدنيا لنا باقية’ وكنا مخلين فيها, إلا أن فراقها في نصرتك ومواساتك, لأثرنا الخروج معك على الإقامة فيها”.

 

الحرب مع الإمام الحسين 

بعد جعجعة الإمام الحسين وأصحابه من قبل الحر بن يزيد الرياحي وأصحابه, أغرى ابن زياد عمر بن سعد بحكم ولاية الري’ وفي بداية المعركة تلكأ عن قيادة جيش يقاتل الحسين ونصحه من استشارهم بأن لا يقاتل الحسين, غير أن ابن زياد لوح له بحرمانه من ولاية الري, فبات ليلته يصطرع بين الحسين والري, ثم أصبح وقد اتخذ قراره لقيادة الجيش حتى لا تفوته الولاية, وفي أرض المعركة كان الحسين قد دعاه وقال له ( يا عمر أنت تقتلني تزعم أن يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان, والله لا تهنأ بذلك أبدا, عهدا معهودا فاصنع ما أنت صانع, فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة وكأني برأسك على قصبة قد نصبت بالكوفة يترامونه ويتخذونه غرضا بينهم).

 

تجميع الجيوش وتوجيهها إلى قتال الإمام الحسين ع

كان الإمام الحسين قد وصل إلى منطقة كربلاء وهناك تم حصاره ومنعه من التحرك إلى أية جهة ’ وقدم ابن سعد بجيشه الذي كان طليعة الجيوش الأموية والحسين عليه السلام محصور في كربلاء منذ يوم الثالث من محرم, ولقد كانت المشكلة تكمن في بيعة الحسين ليزيد, البيعة التي رفضها الحسين عليه السلام إعطائها من أول يوم في المدينة منذ موت معاوية, وكانت الاختبار الأول للحسين الذي قرر بوعي التصدي له إلى آخر لحظات حياته,

 

السلطة الأموية ترسم نهاية الصراع بلونها الخاص

لقد كان ابن زياد يرى مصرع الحسين عليه السلام , لذا بدأ يرسم تلك النهاية بألوانه الباهظة , ومن خلال نفسته المنحطة , فمنع الحسين وأنصاره مع الماء وأمر ابن سعد أن لا يطاوله , وأن يزحف عليه وعلى أنصاره حتى يقتلهم ويمثل بهم, وبهذا التوجيه الجديد أمر ابن سعد جيشه عصر يوم التاسع من محرم بالهجوم على الحسين وأنصاره.

 

لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل

كان الأمويون يطلبون من الإمام الحسين البيعة أو القتل, ثم لما أحكموا قبضتهم عليه في كربلاء أصدروا أوامرهم بتسليم نفسه والنزول تحت حكمهم, إو إزهاق روحه, واستمرت المفاوضات منذ الثالث من محرم حتى التاسع منه تدور حول هذا المعنى , لكن الإمام عليه السلام ثبت على طريق الحق التي اختارها من أول يوم , وهو أن يقف مطمئنا للحق والمحقين منابذا للطغاة والمبطلين حتى لو كلفه الأمر تقديم نفسه قربانا إلى الله تعالى في هذا الطريق, ولقد كان الموقف الحسيني هو الرفض للحالة التي أريد لها أن ترفض, وحينها خرجت من ثنايا أبي عبدالله الحسين كلمات مجلجلة ( لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد).

 

هيهات منا الذلة

وقد ورد في كلام الإمام الحسين يوم استشهد ما يؤكد أنه خير فقط بين الموت أو الاستذلال بالنول على حكم ابن زياد وأنه فضل الموت بقوله (ألا وإنّ الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت، وأرحام طهرت ونفوس أبية وأنوف حميَّة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).

 

اشتياقه للشهادة

في تلك الليالي كان قد تقين أنه يعيش أيامه ولياليه الأخيرة فأراد أن يلقن الأمة من خلال سفراء وسفيرات ثورته من أولاده وأهله دروس العزة والمجد والثبات واليقين , وان يعلمهم فن الشهادة الراقي, وروى الإمام زين العابدين ان أباه عليه السلام كان ليلة استشهاده يعالج السيف ويصلحه ويردد أبياتا يقول فيها:

يا دهر أف لك من خليل …. كم لك بالإشراق والأصيل

من صاحب أو طالب قتيل.. والدهر لا يقنع بالبديل

وإنما الأمر إلى الجليل.. وكل حي سالك السبيل

 

دعاءه في كربلاء

اللهم أنت ثقتنا في كل كرب ورجاؤنا في كل شدة وأنت لكل أمر نزل بنا ثقة وعدة كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو انزلناه بك وشكوناه إليك رغبة منا عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيته فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة يا إله العالمين.

 

ساحة كربلاء

معسكر الإمام الحسين عليه السلام ومعسكر عمر بن سعد (الجيش الأموي)

وفي ساحة كربلاء قد الإمام الحسين ومن معه من أهل بيته وأولاده وأصحابه بطولات عظيمة, بعد أن وجه ابن زياد وعمرا بن سعد بقتلهم والتمثيل بجثثهم,, وقتل الأطفال والنساء, في مظلومية لا سابقة لها في التاريخ, فثبت العظماء وقدموا للدهر تاريخا مشرقا ودرسا خالد في الثبات والعزة والكرامة , وروت كتب التاريخ أنه وجد بجسد الإمام الحسين 33 طعنة بالرمح, و 34 ضربة بالسيف, وقد استشهد من اليمنيين مع الإمام الحسين عدد كبير يقارب نصف عدد شهداء كربلاء, واحتزاز رأسه الشريف, ليقدم الإمام الحسين للبشرية أعظم دروس الثبات والصبر والتضحية, وقتلوا أطفاله الرضع وذبحوهم من الوريد إلى الوريد, وقتلوا النساء بإجرام منقطع النظير, ثم سبيهن وأسرهن وطافوا بهن الأمصار في سابقة لم تحدث حتى عند الكفار الجاهليين.

 

الخاتمة

يعيش الشعبين اليمني والفلسطيني بعد 1447هـ من تاريخ الأمة تفاصيل عاشوراء من جديد, في مواقف عملية تجلت في مناهضة المستكبرين, ورفض الذل والخنوع للظلمة والطواغيت, تترجمه جهادهم وتضحياتهم واستشهادهم وماسيهم وبطولاتهم وصبرهم الجيل, حيث أصبح كل فرد مجاهد ( حسين كربلائه) وهو يواجه طغيان وإجرام (الزيديين الجدد) , حيث وأن الموقف الحسيني هو ما تفتقده الأمة اليوم, وهو ما تحتاج إليه الشعوب المستضعفة في مواجهة الطغيان، وفي صناعة نهضتها الحقيقية , وأن التفريط القائم اليوم تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، تؤكد أن فاجعة كربلاء لم تكن وليدة اللحظة, بل نتاج انحراف خطير حصل في صدر الإسلام , لا يزال يلقي بضلاله اليوم على الساحة الإسلامية.

 

المراجع:

اقتباسات من : كتيب فاجعة كربلاء الأسباب والخلفيات -اعداد الاستاذ يحيى قاسم ابو عواضه

-ثورة عاشوراء الأسباب والظروف والمنطلقات – اعداد د. حمود عبدالله الأهنومي.

من كربلاء إلى الخلود .. مسيرة الإمام الحسين (ع) ملهم الأحرار وثورة العزة والكرامة Prev 1 of 3 Next مرقد الإمام الحسين في كربلاء

مقالات مشابهة

  • في انتظار الدور!
  • السلام على الحسين المظلوم الشهيد…
  • من كربلاء إلى الخلود .. مسيرة الإمام الحسين (ع) ملهم الأحرار وثورة العزة والكرامة
  • وزارة الثقافة والسياحة تُحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • الثقافة والسياحة تنظم فعالية بذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • فعل الإجرام يتواصل
  • رئيس الشؤون الدينية يوجّه المسلمين وقاصدي الحرمين حول فضائل صيام يوم عاشوراء
  • بتواطؤ أمريكي ودولي .. العدو الصهيوني يهدد مقدسات الأمة ومستقبلها وهذا ما كشفه السيد القائد
  • السيد القائد يحذر من الخطر الوجودي للأمة ويكشف : هذا ما سيحدث بعد فلسطين (تفاصيل)
  • “علماء المسلمين” يدين اغتيال الشيخ حنتوس: استهداف للقرآن وأهله