رغم أن سياسة وزارة الخارجية الأميركية في كل الإدارات السابقة تمثلت بمعارضة وصول سفرائها في إسرائيل إلى مناطق الضفة الغربية، فإن السفير الحالي للولايات المتحدة مايك هاكابي زار مستوطنة "شيلو" الواقعة شمال شرق رام الله رفقة زوجته اليوم، والتقى هناك رئيس مجلس المستوطنات يسرائيل غانتس.

وبدأ هاكابي جولته من زيارة المزرعة التي تتواجد فيها 5 بقرات حمراوات، تعتقد جماعات الهيكل المتطرفة أن وجودها في البلاد يعتبر إشارة إلهية إلى قرب بناء "المعبد الثالث" مكان المسجد الأقصى وظهور المسيح المنتظر.

وكانت 5 بقرات حمراوات وصلت إلى إسرائيل في سبتمبر/أيلول من عام 2022 قادمة من ولاية تكساس الأميركية، وترجع أهمية البقرة الحمراء لدى الجماعات الاستيطانية إلى نصوص المشناة (شروح التوراة)، وهي جزء من كتاب التلمود، وتتلخص في ضرورة ظهور بقرة حمراء خالصة ليس فيها شعرتان من لون آخر، ولم تستخدم لأي أعمال خدمة مطلقا ولم يوضع في رقبتها حبل، وربيت في "أرض إسرائيل".

البقرات الحمراوات تم استقدامها من ولاية تكساس الأميركية في عهد حكومة بينيت لبيد عام 2022 (مواقع التواصل) بقرات للتطهير

ومع توفر هذه المواصفات بما فيها انتظار بلوغ البقرة عامين ليُتاح استخدامها في "عملية تطهير" -حسب زعم الجماعات الاستيطانية- ينبغي أن تُجرى فوق جبل الزيتون في القدس مقابل المسجد الأقصى، حيث يتم ذبحها بطريقة وطقوس خاصة في يوم يوافق الثاني من نيسان العبري، ثم حرقها بشعائر مخصوصة، واستخدام رمادها في عملية "تطهير الشعب اليهودي".

وعندها فقط يصبح بإمكان اليهود الصعود إلى "بيت الرب"، في إشارة إلى المسجد الأقصى من كافة أنحاء العالم، في ظل تحريم الحاخامية الكبرى في إسرائيل حتى الآن اقتحام المستوطنين للأقصى بسبب ما يسمونه عدم تطهرهم من "نجاسة الموتى".

وتعمل جماعات المعبد المتطرفة بشكل حثيث على تنفيذ هذا الطقس، وتؤيدها بذلك مجموعات مسيحية متطرفة من بينهم "الإنجيليون الجدد".

إعلان

وفي قراءته لزيارة هاكابي للمزرعة التي يتم تربية البقرات الحمراوات فيها، قال الأكاديمي والباحث المقدسي عبد الله معروف، للجزيرة نت، إنها تنطلق من كونه ينتمي للتيار الديني "الأنجليكاني المسيحاني"، الذي يرى في التعاون مع إسرائيل مقدمة لقدوم المسيح.

"ولذلك فهو يفرض رؤيته الدينية الخاصة على مهماته الدبلوماسية ويعطيها صبغة دينية، وهذا أمر في غاية الخطورة لأنه يعطي انطباعا بأنه ليس سفيرا لدولته بقدر ما هو أحد الدعاة المهووسين بالنبوءات الدينية والأساطير التي يعد القائمون عليها خطرا على السلام والاستقرار والأمن العالمي"، يضيف معروف.

وهؤلاء -يقول الباحث المقدسي- إنهم يرون العالم من منظار نبوءات القيامة وحروب آخر الزمان، وبالتالي يشجّعون على تطبيق هذه الرؤى الدينية وتحقيقها على أرض الواقع، بمعنى أنهم يتحولون إلى دعاة حروب دينية عالمية، وهذا ما يعرّض استقرار العالم بأسره لخطر كبير.

مستوطنون متدينون يمارسون طقوس "ذبح البقرة الحمراء" أمام المسجد الأقصى في القدس (مواقع التواصل) تصريحات غير مسبوقة

وجاء على الموقع الإلكتروني لصحيفة "إسرائيل اليوم" أن هاكابي أجرى جولة تاريخية واجتماعا رسميا في منطقة "يهودا والسامرة"، وهي الأولى من نوعها لسفير أميركي على الإطلاق.

وخلال زيارته قال "لم أستخدم قط مصطلحا غير يهودا والسامرة (المسمى التوراتي للصفة الغربية)، وسيكون من الظلم التاريخي استخدام مصطلحات أخرى".

وزعم هاكابي أن "الشعب اليهودي هو ثورة للعالم في كيفية العيش بالعالم، إن الوجود اليهودي يمثل الحياة وفقا لقواعد الله، ولهذا السبب يريد الكثير من الناس في العالم قتل اليهود.. أنتم لستم وحدكم، نحن نقف معكم ويفعل الكثيرون في العالم الشيء نفسه".

ولم تكن التصريحات التي صدرت عن السفير الأميركي لدى إسرائيل مستهجنة بالنظر إلى انتمائه الديني وأرشيف تصريحاته ومواقفه المؤيدة لإسرائيل، والداعمة لإقامة المستوطنات في مناطق الضفة الغربية التي زار إحداها اليوم.

إعلان

وجاء على موقع "بي بي سي" عربي أن هاكابي قال في تصريح له عام 2015 إن "مطالبة إسرائيل بضم الضفة الغربية أقوى من مطالبة الولايات المتحدة بمانهاتن"، وفي عام 2017، قال إنه "لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية، إنها يهودا والسامرة، ولا يوجد شيء اسمه مستوطنات، إنها مجتمعات إنها أحياء، إنها مدن.. لا يوجد شيء اسمه احتلال".

"دور استيطاني لا دبلوماسي"

ويرى الأكاديمي الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة أن المقاربة الجديدة التي يأتي بها السفير الأميركي ليست مرتبطة بالشكل بل بالجوهر، "فهذا الرجل لا يقدم مقاربة سياسية في علاقة كل من الولايات المتحدة وسفارتها وعلاقته الشخصية بإسرائيل فقط، إنما ينطلق من مقاربة جوهرها أيديولوجي ديني مبني على أن إسرائيل واستمرار وجودها وتمكينها هو مقدمة لمجيء المسيح".

وهذا الفكر -وفقا لهلسة- هو امتداد للتيار المسيحاني الأميركي الذي يقدس إسرائيل، "ويجب أن نتذكر أنه استبق زيارته لإحدى مستوطنات الضفة الغربية اليوم بزيارة حائط البراق، وبالتالي المواقف الأيديولوجية لهذا الرجل تأتي على يمين اليمين الصهيوني".

ويتعجب هلسة -في حديثه للجزيرة نت- من استهجان البعض من الانفلات الجنوني لقوة إسرائيل العمياء، مؤكدا أنه عندما يكون السفير الأميركي من هذه الشاكلة، وكل الإدارات الأميركية موقفها على يمين اليمين الصهيوني، فإن ذلك سيرفع بالتأكيد سقف أطماع إسرائيل التي لم تكن تحلم بمثل هذه المواقف الأميركية المتقدمة.

وهنا تكمن خطورة الأمر، وليس بزيارة السفير للضفة الغربية والاجتماع برئيس مجلس المستوطنات وتفقد البقرات الحمراوات، "وأعتبرُ كل ذلك إشارات سياسية فقط محركها أيديولوجي ديني وهنا الخطورة، لأن هذا الرجل مقتنع أن الجماعات المتطرفة يجب ألا تتأنى وتتأخر، بل يحثها على أن تخطو مزيدا من الخطوات، وبالتالي خرج عن سياق الدبلوماسية وبات يؤدي دورا استيطانيا تلموديا توراتيا يعزز نوازع الشر لدى هؤلاء والانفلات من كل القيود.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السفیر الأمیرکی الضفة الغربیة المسجد الأقصى

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تصادق على استئناف تسجيل الأراضي في الضفة الغربية

صادق المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي (الكابينيت)، على استئناف تسجيل ملكية الأراضي في المنطقة (ج) من الضفة الغربية المحتلة، والتي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة وتشكل نحو 61 بالمئة من مساحة الضفة.

وقالت القناة "12" العبرية، إنّ "الكابينيت صادق اليوم (الأحد) خلال اجتماعه على استئناف تسوية (تسجيل) الأراضي" في السجلات الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، قال وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان صدر عن مكتبه، إن القرار "يعيد الاعتبار للاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)"، ويُفشل ما وصفها بـ"محاولات السلطة الفلسطينية للسيطرة على المنطقة (ج)".

وأشار إلى أن التسوية ستدار بقيادة وزارة الدفاع.

وتم تجميد تسوية الأراضي بالضفة الغربية، والتي بدأت في العهد الأردني، من قبل السلطات الإسرائيلية بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، فيما حصرت اتفاقية أوسلو عمليات التسوية بالنسبة للسلطة الفلسطينية في المناطق "أ" و"ب" ومنعها في المنطقة "ج".

وباستئناف تسجيل الأراضي، ستتولى وحدة "تسجيل الأراضي" التابعة لوحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، تنظيم وتسجيل ملكية الأراضي في مناطق (ج)، وهي أراض فلسطينية محتلة، بما في ذلك إصدار أذونات البيع، وجباية الرسوم، والإشراف على إجراءات التسجيل، في مقابل منع السلطة الفلسطينية من أداء مهامها في هذه المناطق.

وصنفت اتفاقية أوسلو 2 (1995) أراضي الضفة 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية وتشكل الأخيرة نحو 61 بالمئة من مساحة الضفة.

وفي 19 يوليو/تموز 2024 قالت محكمة العدل الدولية، خلال جلسة علنية في لاهاي إن "استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني" مشددة على أن للفلسطينيين "الحق في تقرير المصير"، وأنه "يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة".

وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في غزة صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 962 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف آخرين، واعتقال أكثر من 17 ألف فلسطيني، وفق معطيات فلسطينية.

وتواصل إسرائيل حرب إبادة واسعة ضد فلسطيني قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت تلك الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 172 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية توتر متصاعد - نتنياهو يُبدي رغبته بالتخلي عن المساعدات الأمنية الأمريكية نتنياهو يعقب على نية ترامب الاعتراف بالدولة الفلسطينية مسؤول إسرائيلي: سيتم إنشاء ممر آمن لإخراج عيدان ألكسندر من غزة الأكثر قراءة صورة: الجيش الإسرائيلي يُعلن مقتل أحد جنوده في غلاف غزة الأونروا: خدماتنا الصحية في غزة تواجه أزمة حادة في الموارد "العفو الدولية": الأوضاع في غزة مرعبة للغاية محافظة القدس ترصد أبرز انتهاكات الاحتلال خلال شهر نيسان الماضي عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تصادق على استئناف تسجيل الأراضي في الضفة الغربية
  • صحف عالمية: إسرائيل تقتل وتدمر بغزة والفصل العنصري يتجلى في ممارساتها بالضفة
  • عاجل- السفير الأميركي في تل أبيب يجدد دعم واشنطن لتهجير الفلسطينيين من غزة
  • إسرائيل تتوعد : الاتفاق الأميركي مع الحوثيين لا يلزمنا وسنواصل الضرب
  • السفير الأميركي في تل أبيب ينفي نية واشنطن الاعتراف بدولة فلسطينية
  • هل انتهى عصر القوة الأميركية الناعمة؟
  • الهلال الأحمر الفلسطينى: شهيدان فى إطلاق قوات الاحتلال قذائف على منزل بالضفة الغربية
  • السفير الأمريكي لدى إسرائيل: تسليم المساعدات إلى غزة سيبدأ قريبًا عبر آلية جديدة
  • السفير الأمريكي: إسرائيل ستشارك في توفير الأمن بغزة وليس توزيع المساعدات
  • وزير الدفاع الأميركي يلغي زيارة كانت مقرّرة إلى إسرائيل