40 عاما من النزاع.. هذه أبرز محطات الصراع بين العمال الكردستاني وتركيا
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
أعلن حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" (PKK)، الاثنين، حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع الدولة التركية، واضعا بذلك نقطة النهاية لأحد أطول النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط، والذي استمر على مدى أكثر من 40 عاما.
وقالت وكالة "فرات" المقربة من "العمال الكردستاني"، المدرج على قوائم الإرهاب في تركيا، إن "الجماعة أنجزت مهمتها التاريخية"، موضحة أن "الأحزاب السياسية الكردية ستضطلع بمسؤولياتها لتطوير الديمقراطية الكردية وضمان تشكيل أمة كردية ديمقراطية".
وجاء الإعلان الذي وصف بالتاريخي عقب جهود قادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحليفه زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي من أجل إنهاء ملف الصراع، ضمن مساعي أنقرة لتحقيق هدف "تركيا خالية من الإرهاب".
وتاليا استعراض لأبرز محطات الصراع التي امتدت على مدى العقود الماضية:
التأسيس وبداية الصراع
تأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978 بقيادة عبد الله أوجلان، في أجواء سياسية شديدة الاستقطاب، كانت تركيا تعاني فيها من اضطرابات داخلية وصدامات أيديولوجية بين اليسار واليمين.
تبنّى الحزب في بدايته نهجا ماركسيا - لينينيا، ودعا إلى إقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا، وهو ما اعتبرته أنقرة تهديدا وجوديا لوحدة البلاد.
سعى الحزب إلى تعبئة الجماهير الكردية، ووجد حاضنة في المناطق الريفية المهمشة التي كانت تفتقر إلى الخدمات والبنية التحتية.
وعام 1984، أعلن العمال الكردستاني بقيادة أوجلان "الكفاح المسلح" ضد تركيا، ما أدخل البلاد في دوامة من الصراع والعنف المتبادل.
انفجار الجبهات
مثلت تسعينيات القرن الماضي أكثر مراحل الصراع دموية، حيث تبنى حزب العمال الكردستاني خلال هذه الفترة تكتيكات حرب العصابات، وشن هجمات استهدفت قوات الأمن والجيش التركي، وفي أحيان أخرى طالت المدنيين.
في المقابل، شنت الدولة التركية حملات عسكرية قاسية ضد التنظيم المسلح، واستخدمت فرقا شبه عسكرية لملاحقة مقاتلي الحزب.
وبعد تسجيل انتصارات ميدانية للجيش التركي، انتقل حزب العمال الكردستاني إلى تعزيز وجوده في جبال قنديل شمال العراق، حيث أسس مقرات تدريب وإدارة مركزية. كما وسع حضوره في أوروبا، مستفيدا من شبكات الدعم السياسي والمالي.
عام 1999، شهد الصراع تحولا محوريا بعد عملية اعتقال أوجلان من قبل المخابرات التركية بعد ضغوط مارستها أنقرة على سوريا، التي احتضنت زعيم حزب العمال الكردستاني تلك الفترة.
وحكم على أوجلان الذي سُلم إلى تركيا من كينيا بعد خروجه من سوريا، بالإعدام بتهمة "الخيانة"، قبل أن يُخفف الحكم لاحقا إلى السجن المؤبد.
الانفتاح السياسي
مع وصول حزب "العدالة والتنمية" إلى السلطة في تركيا عام 2002، بدأ خطاب أكثر مرونة تجاه القضية الكردية، حيث أطلقت الحكومة ما سمي بـ"الانفتاح الديمقراطي"، وسمحت ببث القنوات الكردية وتعليم اللغة الكردية في بعض المدارس.
وعكست سياسيات الحكومة التركية في تلك الفترة بوادر لتغيير العلاقة التاريخية بين الدولة والأكراد، ما مهد الطريق في النهاية إلى مفاوضات بهدف حل الصراع المسلح.
عام 2012، بدأت مفاوضات غير مباشرة مع أوجلان داخل سجنه في جزيرة إيمرالي، وتكللت في آذار /مارس 2013 بإعلان حزب "العمال الكردستاني" وقفا لإطلاق النار، لكن سرعان ما انهار هذا المسار واستؤنفت العمليات العسكرية عام 2015.
الانتقال إلى خارج
منذ عام 2016، بات الصراع بين الطرفين يتجاوز الحدود الجغرافية التقليدية، حيث شنت تركيا سلسلة عمليات عسكرية ضد قواعد الحزب في شمال العراق تحت مسميات مختلفة مثل "مخلب النسر" و"مخلب البرق".
كما دخلت تركيا بقواتها إلى شمال سوريا على وقع تصاعد الصراع في سوريا بعد اندلاع الثورة من أجل إبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها، حيث تعتبر أنقرة أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، المتحالفة مع التحالف الدولي، والتي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمادها العسكري، امتدادا لحزب "العمال الكردستاني".
تطور الصراع إلى ما يشبه "حربا بلا جبهة محددة"، مع تنفيذ أنقرة عمليات اغتيالات بطائرات مسيرة استهدفت قادة حزب العمال الكردستاني في سوريا، ما منح الجانب التركي عمقا أمنيا، لكنه خلق أيضا توترات مع الولايات المتحدة التي دعمت "قسد".
إلقاء السلاح
على مدى الأشهر القليلة الماضية، شهدت تركيا حراكا مكثفا مع حزب المساواة والديمقراطية للشعوب "ديم" المناصر للأكراد وزعيم "العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، القابع في محبسه بجزيرة إمرالي القريبة من إسطنبول، من أجل الوصول إلى تسوية للصراع المسلح.
وأسفر الحراك عن دعوة أوجلان في 27 شباط /فبراير 2025 إلى إنهاء العمل المسلح تماما، معتبرا أن حزب العمال الكردستاني قد استنفد دوره كحركة مسلحة، وأن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة سياسية بامتياز، تُبنى على الحوار والمفاوضات، بدلا من السلاح والصراع.
وبعد مباحثات، أعلن حزب العمال الكردستاني في 12 أيار /مايو 2025، امتثاله إلى دعوة أوجلان عبر قراره حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع الدولة التركية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية العمال الكردستاني تركيا أردوغان تركيا أردوغان العمال الكردستاني اوجلان سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال الکردستانی
إقرأ أيضاً:
اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا.. صفحة جديدة في تاريخ جنوب القوقاز
في 8 أغسطس/آب 2025، شهد البيت الأبيض توقيع اتفاق سلام "تاريخي" بين أذربيجان وأرمينيا، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وضع حدا لأطول نزاع عرفته منطقة القوقاز منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.
وحضر مراسم التوقيع رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، في خطوة وصفت بأنها "تحول إستراتيجي" في المشهد الجيوسياسي للمنطقة.
السياق التاريخييعود النزاع بين أذربيجان وأرمينيا إلى أوائل تسعينيات القرن الـ20، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبروز النزاع على إقليم ناغورني قره باغ ذي الأغلبية الأرمينية داخل الأراضي الأذرية، والذي دعمت أرمينيا انفصاله عن أذربيجان.
وفي عام 1992 اندلع أول نزاع مسلح واسع النطاق بين الطرفين، وانتهى عام 1994 باتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة روسية، وبقي الإقليم والمناطق المحيطة به تحت سيطرة القوات الأرمينية، إلا أن التوتر ظل قائما رغم الهدنة، إذ استمرت مناوشات متفرقة على مدى عقدين.
وفي أبريل/نيسان 2016، شهدت المنطقة ما عُرف بـ"حرب الأيام الأربعة"، وهي مواجهة عسكرية عنيفة أسفرت عن مئات القتلى وأعادت النزاع إلى واجهة الاهتمام الدولي، قبل أن يشهد الصراع منعطفا خطيرا خريف عام 2020 عندما اندلعت حرب استمرت 44 يوما، وانتهت باتفاق لوقف إطلاق النار، سمح لأذربيجان باستعادة مساحات واسعة من إقليم ناغورني قره باغ والمناطق المحيطة به، مع نشر قوات حفظ سلام روسية في المنطقة.
ورغم هذا الاتفاق استمرت الاشتباكات الحدودية بين عامي 2021 و2022 وسط تبادل الاتهامات بخرق الهدنة. وفي سبتمبر/أيلول 2023 نفذت أذربيجان عملية عسكرية خاطفة في ناغورني قره باغ دفعت جميع الأرمن المتبقين في الإقليم البالغ عددهم 100 ألف تقريبا إلى الفرار لأرمينيا، وأدت إلى استسلام القوات الأرمنية المحلية وانسحابها، ما أتاح لباكو فرض سيطرة كاملة على الإقليم.
وعمّق هذا التحول الميداني فجوة الخلافات السياسية بين البلدين وأبقى حالة العداء قائمة. وبعد ذلك تصاعدت الضغوط الأميركية والأوروبية لدفع الطرفين نحو حل نهائي للصراع بينهما.
إعلانوتُوجت تلك الجهود في الثامن من أغسطس/آب 2025 بتوقيع اتفاق سلام وصف بـ"التاريخي" في واشنطن برعاية أميركية، أنهي رسميا أكثر من 3 عقود من النزاع المسلح والعداء السياسي بين أذربيجان وأرمينيا.
وساطات سابقةمنذ اندلاع النزاع المسلح بين أرمينيا وأذربيجان مطلع تسعينيات القرن الـ20، شكلت الوساطات الدولية أداة رئيسية لمحاولة احتواء الصراع.
وساطة روسيةوكانت أولى هذه الجهود في عام 1994 بوساطة روسية، أسفرت عن توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في موسكو، نجح في إنهاء الحرب الأولى بين الطرفين، إلا أنه لم يضع أساسا لتسوية نهائية للصراع.
وظلت الوساطة الروسية حاضرة بقوة في الكثير من المحطات التفاوضية بين الطرفين، في إطار مجموعة مينسك التي تم تأسيسها لهذا الهدف.
دور مجموعة مينسكوبرز دور مجموعة مينسك (أسستها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عام 1992) برئاسة ثلاثية تضم كلا من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا أواخر العقد الأخير من القرن العشرين.
تبنت المجموعة مبادرات عدة لتسوية النزاع، فقدمت من أجل ذلك في عام 1997 مقترحين متوازيين، تمثل الأول فيما سمي بـ"خطة الخطوات المتتابعة"، ودعت من خلاله إلى انسحاب تدريجي للقوات الأرمينية من المناطق المحيطة بالإقليم، مقابل خطوات لبناء الثقة وترك مسألة الوضع النهائي لمرحلة لاحقة.
أما المقترح الثاني فهو "الحزمة الكاملة" واقترحت بموجبه حلا شاملا يحدد الوضع السياسي للإقليم بالتوازي مع الانسحاب العسكري، إلا أن أيا من المقترحين لم يكن محل اتفاق بين الطرفين.
وفي الإطار نفسه جرت مفاوضات "كي ويست" في فلوريدا عام 2001 برعاية أميركية، وطُرح آنذاك مقترح جديد يقضي بتبادل أراض ومنح الإقليم المتنازع عليه وضعا خاصا داخل أذربيجان بضمانات دولية، إلا أن المفاوضات تعثرت متأثرة بضغوط داخلية تمثلت أساسا في الرفض الشعبي في كلا البلدين لأي تنازلات.
وفي 2007 عادت المجموعة وطرحت مبادرة أخرى عرفت بـ"مبادئ مدريد"، وأصبحت الإطار الأكثر تداولا في جهود الوساطة بين الطرفين، واقترحت المبادرة إعادة المناطق المحيطة بالإقليم إلى أذربيجان، وضمان ممر يربطها بأرمينيا، وتحديد الوضع النهائي عبر استفتاء أو آلية قانونية، إضافة إلى توفير ضمانات أمنية لعودة اللاجئين.
وجرى تحديث لهذه المبادئ عام 2009، أضيفت بموجبه ترتيبات أمنية ونشر قوات حفظ سلام، لكنها بقيت دون تنفيذ حتى انهارت المفاوضات إثر حرب 2020.
في أبريل/نيسان 2016، وبعد "حرب الأيام الأربعة"، تدخلت روسيا مجددا عبر محادثات في موسكو وفيينا، لكنها اكتفت بإعادة تثبيت وقف إطلاق النار من دون معالجة القضايا السياسية العالقة.
وبعد حرب 2020، قادت موسكو وساطة مباشرة أسفرت عن اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، تضمن انتشار قوات حفظ سلام روسية في الإقليم، إلا أن هذا الإجراء لم يمنع تجدد الاشتباكات لاحقا.
دور تركيوفي ظل تراجع دور مجموعة مينسك وفقدان الثقة في الوساطة الروسية، بدأت تركيا في لعب دور داعم لأذربيجان، في حين ظلت محاولات الاتحاد الأوروبي محدودة التأثير.
وبعد سيطرة أذربيجان الكاملة على ناغورني قره باغ في سبتمبر/أيلول 2023، دخل النزاع مرحلة جديدة جعلت التسوية الشاملة أكثر إلحاحا، إلا أن غياب إطار وساطة موحد يلقى قبول الطرفين معا أبقى الوضع معلقا.
إعلان وساطة أميركيةاستمر الوضع كذلك إلى أن فرضت الولايات المتحدة نفسها وسيطا رئيسيا لحل النزاع عام 2025، مستفيدة من ضعف حضور روسيا بسبب انشغالها بالحرب على أوكرانيا، ورغبة الطرفين في كسر الجمود الذي طبع الملف لسنوات.
تُوجت هذه الجهود بتوقيع اتفاق السلام في واشنطن يوم 8 أغسطس/آب 2025، والذي أنهى رسميا حالة الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 عقود.
أبرز بنود اتفاق السلاميتكون اتفاق السلام بين جمهوريتي أذربيجان وأرمينيا من 8 بنود رئيسية، وفيما يلي أبرز مضامينه:
وقف شامل ودائم للأعمال العدائية، والتزام الطرفين بإنهاء كل أشكال القتال والامتناع عن أي أعمال عسكرية أو استفزازية عبر الحدود. إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وفتح السفارات والقنصليات، واستئناف العلاقات الرسمية بعد انقطاع دام عقودا. احترام الحدود والسيادة واعتراف متبادل بالحدود المعترف بها دوليا، وعدم المطالبة بأراض خارجها. فتح ممر زنغزور الذي سمي بـ "طريق ترامب للسلام والازدهار الدولي" ، وهو ممر بري يربط أذربيجان بإقليم نخجوان الأذري عبر الأراضي الأرمينية، والاتفاق على خضوعه لإشراف أميركي مدة 99 عاما. الانسحاب من مجموعة مينسك وإنهاء دورها التفاوضي في النزاع. تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة في مجالات الدفاع والتدريب العسكري. إطلاق مشاريع اقتصادية وبنى تحتية مشتركة للنقل والطاقة والاتصالات تربط جنوب القوقاز بتركيا وآسيا الوسطى وأوروبا. تشكيل لجنة أميركية-أذرية-أرمينية مشتركة للإشراف على تنفيذ الاتفاق وتسوية أي خلافات قد تنشأ.