بغداد- يسجل العراق سنويا مئات العواصف الترابية، مما يضع البلاد أمام تحديات بيئية واقتصادية، وسط تحذيرات محلية ودولية من تفاقم الأوضاع في ظل استمرار آثار التغير المناخي وتراجع الاهتمام الحكومي بالحلول المستدامة.

ووفقا لتقديرات مرصد "العراق الأخضر" -وهي منظمة غير حكومية تُعنى بالشأن البيئي- فإن العراق يتكبد خسائر تقدّر بنحو مليون دولار يوميا نتيجة العواصف الترابية، وذلك في قطاعات متعددة، أبرزها الصحة والزراعة والنقل والخدمات.

وتشير تقارير المرصد إلى أن العراق شهد في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عدد أيام العواصف، سواء على مستوى محافظة واحدة أو مجمل محافظات البلاد. وفي تقريره الأخير الصادر قبل أيام، أكد المرصد أن هذه العواصف تخلّف خسائر "هائلة"، وهو ما تؤكده بيانات الأمم المتحدة التي صنّفت العراق ضمن 5 دول هي الأكثر تأثرا بالتغير المناخي عالميا.

القطاعات المتأثرة

من جهته، قال عضو مركز "العراق الأخضر" عمر عبد اللطيف، في حديث خاص للجزيرة نت، إن "القطاع الصحي هو الأكثر تضررا، حيث تُنفق وزارة الصحة مبالغ ضخمة على علاج المصابين بأمراض الجهاز التنفسي الناتجة عن استنشاق الغبار والأتربة، خصوصا في أوقات العواصف الحادة".

إعلان

وبين أن المركز أجرى دراسة تقديرية للخسائر، قسمت فيها العواصف إلى رملية وترابية وغبارية، ثم احتسبت الأضرار المباشرة التي تطال كل قطاع، معتمدين في ذلك على الحد الأدنى من الخسائر اليومية.

وتابع أن الخسائر تشمل خسائر القطاع الصحي وما تنفقه على المرضى، إضافة إلى خسائر الملاحة الجوية واضطرار تعليق الرحلات الجوية في بعض الأحيان، وحوادث الطرق المرورية، فضلا عن تسبب هذه العواصف بتضرر المساحات الزراعية واستنزاف المياه في عمليات إزالة آثار هذه العواصف.

وفي هذا السياق، أكد سيف البدر المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية الدكتور، في تصريح للجزيرة نت، أن المستشفيات استقبلت قرابة ألف حالة مرضية خلال العاصفة الترابية الأخيرة، غالبيتها تعود إلى مشاكل في الجهاز التنفسي، دون تسجيل أي حالات وفاة.

وأشار البدر إلى أن الفئة العمرية الأكبر سنا هي الأكثر تضررا، مؤكدا جاهزية الوزارة من حيث المعدات الطبية والخبرات، ولفت إلى أن الخدمة الصحية مرتفعة التكلفة، وتختلف بحسب شدة الحالة وما إذا كانت تستدعي إدخال المريض إلى وحدات العناية الفائقة.

أما الخبير الاقتصادي أنمار العبيدي، فأوضح للجزيرة نت أن كلفة علاج المريض في المستشفى الحكومي -في الحالات البسيطة- لا تقل عن 50 دولارا يوميا، وترتفع إلى 300 دولار في حال إدخاله إلى وحدة العناية التنفسية الفائقة، موضحا أن هذه الأرقام مستندة إلى مقارنة بين ما تنفقه وزارة الصحة وتكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة.

التصحر والركود الاقتصادي

في عام 2023 وحده، سجّل العراق 158 يوما من العواصف الترابية، بحسب رئيس لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، الدكتور ماجد شنكالي، الذي أكد للجزيرة نت أن هذه الظاهرة تسببت بارتفاع كبير في عدد الراقدين بالمستشفيات، وأثرت سلبا على الزراعة والمحاصيل من خلال تسريع وتيرة التصحر.

إعلان

وأضاف شنكالي أن المعالجات الحكومية لا تزال "نظرية" ولا ترتقي إلى مستوى التحديات، مشيرا إلى تعثر مشاريع مهمة مثل "مشروع زراعة مليون شجرة" الذي لم ينفذ منه سوى جزء بسيط، رغم مرور أكثر من عام على إقراره. وفي المقابل، أشار إلى أن السعودية أطلقت مشروعا لزراعة مليار شجرة خلال سنوات معدودة.

كما كشف شنكالي عن وجود ثغرات قانونية تعيق تطبيق السياسات البيئية، مؤكدا أن لجنة الصحة والبيئة قدمت مسودة قانون جديد لحماية وتحسين البيئة، غير أن تعطّل جلسات البرلمان حال دون مناقشته وإقراره خلال الفترة الحالية.

خسائر في السياحة والمياه

يرى الباحث الاقتصادي الدكتور مصطفى حنتوش أن توقف مشاريع الاستصلاح الزراعي يفاقم من وتيرة العواصف الترابية، ويؤثر مباشرة على النشاط التجاري، خصوصا في الأيام التي تشهد عواصف شديدة.

وأضاف للجزيرة نت أن تنظيف الواجهات السياحية والمباني الحكومية والمطارات بعد كل عاصفة يُكلّف الدولة مبالغ طائلة ويستنزف كميات ضخمة من المياه.

ودعا حنتوش إلى إجراء مفاوضات عاجلة مع كل من تركيا وإيران لضمان تدفق الحصص المائية إلى العراق، بالتزامن مع تبني سياسات رشيدة لاستخدام المياه داخليا في الزراعة والاستهلاك البشري.

وأوضح عمر عبد اللطيف أن مرصد "العراق الأخضر" قدم مجموعة من المقترحات للحكومة ووزارة البيئة، خاصة فيما يتعلق بإنشاء أحزمة خضراء حول المدن، وإعادة تأهيل الغطاء النباتي في المناطق الحدودية.

غير أن عبد اللطيف أشار إلى أن "وتيرة تصاعد العواصف أعلى بكثير من مستوى الاستجابة الحكومية"، محذرا من أن استمرار هذا الإهمال سيؤدي إلى زيادة مطردة في الخسائر البيئية والاقتصادية والصحية سنويا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العواصف الترابیة للجزیرة نت إلى أن

إقرأ أيضاً:

العواصف الرعدية تهدد جدول كأس العالم للأندية

تشهد بطولة كأس العالم للأندية 2025 المقامة في الولايات المتحدة الأمريكية تطورات مفاجئة تتعلق بظروف الطقس، بعد تقارير أفادت بوجود احتمالات مرتفعة لتأجيل مباراتي ريال مدريد الإسباني والهلال السعودي في الجولة الثالثة من دور المجموعات، بسبب العواصف الرعدية المتوقعة.

العواصف الرعدية تهدد جدول كأس العالم للأندية

وبحسب التقارير، فإن اللجنة المنظمة تتابع عن كثب تطورات الحالة الجوية في المدن التي ستستضيف المباراتين، في ظل تحذيرات صادرة من مراكز الأرصاد الجوية الأمريكية عن اضطرابات مناخية وعواصف قد تضرب بعض الولايات خلال موعد إقامة الجولة الثالثة.

ويأتي هذا التحذير وسط استعدادات مكثفة من الفرق المشاركة، خاصة الأندية المرشحة للقب مثل ريال مدريد والهلال، وهو ما يجعل أي تغيير في جدول المباريات عاملًا مؤثرًا على الجاهزية البدنية والتكتيكية.

من جانبه، يراقب الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الحالة عن قرب، حيث من المنتظر أن يصدر بيانًا رسميًا خلال الساعات المقبلة في حال تطلب الأمر إعادة جدولة اللقاءات المتأثرة، وفقًا لبروتوكولات السلامة المعتمدة.

تجدر الإشارة إلى أن العواصف الرعدية في بعض الولايات الأمريكية خلال فصل الصيف تُعد من الظواهر المتكررة، ما يضع تحديات إضافية أمام تنظيم البطولة، خصوصًا فيما يتعلق بأمن اللاعبين والجماهير وسلامة الملاعب.

مقالات مشابهة

  • الذهب يخسر مجددًا مع هدوء التوتر وارتفاع الدولار
  • العواصف الرعدية تهدد جدول كأس العالم للأندية
  • خلال ١٢ يوما.. إيران تكبّد “إسرائيل” خسائر تُقدّر بـ3 مليارات دولار 
  • مصرع وإصابة 19 شخصًا جراء العواصف العنيفة في فرنسا
  • الصحة: نستهدف تغطية 68 مليون مواطن بالتأمين الصحي خلال الفترة المقبلة
  • مستشار الجمعية المصرية بالأمم المتحدة: خسائر إسرائيل تجاوزت 150 مليار دولار
  • البنك الدولي يمنح العراق قرضاً بقيمة(930) مليون دولار لتحسين التجارة الداخلية والتنوع الاقتصادي
  • البنك الدولي يوافق لأول مرة في دولة عربية على مشروع بقيمة 930 مليون دولار
  • أستاذ تمويل وإستثمار : خسارة إسرائيل فى الحرب على إيران تجاوزت 1 مليار دولار يوميا
  • خبراء يكشفون للجزيرة نت دلالات وتوقيت خطاب حميدتي